ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 27/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

قراءة في زيارة الرئيس (بوش)

د. نصري  قمصية

يبدو أن فلسطين أصبحت "مغطس" الطهارة للرؤساء الأمريكان في آواخر عهود حكمهم! الرئيس الأمريكي (نيكسون) جاء "المغطس" عام 1974 طالباً الطهارة من فضيحة (ووترغيت) الذائعة الصيت! الرئيس (جورج بوش) في سنته العرجاء "يحج" إلى فلسطين "المغطس" لعل وعسى أن يمسح بعض السواد الذي ألحقه بصورة أمريكا لدى شعوب العالم وبالأخص شعوب الشرق قاطبة!

ما يدفعني إلى هذا الإنطباع هو الغطاء "الروحاني" لزيارة الرئيس (بوش) ممثلاً بزيارته إلى بيت لحم مهد السيد المسيح عليه السلام، ثم زيارته إلى جبل "التطويبات" و (كفار ناحوم) شمال طبريا، وهما المكانان اللذان لهما ارتباط وثيق بحياة السيد المسيح. لا أدري إذا كانت "الروحانيات" في الزيارة لها ارتباطات "بوحي" إلى الرئيس كذاك "الوحي" الذي بموجبه قام (بوش) بغرو العراق!!؟؟ لعل "الوحي" هذه المرة يكون باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية!!!

أما الجانب السياسي من الزيارة، والذي هو محور قراءتي، فليسمح لي القارئ بإلقاء الضوء على جملة من الخروقات التي وردت على لسان الرئيس (بوش):

أولاً ـ مطالبة الرئيـس (بوش) باعتماد "خارطـة الطريق" دون غيرها من المرجعيات الدوليـة المتعلقـة بالصراع الفلسـطيني / الإسـرائيلي. ولقد شدَّد الرئيس على أن "تطبيق أي اتفاق بين الطرفين هو خاضع لتطبيق خارطة الطريق."

ثانياً ـ مطالبة الرئيس الجانب الفلسطيني بأن "لا يبقوا عالقين في الماضي"، لأن "الأمم المتحدة فشلت في العراق". وهذا كلام غير مُبطن، ودعوة واضحـة للتخلي عن القرارات الدوليـة ذات الشـأن في القضيـة الفلسـطينيـة.

ثالثاً ـ تشديد الرئيس (بوش) على هوية "الدولة الإسرائيلية" باعتبارها "دولة يهودية" مُتناسياً أن في (إسرائيل) الدولة مليون ونصف تقريباً من العرب الفلسطينين، وأكثر من نصف مليون من المسيحيين غير اليهود الذين جاؤا مع الهجرة اليهودية القادمة من الإتحاد السوفياتي السابق، ومتناسـياً أيضاً حق العودة للاجئين الفلسـطينين في الشـتات.

رابعاً ـ مطالبة الرئيس بـ "تعديلات على خطوط الهدنة لعام 1948 لتعكس الوقائع الحالية". وهذا يعني التكريس الفعلي للواقع الإستيطاني الصهيوني على الأراضي  الفلسطينية المحتلة، والتنكر للموقف الفلسطيني الرافض بكل قوة لموضوع الاستيطان فكرةً وموضوعاً.

خامساً ـ مطالبة الرئيس (بوش) بـ "آليات لتعويض اللاجئين الفلسطينين". هذه المطالبة الصريحة تُعد مقتلاً مسبقاً لأي مفاوضات مستقبلية بين طرفي الصراع. كما هي مقتل لكل قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة.

سادساً ـ اعتبار الرئيس موضوع القدس "موضوعاً صعباً"، على الطرفين الفلسطيني و(الإسرائيلي) معالجته.

سابعاً ـ تشديد الرئيس على "الأمن الإسرائيلي" والتزام أمريكا "بكل حزم" في هذا الموضوع، والذي لا معنى له سوى الإنحياز التام للكيان الصهيوني على حساب ليس الدولة الفلسطينية المرجوة، بل وعلى حساب الدول العربية مجتمعة.

ثامناً ـ مطالبة الرئيس الجانب الفلسطيني بالتصدي "للإرهاب"! والمقصود هو المقاومة الفلسطينية المشروعة دولياً ضد الإحتلال.

تاسعاً ـ مطالبة الرئيس بـ "تنازلات سياسية مؤلمة"! لا ندري ما هي التنازلات المطلوبة من الجانب الفلسطيني!؟ ألا يكفي أن القيادة الفلسطينية تُعلن اكتفاءها بالمساحة المحتلة منذ عام 1967!؟ أي الإكتفاء بما هو 22% من مساحة فلسطين العربية!

عاشراً ـ مرور الرئيس على "المبادرة العربية" في سياق مطالبة العالم العربي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني قبل الوصول إلى الحلول المطلوبة في الموضوع الفلسطيني، مع العلم أن "المبادرة العربية" لا تُطالب مقابل التطبيع غير الإنسحاب (الإسرائيلي) الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة.

مما تقدم يبدو أن اقتفاء الرئيس (بوش) لمكان ولادة السيد المسيح وأماكن تجواله في الشمال الفلسطيني لا يعني أبداً الإقتراب من رسالة رسول السلام. لو كان الأمر غير ذلك لما طالبنا الرئيس (بوش) في عُقر دارنا بتنازلات مؤلمة المقصود منها: الاعتراف بيهوديـة الدولـة الصهيونيـة والاعتراف بالواقع الإسـتيطاني الصهيوني، والاعتراف بـ "جدار الفصل العنصري" الذي لم يأتِ ذكره على لسـان الرئيـس، والتخلي عن موضوع حق العودة لللاجئين الفلسـطينين والإكتفاء ببضعـة دولارات تعويضاً لهم عن وطنهم، والتخلي عن القدس لأن شـأنها "صعب".

حقيقة الزيارة الرئاسية تكمن في أن الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي ليس على جدول أولويات الرئاسة الأمريكية، الأهم من هذا الصراع هو الملف الإيراني وشراء طوق عربي معادٍ لإيران لأن هذا البلد، في مفهوم  الإستراتيجية الأمريكية / الصهيونية هو العدو الرئيس بعد سقوط العدو السابق ـ المعسكر الإشتراكي ـ .

جملة واحدة إيجابية نُسجلها للرئيس (بوش) وهي قوله: "يجب إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967". للأسف هذه الإيجابية ضاعت بين عاصفة السلبيات التي وردت على لسان الرئيس، ونأمل من القيادة الفلسطينية أن تنبش عن هذه الايماءة والتمسك بها ومطالبة الرئيس (بوش) بها.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ