ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

تَحول السياسي إلى حكواتي في مقهى .. ماذا يعني !؟

ماجد زاهد الشيباني

حين يفقد السياسي المحترف ، أدوات السياسة كلها :

ـ من أفكارذات قيمة ، تصلح للتسويق ، في بلاده ، وبين شعبه ..

ـ ومن جماهير، تؤمن بأفكاره ، وتؤيّدها ، وتتّخذ منه زعيماً ، أو مناضلاً ، أو مفكّراً..

ـ ومن شعبية له بين قومه ( في مدينة ، أو حيّ ، أو قبيلة ، أو قرية ) في وطنه ، تسانده في تحقيق طموح سياسي معيّن ..

ـ ومن دولة خارجية ، يستمدّ منها الدعم الفكري والمالي والسياسي ..

 حين يفقد السياسي هذا كله ، ولا يبقى لديه من أدوات السياسة ، إلاّ قدرته على التفلسف والحذلقة ، وكتابة المقالات الباهتة ، العاجزة عن تحريك عقل ، أو نزعة وطنية ، أو إنسانية..  والخالية من كل قيمة وطنية ، أو خلقية ، أو علمية ..! ولا يجد له عملاً ، إلاّ تسلية الناس بهذه الكتابات ، التي يدبّجها في مقاهي بلاده ، أو مقاهي الدول الاجنبية ، كما كان يفعل الحكواتي القديم .. حينئذ يصبح واجباً على هذا السياسي ، أن يضفي على نفسه قليلاً من الاحترام ، ويقدّم للناس الذين ندب نفسه لتسليتهم ، أشياء تؤنسهم وتسرّهم ، لا أشياء تزعجهم وتعكّر صفوهم ، من سباب وشتائم وتجريح ، لهذا الفريق ، أو هذه المجموعة .. ومن هجوم على عقائد الناس ، وقيمهم الاجتماعية والخلقية ..! وذلك ، ليستمرّوا في سماع كلامه ، وقراءة كتاباته ، والتعاطف معه في مأساته المعقّدة ، التي لايستطيع أن يقدّرها حقّ قدرها سواه ..! فهو:

   أفنى شبابه سياسياً ، حالماً بنوع من الزعامة ، استناداً إلى أفكار كانت تَرد إليه من دولة غيردولته .. في زمن معين ، ثم تغير الزمن ، فلم تعد صالحة للتسويق ، بلْهَ صناعةَ الساسة والزعماء !

   وحين بلغ الكهولة ، وجد نفسه عاطلاً عن العمل ، لأنه لم يتعلم في طفولته وشبابه ، حرفة تساعده على كسب رزقه !

   أدمنَ معاقرة الأحلام السياسية ، ولم يعد لديه شيء من أدواتها !

   لا يستطيع أن يحصل على منصب في دولته ، حتى لو نافق ، وتزلّف لأصحاب السلطة فيها ، لأن المحلات كلها ملأى بالمنافقين ، وليس ثمّة شواغر لأمثاله !

   لا يستطيع أن يكون معارضاً حيقيقياً ، لأن المعارضة تحتاج إلى عناصرلا يملك منها شيئاً ، مثل الجماهير الشعبية ، الفكرية أو العصبية ، ومثل الفكر النيّر السديد الذي يجعل منه شخصاً مؤهلاً ـ بنفسه ، وملكاته ، وقدراته ـ .. للعمل السياسي ، والطموح إلى المناصب السياسية !

   لا يملك قدرة على التعامل الجادّ ، مع القوى السياسية المعارِضة للحكم في بلاده ..

   يحقد على أكثر القوى الموجودة على الساحة السياسية في وطنه ، القائمة على رأس الحكم ، والمعارضة على حدّ سواء ، ويَخشى الجميع ، وكل منهم مَصدر قلق له ، من زاوية معينة !

   لم يعد يملك إلاّ قلماً ، عاجزاً عن كتابة جملة سليمة بلغةِ قومه .. وسلَطةً من الأفكار، المشحونة بحَذلقات وهَرطقات ، وأوهامٍ وتخيّلات ، وجذاذاتِ أفكار متناقضة ، ونشاراتِ مذاهبَ متآكلة ، ورزمٍ من ألوان الحقد والحسد ، وسلالٍ من أنواع الاتّهام والتجريح ، يَحرص على جعلها براقة ، ويغلفها بأغلفة ملوّنة من شتّى الأصناف ،  يشتريها ، أو يسطو عليها ، من محلاّت متخصّصة ببيع السلع الأثرية ، من عهود قديمة ، كعهد إفلاطون ، أو هيرقليطس ، أو سبينوزا .. أو من عهود حديثة ، كعهد ديكارت ، أو نيتشه ، أو هيغل .. وذلك ليضفي على أفكاره ، نوعاً من جلال التاريخ حيناً ، ومن بريق الحداثة حيناً آخر..    

    لم يعد يجد لديه ، سوى هذا الركام ، يسوّقه في أكياس من الكلام ! وإذا انقطع عن تسويقه ، انقطع رزقه ، وانقطع أمله ، أو حلمه ، أو وهمه .. بأن يكون ، يوماً ما ، شيئا مذكورا ..!

   فماذا يفعل ، سوى أن يكون حكواتياً ، في مقهى مهجور ، على رصيف مهجور، في شارع مهجور .. يتصيّد الزبائن لكلماتِه ـ بضاعتِه المزجاة ـ ..!

* فأيّة مأساة أبلغ من هذه !؟ وأيّة مأساة يصنعها بنفسه لنفسه ، إذا تصوّر أنه يستطيع كسب زبائن، لكلماته المشحونة بكل الركام المذكور، من الأحقاد ، والشتائم ، والهرطقات، وتجريح الخلْق !

   أفليس أجهلُ حكواتي ـ والحال هذه ـ أسعدَ حالاً منه ؛ لأنه أكثر حصافة منه ؛ إذ يسمِع الناسَ مايحبّون أن يَسمعوه ، من سيَر الأبطال والشجعان ، فيشدّهم إليه ، ويكسب ودّهم ، ورِفدَهم ، واحترامَهم لمهنته ، حتى لو أيقنوا أنه يبيعهم أوهاماً وأكاذيبَ .. مادامت خالية من الحقد والاتّهام ، والتجريح والحسد ، والعقد النفسية القاتلة !؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ