ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 27/10/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

الحركة الإسلاميّة .. ومعركة المصطلحات

عزّة النفس .. والمسكنة

عبد الله القحطاني

أ- " اطلبوا حوائجكم بعزّ الأنفس  ، فإن الأمور تجري بالمقادير" ..

 هذا أحد التوجيهات النبويّة ، التي تشكّل عقولنا ونفوسنا، وتوجّه تصرفاتنا، وتضبط مواقفنا،  نحن أبناء الحركة الإسلاميّة ..

هذا ، عندما يكون " الطلب " فرديّاً ، يتعلق " بحاجة " خاصّة للمرء !  

(عزّة النفس) أساس في القول والفعل ! أمّا المرجعيّة النفسيّة والعقليّة، أيْ الركيزة التي يستند إليها المرء ، باطناً وظاهراً ، فهي : " أقدار الله الجارية في الكون ، الجارية على الخلق " .

  فكيف إذا كان الطلب يتعلق "بحقّ" لا  "بحاجة " ؟ وكيف إذا كان عاماً ، يتعلق بشعب ، أو أمّة ، لا بفرد ، أو مجموعة أفراد !؟

إننا ، ونحن نطالب بحقوق شعبنا وأمتنا ، في الحريّة ، والمساواة ، والعدل ، وحفظ حقوق الإنسان في بلده .. إنّما نعي هذا المعنى جيّداً ، بشموليّة وعمق " نطلب حقوق شعبنا بعزّ الأنفس .. لأن الأمور تجري بالمقادير " !

  أمّا عبارة " تمسكنْ حتى تتمكّن " وما يتفرع عنها من مصطلحات ، وينبثق عنها من دلالات وإيحاءات ، فليست واردة في قاموس تفكيرنا ، أو تحركنا.. لأن " المسكنة الجماعيّة " مخالفة لأشياء كثيرة عندنا .. من أهمّها :

1-   سنّة الحياة نفسها ؛ فليس من المعقول أن يتمسكن حزب ، أو تنظيم ، كله، بسائرأفراده ،  مخفياً نيّاته ومقاصده ، عن عيون الناس المحيطين به ، دون أن تندّ عن فرد واحد ، من هذا التجمّع الضخم ، عبارة ، أو كلمة ، تشي بحقيقة الموقف الجماعيّ كله ..!

2-   إن الأفراد الذين يربّيهم الإسلام على الأنفة وعزّة الأنفس ، ويتلقون هذه التربية في محاضن الحركة الإسلامية صباحَ مساء .. لايمكن إخضاع نفوسهم ، لقرار " التمسكن "  الجماعي .. مهما كانت قوّة هذا القرار ، أو الجهة التي أصدرته ..!

3-   إن " التمسكن " طبع ، أو تطبّع ، فيه نوع من الخداع والمكر!  وهذا قد يصدر من شخص فرد ، لحاجة فرديّة ، قد يحصل عليها طالبها أو لا يحصل ، لكنه يدفع ثمناً باهظاً من كرامته وعزّة نفسه ، حتى قبل تأكّده من حصوله على الحاجة أو حرمانه منها .. فإن حرِم منها ، فقد دفع ثمنها الباهظ دون مقابل .. !

وهذا كله ، لايمكن أن يصدر عن تنظيم إسلاميّ جماهيريّ ، يعتزّ بقيَمه الإسلامية، ويفخر بالتفاف شعبه حوله ، أو يطمح إلى مثل هذا الالتفاف ! فماذا تكون نظرة أفراد التنظيم إليه ، حين يدفع هذا الثمن الباهظ من كرامته وعزته ، لقاء مكسب سياسيّ عرَضيّ ، قد يتحقق وقد لايتحقق ؟ وماذا تكون نظرة الجماهير إليه ، حين تراه يتذلل و( يتمسكن ) ويعطي من نفسه الدنيّة ، لخصومه ، أو حتى لأصدقائه ؟

4-  إن قرار التمسكن الجماعي ، لا يدخل في مضمون الحديث النبوي ّ " الحرب خدعة " ..

لأن " الخدعة " حالة عابرة ، تمارَس ضمن ظرف عابر، هو (ظرف الحرب) ، وهي عملية محدودة ضيّقة ، يمارسها فرد ، جنديّ ، أو قائد ، أو حتى مجموعة صغيرة من الأفراد ، لكسب جولة معينة ، أو إخفاء نيّة معينة ، في ظرف محدّد . وهذه تختلف عن حالة التمسكن الجماعي ، التي تشمل حركة إسلاميّة واسعة بسائر أفرادها ، إذا كان مطلوباً منها إخفاء أهدافها ونياتها وطموحاتها وسياساتها.. إخفاءً تاماً، وإظهارُ ما يخالفها أو يناقضها.. وعلى مدى طويل من الصراع الفكري والسياسي والإعلامي ، ضدّ أفكار الآخرين وسياساتهم وإعلامهم !

5- بناءً على ما تقدّم ، فإن ما تعلنه الحركة الإسلاميّة ، في تصريحات مسؤوليها ورموزها ، وما تبثّه في صحفها وأدبياتها ، هو ما تريده فعلاً. فإذا قالت في دولة ما ، إنها تريد منابذة الحاكم المستبدّ ، للحصول على حقوقها الوطنية والسياسيّة، أو مصارعته سياسيا أو إعلامياً ، فهذا هو ما تريده حقا ! لأن هذا الإعلان يلزِم قواعدها بما تريد ، ويجعل هذه القواعد تكيّف عقولها ونفوسها مع هذا النوع من الصراع ، لا تتعداه .. وبالمقابل لا تتنازل عن حقها في ممارسته ..!

وإذا صرّح قادة الحركة ، في دولة ما ، بأن الحركة تنبذ العنف ، أو تسعى إلى التعاون مع حكومة بلدها لتعزيز مؤسّساته ، وبنائها بشكل سليم .. أو أنها تسعى إلى دولة ديموقراطية مدنية ، يحكمها القانون ، ويسود فيها العدل ، وتتحقق فيها المساواة بين المواطنين ، في الحقوق والواجبات ٍ .. فهذا ما تريده فعلاً ، لأن هذه التصريحات ، إنما تكون أساساً ، مبنية على فلسفة سياسيّة أقرّتها المؤسسات ، والتزمت بها القواعد ، وصارت منهجاً ودستوراً لتفكيرها وحركتها.. ومَن يخرج عليها، فإنما يضع نفسه تلقائيا ًخارج الصفّ ، ليبحث لنفسه عن منهج آخر يلائم مزاجه ، أو طريقة تفكيره..! فالعمل الإسلامي متعدّد الصور والجوانب ، متنوّع الميادين .

6- وتبقى ملحوظات أساسيّة ، لابدّ من الإشارة إليها، بإيجاز وتركيز ، من أبرزها :

أ ) إن الحركة الإسلامية ليست حقـل تجارب ، لذوي المغامرات الفكرية ، أو أصحاب     "الهبّات " العاطفية ، أو عشّاق البطولات الفرديةّ والنزعات الانتقامية  ..!

إنها عمل حضاري متمدّن ، مؤسّس على مبادئ سامية وقيم نبيلة ، وأخلاق راقية .. !

وهو ، في الوقت ذاته ، يطمح إلى تحقيق أهداف جليلة ، على رأسها بناء الإنسان السويّ الواعي ، المؤهّل لصنع حضارة إنسانية كريمة !

وهذا لا يلغي، بالطبع ، دور الملكات الفردية ، أو المؤهّلات الشخصيّة للأفراد ؛ و إلاّ لكانت الحركة الإسلامية ، مجرد تجمّع ضخم لقطيع بشري متشابه الملامح والسمات ، عاجز عن تحقيق أيّ هدف إنساني مُجدٍ .. وهو قابل لأن يقوده أيّ راعٍ أحمق أو سفيه،  حتى لو كان مندساً عليه ، عازماً على تدميره !

ب ) إن الحركة الإسلامية المؤسّسة على المبادئ ، تختلف بالضرورة ، عن مثيلاتها المؤسّسة على المصالح ـ الفرديّة أو الجماعيّة ـ ! فالأولى تَحكم تفكيرَها وحركتها المبادئ التي تستند إليها.. ولو خرجت عن إطار هذه المبادئ ، لخرجت من جلدها ، ودمّرت نفسها، وفقدت مسوّغ وجودها ! وهي من خلال حركتها المبدئية ، تراعي حساب المصالح العليا ..!

أمّا الثانية فتسير في رمال متحركة ، لأنها تنطلق ، أساساً ، من حساب المصالح غير المحكومة بأيّ مبدأ ! والمصالح شديدة التغيّر ، لأنها محكومة بالظروف والأحوال ، المتغيّرة أبداً ..!

وإذا قاس رجال الحركة الإسلامية ، حركتَهم إلى الحركات الأخرى ، واندفعوا يَسبحون فيما تسبح فيه بعض هذه الحركات ، من بِرك آسنة، ومياه ملوثة، لتحقيق مكاسب آنيـّة رخيصة..   إذا فعلوا ذلك ، أو استـُدرجوا إليه ، دمّروا حركتهم ، بدءاً بتدمير مبادئها وأخلاقها ، وانتهاء بتدميرأهدافها ، التي لن تصل إليها أبداً ! لأن الأهداف إنّما وضِعت لخدمة المبادئ ، فإذا ضاعت المبادئ ضاعت معها الأهداف . أمّا الأهداف الجديدة ، التي قد تنشأ بناءً على المصالح  القريبة ، فليست هي الأهداف الإسلاميّة ،  حتى لو سمّاها أصحابها بذلك !

فالمبدأ إذن –هنا – هو ميزان الفكر والحركة والقول والسلوك . ولن يصدّقنا الآخرون لو قلنا لهم : " نحن براغماتيون .. نفعيون .. مصلحيون .. مثلكم " ! لأنهم عندئذٍ سيضحكون منا ، ويقولون لنا : " إمّا أنكم أغبياء .. وإمّا أنكم تحاولون ممارسة المكر والدهاء بطريقة فجّة ساذجة .. وإما أنكم تافهون منافقون ، ترفعون شعارات سامية ، وتلهثون لمنافستنا على المصالح السياسيّة الآنية ، والمكاسب العرضية ، التي نبيع لأجلها كل شيء ، بدءاً بماء وجوهنا ..! " ( ولا يفوتنا ، بالطبع ، التذكير هنا ، بالفروق ، بين حزب غير إسلامي ، قائم على مبادئ من نوع ما ، وآخر مصلحي .. من الأحزاب العاملة في كل ساحة من ساحات العمل السياسي ، في كل زمان ومكان ! أمّا الأفراد فقلوبهم بين أصبعين من أصابع الرحمن، أياً كانوا ، وإلى أيّة فئة ، أو ملّة ، انتموا ..! فربّ ملحد هداه الله إلى الإيمان ، فصار زاهداً ناسكاً ، وربّ رجل آخر، كان على بصيرة من أمره ، فأضلّه الله على علم ، وخرج عن دائرة الإيمان ، وطفق يلهث وراء بريق الدنيا ، بمالِها وشهواتها ومناصبها .. دون وازع من خلق أو ضمير! ) .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ