ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

حصاد الخيبة في انابوليس ...أول الغيث قطرات

ياسر سعد

إشارات كثيرة وعلامات بينة لا تحتاج إلى خبير حاذق أو محلل متابع, للإدراك بأن مؤتمر انابوليس كان في تاريخ العرب يوما مجللا بالسواد وعنوانا لانكسار النظام العربي وهزيمته المدوية.  فالمكان الذي أختاره جورج بوش أمير الحروب التي تشن على بلاد العرب والمسلمين والتي لا تكاد تنتهي هو الأكاديمية البحرية, والرسالة من ذلك الاختيار تقول أن أمريكا بجبروتها العسكري والتي يُرمز إليه عالميا ببحريتها التي تجوب البحار والمحيطات سعيا للهيمنة على العالم ولتفرض أجندتها وتصوراتها على كثير من دوله ومجتمعاته هي التي جاءت بالحشود وبالوفود, فحقيقة المؤتمر وهدفه تعزيز المصالح الأمريكية القائمة على بطش القوة  والاستبداد وثقافة الصدمة وترويع الآمنين.

 أما توقيت المؤتمر 27/11/2007 فهو تاريخيا ذات اليوم الذي أعلنت فيه الحروب الصليبية على بلاد الشام والقدس عام 1905م, ففي ذلك اليوم ألقى البابا أوربان الثاني في مدينة كليرمون الفرنسية ، خطبة نارية مليئة بالعواطف أمام حشود كبيرة من النبلاء ورجال الدين الفرنسيين داعيا الحضور إلى انتزاع السيطرة على القدس من يد المسلمين, مطلقا مصطلح: "الحرب المقدسة" مما هيج الحشود فهتفت بحماسة هذه إرادة الرب, ومن هناك كانت بداية الحملة الصليبية الأولى.

ما أن وضع مؤتمر انابوليس أوزاره وانتهى الحديث المنمق عن السلام والكلام المتكرر عن حاجة الدولة العبرية للأمن حتى بدأت قوات الاحتلال بعمليات قصف وقتل واجتياح, فقصفت بوحشية أهداف في قطاع غزة المحاصر واجتاحت قوات كبيرة من جيشها مخيم بلاطة للاجئين بمدينة نابلس. وبعد كلمة محمود عباس في المؤتمر الرتيبة والمملة عن السلام وشكره لبوش لدعوته لمؤتمر يجسد إرادة العالم كله في السعي نحو إقامة السلام حسب توصيفه، وبعد لقاءاته المتعددة والعديدة مع اولمرت وابتساماته العريضة للكاميرات مع بوش, عاد الرجل في تونس ليحذر من عدم الإفراط في التفاؤل وانه ليس لديه أي ضمانات من الولايات المتحدة في المفاوضات مع إسرائيل, غير أن الرجل استدرك فبشرنا بأن هناك جدية من جانب الإدارة الأمريكية, وليعطي دليلا ناصعا على هذه الجدية التي وجدها أشار ابومازن إلى أن الإدارة الأمريكية وضعت مشروع قرار أممي يتبنى الحوار الفلسطيني الإسرائيلي عبر مجلس الأمن.

غير أن الولايات المتحدة سرعان ما خيبت توقعات ابومازن بسحبها مشروع القرار الذي طرحته على الأمم المتحدة والذي كان يدعو إلى التصديق على ما تم الاتفاق عليه خلال مؤتمر انابوليس للسلام في الشرق الأوسط بعد اعتراض المسؤولين الإسرائيليين عليه بقولهم أنهم يشعرون بأنه غير مناسب. دبلوماسيون إسرائيليون صرحوا في الأمم المتحدة بأنهم لا يعترضون على دعم مجلس الأمن لنتائج اجتماع انابوليس لكنهم لا يعتبرون إن صدور قرار من المجلس هو السبيل المناسب لعمل ذلك ملمحين إلى انه لم يتم مشاورة إسرائيل مسبقا بشأن الوثيقة التي طرحتها الولايات المتحدة على مجلس الأمن.

بعد مناقشات في المجلس بشأن القضية قال المندوب الأمريكي الياندرو وولف إن المشاورات المكثفة التي أجرتها واشنطن جعلتها تستنج وجود حالة من عدم الارتياح إزاء هذا النوع من الطرح - مشروع القرار. وقال من منطلق الاحترام لكلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بالنظر إلى ما يعتقد انه سيكون أكثر فائدة فقد توصلنا إلى نتيجة مفادها انه سيكون من الأفضل فحسب سحب مشروع القرار, وأضاف إن التركيز يجب إن يكون على انابوليس.

 وكان مشروع القرار المقتضب يقضي بالتصديق على الإجراءات التي اتفق عليها في مؤتمر انابوليس ويطالب جميع الدول بدعمها, إضافة إلى تقديم مساعدات للاقتصاد الفلسطيني المتداعي. الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع مشروعها تظهر تماما هزلية مؤتمر انابوليس ونتائجه. فأمريكا التي يريدها محمود عباس حكما نزيها, تخضع إداراتها للإملاءات والضغوط الصهيونية فتعمد الدولة الكبرى إلى سحب مشروعها المقدم لمجلس الأمن بشكل مثير للسخرية مستجيبة وبسرعة كبيرة للرغبة الإسرائيلية لتتجنب إزعاج حلفائها الصهاينة, وتتكلم بعد ذلك نيابة عن الفلسطينيين وعن مواقفهم من القرار ما لم يقولوه بل وعلى عكس ما حاول عباس أن يسوقه ويطرحه, وهنا تظهر الطريقة الدونية والهزلية والتي تتعامل بها أمريكا مع المفاوضين الفلسطينيين.

الإسرائيليون لا يريدون التزاما دوليا بما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين على شكل قرار أممي أو ما شابهه ولا حتى مشاركة عربية بتلك المفاوضات كما أعلنوا بوضوح في مؤتمر انابوليس, فهم يريدون الاستفراد بالتفاوض مع الفلسطينيين وابتزازهم عبر الترهيب بالبطش العسكري والاعتقالات والضغط عليهم للحصول على تنازلات مهينة من خلال السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني والتحكم بالحاجات الحياتية الأساسية للشعب الفلسطيني المحاصر كالوقود وحرية الحركة والتنقل.

هل نحتاج لانتظار أطول ولأحداث أكثر للبرهان على أن مؤتمر انابوليس هو كما أراده منظموه, حلقة في سلسلة من منظومة متتالية طويلة تضم فيه احتلال العراق وأفغانستان وإعادة تدمير الصومال بالوكالة وحصار السودان وغير ذلك ضمن حملاتهم وأساليبهم للسيطرة والهيمنة والاستعلاء.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ