ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

عندما تشارك قناة الجزيرة في حصار الفلسطينيين

د.عصام عدوان

لقد اعتدنا على قناة الجزيرة الفضائية أن تكون السباقة إلى الخبر، والذي تغطيه بمهنية عالية ومصداقية نادرة. ومع اعتدادنا بجهود الجزيرة التي لا نملك إلا أن نقر بها ونفرح لها، إلا أن الأمر لم يستمر على حاله مع اشتداد الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ولاسيما في قطاع غزة، فمنذ حالة الفصام بين الضفة والقطاع، لوحظ استجابة الجزيرة للضغوط الواقعة عليها لدفعها لتلبية رغبات فئة بعينها، وفي أحداث اليومين الأخيرين خير دليل على ذلك، فعندما تحركت جموع المتظاهرين من حركة فتح والمقدرة بثلاثة آلاف متظاهر بعد صلاة الجمعة وقام الكثير منها برجم الحجارة وتخريب بعض الممتلكات، غطت الجزيرة الخبر بتفاصيل مملة وهي تحاول القول أن القوة التنفيذية تكبت الناس وتمنعهم من التعبير عن "رأيهم". لكن التغطية اختلفت عندما تداعى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة استجابة لنداء حركة حماس للاعتصام أمام معبر رفح الحدودي ؛ ذلك المعبر الوحيد الذي يطل منه القطاع على العالم الخارجي، ويفصل بين القطاع ومصر الشقيقة، ولا يوجد حائل بينهما سوى الضغوط الدولية على مصر، وقد تواجد في الاعتصام عشرات الآلاف من المتظاهرين قدّرها البعض بمائتي ألف متظاهر في مشهد تحدث عنه العارفون بأنه أشبه ما يكون بالنفير من جبل عرفات في موسم الحج، وامتد اعتصامهم وتظاهرهم ومسيرهم لعدة ساعات من بعد الظهر، دون أن يسفر عن أي أضرار بممتلكات الناس المنتشرة على جانبي الطريق، فلم يسرقوا ثمراً، ولم يخربوا حقلاً، ولم يخلعوا وتداً أو يهدموا حجراً، أو يقطعوا سياجاً، ومع عظمة هذا المشهد الفلسطيني المعبر عن حيوية هذا الشعب وإصراره على حريته وقضيته العادلة، إلا أن حصاراً عربياً وفلسطينياً آخر فُرض على هذا الشعب المسكين من خلال إخفاء هذه الجهود الجبارة وعدم التلويح بها أمام الواقفين خلف الحصار من كافة مشاربهم.

لقد جاءت تغطية قناة الجزيرة لهذا الحدث الجلل، باهتة ومريبة، فهي لم تتحدث عن عظمة هذا الحشد، ولم تفصِّل في دوافع هؤلاء المتداعين للاعتصام؛ ما الذي جمعهم، ولم تتطرق لموقف مصر من هذا الحشد الهائل على حدودها الوحيدة مع قطاع غزة، ولم تتحدث عن الأخلاقية الانضباطية العالية التي منعت هذه الجموع الغفيرة من ارتكاب أي تخريب أو خروج على القانون، بما يوحي بشكل قاطع إلى وعي ووطنية جميع المتظاهرين رغم انتمائهم إلى فئات عمرية مختلفة. لقد أهملت الجزيرة ، عن سبق إصرار ولمآرب غير مهنية، هذه التفاصيل المهمة لأي خبر جاد وصادق، والتفتت فقط إلى خبر استشهاد فتى قرب السياج الحدودي، مشيرة إلى وقوف القوة التنفيذية وراء استشهاده عندما همت بمنع تدافع الجماهير نحو السياج حتى لا يقتحموه. ولم تُشر إلى الأخبار التي تنسب إطلاق النار إلى الأمن المصري في الجانب الآخر من السياج لردع المتظاهرين عن التفكير في اقتحام السياج، فأصابت إحدى الطلقات الطائشة هذا الفتى، الذي توفي على إثرها.

إن هذه الانتقائية القاصرة في ذكر الأخبار تعني:

- أن مراسل الجزيرة في غزة قد وقع ضحية ضغوط وتهديدات حكومة رام الله على الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء والفضائيات، فجاءت صياغات الخبر على النحو الذي يرضي تلك الحكومة.

- أن المكتب الرئيس للجزيرة الواقع في رام الله كان مشلولاً عن أداء رسالته الإعلامية الصادقة كما عودتنا الجزيرة من قبل، وذلك بفعل وقوعه ضمن دائرة نفوذ وتسلط حكومة رام الله غير الشرعية.

- أن مسئولي قناة الجزيرة قد أغمضوا أعينهم عما بثته قناة الأقصى الفضائية من مشاهد حية ومباشرة للتظاهرة الضخمة، فلم يقتبسوا شيئاً منها، بل استمروا على خبرهم المشوّه لتلبية رغبات البعض الذي يحذرونه ويتجنبون شره.

- أن الجزيرة وهي تصوغ الخبر بهذا الشكل المشوّه وتحجب المشهد عن المشاهد العربي والفلسطيني وعن المجتمع الدولي إنما تساهم في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني في الحصار والتعتيم الإعلامي. إذ إن جهود الشعب الفلسطيني لن تستطيع وحدها فك الحصار دون عون ومساعدة الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، ودون إبراز معاناته وجهوده لفك الحصار، وهي مسئولية الفضائيات الإخبارية.

- إن هذا الموقف من الجزيرة يعني اصطفاف الجزيرة إلى جانب طرف فلسطيني ضد طرف فلسطيني آخر، بما يعني تدخلها في التنافس الدائر بين القطبين الفلسطينيين الرئيسيين، بما لا يليق بقناة إخبارية تُفترض فيها النزاهة والشفافية والحياد.

إن أمام قناة الجزيرة مسيرة طويلة مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فلا يجب أن تُقحم الجزيرة نفسها في التنابزات الداخلية، بما يقضي على مستقبلها الإعلامي النزيه في أهم بؤرة متوترة في العالم، وبما يؤثر سلباً على سمعة الجزيرة ومستقبلها الإعلامي. وإنني أهيب بقناة الجزيرة التي أحترمها وأقدرها أشد تقدير أن تلاحق أي خبر بمنتهى النزاهة والشفافية والحياد كما عودتنا من قبل. والله سائلكم عما تعملون: " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (الإسراء 36)".

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ