ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

فؤاد السنيورة! .. لماذا كل هذه الحملة ضده؟

الطاهر إبراهيم*

عندما لا يستطيع الإنسان أن يمارس السياسة في وطنه، –مثلما هو الحال مع كاتب هذه السطور- يفتش عن أقرب نقطة تماس مع وطنه فيقترب منها ويتنسم أخبارها، لأنها لن تكون بمعزل عن الاشتباك مع سياسة وطنه بشكل أو بآخر.

وقد شكل لبنان –قديما وحديثا- المرآة التي يرى فيها السياسيون سورية، يوم كانت تقارع الاحتلال الأجنبي وبعد أن نالت استقلالها، ويوم كانت تطبخ الانقلابات والانقلابات المضادة في الفنادق اللبنانية. وفي الجملة، فإن السوري لا يمكن أن يتصور أنه سيأتي يوم يكون فيه لبنان خارج اهتمامه، وبعيدا عن دائرة التأثير والتأثر في سورية.

وإذا قلنا أن حقبة الاقتتال الطائفي والحزبي في لبنان قد أدخلت البلدين –سورية ولبنان- في دوامة لم ينج منها لبنان ولا كانت سورية بمعزل عنها، فقد شكل اتفاق الطائف طوق النجاة التي أمل اللبنانيون أن يتمسكوا فيه. وإن كان من الواضح أن "السنة" كانوا أقل الطوائف في لبنان جَنْياً للفوائد من هذا الاتفاق، ومع ذلك رضوا، لعل وعسى.

ويوم مات الرئيس السوري حافظ أسد في عام 2000، وكان يمسك بمقاليد لبنان باقتدار، شعر الجميع أن بعض الخيوط المشدودة إلى دمشق بدأت تتفلت، خصوصا بعد أن تعددت المرجعيات. وتداعى الزعماء اللبنانيون –كل من خلال طائفته- لاغتنام الفرصة والاستئثار بما يتيسر من تلك الخيوط.

نستطيع أن نزعم –وهو زعم قد يصل إلى حد اليقين- أن منصب رئيس الحكومة كان هو المنصب الأكثر ترشحا لاستعادة الصلاحيات التي كانت ممنوحة لرئيس الحكومة بموجب اتفاق الطائف فيمالو عرف "من أين تؤكل الكتف". خصوصا وقد جعله اتفاق الطائف شريكا مع رئيس الجمهورية في كثير من الصلاحيات، هذه الصلاحيات التي لم تكن تُزاوَل بمعزل عن الخيوط المشدودة إلى دمشق.

وإذا كان اغتيال الرئيس "رشيد كرامي" جاء –في بعض أهدافه- لتحجيم رئيس الحكومة السني. فقد شكل ذلك الاغتيال درسا لكل رئيس وزراء قوي، فيما لو فكر أن يسير على درب "رشيد كرامي". وقد رفض الرئيس الشهيد "رفيق الحريري" ترؤس الحكومة –وهو لا يجهل ما حل بكرامي- بعد التمديد القسري للرئيس "إميل لحود" في خريف عام 2004 ، لأنه لم يرد أن يكون شاهد زور منزوع الصلاحية مع لحود. وكان من أمره ما كان، عندما دفع روحه ثمنا لسعيه إلى استعادة حقوق أهل السنة في لبنان.

ولأن الرئيس "فؤاد السنيورة"عاش جنبا إلى جنب مع الرئيس الشهيد في حلْوِ الأمور ومرِّها ،وقد كان أكثرها من المر العلقم ، فقد أراد "السنيورة" أن لا تتكرر معه مأساة "الحريري"، خصوصا وقد جاء إلى رئاسة الحكومة بقوة، بعد أن صوت له على الثقة بإجماع مجلس النواب، إذ لم يستنكف عن التصويت له إلا نائبان.

كان "السنيورة" يوصف بأنه "جحش شغل" -الجحش ليست دائما صيغة ذم- شعر معها قادة الطوائف السياسية في لبنان بأن هذا الرئيس "ليس معه لعب". فهو يشتغل أكثر من الجميع، لايتلفظ بأقوال نابية، وقلّ أن تجد من زعماء لبنان من يترفع عن ذلك. ولقد استطاع مع وزراء المعارضة الشيعية –قبْل أن يستقيلوا- استطاع أن يصل معهم إلى "رزمة" قرارات صوت عليها جميعها بالإجماع في مجلس الوزراء. وزير الدفاع "إلياس المر" الذي اختاره الرئيس "لحود" لهذه الوزارة، ترك المعارضة وانضم إلى "فؤاد السنيورة".

ويوم أن أرادت المعارضة اللبنانية أن تدخل مع الموالاة في معركة "كسر عضم"، وتجمعت في وسط بيروت، وجد "السنيورة" نفسه، وجها لوجه، مع هذه الجموع الهادرة المحتشدة في الساحة التي كادت تلامس السراي الحكومي. كل الذين كانوا يتابعون تحركات المتظاهرين كانوا ينظرون بقلق إلى المشهد المتلاطم، فما كانت قوة الحماية العسكرية تكفي للوقوف في وجوه المتظاهرين فيما لو أرادوا اقتحام "السراي" واقتلاع السنيورة من داخلها. ومع كل ما قدمنا، فقد كان السنيورة يعمل من داخل مكتبه وكأن ما يحصل خارج  السراي يخص الكل إلا فؤاد السنيورة. وها قد مضى أكثر من عام، والمظاهرة تتضاءل يوما بعد آخر. أما هو

فما يزال صامدا.

عندما وقف "حسن نصر الله" يخاطب المتظاهرين في ساحات بيروت من خلال الشاشات العملاقة، متهما السنيورة بالخيانة، وأن حكومته تواطأت مع واشنطن أثناء حرب (تموز– آب) صيف عام 2006، وأن الأموال التي تبرعت بها الدول لإغاثة المنكوبين من الحرب، لم تعط إلى مستحقيها. ولم ينس أن ينعم على حكومة السنيورة بوسام: أنها حكومة "فيلتمان" ، السفير الأمريكي في لبنان.

انتظرت –كما انتظر غيري- لسماع ردود "السنيورة" على "نصر الله". وعندما تكلم في لقاء مع وفد جاء إلى السراي مؤيدا، فلم أسمع سبابا ولا اتهاما للسيد بالعمالة لطهران، (في رأي الكثيرين من العرب أنه لا فرق بين العمالة لواشنطن والعمالة لطهران، مع ما يراه العرب من تخريب إيراني في العراق) ولو قال السنيورة في نصر الله وقال، ما لامه أحد. فقد قال الله سبحانه في كتابه: ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا مَنْ ظُلِم). ولم يزد على أن يَصِفَ اتهامات نصر الله له: "بأنها خفة".

قبل شهر من الآن، ومع زيارة "ديفيد ولش" لبيروت ليتابع -عن قرب- المعركة الانتخابية، كما تابعها الفرنسيون، فقد زار كل الزعماء اللبنانيين من دون استثناء -معارضة وموالاة-، ما عدا "نصر الله" والجنرال "عون". ومع ذلك ففي كلماته التي ألقاها "نصر الله" بمناسبة يوم عاشوراء المقدس عند الشيعة، والأصل أنها مناسبة دينية، فقد سمعناه يعرج على زيارة "ديفيد وولش" ليقول: "كلنا يعرف مع من التقى وولش". ونحن نقول أنه التقى مع "نبيه بري" وآخرين من المعارضة، إلا إذا ظن "السيد" بأن ذاكرة الناس ضعيفة. 

لاحظت كما لاحظ الكثيرون معي: أن "السنيورة" حاول أن ينأى بنفسه عن معركة انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا وأنه يعتبر حكومته هي حكومة كل اللبنانيين. وهو يعرف أن زعماء 14 آذار فيهم الكفاية وزيادة. مع ذلك فقد كان واضحا أن كل الاتهامات كانت توجه للسنيورة، خصوصا من قبل نواب حزب الله. والسبب معروف، فقد استطاع "السنيورة" أن يصم أذنيه عن كل الاتهامات وكأنها توجه إلى غيره، فلم تستطع أن تخرجه هذه الاتهامات عن طوره. وربما كان من المأمول أن ينفد صبره فيقدم استقالته، وهذا ما لم يحصل.

رئيس كتلة حزب الله في المجلس النيابي النائب "محمد رعد"، خرج علينا يوم 18 كانون ثاني، مخاطبا حشودا لبنانية، ليقول: "لقد عزلت الموالاة الرئيس "إميل لحود" ثلاث سنوات عن ممارسة صلاحياته، وإذا وافقناهم على انتخاب "ميشيل سسليمان" من دون ضمانات، فإنهم سيعزلونه هو الآخر، وسيخلو الجو للسنيورة ليتحكم بالأمور". وقد عجبت من إقحامه اسم "السنيورة" في الموضوع مع أن الذي يتصدى للمعارضة هو رئيس تيار المستقبل النائب "سعد الحريري". ويبقى التساؤل قائما: لماذا السنيورة وليس غيره؟ قد أكون أجبت عن بعض هذا السؤال، ولكن تبقى الإجابة الكاملة عند السيد "نصر الله".

لعلي لا أنسى أن أذكّر في نهاية هذه العجالة، أن إصرار القيادات الشيعية في لبنان على تفويض الجنرال "عون" مفاوضا عن المعارضة، وأنهم لقنوه أن يطلب اللقاء بزعيم تيار المستقبل، كان المقصود منه الإيحاء بأن المعركة السياسية في لبنان هي معركة مارونية- سنية، بدلا من الواقع المحسوس الملموس، والذي لا يفوت على أي لبناني، هو أن المنافسة أصبحت سنية-شيعية، بفضل سوء تصرف بعض زعماء المعارضة.

قديما قيل: "الصامت يخافه الجميع، لأنهم لا يدرون ما وراء صمته. أما من يتهدد ويتوعد، فلا يخافه أحد، لأن من يفعل لا يتكلم". 

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ