ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

أعلن عن قلقي

اكثم نعيسة*

إن حملة المتابعات و المضايقات والاستدعاءات و الاعتقالات ، التي طالت العشرات من النشطاء الحقوقيين والسياسيين في سوريا ، والتي توجت ب في نهاية العام الماضي ومع الذكرى 59 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحملة اعتقالات شملت مجموعة من أعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق ورئيسته الدكتورة فداء حوراني  واخيرا الصحفي الناشط فايز سارة،  وكالعادة تترافق حملات الاعتقال  التي تشنها السلطات بحملات تشهير إعلامية بحق المعتقلين أو النشطاء  ، شارك- ويشارك فيها - أبواق  باتت   معروفة للجميع ،   ويساهم فيها  ويعززها" مع الأسف" بعض المثقفين وحتى بعض النشطاء الملوثين بالفساد والاستبداد ، بقايا العصر السياسي السوري الوسيط ، وهنا اسمح لنفسي أن احيي الحماس الفجائي الحاد الذي أصاب الكثيرين للرد على لغة التخوين التي قيلت بحق معتقلي إعلان دمشق، والذي كان مختفيا أو فاترا عندما خون بذات اللغة عشرات من المعتقلين الآخرين السابقين ، احيي هذه الصحوة الفجائية رغم كل شئ.

 

هذا التصاعد المستمر لانتهاكات الحريات الأساسية ، والمترافق مع وضع معيشي يزداد  تدهورا لدى الفئات  الاعرض من الشعب السوري وتفاقم حالة الفساد إلى مستوى لم يسبق له مثيل في تاريخ سوريا الحديث والمعاصر،  والاعتماد على مبدأ الخنق الأمني لأي تحرك أو نشاط مجتمعي سلمي مهما كان بسيطا والذي يستند أساسا على  مقولة أمنية مفادها " إن التغيير الجزئي يؤدي إلى تغيير كلي" مفترضة سلفا انقساما حادا  لثنائي السلطة / المجتمع ،   وان هذه الثنائية صراعية الإبعاد وتشتغل على  فكرة غزو المجتمع للسلطة؟؟؟؟،  و النظر إلى المجتمع باعتباره العدو الأول ينبع أساسا من خوف رهاني لامبرر له مطلقا  إذا ما تم النظر إلى الأمور وموازين القوى الداخلية بشئ من العقلانية والعمق ، مما ساهم في خلق مناخ دائم من التوتر الاجتماعي الكامن.

في ظل هذا المناخ المتوتر والمتحفز دوما يسود قلق كبير وتخوف حقيقي يمتلك أساسه الواقعي ، يشي بمستقبل لايرغب به احد،  فمن جهة قد يدفع هذا المناخ القوى الاجتماعية إلى إعادة التفكير بنشاطها العلني والتفكير جديا بالعودة إلى العمل السري.. الذي طلقته المعارضة منذ سنوات بخطاب واضح غير ملتبس.

ومن جهة أخرى  قد يصل تفاقم الاحتقان الاجتماعي  إلى مرحلة لايمكن خلالها ضبطه أو حتى ضبط تنفيساته الجزئية ، ومن الممكن ان  يقود كل ذلك إلى غليان لاتحمد عقباه- يحاول الجميع تحاشيه بكل السبل المتاحة – لايمكن التحكم بمساراته واتجاهاته وآفاقه التي قد تكون مشحونة في أفضل التوقعات تفاؤلا بنزوعات اسلاموية متخلفة وقاتلة.

 إن الثقة بوعي المواطن السوري والاستكانة إلى تجربة العراق في مراحلها الأولى لن تكون عبرة ذات مغزى في تلك المراحل من الغليان، أيضا وبقوة أقول لايمكن لأحد الركون مطمئنا  لفكرة الزمن الطويل أو فكرة التراكم البطيء  لتحمل الاحتقان المحمولة على فكرة "بارادوكسية" أخرى تزعم أن الشعب السوري مسالم ومستكين حتى الخرفنة " من الخروف " ،  ولعل الانذارت البدائية والاستثنائية التي حدثت هنا أو هناك  تستدعي قراءتها في سياقها السياسي والفيزيائي الصحيح، إذ علّمنا التاريخ أن الانفجارات الكبرى هي مفاجئة دوما  بلا إنذارات مسبقة، إن المناخ الدولي والاقليمى الذي بتنا نعيش تطوراته وتعقيداته وأثاره على الداخل السوري، أضحى اليوم اكبر من الطاقة الحيوية لسوريا على المستوى الجيوبولتيكي أو الاقتصادي أو الاجتماعي،  ومن قدرتها على الاحتمال في عزلتها الراهنة.

إنني أعلن قلقي البالغ على  استقرار سوريا كل سوريا وخوفي عليها ، وأعلن أيضا أن سوريا تعيش أزمة داخلية  تتفاقم  يوما بعد يوم ، تعجز السلطات عن إدارتها بكفاءة حضارية، وان آلية إدارتها لهذه الأزمة داخليا وخارجيا تنم عن قدرة ضعيفة جدا على التكيف مع منظومات التعقيد في العلاقات الدولية والعربية على الاقل ، وعلى المستوى الداخلي فان المعارضة الممثلة في إعلان دمشق كما توضح لي من الوثيقة الختامية لمجلسه الوطني و تشتت الاتجاهات فيها وعدم تماسك بنية خطابها السياسي، تعاني من وهن شديد في قدراتها على فهم المعطيات الداخلية وافتقاد آليات التعاطي التوافقي والحواري و الديمقراطي والحضاري المتماسك والحاسم معها.  في زمن لم تعد آليات الاستبداد فيه " أيا كان منبعها" معتمدة لتنظيم المجتمعات وإدارتها ، خاصة بعد سقوطها الذريع وفشلها في ذلك في جميع بلدان العالم تقريبا، واعتماد غالبية المجتمعات والدول والهيئات المدنية ، آليات الانفتاح المبنية على التسامح والعقلانية ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، القادرة على أن تعيد إنتاج علاقات حضارية جديدة ما بين الدولة الحديثة والمجتمع ، و أيضا بين مكونات المجتمع بعضها البعض من جهة أخرى.

سأبقى قلقا على بلدي إلى  حين الإفراج عن جميع معتقلي الرأي والضمير دون قيد أو شرط بداية  ب عارف دليلة وأنور البني وانتهاء ب فداء الحوراني وأكرم البني ووليد البني وجبر الشوفي وعلي العبد الله وكافة المعتقلين الآخرين كخطوة أولى تقود إلى انفتاح السلطة  على المكونات الاجتماعية والسياسية السورية عبر حوار سياسي  يترافق مع إطلاق حرية النشاط الاجتماعي والحقوقي والسياسي السلمي في سوريا ، يؤدي من ثم  فعليا إلى توسيع قاعدة المشاركة في مصير وطننا السوري الحبيب .

 

*المحامي اكثم نعيسة – ناشط حقوقي

حائز على الجائزة الدولية لحقوق الإنسان ، وجائزة مارتن اينالز لحقوق الإنسان ، وجائزة هيومان رايتس واتش ، وجائزة لودوفيك تراريو.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ