ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 02/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لا بديل عن إعلان دمشق للتغير الديمقراطي !! والعود أحمد.

عبد الحميد حاج خضر*

لو استطعنا أن نُرجع عقارب الزمن لبضع عقود من الزمن- لاستبدلنا مصطلح "التغير الديمقراطي" بالثورة الديمقراطية، ولوجدنا كل الثوريين والمعادين للإمبريالية، في العالم العربي، بل وعلى امتداد الساحة العالمية من تشي غيفارا إلى ماوتسي تونغ، يرسلون برقيات التضامن والتأييد للرموز الوطنية التي أطلقت إعلان دمشق للتغير في 16/10/2005 ، ومع أن الإعلان كان مجرد مبادئ ومسلمات عقلانية - إلا أنها كانت تعبر عن عمق الكارثة التي عاشها الشعب والوطن في ظل نظام الإقطاع السياسي،الذي يتصنع الصمود والممانعة الرخيصة، على كل حال لقد اجتاز إعلان دمشق مرحلة الوجوم والتردد، كما أن التئام المجلس الوطني وممارسته للديمقراطية الشفافة، سواء في اختيار أعضاء المكتب أو الأمانة العامة أو في تقويم المرحلة السابقة، كان حدثاً مهماً قي مسيرة التغير نحو غد أفضل، كما أنهى عملية اختطاف المعارضة في الخارج، التي مارسها بعض من رموز الاستبداد والفساد، وهنا لا بد أن أشير إلى بعض سلوكيات الجماهير التي ران عليها الاستبداد والقهر لفترة طويلة. هذه الجماهير التي تضطر تحت وطأة كابوس الاستبداد إلى المداهنة والمخاتلة، وربما النفاق للمستبد وأزلامه؛ إلا أنها تشترط على من يتصدى للاستبداد أدق المعايير في النزاهة والوطنية والكفاءة الميدانية وحسن الأداء. إنها تريد، أي الجماهير، أن تتلمس النقيض لمنظومة القمع والفساد في كل شخص يتصدى لها. هذه المعادلة لا يستطيع أن يستوعبها الانتهازي الذي درج على رذيلة التنطع والمباهات الفارغة. إلا أن القيادات الجماهيرية تعرف دقائق هذه المعادلة، كما تحسن أن تعقد الصفقات المفيدة في رفع الحيف والجور عن الجماهير دون أن تفقد مصداقيتها النضالية. إن كلمة " انتخاب" كانت ومازالت تثير ذعراً وهلعاً في المستبدين والانتهازيين على حد سواء، وجعبتيهما ثرة بالتبرير والتأويل وصرف الناس عن حقهم المشروع في الاختيار الحر – تارة باسم " التوافقية والإتلاف" وأخرى باسم " الممانعة والصمود" وكانت الظروف دائماً (عندهم) لا تسمح، وقد يبلغ الصلف والنرجسية  عندهم حد القول: إن الإنسان عندنا غير مؤهل للديمقراطية والحرية .

 إن كل من عارض نظام الإقطاع السياسي - لم يفعل ذالك بطراً أو ترفاً، بل كان مضطراً لذلك بدافع وجداني عميق لا يستطيع له دفعاً. إن إطلاق مصطلح المعارضة على الأحزاب خارج السلطة، في الدول الديمقراطية، هو من قبيل المجاز لا الحقيقة ، فالأحزاب في المنظومة الديمقراطية هي مؤسسات متنافسة يجمعها دستور البلاد ومصلحة الدولة والشعب؛ كما أن آلية تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع يحسم الخلاف والتنافس إلى أن تحين موعد الجولة القادمة بعد بضع سنين لا تزيد عن خمس سنوات في معظم الدول الديمقراطية. إن التنافس أو التدافع، بلغة القرآن المجيد، إكسير الحياة ومادة الإبداع والتجديد، وفوق كل هذا: هو ناموس كوني يحكم الاجتماع الإنساني.

 إن تعطيل هذا الناموس الكوني، سواء بالاستبداد السياسي أو هيمنة خرافة العصمة، يفسد أواصر الحياة الاجتماعية، ويفقد القيم أثرها في النفوس، ويجرد الإنسان من العفة والكرامة- لذلك يصبح معارضة الاستبداد ضرورة - لعودة الحياة والاجتماع الإنساني إلى سياقيهما الفطري. إذن: نحن معارضة ما دام الاستبداد قائماً على قدم وساق، حتى إذا سقط غول الاستبداد وتم التغير ورست سفينة الديمقراطية على أرضنا الحبيبة تحولنا إلى أحزاب سياسية وهيئات مدنية وفكرية ونقابية - نتنافس ونتدافع ضمن عقد اجتماعي أو دستور يعطي لكل ذي حق حقه. من هذه الخلفية نرى أن عقد المجلس الوطني لإعلان دمشق واعتماد آليات الديمقراطية الشفافة في اختيار القيادات السياسية وتصدير البيانات الختامية، ليس خطوة في الاتجاه الصحيح فحسب، بل ضرورة لا مناص عنها لطي صفحة هامة كانت تحكم أدبيات وسلوكيات وسوفسطائيات أصحاب الإيديولوجيات الشمولية وتنظيماتهم الحزبية. نستطيع الآن، وبكل حرية، أن ننتقد ونجتهد ونصوب دون أن نضعف المعارضة أو نقلل من زخمها أو عطاءها السياسي في تعبئة القوى الخّيرة على امتداد ساحة الوطن أو في المهجر. إن النقد ومحاولات التسديد والتصويب هي كالملح في الحساء تزيده نكهة وطعمة، ولن تفسد للود قضية. إن صناعة البديل الديمقراطي الوطني عميلة مأساوية في أحد جوانبها لا يصبر عليها إلا من أوتي حظ عظيم من الجلد والصبر وتذوق معاناة الإنسان في ظل الاستبداد المقيت. البديل الديمقراطي يُصنع بسلسلة من الإجراءات الملتزمة بأس الديمقراطية والوفاء بعقودها ومواثيقها. إنها ليست عملية تربوية تطبخ في أبراج أكاديمية عاجية ترتدي وشاح الطهر والمثالية والنقاء - لتعفي نفسها من مهام التصدي للاستبداد وجوارحه القمعية. إنها مضارعة يومية للحدث وقهر للضعف والوهم في النفوس، فقد خلق الإنسان ضعيفاً، ولهذا كانت رسالة الأنبياء تغليب الخيرية على الضعف - ولهذا كان النداء الخالد: يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم. الحرية والعدل هما إكسير الحياة والسعادة لامناص عنهما.

 في ظل الاستبداد: نحن موتى فلم نخاف القبر ونلقي الرماد فوق الشرار ؟. لقد أقدم رجال ونساء إعلان دمشق على هذه الخطوة، وهم وهّن على يقين، أن السجون وأقبية التعذيب، وربما التصفية الجسدية تنتظرهم؛ في بلد أصبح فيه ظلك جاسوس ونمام. في بلد أصبح لكل فن من فنون التنكيل والأذى، بل والترويع والقتل مدرسة وجلاوزه لا يعصون أمراً ويفعلون ما يؤمرون. إن عزاء هؤلاء الأبطال، ومن سبقهم إلى السجون والمعتقلات أو سقط مضرجاً بدمائه في زنازين سجون تدمر وشوارع حماة وحلب وجسر الشغور والقامشلي ، همسات شعب سورية النبيل الذي ذاق مرارة الحرمان وأصناف العذاب والمهانة يرددون: أعطني حرية أطلق يدي إنني أعطيت ما استبقيت شيئاً.

 بعد أن كل أو جن صاحب القبضة الحديدية هرع  جلاوزة المكاتب وأحلاس الوظائف وزنادقة الصحف وعباد الشاشة التلفزيونية - يرمون أبطال سورية وأحرار حماة وحمص ودمشق وحلب وديرالزور والسويداء ودرعا واللاذقية "بالعمالة للخارج أو أمريكا". إني على يقين أن الكبير الكبير من هؤلاء الرجز مطية رخيصة لكل عتل زنيم ولكل مستبد أثيم. نحن السوريين لنا تاريخ ملهم نتوارث مفرداته الناصعة ونصوغها من جديد بطولات وتضحيات، وكما تقدم يوسف العظمة وصحبه الكرام يدفعون عن سورية جحافل الغزاة الفرنسيين بدمائهم – ليرسموا طريق الحرية والاستقلال لمن جاء من بعدهم؛ يقف اليوم صناديد إعلان دمشق يخطون لشعب سورية النبيل معالم الحرية والديمقراطية والعدل. سنعمل لتجنيب الوطن مغامرات العنف ووبال الغزو وويلات الفتنة، ولن نجر، بإذن الله، إلى مكائد الاستبداد ومستنقعات الاقتتال- حتى الذين غرر الإقطاع السياسي بهم، فجعل منهم وشاة وخدن وجلاوزة سيكون لهم حقهم المعلوم في العدل والحرية والكرامة. المصالحة الوطنية ونبذ روح الاستئصال والانتقام من أولويتنا، وكلما سارع المخطئون إلى تقويم زلاتهم، ونبذ الخائفون الوهم الذي يشيعه إعلام الاستبداد، كما أزفت ساعة الخلاص واشرأبت أعناق الرجال والنساء لتبصر سناء الحرية وحميمية الإخاء.

*باحث في الفقه السياسي الإسلامي المعاصر/ ألمانيا – بوخوم

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ