ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 31/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

أطفال غزة في انتظار الحس العربي والإسلامي

نعمان عبد الغني

إن الحضارة الإنسانية لم تستطع لحد الآن أن تؤثر على طبيعة وسلوك الإنسان وممارساته، فكرياً وثقافياً، كما لم تتمكن من إحداث تغيير شامل في رحاب الماضي للبحث عن حاضر جديد يواجه الصراعات النفسية، التي يعاني منها الأطفال في أماكن كثيرة من العالم، ومنها فلسطين على وجه التحديد.. حيث يتعرض الأطفال للأذى والأمراض والجوع وعدم الاستقرار النفسي، بسبب الاحتلال الذي تتصاعد في ظله عمليات المقاومة، أو بسبب الحروب والنزاعات والافرازات الاجتماعية والبيئية، أو بسبب الخوف من مستقبل مجهول وأساليب العنف التي تمارسها مؤسسة الدولة بصورة مطلقة.

مشهد الحرب في تفاصيله أينما كان، يشكل موروثاً قاتماً، تعاني المجتمعات منه كما يعاني الأطفال الأبرياء. إن ما يجري في فلسطين من قتل وتدمير وانتهاك لحرمة الإنسان والمجتمع بأساليب وحشية، يبقى مدعاة للاستهجان والاستنكار، كما يشكل مظهرا من مظاهر العنصرية، التي تقدس مفهوم العنف والحرب وفرض الطاعة بقوة السلاح لأجل سلخ المجتمعات استقرارها، وسلبها حرياتها وإلغاء إيمانها بنمط حياتها الذي اعتادت عليه منذ مئات السنين.

حالة الحرب التي تعيشها منطقتنا الآن‏..‏ ما مدى تأثيرها علي أطفالنا؟‏..‏ وما هي الصفات التي يمكن أن يكتسبها من قدر له أن يري في طفولته مشاهد الجثث والدمار والخراب التي يعرضها التليفزيون ليل نهار‏..‏ وكيف نحمى الصغالا تحمل الحروب في أحشائها سوى الألم والموت والمعاناة للأنفس البريئة....

وتتعلق هذه الأيام أعين الجميع بشاشات الفضائيات لمتابعة أخبار الحرب التي تدور رحاها في عدد من الدول العربية آخرها غزة المحاصرة.... ولكن هناك ما نشاهده ومالا نشاهده... فأما ما نشاهده فهو تلك الصور المؤلمة للمصابين والقتلى والدمار، وقد يكون الزمان كفيل بتجاوزها ونسيانها، وأما مالا نشاهده ولا يمحوه الزمن فهو الأثر النفسي الذي ستتركه هذه الحروب بداخل كل من عاصرها وعايش الرعب والقلق وفقد عزيز أو قريب أو منزل يستظل بظله ليجد نفسه في العراء. يعتبر السلاح الأشد فتكاً في الحروب هو التدمير النفسي الذي يدمر التوازن النفسي للمدنيين وعلى وجه الخصوص الأطفال، وهكذا الحروب دائما يصنعها الكبار ويقع ضحية لها الصغار. ولعلنا في العالم العربي لا نعطي اهتماماً كبيراً بالرعاية النفسية والوسائل المطلوبة لاحتواء ردة فعل الصدمات على الأطفال في حين أن غالبية المختصين يؤكدون أن أخطر آثار الحروب هو ما يظهر بشكل ملموس لاحقاً في جيل كامل من الأطفال سيكبر من ينجو منهم وهو يعاني من مشاكل نفسية قد تتراوح خطورتها بقدر استيعاب ووعي الأهل لكيفية مساعدة الطفل على تجاوز المشاهد التي مرت به..... ومن الممكن تفادي هذه الحالات فقط إذا تذكر أحدهم الجانب النفسي للطفل في هذه الأوقات العصيبة

أطفال فلسطين....وغيرها من الأطفال فى فى كل بقعة ارض اغتصبها عدو غادر، حلم فى يوم ما بحلم سفيه أن يصبح له وطنا، فأستيقظ من حلمه يقذف قذائفه ، تحرق وتدمر مدائن، ويدفع مدافعه تدهس وتقتل أبرياء، ويبذر سموم أحقاده على أرض طاهرة، فتنبت أشواكا شيطانية تنغرس فى جسد العروبة، توجع قلوب أطفالها قبل رجالها

او آخر نصب من نفسه حامى حمى البلاد كلمته لا ترد ولا تستبدل وياويل من يقف أمامه أو يعترض ويشجب ويطالب بأمان بلاده وحقها فى تأمين أرضها بكل ماأوتيت من قوة وعدة ، يكون جزائه اعدامه شنقا بعد احتلال بلاده من عدو أجنبى ماكر اتخذ من فكرة ساذجة ذريعة تبرر احتلاله لأرض عربية ، ألا وهى الدفاع عن أرض ليست بأرضه وعن شعبا مهما تذمر من مرارة المعاناة لن ينسلخ من جلده ولا يكون ولائه الا لبنى دمه.

وأبناء الأرض الواحدة والعروبة الواحدة- وهم ليسوا بأبناء- اختلفت عقائدهم وضللت افكارهم فاخذوا يتقاتلوا ويتصارعوا ، وهم ذوات نفس العروق، وتسرى فى شراينهم نفس الدماء ويصلون نفس الصلاة وعلى ارضهم تسقط أجساد بعضهم بعض ترويها دمائهم، وضحايهم من نساء وشيوخ واطفالا لا ذنب لهم سوى ابتلائهم.

ماذا جنينا ؟؟

وما جنينا من حروبنا وصراعتنا سوى كامل التدمير ليس فقط على المستوى المادى المتمثل فى الدمار والهدم و ملايين الجرحى والقتلى اللذين يبذرون فى الأرض بلا نماء ولكن ايضا على المستوى النفسى وما اشد الدمار النفسى الذى يصيب الشعوب فيعطل طاقتها ويخمد حماسها على العمل والأنتاج بل والانتماء

ولكن الطامة الكبرى هو فيما يصيب أطفالنا- أطفال الحروب والصراعات - أطفال الغارات، ،أطفال المخيمات و الهدم والدمار- الذى يعيش منهم وينجو من ويلات الحروب لن ينجو من سلبياتها وما تتركه فيهم من تداعيات نفسية تتمثل فى الخوف والرعب من الحرب لدرجة الفوبيا والعنف والقسوة والكره، لما لا وقد رأى بعضهم أبائهم يقتلون أمام ناظريهم او أمهاتهم تغتصب على مرأى ومسمع منهم . أى صدمات نفسية وأثارسلبية ابتلى بها اطفال الحروب اذا كتب لهم النجاة! وأى أطفال ستصبح أجيالا واعدة وقد تربت ومافى عقلها سوى ثقافة الحروب بقسوتها وألامها! تلك الاجيال التى تربت على صوت المدفع والصاروخ ، و شمس نهارها وقمر ليلها قذائف وقنابل ،ولا تسبح فى مخيلاتها سوى صور القتلى والجرحى من الأهل و الأخوان حتى اصبح أمتع الألعاب لديهم هى لعبة الحرب والدمار التى يلعبوها فى طرقات منازلهم المهدمة، وفى رسومهم لا ترى سوى المدفع والصاروخ والجنود الصرعى يفترشون الارض هنا وهناك وفى كلامهم لا تسمع سوى لغة الحرب التى تحوى كل معانى القصف والخراب والتشريد.

ويلى عليكم يا اطفال الصدمات والحروب.... ماذنب برائتكم تغتال بأيد من نار وقلب من حديد.... تقاسون اليتم والتشرد والمرض والجوع وتولدون على دوى القذائف وصرير الدبابات ومنكم من تتلقفه قنابل الأعداء وهو مازل رضيع ، ومن ينجو فليتعلم قذف الحجارة قبل الكتابة....

ويبقى في الواقع الجانب الروحي أو الديني هو الأهم حيث يكفل للإنسان الإطمئنان فيمكن التجمع في اللحظات العصيبة لقراءة القرآن أو الصلاة الجماعية والدعاء ، و زرع الاحساس بداخل الطفل عن وجود قدرة الاهية عظيمة قادرة على نجدته في هذا الوقت من أي شيء مهما كان قوياً ومروعاً يعتبر أمر مهم جداً لمساعدته على تجاوز حالة العجز والخوف التي قد ترافقه بقية حياته وتساهم إيضاً في استعادته لثقته بنفسه وبالعالم حوله وعدم فقدان الأمل ..... مع محاولة تهوين الأمر عليه بذكر قصص تحكي عن فضائل الصبر والجلد والعزيمة

إن مشهد الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي قتل بدم بارد على يد جنود إسرائيليين رغم مناشدة والده بوقف الرصاص، يقرب الصورة من واقع حال أطفال العراق الذين عانوا من شحة الغذاء والدواء بسبب الحصار، واليورانيوم الذي سببته الأسلحة الأمريكية خلال حروبها على بلدهم، ومن ثم الاحتلال الذي زاد من لطم الصراعات النفسية بسبب القتل والإرهاب والبطالة وعدم الاستقرار، التي تعد مصدراً خطيراً لإرباك الجهاز العصبي لدى الإنسان.

وإذا كان العقل البشري يخطط لحروب وليدة تناقضات لا تخضع لأي قانون أو عرف إنساني، إلا أنه يؤدي في نهاية المطاف إلى مأر الذات وتدمير المجتمع وجعله حالة الاضطرابات النفسية.. الحروب هنا وهناك سرد تراجيدي متشابه الوسائل والأهداف والنتائج، لا تحتكم لبعد أخلاقي أو إنساني، ولا يفصل فيها بين القاتل والضحية إلا لحظة النهاية، كلاهما ينتظر مصيره، الذي يخضع لقرار الطاعة والتنفيذ، أو الخاتمة التي تعجل بحياة أحدهم، فيما تمنح الآخر حظ الحياة ليبقى أسير قلق الجريمة الى الأبد

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ