ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

اختيار أهون الشرين! .... عند العرب ماذا يعني؟

الطاهر إبراهيم*

قيل في الكلام المأثور: "وفي الشر خيار". هذا القول من البداهة بحيث ذهب مذهب المثل، ولا نحتاج إلى كثير جهد حتى ندرك صحة هذا القول. فإذا استشرى الداء العضال في جسم إنسان وخشي من انتقاله إلى عضو آخر أو أكثر، فيتم التضحية بالعضو المصاب مثل قطع إصبع أصيبت ب "الغنغرينا".

وحتى في الحرب هناك في الشر خيار. كأن يختار الجيش الانسحاب من مدينة أو جبهة إذا كانت تكاليف الدفاع عنها باهظة أكثر من فوائد الصمود، فيتحول الفيلق إلى جبهات أخرى يدافع عنها مع القطعات الموجودة فيها. وهكذا في السياسة أيضا.

إلا أنه ينبغي التفريق –في السياسة وفي غيرها- بين اختيار أهون الشرين أو المفاضلة بين السيئ والأسوأ. فالشر يفرض عليك أن تختار أقل الضررين. أما السيئ فموقف تختاره من بين خيارين أو أكثر كلها سيئ، وقد تختار سيئا على آخر لأن نفسك تميل إليه.

وخروجا من دائرة التنظير، فقد حصلت في المنطقة اصطفافات بين أطراف أو أحزاب، لا قاسم يجمع بينها إلا عداوة أطراف أخرى، استدعى ذلك قيام اصطفافات أخرى لا يجمعها إلا نفس السبب في الاصطفاف المعادي.

تجمع قوى 14 آذار، وهو تجمع لا نشك في صدق نوايا وتوجه أكثر المنخرطين فيه، لهم موقف من حركة "حماس" غير مريح، ولا مأخذ لهم عليها إلا أنها هادنت النظام السوري. وهي فعلت ذلك –رغم التباعد في الأرضية الفكرية معه- لأنها وجدت في سورية مأوى، -والجائع يحل له أكل لحم الميتة- لم تجده في دول عربية أخرى. كثيرا ما سمعنا رموزا من قوى 14 آذار تمتدح "محمود عباس"، رغم ما عرف عنه من انخراطه في التطبيع مع إسرائيل، مع أن التطبيع ترفضه أغلب رموز وقواعد تجمع قوى 14 آذار.

نحن نتفهم اضطرار تجمع قوى 14 آذار لمصانعة واشنطن، لأن هذه تمارس ضغوطا على النظام السوري ليرفع يده عن لبنان، ولا نلوم هذه القوى على ذلك. لكن لا مبرر إطلاقاً، يجعلنا نقبل من رموز هذه القوى بمهاجمة حماس، وقد أثبتت الأيام نظافة أيدي قيادات هذه الحركة. بينما هناك الكثيرون ممن يدورون في فلك "أبو مازن" دخلوا الضفة والقطاع -يوم عادوا مع الراحل "ياسر عرفات- لايملكون من حطام الدنيا شيئا "يدٌ من ورا ويدٌ من قدام"، أصبحوا الآن من أصحاب مئات الملايين. وليعذرنا رموز قوى 14 آذار، فنحن معهم ومع عدالة قضيتهم إلا أننا نرفض الموقف الذي يقفونه من حركة حماس قلبا وقالبا.

الكاتب اللبناني "رضوان السيد" المقرب من رئيس الحكومة "السنيورة" تحامل في مقالاته على حماس بعد أحداث غزة، وقرنها بفتح الإسلام، وكنا نعرفه من قبل على غير ذلك.

(وليس بعيدا عن غزة، فقد تعرضت حركة حماس إلى موجة افتراء عليها وعلى رموزها من خلال رسالة مزعومة تم تسريبها إلى الإعلام على أنها رسالة من "غازي حمد" القيادي المعروف في حماس. حيث تتهم الرسالة المزعومة حماس بأنها "لا تمتلك رؤية إستراتيجية  وتغرق في أخطاء فادحة وتُستدرج بالمفاجآت والصدمات من مأزق إلى آخرأخطر وأكبر".  ورأينا الإعلامي الأردني في صحيفة الغد "محمد أبو رمان" يتخذ من هذه الرسالة –قبل أن يتثبت من صدق انتسابها إلى كاتبها- منبرا يهاجم من فوقه حركة حماس. فينشر في مجلة "العصر" الإلكترونية مقالين حول الرسالة. ثم ليتبين له ولغيره أن الرسالة مكذوبة ومنحولة، وقد تبرأ منها غازي حمد جملة وتفصيلا. ولو كنت مكان الأستاذ "أبو رمان" لكتبت اعتذارا من الأخ "غازي حمد" ومن حماس ينشر في صحيفة "الغد"، وفي مجلة "العصر"، لأنه نشر فيها رسالة مكذوبة، ولعل الاعتذار أقل ما يتوجب عليه فعله).

وإذا توجهنا شرقا، ووصلنا إلى العراق، نجد أن البعض من قوى 14 آذار يضعون فصائل المقاومة كلها في سلة واحدة، لا حبا بحكومة المالكي، لكن ربما ردا لجميل واشنطن. ربما يكون مقبولا منهم مصانعة واشنطن لتزيد في الضغط على دمشق، إلا أنه من غير المقبول إظهار العداوة للمقاومة وكأنهم يؤيدون –إرضاء لواشنطن- حكومة المالكي التي تفتح عينها ضد المقاومة وتغمضها عن فرق الموت التي تعيث في الدم العراقي فسادا.

(وفي هذا المقام نشير إلى ما نسب إلى المرجع الشيعي اللبناني "محمد حسين فضل الله" يوم الخميس في 8 تشرين الثاني أنه قال: إذا ما هاجمت أمريكا إيران فإن جنودها سيصبحون أسرى في العراق. ونحن نسأل سماحته لماذا لم يصبح جنود أمريكا أسرى عندما احتلت العراق في  نيسان عام 2003؟ أم لعل طهران أغلى من بغداد؟... مع حفظ المقامات).    

في السياسة وفي العلاقات بين الدول لا مكان للعواطف. ولذلك ليس في وارد واشنطن، أن تبدي كل هذا التشنج تجاه النظام السوري –بعد ثلاثة عقود من الانسجام- وتضغط عليه من أجل "سواد عيون" قوى 14آذار. بل اقتضت مصلحتها ذلك من خلال خريطة طريق حتمت عليها هذا الموقف، لأسباب معقدة تتعلق بالعراق، ولعلاقات سورية بإيران.

وإلا فما الذي يحول بين واشنطن –فيما لو كانت تريد تغيير النظام السوري فعلا- وتأييد المعارضة السورية، لو أنها كانت تقف ضد النظام السوري حقا وتريد تغييره. ونستعجل فنقول إن معظم فصائل المعارضة لا تقبل أن تكون أداة في يد واشنطن، فتقبل تغيير النظام السوري على الطريقة الأمريكية. "فرأس العراق المقطوع" لا يترك أمنية لمتمنٍ. لكن هذه المعارضة لن تذرف دموع التماسيح إذ عملت واشنطن على تغيير النظام مجانا، كما قال شيخ معتقلي الرأي الأستاذ رياض الترك في مقابلة له مع إذاعة سوا الأمريكية.

فواشنطن تقف مع حكومة الرئيس "فؤاد السنيورة" (وهو رجل شجاع لا نشك أبدا بانتمائه الوطني) ضد المعارضة اللبنانية وضد النظام السوري الذي يعمل ضد حكومة السنيورة، لكنها أبدا لا تقبل باستبدال هذا النظام إذا كان التغيير سوف يأتي بالإسلاميين إلى الحكم. ففي آخر زيارة له إلى واشنطن، طالب رئيسُ الحزب التقدمي الاشتراكي النائب "وليد جنبلاط" نائبَ الرئيس الأمريكي "ديك تشيني" بفتح قناة اتصال مع جبهة الخلاص السورية. بل إنه حضه على الاتصال بالإخوان المسلمين تحديدا. لكن "ديك تشيني" بدا وكأنه لم يسمع شيئا، فهذا الأمر في واشنطن خط أحمر.

لماذا لا يتعلم العرب السياسة من أمريكا ويبعدون عواطفهم عن التأثير على قراراتهم. فهي إذ تقف إلى جانب إسرائيل -ظالمة أو ظالمة- على طول الخط، فإنها تتظاهر –في الإعلام فقط- بأنها مع قيام دولة للفلسطينيين. فلماذا لا نفعل مثلها، فلا نسارع بخذلان من تجب له علينا حق النصرة من إخواننا العرب، أو أن نكف ألسنتنا عنهم،-على الأقل- حتى لو كانت الظروف الدولية تحتم مصانعة هذه الدولة أو تلك.  

كثيرون من رموز السلطة الفلسطينية –وعلى رأسهم أبو مازن- يشكّون في أن تستطيع أن تعمل واشنطن لهم شيئا، حتى لو أرادت ذلك، ولكنهم يتظاهرون بتصديقها، لأنهم ربطوا عربتهم مع قاطرة السلام على الطريقة الأمريكية-كأنه لا خيار عدنهم غيره- ولا بأس بعد ذلك أن يختصموا مع حركة حماس، فيطلب مندوب السلطة في الأمم المتحدة استصدار قرار يعتبر حركة حماس ميليشيات خارجة على القانون، مما يسهل على إسرائيل اقتحام قطاع غزة باعتبار حماس خارجة على القانون.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ