ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 25/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الديمقراطية في الإسلام

غسّان النجّار*

لقد أظهرت نتائج الانتخابات التركية الأخيرة انتصار الحرية السياسية والديمقراطية التعددية، وليست (الديمقراطية الشعبية) كما يحلو لبعض الأنظمة الشمولية أن تطلقها على نظام حكمها، كي تغطّي على استبدادها وتفرّد زعمائها وورثتهم من بعدهم بالسلطة إلى الأبد، وعلى الرغم من أنّ مصطلح "الديمقراطية الشعبية" أصبح من مخلّفات الماضي بعد أن تفكّك الاتحاد السوفيتي أيدي سبأ، وتلمّست معظم الدول الّتي خرجت من القمقم – عدا دول الشعوب الإسلامية – منهج الديمقراطية الغربية، إلا أن بعض (أنصاف الآلهة) لا زال يتمسّك بهذا المصطلح "الديمقراطية الشعبية" فيعلن أن لشعوبهم خصوصيتهم وأن الديمقراطية بالمفهوم الغربي لا تسري عليهم، لأنّ ذلك سيكلّف هذه الأنظمة استحقاقات في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية، فمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية السياسية هي على النقيض تماماً من نظام الدولة الأمنية الّتي يختبئ وراءها هؤلاء الحكّام والّتي يستقوون بها على شعوبهم وتحمي كراسيهم بل (عروشهم)، وفي هذا السياق - سياق الديمقراطية الحقيقية - أريد أن أسلّط الضوء على النقاط التالية:

1- إننا قد سبقنا الشعوب الغربية في مبادئنا النظرية الإسلامية وفي تطبيقاتها التاريخية لمضامين الديمقراطية نصاً وروحاً والّتي يمكن أن توازيها مصطلح (الشوروية) في المصطلح الإسلامي، ولدينا أمثلة تطبيقية كثيرة تعكس كلّها واقعاً لمفهوم الآية الكريمة: (وأمرهم شورى بينهم) والّتي وردت في سياق الآية 38 من سورة كاملة في القرآن الكريم تدعى سورة (الشورى)، وكذلك خطاب من الله عز وجل فيه أمر قاطع لرسوله المؤيد بالوحي بقوله: (وشاورهم في الأمر) آل عمران 159، فيه تعليم للأمّة من بعده؛ وأضرب مثالاً واحداً حول خيار الديمقراطية في الإسلام؛ هو اختيار الخليفة الراشد عثمان بن عفّان، حيث استحقّ الرئاسة بنسبة /57/ بالمائة من المقترعين بينما نال منافسه سيّدنا علي بن أبي طالب نسبة /43/ بالمائة وامتثل الجميع لهذه النتيجة، وهذا لا يعني انتقاصاً من مكانة عليّ – كرّم الله وجهه- وهو ختن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابن عمّه الّذي تربّى في حجره، ولكنّ هذا يشير إلى عظمة عليّ – رضي الله عنه - في قبوله نتيجة الاقتراع الديمقراطية ويبرز أنّ العلاقة الوراثية أو القرابة ليست من شرائط مقام (الرئاسة) وفق قوله: (صلى الله عليه وسلم) "اسمعوا وأطيعوا ولو ولّي عليكم عبد حبشي كأنّ رأسه زبيبة ما أقام كتاب الله فيكم" أي طالما أنّه يحترم الدستور في شعبه ولا يجنح بهم إلى (حالة الطوارئ) الملعونة الّتي تخوّل الرئيس أن يمسك السلطات كلّها في يده إلى الأبد ومن خلال دولته الأمنية.

2- إن الإسلام لم يتبنّ نظاماً سياسياً معيناً، سواء كان رئاسياً أو جمهورياً برلمانياً أو غيره من الأنظمة وترك المجال واسعاً لاختيارات الشعوب وفق منطق العصر وتطور الأنظمة والأمم، فلم يشترط سوى الحصول على تحقق للشورى ورفض (الملك العضوض)، فكل حقبة تاريخية لها خصوصيتها وحداثتها وأسلوبها والحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ الناس بها وحيثما تكون مصلحة الأمة فثمّ شرع الله.

3- إن مصطلح (المواطنة) قد استوعبها النظام الإسلامي منذ الصدر الأول حين قال عمر بن الخطاب للمواطن اليهودي: ما أنصفناك لقد أخذنا منك (الضريبة) وأنت شاب وتركناك عالة على الناس تتسوّل وأنت شيخ؛ اصرفوا له راتباً من بيت مال المسلمين (وزارة المالية)، كما اقتصّ عمر من (ابن الأكرمين) حاكم مصر لأنّه صفع القبطي على وجهه قائلاً له: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحراراً.

4- لدى فقهاء المسلمين قاعدة تنصّ أن: (لا مشاحة في الاصطلاح ) فالمهم هو المضمون والعبرة في المعاني وليست في الألفاظ والمباني، فإذا كان مصطلح (الديمقراطية) يعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه عبر ممثليه ونوابه المنتخبين بشكل حر وسليم فقد تحققت الشورى بأسمى معانيها من خلال سيادة الأمة، ولا مانع عندها من استعمال لفظ الديمقراطية بعد شيوعه وعموميته، ولا نشعر بضير أو غضاضة أن يقال عنّا: إننا مسلمون ديمقراطيون لأنّ هذا ما ينشده الإسلام الوسطي المعتدل في خضم جنوح بعض المسلمين إلى التعصب والتطرّف والوقوف عند الألفاظ والشكل دون الجوهر والمضمون.

5- يحاول البعض أن يربط بين الديمقراطية والعلمانية، فالديمقراطية هي نظام سياسي بينما العلمانية هو مشروع فكري أيديولوجي انبثقت إثر الممارسات الظالمة للكنيسة في أوروبا إبّان القرون الوسطى وجرى خلالها إحراق العلماء وانبثقت عن الثورة الاجتماعية فصل الدين عن الدولة وإشاعة مقولة: " أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، وقد تكون العلمانية عبئاً على الديمقراطية كما هو الحال في تركيا وفرنسة الّتي قيّدت فيهما الحريّة الشخصية للمرأة حين ترفض عضوية نائبة منتخبة في مجلس الشعب التركي لأنّها تضع الحجاب على رأسها  وتحرم الطالبات المسلمات من دخول المدارس الفرنسية لأنّهن يرتدين الحجاب بينما هذا يتناقض مع مبادئ الديمقراطية في الحرية الشخصية والعدالة والمساواة، وقد تكون العلمانية – وفق تفاسير متعصّبة – اقصائية لعقيدة الأمّة وثقافتها وتراثها وجذورها وهذا ما يتبنّاه بعض الحاقدين إذ يصنّفون العلمانية دينا في مواجهة الإسلام؛من خلال خطابهم وسلوكهم وشتائمهم.

6- ومع كلّ هذا وذاك فإننا نحسن الظنّ في كثير من المفكرين العلمانيين السوريين ونثني على آرائهم المعتدلة حيث يصنّفون العلمانية من خلال مبادئ اجتماعية تتضمّن المساواة في المواطنة وحرية الدين والعقيدة والعبادة وعدم استثمار الدين في مصالح آنيّة تخدم الطبقة الحاكمة، فهؤلاء يمكن أن يرون في الإسلام دعماً وليس نقيضاً لهم تفصل الدين عن الحياة، ومن أمثال هؤلاء المفكرين: برهان غليون وياسين حاج صالح وغسّان المفلح وغيرهم.   

7- إننا إذ نمثّل جبهة إسلامية ديمقراطية مستقلة في الداخل السوري مفتوحة للجميع تعبّر عن تيار إسلامي مستقل أصيل ومن ورائنا الملايين من الشعب السوري المحافظ تؤمن بهذه المبادئ وتعمل من أجل التغيير التدريجي السلمي الديمقراطي والعلني فإننا ارتضينا من خلال مبادئنا أن نتعاون مع الجميع من داخل تآلف إعلان دمشق وخارجه مستثنين جانباً ومرحلياً أيديولوجيات جميع الفصائل المتآلفة رافضين التهميش والذوبان أو الإقصاء، ونؤمن في النهاية أنّ الخيار هو خيار الأمّة وأنّ الحكم الفيصل هو الشعب عن طريق الانتخاب الحر وتداول السلطة وفق صناديق الاقتراع للوصول إلى الدولة المدنية الديمقراطية التعددية الّتي تتصالح مع الإسلام الوسطي المعتدل، والّذي يؤمن به تسعون بالمائة من الشعب السوري كما نشترك مع باقي فئات الشعب السوري في آصرة العروبة والمواطنة.

ما أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

*نقابي - إسلامي

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ