ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 12/02/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

في ذكرى مجزرة حماة الكبرى:

مازالت الجريمة بدون عقاب

إبراهيم درويش

Syria_kurds@yahoo.com

خلال هذا الشهر تمر ذكرى الكارثة المروعة والجريمة الكبرى التي عُدّت بحق مأساة العصر؛ليس في سورية فحسب،بل في العالم أجمع.

فقبل خمس وعشرين سنة كانت ثمة مدينة تاريخية عريقة باسلة استعصت على كل الغزاة والطامعين،اسمها حماة،أو مدينة أبي الفداء (المؤرخ الأيوبي الشهير) تقع وسط سورية،وتعد بمنزلة القلب منها،هذه المدينة ـ التي كانت درّة العاصي ـ حوّلها همجيو القرن العشرين الرفاق " الأشاوس " طوال ثلاثة أسابيع في غفلة من وسائل الإعلام  العالمية ـ أو بتواطؤ معها في أجواء الحرب الباردة ـ إلى منطقة كوارث وأكوام من الأنقاض والجماجم،ندر أن يقع مثلها من الجرائم بهذه الوحشية من قبل أعتى المجرمين والطواغيت في كل مراحل التاريخ،ناهيك عن نظام يفترض به أن يكون حامي حمى الوطن والمواطنين!!

لقد كان طرفا الصراع في "معركة " حماة الشرسة  نظام استبدادي اتخذ من حزب البعث العربي الاشتراكي والطائفية المقيتة مطية له،مدجج بكل أنواع الأسلحة وأفتكها،التي تم شراؤها من قوت الشعب السوري ودمه على أمل استخدامها لرد العدوانات الخارجية ،وفي الطرف الآخر كان الشعب السوري في حماة بكل فئاته وانتماءاته وطبقاته،الذي رفض الطغيان والتسلط وممالأة الأعداء،وآمن بضرورة إعادة الحق لنصابه من حرية وديمقراطية واحتكام لصناديق الاقتراع،وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارىء،وأن لا يكون التصادم مع عقيدة الأمة والاستهتار بقيمها. لقد كان صراعاً غير متكافىء بين أنصار الحرية وأعدائها،ولئن كانت الغلبة في تلك الجولة لأعداء الشعب،فإن ساعة محاسبة المجرمين ـ أمام قضاء عادل ـ ليست ببعيدة،لأن جرائم القتل والاغتصاب لا تسقط بالتقادم.

لقد حدثنا شهود عيان عن جانب مما جرى في ذلك اليوم الأسود،من ذلك العام الأسود،على يد أصحاب القلوب السود،من المآسي المروّعة ما تقشعرُّ له الأبدان،من ذلك أنهم رأوا خلال هروبهم من الجحيم مع طلوع الشمس على أطراف حماة خمسة أطفال قد سقطوا في حفرة،ولما كان الجوّ بارداً جداً،وفقدان هؤلاء لأهاليهم قد أشعرهم بالرعب والهلع، اضطرهم ذلك إلى الاجتماع على بعضهم والبكاء الشديد حتى آخر رمق من حياتهم،حتى إذا رآهم الشهود وجدوهم ميتين قد تجمّدت الدموع على صفحات خدودهم!!ومن ذلك  أنّ خمس مئة طفل حموي ممن فقدوا أهليهم في تلك المجزرة قد وُضعوا في مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص. وأن الغزاة كانوا في عجلة من أمرهم؛لذلك كنت تراهم عندما يداهمون بيتاً ويرتكبون أفظع المنكرات يقطعون أيدي النساء لسرقة ما في أيديهن من الأساور،كما يقطعون آذانهن لأخذ ما فيهن من أقراط!! يا لشجاعتهم وشهامة أسيادهم ووطنيتهم وأصالتهم!!

وبعد المجزرة بفترة قصيرة أجرى التلفزيون التركي مقابلات مع عدد من المواطنين الأتراك،من أهالي لواء الإسكندرونة ذوي انتماءات طائفية معينة، اعترفوا أنهم جُنّدوا من قبل استخبارات نظام أسد ومُنِحوا هويات سورية واشتركوا في تنفيذ مخطط تدمير حماة...إلخ.

إن  كتاب "حماة مأساة العصر" يوثّق جانباً مما حصل في هذه المدينة الشهيدة،أما الجانب الأهم من المعلومات،ومن تفاصيل ما جرى فقد حملها معهم ما يربو على أربعين ألف شهيد من أهل المدينة،معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ،لأن الشباب القادرين على الانسحاب قد فعلوا ذلك!!

إذا كان العالم قد قام ولم يقعد من أجل اغتيال شخصية سياسية وطنية وقومية مثل الشهيد رفيق الحريري،ويطالب بأن يلاحَق الجناة وينالوا جزاءهم العادل،ونحن ممن يطالب بهذا،فإن جريمة بحجم مجزرة حماة الكبرى،وجريمة قتل مساجين تدمر على مدى سنوات أحق بأن تحرك الضمير العالميّ وتطالبه بضرورة تشكيل محاكم لمحاكمة مرتكبي هذه المجازر،علماً أن الجناة في الحالتين هم هم،ولا أحد سواهم!!

إنّ هؤلاء الشهداء يستحقون أن نذرف عليهم دمعة حزن في هذه المناسبة،بل إنّ هذه المناسبة تشحن النفوس، لا سيّما نفوس مَن شهد المجزرة،أو فقد فيها أعزّ أحبابه،وتذكّره بالحقد المقدّس،وترقّب ساعة إنزال القصاص العادل بالمجرمين،فإن الجروح الغائرة في الذاكرة لا تندمل إلا بعد إيقاع العقوبة بالجناة أعداء الإنسانية،وإن أرواح الضحايا لا تستقرّ إلا بعد أن تشعر أن المجرم السفاح قد نال جزاءه.فهل سيطول الانتظار ؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ