ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 04/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هل يمكن أن تبني الحداثة , ماخربته الأصولية السياسية ؟

(2 -2 )

د.نصر حسن

في واقع سورية الراهن استقطابات واصطفافات عدة , بعضها مفروض بقوة الإستبداد ومؤشر مستواها الفكري والإجتماعي والسياسي والطائفي ولازال لم يحسم أمره بعد حول الموقف من التغيير ويراوح في حفرة النظام , وبعضها  حثي  بتأثير الوضع الإقليمي والدولي ,مرتبط بموقف ذهني أصولي من الماضي محمول على ضعف وعي بتاريخ الشعب السوري وبجدلية التخلف والتقدم وروافع كل منهما وبالتالي يحاصره اللبس في مفاهيم أساسية تتعلق بالقومية والدين والأمة أي أسس الدولة( الهوية ) , والأخير وهو الجسم الإجتماعي للشعب السوري وهو الأكبر والأوضح وهو الذي خاض ويخوض المعركة الفعلية المركبة مع النظام ومع آخرين في الداخل والخارج والتجديد على عدة مستويات , أولها منهجي بتثبيت الثابت في تاريخ وكينونة السوريين وهو الجسر الحضاري الأساسي الذي يحملهم , هذا الجسر يتعرض إلى حملات تشويه من النظام وأشباهه , وثانيها  فكري بإعادة المفاهيم والدلالات إلى نصابها في ظل فوضى النظام وخواؤه والظروف الإقليمية وفلتانها , وثالثها سياسي  بتحديد الصراع وحصره مع النظام من جهة ونقله إلى مستوى الحوار مع الأطراف الوطنية التي لها مصلحة فعلية في التغيير وهي غالبية الشعب السوري , ورابعها حقوقي  بنقل مفهوم الدولة من الدولة الأمنية الفردية إلى شكل الدولة المدنية بعمل مؤسسي واضح المرجعيات والمعالم التي تلبي مطالب الشعب دون وصاية أياً كان شكلها , وهذا يفرض على الأطراف الوطنية أن تنتقل إلى مستوى الحوار السياسي البيني وتفاعل البرامج على أرضية السواء الوطني و الإبتعاد عن حشر المجتمع في خلافات لاتهمه ولاتوحده ولاتعطيه أملاً بالخلاص والحرية , وعليه ضمن الحالة الهجينة الحالية التي يتربع عليها بعض النخبة السورية ,لامناص من تسمية الأشياء بأسمائها ولابد من استخدام الأساس  الذي يحمله  ,وقد تكون هناك من الأوهام والتمنيات والأحلام الجميلة ,لكن يستحيل المشي في الهواء الأرضي , فاالحداثة والعلمانية وحقوق الإنسان وكل المفاهيم هي مطلوبة بقدر ماتكون قادرة على تعبئة الشعب وتوحده باتجاه الهدف الأساسي لإرجاع حقوقه وكرامته إليه,وحتى لاتبدوا الأمور عائمة لابد من التحديد الفكري والقانوني والحقوقي .

 

والخلاصة , بتكثيف شديد , في المدى المنظور هل تتمكن الأطراف الوطنية كلها من التوافق على المطلب الأساسي الذي يمثل البوابة الوحيدة للخروج من حالة الإستعصاء ,وهو التغيير في سورية ؟ يتبعه ماهو مستواه ,وماحوامله وآليته؟ ماهي المرجعية الحقوقية في التشريع ؟ وبيت القصيد ماهو شكل الدولة السورية في المستقبل ؟ أسئلة تبحث عن إجابة شفافة وجريئة ومباشرة وبعيداً عن الأحلام والأوهام وإسقاط الأمراض الداخلية والخارجية عليها ,وبدون عنعنات وتبريرات واهية واشتراطات لامبرر لها , وتناقضات بين الحين والآخر سببها العجز وعدم القدرة على الإجابة الواضحة التي لها معنى , بل تتطلب الإجابة عليها بالتحديد المرجعي الفكري والحقوقي والسياسي الجامع, بماهي قاعدة الإنطلاق وخط البداية أمام الجميع للإقلاع المشترك نحوالنجاح والتغلب على الإستبداد أولاً ومحاولة التغلب على التخلف ثانياً , والإحساس بالزمن ومحاولة الرجوع إلى العصر ثالثاً , ولملمة رماد الصفحة السوداء في تاريخ سورية الحديث وطيها إلى غير رجعة رابعاً , والعمل على فتح صفحة بيضاء جديدة لبناء سورية المستقبل خامساً .

 

باختصار القول : نرى أن أولى الخطوات هي ضرورة حسم القرار السياسي لقوى التغيير على مستويين اثنين : فكري وسياسي , وضمن الظروف الداخلية والخارجية الحالية التي تمر بها سورية ,ونرى أن التغيير هو الحل , التغييرالمطلوب لاتحدده الألفاظ ولا البدائل النظرية الجميلة المجردة عن الحاضنة الدينية والإجتماعية والأهلية التاريخية , بل يحدده واقع المجتمع السوري السياسي بعمقه كله , وواقع النظام الحالي بشكل موضوعي , ونرى أنه لاخيار بالخروج من هذا الحال السوري , سوى خيار الحل الوطني الديموقراطي التعددي ,وحوامله هي داخلية عينها وعقلها مفتوحين على رؤية تداخل الإقليمي والدولي والإستفادة منه في عملية التغيير المستقل بأفقة الستراتيجي ,وآليته يحددها مستوى الصراع مع النظام وشكله ومستوى تفعيل دور الشعب , وبنية المعارضة التي تتصدر التغيير, وآليته هي مايفرزه الواقع السوري الداخلي ورفض التدخل الخارجي , ونرى أن المواطنة هي البديل عن كل الروابط الواهنة بين أبناء الشعب ,والتي تجاوزها الزمن والتطور.

 

 ويبقىالإسلام  له دوره المحوري ولامناص سوى بتفهم ذلك لتجاوز التناقض غير الأساسي , ورفع سقف الحوار معه ,لأن السبب الرئيسي لحالة العجز العام في المجتمع هو, أولاً ضعف التيارات الحداثية والعلمانية من القيام بدورها المطلوب ,وثانياً وهو الأهم  إقصاء الإسلام المعتدل عن الحياة السياسية والإجتماعية وتشويه دوره من قبل النظام باعتماد نسخة سلفية تساعده على الإستبداد وإنتاج التخلف والتطرف التي يعيش عليها , ,فالإسلام المعتدل  لازال المحرك الكبير للشعب والحامل الأساسي للتغيير والتطوير والتنمية الديموقراطية , وهذا يتطلب إعادة الإعتبار له ولدوره من الأطراف الوطنية ,على أرضية الحوار الصريح غير المشروط والعمل المشترك بين كل المكونات على طريق بناء الدولة المدنية الديموقراطية التي تنفي الإستثناء وتعمل على بناء روابط وطنية تتلاشى أمامها الروابط الأدنى منها .

 

وفي هذا الإطار نرى ضرورة فك الإشتباك غير المبرر  بين الأطراف الوطنية بكل أسمائها التي تؤمن بالخيارات المشتركة ,وتطورها إلى مستوى أكثر تماسكاً ووحدة , وتطوير الوعي العقلاني والإنساني إلى مستوى يساعد على فك الإشتباك بين الإسلام والحداثة والعلمانية بتفهم كل طرف دوره والتحرك إلى ترميم الخراب الذي أحدثه الإستبداد ,ولانرى ضرورة التمسك بالمصطلحات والمفاهيم التي لايحتاجها الواقع ولاتعبر عن تناقضاته ولاتنتج روابط مشتركة , وليس لهذا أي خلفية وصاية أو مصادرة حق أو ألغاء دور أو فرض شروط , فالدولة المدنية لها أسس وإطار حقوقي وقانوني وسياسي واضح  , وهذا يتطلب أن نخرج من أسر التسميات والمفاهيم المجردة , وننقل شكل الخلاف إلى مستوى الحوار السياسي أي  إلى  برامج سياسية عملية واضحة مصدرها الواقع على طريق الهدف العام ,على قاعدة الإيمان الكلي بالديموقراطية التعددية كنظام سياسي , وبالإنتخاب الحر النزيه كآلية ديموقراطية للمنافسة السياسية , ونعتقد أنه لاأحد يملك ضمانات كاش للخائفين والمترددين والمنتظرين , سوى القانون المنسجم مع شرعة حقوق الإنسان , والذي يشترك في صياغته المجموع ويحترم حقوقهم ويكون مستقلاً وأقوى من الجميع , وأن هذا الوطن يستوعب الجميع بكل حمولتهم الدينية والعرقية والأهلية والحداثية ,بشرط الصدق والثقة وتفعيل إرادة الحياة المشتركة واحترامها ,ونقلها من الغريزة والحاجة إلى مستوى الإيمان والعقل والبناء , ومن المستوى العصبي المغلق إلى المستوى الإنساني الذي تتساقط أمامه كل الروابط الغريزية المتخلفة , بهذا المشترك وبما هو متوفر منه الآن يتم التوجه نحو بناء دولة الحرية والعدل والمساوة , دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات بدون أي تمييز .

 

بقي أن نقول : أن هدف التغيير الديموقراطي التعددي هو ليس أطر نظرية ومفاهيم ليس لها روابط مع واقع الشعب , وليس عمل فردي ولانخبوي ,وخارج عن قدرة طرف لوحده , بل يتطلب الخطاب الواعي بهدفه ووسائله وحوامله والمتجاوب مع واقع الشعب السوري الآن , وهذا يتطلب الصدق في فهم الواقع والإتساق مع التاريخ والإنسجام مع التجديد ,بالعمل على تنشيط الروابط الجامعة والتخلي عن الخطاب الأصولي أياً كان شكله , فمن يقرأ التاريخ العربي ويفهم بعضه الذي أوصلنا لما نحن فيه ,لانعتقد أنها مفاجئة ...أن علة العلل فينا , في الخطاب الأصولي الذي في رؤوسنا وقلوبنا ومشاريعنا ويبرمج بشكل مبتور وعينا , وهو مصيبة المصائب ...إذ بإسقاط التاريخ ,يسقط المستقبل أيضاً ...ونبقى طعاماً لذئاب الحاضر وثعالبه...!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ