ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 16/10/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

العيد ...و"باب الحارة"...و"العكيد".!.

د.نصر حسن

يمر العيد بملامح متناقضة تعكسها غياب فرحتة ببساطتها وعفويتها وصدقها , ومع كونه حاجة تتجدد فيها الروح والنفس والعقل والتفكير رقياً نحو تنمية الوعي الإنساني والتكافل الإجتماعي وعيش لحظاتها بماتعنيه من تنمية قيم المشاركة والتآلف في فرحة عامة تكون ملامحها واضحة على الناس وصارخة في سلوك الأطفال وتداعياتهم ,كونهم هم المرآة الحقيقية التي تعكس الواقع وماهيته  في هذه اللحظة التي تسمى العيد ...كلمة تحمل من المعنى العام والفرح الجماعي مايجعل لها طعماً خاصاً ولوناً خاصاً وصفاء ً في النفوس , ربما أصبحت الآن من المحاصرات في حياتنا , أين هي الآن فرحة العيد وطيبتها وصخبها وفوضاها ؟! من صادرها ؟! من سرقها من عيون الصغار والكبار في هذا الوطن الجميل ؟! من شوه طقوسها ولونها بالحزن والألم في وجوه الناس جميعاً ؟!.

 

إنه العيد , الجانب المضيئ في ذاكرة الأمم والشعوب ,  فرحة لامعنى فردي لها , ولوحة لامعنى فيها بلونها الواحد , ومناسبة لاقيمة لها بدون ساحتها الجغرافية ودلالاتها القيمية والإجتماعية والإنسانية ...إنها التواصل مع المجموع ... أين أنت أيها العيد ؟ أين أنت أيتها الشعوب التي صنعت التاريخ ؟ من يدري أن غولاً بشرياً سيفترس فرحتها ويبعد ظلالها الجميلة عن الناس ويفرض شكلاً آخر وطعماً آخر وملامح أخرى لاتشبه شيئاً سوى الحزن , من يسرق بسمة ويسجن فرحة ويضحك بملء فيه على شعبه وأمته , ما هذا , وماذا يسمى ومن أي صنف هو ؟! لاشك أنه من صنف لايمت لبني البشر  والإنسان والحياة بصلة من الصلات ...إنه الغول البشري ؟! من يدري أن عيون الصغار والكبار ستحرم يوماً من فرحتها ودنياها ؟! أنت العين وأنت البسمة وأنت الأمل أيها العيد الفقيد في هذا الوطن الأسير, لازال العيد يمثل لغزاً بعض رموزه الأمل , وبعض كمون الأمل هو حلم يتحقق وفرح قادم على الطريق.

 

العيد هو الأمل أو بقاياه, وهو في بعض مقدماته عمل وصبر وشحذ الهمة والروح وفرح وتفاءل وتحفذ للمستقبل من جديد ,وبعض نتائجه  نبض لا يتوقف ويتحرك دورياً في مساره الكوني, العيد هو الأمل ومن الأمل في لحظات التاريخ المظلمة يخرج النور وتتجدد إرادة الحياة , وفي حال الشعوب العربية ومنها الشعب السوري,  عندما يغتصب فرد واحد حياته ويجرده من كرامته وفرحته وحتى إنسانيته ويستهلك كل محدداته الروحية والمادية والمعنوية ويحصره في اليأس والتطرف والفساد والنفاق , تصبح الحالة أشبه بمسلسل " باب الحارة " الذي عرض في شهر رمضان الحالي , ولم يحالفني الحظ بمشاهدة سوى بضعة حلقات في نهايته , وأكثر ماشدني هو براعة المخرج في وصف الواقع السوري "الحارة " ومفرداتها اليومية والإجتماعية في ظل نظام مبتسر يلغي العدل والقانون ,وتضارب المصالح الفردية والجماعية بشكل صريح ,  بكل تأكيد برع المخرج في تصوير بعض العادات والتقاليد ونظام "الحارة"  العام , وعكس بإتقان تفاوت مستويات الكبرياء والوجدان والرجولة وقيم "الحارة"  عبر حبك محكم لعلاقات أفرادها بتوتر متصاعد على تخوم فاصلة بين الأنانية والمصلحة الفردية والهم الجماعي العام , بين الأصالة والرجولة , بين الصدق والشهامة وبين الغدر والوشاية وبين " أبو شهاب " و"الظابطية " التي تمثل سلطة مظهرية كثة في قمة الإنهيار النفسي والمادي والأخلاقي .

 

باب الحارة هو ملخص كوميدي لوطن مستباح ومع كون الظابطية " النظام " هو صورة مصغرة لواقع حقيقي تعيشه سورية في ظل "ظابطيات"  أكبر حجماً وأشد فساداً وفتكاً وأكثر انهياراً إلا  أنه  يعكس علاقات الواقع السياسي والإجتماعي والأخلاقي في مجتمع يصر النظام " الظابطية " على تلغيمه من الداخل بالمخبرين واصطياد الفجوات الداخلية بين علاقات أبناء المجتمع ليزداد نهبه وسرقته بكل الطرق الدنيئة وغض النظر عما يحدث في الخارج , نظام لاعمل ولاهم له سوى محاصرة الشعب في حياته وفي تنغيص يومه وغده , يصر على صناعة الفتن وتخريب النسيج الإجتماعي والعبث بيومه ودفع الأفراد إلى العيش وسط دراما مستمرة لاتعرف الفرح ولاتعرف السعادة وتغوص في سراديب "الظابطية " الخائفة من تلاحم الناس حول الحفاظ على شرف" الحارة " , والحال كذلك في حاضر سورية المستباح , ومع غموض بشائر الواقع السوري يبقى هناك بعض الأمل بعيد قادم وفرحة قادمة يمثلها تلاحم المجموع حول رموزه الحية التي تحافظ على كرامته وكبريائه والتي يمثلها " العكيد " هنا بالضبط تكمن الدراما السورية الحقيقية حيث أقصى النظام كل الرموز السياسية والفكرية والثقافية والأخلاقية وتخلى عن مسؤوليته وحصر الشعب في مستنقع الصراعات الداخلية والخوف والإنهيار .

 

العيد فقد معناه في واقع الشعب السوري وكل الشعوب العربية ولم يتبق منه سوى الكمون القيمي والأخلاقي والحضاري في ذاكرة الشعوب , الذي يحتاج من يحفزه ويحركه ويتجاوز حاجز الخوف لدى الناس وكشف أن " الظابطية " التي تمثل النظام هي مرعوبة وخائفة وضعيفه ومنهارة وتغطي نفسها بمظهرية البوليس الزائفة  , وعليه لابد من تنشيط الروابط الحقيقية بين الشعب واستعادة ذاكرته العامة الحقيقية ووعيه بظروفه والوقوف بجرأة أمام رموز النظام الأمنية المنهاره , التغيير هو معنى من معاني العيد وعودة  ذاكرة الحياة والتجدد والأمل بالخلاص  من الخوف والرعب وعودة الفرحة والوحدة والحفاظ على الأرض والعرض والمقدسات وطقوس الحارة " الوطن",المفردات التي لم تعد تعن في نظر الظابطية " النظام " شيئاً .

العيد في سورية وفلسطين والعراق ولبنان وكل الدول  العربية والإسلامية هو أسير "ظابطيات " أشد رعباً وأشد بؤساً وأكثر انهياراً من "ظابطية أبو جودت"  في باب الحارة ...ولعل بعض الأمل يكمن في هذه المشاهدة الكبيرة على عموم الساحة العربية لباب الحارة وهم يعرفون أن حارتهم الكبيرة هي ماتعرضه الشاشة الصغيرة في أمسيات الشهر الفضيل...لانراه ضياع لوقت محاصر بقدر مانراه أملاً بعيداً جديداً  وفرحة جديدة ويقظة قادمة ... هي فرحة قادمة مع "العكيد " الذي يتململ في كل بيت وفي كل مدينة وفي كل شعب وهو في طريقه إلى الخروج من لحظات الدراما التي يعيشها في ظل "ظابطيات" شاخت زمنياً ووطنياً وإنسانياً وهي على أبواب الرحيل ... الفرحة قادمة وحركة التاريخ لن تتوقف ودمشق عانت من الإحتلال وبغداد وفلسطين وبيروت وكل هذا الواقع العربي هو مع موعد الفرح الكبير ...الفرح برجوع الشعب إلى حقيقته والوقوف بوجه الطغاة والجلادين سارقي فرحته ...إنها فرحة العيد وظهور "العكيد"  وانهيار الظابطية العربية الخائفة ... إنها صوت الشعب الذي بدأ يردد همساً كافي ... وبدأ الهمس يتردد عالياً لابد من الخلاص ...نريد الفرح والعيد والحرية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ