ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 03/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

الإنسان السوري وغـول الغلاء...!؟.

نوري بريمو

ما أن خرج السوريون من أتون حرب تشرين التي نشبت  بين سوريا وإسرائيل عام 1973م، حتى دخلوا في دوامة حرب أخرى أكثر ضراوة من الأولى...!؟، فقد صبّ البعثيون جامّ غضب هزيمتهم على باقي مكونات الداخل السوري عبر فرض مناخات أمنية ضاغطة بإتجاه فرض هيبة الدولة على المجتمع لإركاعه ولضمان بقاء البعث وتثبيت أركان حكمه بقوة القبضة الأمنية التي أقامت جداراً عالياً من الخوف لترهيب المواطنين وتدجينهم بهدف تمرير سياسات القمع والتجويع والرضوخ لنمطية المعيشة الإستهلاكية التي عكرت صفوة حياة الإنسان السوري الذي كان ولا يزال مشهوراً بنشاطه وحيويته وعبادته للعمل المنتج وإيمانه بالحصول على لقمة عيشه بالكدح وبقوة زنوده وبعرَق جبينه الذي ينثره في الحقول والبساتين ليسقي به الزرع الأخضر.

وتحت ذريعة أنّ سوريا تعيش حالة حرب ضد العدو الإسرائيلي قامت السلطة طوال العقود المنصرمة بالتطبيل والتزمير لشعار: الالتزام بالتقشـّف وضرورة شدّ الأحزمة على البطون على طريق الاستعداد لمواجهة التحديات الخارجية المتربّصة بالبلد...!؟، وقد ظنّ الناس حينها بأنّ هذا الشعار هو مجرّد مقولة طرحتها السلطة وروّجت لها وأرادت أن يُذاع صيته كفبركة لمرحلة ما بعد الحرب...!؟، لكنّ هذه الفبركة المشئومة تحولت مع مرور الزمن من شعار مرحلي إلى سياسة إقتصادية جرى اعتمادها على مدى عشرات السنين التي أثقلت بأعبائها الكثيرة كاهل الإنسان السوري الذي ساءت أحواله وتدحرج يوماً بعد آخر إلى مستوى معيشي أدنى من خط الفقر بدرجات كثيرة في ظل هيمنة غول الغلاء المتنامي بسبب الارتفاع الفاحش للأسعار مقابل تدني الأجور وتفشي البطالة وتلاحق حملات الفصل التعسفي للعمال من دوائر ومؤسسات قطاع الدولة الذي بات فريسة سهلة بين مخالب البيروقراطيين والسماسرة وأصحاب النفوذ والمحسوبية والمنفعية والوساطة...!؟.    

وفي كل يوم ومع مرور الأيام تزداد معاناة السوريين ويزداد ازدراءهم وفقرهم وتتفاقم مشاكلهم ويغوصون في بحور الحرمان والفاقة، ويشعرون بالغبن والغربة في وطنهم ويفقدون الأمل في التوصل إلى حياة أفضل لهم ولعوائلهم...!؟، ما يجعلهم مضطرين للبحث بشتى السبل وبمختلف الوسائل عن أية مخارج كالهجرة والتشرد والضياع في بقاع الدنيا للسعي وراء رزقهم...، فالجوع كافرٌ كما يُقال...!؟.

وبهذا الصدد...، فإننا لا نتجنى على أحدٍ حينما نقول بأنّ ظاهرة الفساد قد تحولت إلى مؤسسة أخطبوطية تفعل فعلها السلبي لا بل تنخر في جسد المجتمع السوري الذي خارت قواه جرّاء تحوّله إلى بقرة حلوب ترعى على الفُتات تحت رحمة المسؤولين الذين أصبحوا أصحاب جاه ووجاهة وهيبة...!؟، فقد أدت سياسة الإفساد والامتناع والتهرب من معالجة الأزمات الاقتصادية إلى تراجع كبير في الموارد الوطنية وتردي القدرة الإنتاجية وانعكس ذلك سلباً على البرامج والخطط التنموية وعلى واجبات الدولة تجاه المواطنين الذين تحوّلوا بالجملة إلى لقمة سائغة في فم غول الغلاء الذي لا يرحم.

لكن مهما ساءت الأحوال وأياً كانت الدواعي والأسباب...!؟، أليس حرّيٌ بالدولة أنْ تستمر في دعمها للمواد الأساسية ـ على أقل تقدير ـ كالمحروقات والأغذية ومواد البناء وغيرها...؟!، خاصة وأنّ القدرة الشرائية لدى المواطن السوري قد آلَت في السنوات الأخيرة إلى أدنى مستوياتها...، في حين لم يعد الإنسان العادي والميسور أيضاً أن يوفّر لقمة عيش لائقة به وبأولاده في ظل كثرة وتراكم مستلزمات الحياة التي باتت صعبة للغاية.

وليس من قبيل التجريح وإنما من باب التوضيح...!؟، وبما أنّ سوريا قد حضرت في مؤتمر أنابوليس المنعقد مؤخراً لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط...، أي أنّ البلد بات سائراً في دروب السلام وليس في مسالك الحرب كما كان في السبعينات من القرن الماضي، فإنّ من حق الإنسان السوري أنْ يطالب الدولة بالكف عن تطبيق سياسة التقشف وشدّ الأحزمة على البطون...!؟، ليس هذا فحسب وإنما من حقه أن يطالب بالتعويض عن خسارة عمره الذي أهدره سدى في غياهب هكذا شعار تجويعي متعمّد...!؟، ومن حقه أيضاً أن يستصرخ عالياً ويقول بأنّ قطع الأرزاق أشد كفراً ومعصية من قطع الأعناق...!؟.

وفي الختام وأمام هكذا لوحة معيشية سورية قاتمة...، ليس أمام السلطة أي خيار سوى الإحتكام إلى لغة المصالحة مع مكونات الداخل عبر الإنفراج والمكاشفة والقبول بمبدأ تداول السلطة وإجراء التغيير الديموقراطي والاهتمام بقضايا الإنسان وتحسين مستوى المعيشة وإلغاء مختلف مظاهر التمييز وإطلاق الحريات العامة وتبييض السجون و...إلخ، بدلاً من المقامرة بهذا الرهان أو ذاك وبدلاً من البحث عن أي مصافقة خاسرة مع الخارج.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ