ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 04/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"القاعدة" وأخواتها .... كيف ننظر إليها؟

الطاهر إبراهيم*

فتحت صفحة "قضايا النهار" محورا جديدا، كتب فيه كل كاتب عن "القاعدة" من الزاوية التي ينظر إليها بها. ابتداء لنعترف بصراحة، أنه ما يزال يُتداوَل عند الأحزاب العلمانية وبعض الأنظمة العربية، أن الجماعات الإسلامية التي انتهجت العنف خرجت من عباءة الإخوان المسلمين في مصر سورية. الوسطيون من الإسلاميين يؤكدون إن هذه "كلمةُ حقٍ أريد بها باطل"، وإن لم ينفوا ذلك الأمر بالمطلق. غير أنهم يعزون أسباب نشوء "التكفير" والجهاد" و"الجماعة الإسلامية" إلى ما كان يحصل في المعتقلات المصرية، حيث امتلأت بعشرات الآلاف من الإخوان المصريين خلال عقدي خمسينات وستينات القرن العشرين. وأن من نهج منهم العنف، فلأنه رأى الموت بأم عينيه في المعتقلات، أو عانى هو وأسرته من وجود أبٍ له أو أخٍ في المعتقل. 

لا ينكر الإخوان المسلمون السوريون أن قادة جماعة "الطليعة المقاتلة" كانوا إخوانا في يومٍ مافي صفوفهم ثم انفصلوا عنهم مثل الشيخ "مروان حديد" و "عبد الستار الزعيم" من إخوان "حماة"، أو فُصِلوا من الإخوان المسلمين مثل "حسني عابو" و"عدنان عقلة" في حلب، عندما بدأت تظهر بواكير الفكر المقاوم في مناقشاتهم داخل الأسر الإخوانية.

وإذا تركنا وراء ظهورنا السؤال: من تسبب بالعنف ابتداء: الأنظمة أو الإخوان؟ حيث لا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من خلال لجان محايدة، فإننا نشير هنا بأنه تأكد للإخوان –على الأقل في سورية- أن العنف والعنف المضاد سيدفع ثمنه في النهاية من حساب الوطن وأنه لا بد من إعادة النظر بكل ما جرى بغض النظر عمن تسبب في ذلك .

ويعتبر عقد التسعينات هو البداية الحقيقية لترشيد الواقع الإخواني السوري، حيث انهمكت جماعة الإخوان المسلمين بوضع مشروع سياسي منفصل تماما عما سبقه، مستشرفا لآفاق أخرى بدأت تبدو لها مع مستقبل واعد،آخذة بعين الاعتبار في مشروعها الحضاري وجود قياداتها ومعظم قواعدها في بلاد الغربة بعيدا عن سورية.

ومن خلال هذا الماضي والحاضر واستشراف المستقبل: كيف يمكن أن نقرأ ردود أفعال جماعة الإخوان المسلمين في كل من مصر وسورية على الأفعال التي يزعم أن القاعدة قامت بها؟ وهل هو موقف جماعة أم آراء أفراد من الإخوان؟ ونستعجل فنقول إن الإخوان السوريين نأوا بأنفسهم –كتنظيم- عن إبداء موقفهم، وإن شجبوا الفعل ذاته. وإن ما يتداول من آراء إنما هو من أدبيات أفراد الإخوان على ما كان يحصل على الساحة من أحداث. (لعل أحد أهم الأسباب التي تدعوهم لكي يعرضوا عن إبداء رأيم، هو أن العمليات المنسوبة "للقاعدة" لم يثبت نسبة معظمها لها بشكل قطعي، وربما كانت ملفقة عليهم).

ولاستقراء رأيهم، يجب أن نذكّر بأن للإخوان المسلمين مرجعية يضبطون مواقفهم وفقها، ويرفضون القفز فوقها وهي: (إن الشريعة الإسلامية، في مصدريها الخالدَين الكتاب والسنة ،هي مصدر رؤيتنا لصياغة مشروع حضاري يتصدى لتحديات الواقع، وما فيه من ركود أو قهر وبغي وظلم)، (مقدمة المشروع الحضاري الذي أشهره الإخوان نهاية عام 2004). ولعل من أهم ما نصت عليه الشريعة الإسلامية: وهو احترام حياة الإنسان -بغض النظر عن الدين أو الجنس- ، وأنها مصونة لا يجوز الاعتداء عليها ما لم يكن محاربا. 

واستطرادا فلا بد من الإشارة إلى أن الكثيرين من الإخوان وغيرهم يشككون بثبوت نسبة تفجيرات 11 سبتمبر عام 2001 ، ليس للقاعدة فحسب، وبل ينفون أن يكون أي عربي أو مسلم قد شارك فيها، برغم اعتراف "بن لادن" أنها من تدبير "القاعدة". وحجة هؤلاء أن تلك الأحداث تحتاج إلى تقنيات عالية واختصاصات متعددة الفنون ومتشعبة، لا يستطيع أنصار "بن لادن" امتلاكها، ولا رُبْعها ولا عُشْرها، بل إن دولا كثيرة تفتقر إليها.

بعيدا عن هذه القناعة، فإن التجربة المريرة التي مر بها الإخوان –تنظيما وأفرادا- تجعلهم يؤمنون بعبثية حرب يخوضها المسلم ضد دول عظمى ظالمة في عقر دارها، مثلما حدث مع أمريكا في أحداث 11 سبتمبر. والصحيح هو ما تفعله المقاومات في بلدان تتعرض للاعتداء مثل أفغانستان والعراق حيث يعيش المقاوم بين أهله ومواطنيه يساندونه ويهيئون له الملاذ الآمن، فيغير على قواعد جيوش المحتلين ثم يعود بعد ذلك إلى قاعدته.

قضية أخرى يؤمن بها أفراد الإخوان المسلمين، وهي أن أمريكا -والرئيس بوش على وجه الخصوص- عملت على تضخيم أعمال القاعدة في العالم الإسلامي. ربما لأنها لا تريد أن  تختفي من الساحة، لتستثمر ذلك في استمرار وجود جيوشها في بلادنا، -دفاعا عنا بحسب زعمها- هذا أولا. ثم لقطع الطريق على الحركات الإسلامية المعتدلة كالإخوان المسلمين، حيث حيث يصعب تشويه صورة الإسلام من خلالهم لأن الناس يثقون بهم. 

ومهما كانت الخلافات بين أبناء الوطن الواحد، مذهبية أو أيديولوجية أوأثنية أو حزبية، فإن ما وَقَرَ في نفوس الإسلاميين: أنه لايجوز أن تُستَحَل دماء المسلم إلا أن يكون قد انحاز إلى المحتل الأجنبي في حربه ضد أبناء الوطن عندها يكون هو والمحتل سواء. انطلاقا من هذه القناعة، فإن كل الدماء التي أهرقت في العراق على خلفية مذهبية أو أثنية –ما لم تكن دماء محتلين أو متعاونين معهم- إنما هي دماء محرمة استحلت بغير حق. كما نؤكد أن العراقي لم يعرف الفِتَنَ المذهبية واستحلال الدم العراقي إلا بعد أن احتلت أمريكا العراق.

وعليه: فما كان ينسب لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين من القتل على الهوية الطائفية، سواء أكان ذلك ابتداء أو ردا على جرائم مليشيات طائفية تقتل على الهوية، فإنه لا يؤدي إلا إلى مزيد من الخراب والدمار والبغض والحقد بين أبناء الوطن الواحد، باستحلال الدم الحرام، والإسلام منه براء. ومن استحلَلْتَ دمَه بغير حق فقد أعطيتَه الذريعة بأن يستحلّ دمك.

النتيجة الأخرى الأسوأ، أن أنظمة بعينها ركبت موجة العنف مستغلة اندفاع الشباب للجهاد، لتجعل من هؤلاء ورقة في يدها تفاوض أمريكا عليها. فزينت لهم الأمور حتى غدوا أسرى بين يديها. فلاهم قاتلوا محتلا ولا تُرِكوا ليعودوا من حيث أتَوا. فلما فرغت مما تريده منهم ، اعتقلتهم أو قايضت عليهم، وكأنهم غنم أو ماعز في بازار، وربما أسوأ.

ولقد أدرك العقلاء من الإسلاميين أن هذا القتل الأعمى في العراق لا يستفيد منه إلا المحتل الأجنبي وأعوانه. فقد انشغل الذين جعلوا همَّهم القتلَ الطائفي عن أن يدققوا فيما إذا كان ما يقومون به مشروعا أم لا؟ وعما إذا كان من يقرر استحقاقَ الضحية للقتل يحق له أن يقرر ذلك أم لا؟ هذا إذا وجد في صفوف المقاتلين الشخص الذي يملك العلم الشرعي، إذا وجد  هكذا شخص، هل هو مؤهل تأهيلا شرعيا لا لبس فيه؟

في ضوء ما سبق نستطيع أن نؤكد جازمين اعتمادا على ما سبق: أن 99% من الذين قتلوا في العراق، –باستثناء جنود المحتل والمتعاونين معه عن عمد وسابق إصرار- قتلوا بغير وجه حق. هذا المعنى الذي ذهبنا إليه قد أكده الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري: (من قال لا إله إلاالله فقد عصم مني دمه وماله وحسابه على الله). بالمقابل نستطيع أن نؤكد جازمين أن كل من أعان المحتل الأجنبي على تثبيت سلطانه وعلى قتال العراقيين عن عمد وسابق إصرار، فدمه غير معصوم. 

أخيراً: لا نستطيع -في مقاربتنا هذه- أن نتغاضى عن الوجه الآخر للقضية العراقية. فكل خبر يشير إلى فشل المشروع الأمريكي في العراق وفي أفغانستان، يرفع منسوب الثقة لدى العرب والمسلمين عموما. وحتى غير المسلمين ممن يكره العنجهية الأمريكية والاستخفاف الأمريكي بالشعوب المستضعفة، فإنهم يتمنون لو يجدون سبيلا يلتحقون فيه في المقاومة العراقية التي تقاتل الأمريكان. وبصراحة لا نستطيع أن نلوم هؤلاء وأولئك، وفي كل يوم نسمع ويسمعون عن قانون أصدره الرئيس "جورج بوش" لمعاقبة هذه الجمعية الخيرية أو تلك، أو وضع اسم هذا الشخص أو ذاك على قائمة الإرهاب، وكلهم من العالم الإسلامي.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ