| 
 ــ النظرات
                        المستجدّة .. 
                        
                         في
                        مواجهة الحكومات المستبدّة !
                        
                         (نصائح للمعارض الديموقراطي
                        ،في مواجهة نصائح ميكيافيللي
                        للأمير المستبدّ)
                        
                         سامي
                        رشيد
                        
                         1- اقرأ كتاب
                        (الأمير) بعمق وإمعان ، لتعرف
                        كيف ينصح حاكمه المستبدّ ، وكيف
                        يعمل حاكمه بنصائحه.
                        
                         2- قارن بين
                        ماكتبه ميكيافيللي ، في كتاب
                        الأمير ، وبين سلوكات الحكّام
                        الحاليين المستبدين ، لتكتشف
                        أنه أنبل ، بكثير، من سائر
                        الحكّام الذي تتلمذوا على
                        أفكاره ! وأن نصيحته الأساسية ،
                        التي تقوم عليها فلسفته كلها ،
                        هي محافظة الحاكم على كرسيّه ،
                        بشتى السبل 
                        النبيلة ، أولاً ، والقذرة
                        في حال الاضطرار ..! بينما أكثر
                        تلاميذه ، لايسلكون ، مع شعوبهم
                        ، سوى السبل القذرة ، في التعامل
                        ! لأنها هي الأساس ، في نظرهم !
                        بينما السبل النبيلة ، أمور
                        ثانوية ، في نظرهم ! بل ربّما
                        عدّها بعضهم ، نوعاً من الترف
                        الممجوج ! وربما عدّها بعضهم
                        شذوذاً ..!
                        
                         3- احرص على
                        أن تكون أنبل من ميكيافيللي ،
                        ومن أميره ، ومن تلاميذه ،
                        جميعاً ! لأن رسالتك ، أكرم من
                        رسالة ميكيافيللي وأميره ..
                        فرسالتك هي تحرير الناس من
                        الاستبداد ، بينما رسالة
                        ميكيافيللي وأميره ، هي
                        المحافظة على الحكم المستبدّ ،
                        الذي يغتصب من الناس حقّهم ، في
                        حكم أنفسهم بأنفسهم !
                        
                         4- احرص على
                        ألاّ يلوّث سجلّك ، في مقاومة
                        الاستبداد ، بنقطة دم واحدة ،
                        مااستطعت.. فالاحتكام إلى حوار
                        العقول والقلوب ، أجدى من
                        الاحتكام إلى محاورة السيوف
                        بالسيوف ! وربّما كان طريق
                        الحوار العقلي القلبي ، أطولَ ،
                        لكنه أجدى ، وأنفع ، وأبعد مدى ،
                        وأعمق تأثيراً .. من محاورة
                        السيوف بالسيوف..!
                        
                         5- حاور
                        العقلاء جميعاً ، إذا استطعت ..
                        من أنصارك ، والمحايدين ، وحتى
                        من أعدائك وخصومك ! واحذر أن
                        تضيع وقتك وجهدك ، في محاورة
                        الأغبياء ، والحمقى ، والإمّعات
                        ، الذي يأخذون أوامرهم ،
                        وقراراتهم ، وأفكارهم .. من عقول
                        غيرهم ..! 
                        
                         6- لاتبخل
                        على الحاكم المستبدّ بنصحك ..
                        واحرص على أن تنصح العقلاء ،
                        المحيطين به ، كلاً منهم من خلال
                        ماتعلم أن تفكيره منشغل به من
                        قضايا ( فكرية ، مصلحية ،
                        إنسانية ، سياسية ، اجتماعية ،
                        خلقية ..). فربّما وجدتَ فيهم
                        رجالاً ونساء ، يحبّون شعوبهم
                        وأوطانهم ، أكثر من حبّهم
                        للحاكم المستبدّ ! وأن سيرهم مع
                        المستبدّ ، إنما هو بدافع الحرص
                        ، على تقديم نفع للشعب والوطن ،
                        أو دفع أذى عن الشعب والوطن !
                        
                         7- اعلم أن
                        الحاكم لايحكم بنفسه ، بل بمَن
                        تحت إمرته .. وهؤلاء يَحكمون
                        بمَن تحت إمرتهم وهكذا ..! فعليك
                        اختراق السلسلة ، من كل نقطة
                        تستطيع النفاذ منها ، ولاسيّما 
                        النقاط الأعلى ، القريبة من
                        الحاكم ، بمن في ذلك رجاله
                        الأدنَون ، ورجال أسرته ..!
                        
                         8- كل نقطة
                        قوّة تكسبها ، تساعدك على
                        اكتساب نقطة أخرى . فاحرص على
                        الكسب التراكمي للنقاط ، ولا
                        تبدأ في كل مرّة من الصفر!
                        
                         9- اعرف
                        حاكمك الذي تواجهه ، جيداً :
                        اعرف أخلاقه وطباعه ، ومصادر
                        ثقاقته ، والعناصر التي
                        يستشيرها ، ويركن إلى استشارتها
                        ، من رجاله ، ومن غيرهم .. واحرص
                        على معرفة عناصر القوّة والضعف
                        لديه : ( البدنية ، والنفسية ،
                        والفكرية، والثقافية ،
                        والأسرية .. ومن باب أولى عناصر
                        القوّة والضعف ، في تركيبة
                        حكمه، العسكرية ، والسياسية ،
                        والأمنية ، والاقتصادية ،
                        والاجتماعية..!) فهذا هو حقل عملك
                        ، الذي تصدّيت للعمل فيه ، وبذل
                        الوقت والجهد ، والنفس أحياناً !
                        فلا تخْط خطوة ، لاتعرف تأثيرها
                        في الحاكم ونظامه ـ بما فيه من
                        رجال ومؤسّسات ـ 
                        وجدواها ، بالنسبة لهدفك
                        الذي تسعى إليه ..!
                        
                         10-
                        اعلم أن المكر نوعان : حسن وسيّء ! فابتعد عن
                        المكر السيء ، قدر استطاعتك ،
                        واحرص على المكر الحسن ، الذي
                        يساعدك في تحقيق هدفك الحسن !
                        
                         11-
                        لاتجعل إيذاء خصمك هدفاً لك ، قائماً بذاته
                        ، سواء أكان الإيذاء مادياً ، أم
                        معنوياً. واحرص على تحقيق هدفك
                        الأصلي ، الذي هو تحرير شعبك من
                        العبودية . فإذا كان خصمك ، يرى
                        في مجرّد سعيك لتحرير شعبك ،
                        إيذاء له ، فهو المسؤول عن إيذاء
                        نفسه !
                        
                         12-
                        اعلم أن لكل بناء أسساً وركائز، يقوم عليها
                        ، بما في ذلك بنيان الحكم
                        المستبدّ! فاحرص على معرفة
                        الأسس والمرتكزات ، التي يقوم
                        عليها بنيان حاكمك المستبدّ ،
                        واحصر همّك في تدمير هذه الأسس
                        والمرتكزات ( بشرية كانت ، أم
                        مادية ، أم معنوية .. سياسية كانت
                        ، أم عسكرية ، أم أمنية ، أم
                        حزبية ..!) ولا تضع وقتك في تحطيم
                        الديكورات ، والعناصر الشكلية
                        والتزيينية ( بشرية كانت ، أم
                        مادية !).
                        
                         13-
                        كن موضوعياً منصفاً ، حتى في حديثك عن
                        سلبيات خصمك وإيحابياته ! فلا
                        تصخّم السلبيات ، وتنكر
                        الإيجابيات ، أو تقلل من حجمها
                        الحقيقي! فإن أبناء شعبك ، الذين
                        فقدوا الإنصاف ، لدى حاكمهم
                        المستبدّ ، يحبّون أن يروا هذا
                        الانصاف ، لدى الجهة التي
                        تعارضه ، وتسعى إلى حكمهم بدلاً
                        منه ! فإذا وظّف الحاكم ، إشارتك
                        إلى إيجابياته ، في صفوف
                        العامّة ، ليكسب تأييدها .. فإن
                        العقلاء من أبناء شعبك ، يرون في
                        هذا شهادة حسن سلوك لك ، أكثر
                        ممّا يرونه شهادة حسن سلوك
                        للحاكم ! فمجرّد استبداده
                        بالحكم ، هوسلبية قاتلة ، لديه ،
                        لاتمحوها الإيجابيات الصغيرة ،
                        التي تظهر في مواقفه وسلوكاته !
                        
                         14-
                        تخفّف ، مااستطعت ، من التفصيلات الجزئية ،
                        التي تثـقل حركتك باتجاه هدفك ،
                        وركّز جهودك على كل ماهو أساسي ،
                        وكبير القيمة والتأثير، في مجال
                        عملك ..!
                        
                         15-
                        كرماء الناس يتنافسون في الأخلاق الحميدة ،
                        فلا تدع خصمك يجرّك إلى مستوى
                        متدنّ ، من الكذب والغشّ
                        والنفاق ، لتجاريه في سلوكه ،
                        فتخسر ثقة الناس بك ، ويربح على
                        أكتافك ، بقاءه في كرسي الحكم !
                        لأن الناس لايحبّون إجهاد
                        أنفسهم في إسقاط حاكم فاسد ،
                        ليجلبوا بدلاً منه ، فاسداً
                        غيره ، حتى لوكان أقلّ منه
                        فساداً !
                        
                         16-
                        لاتسقِطْ أخلاقك بحجّة العمل العامّ ؛
                        فسقوط الأخلاق الشخصية ، يسقطك
                        بغير كسب سياسي ! أمّا الأخلاق
                        السياسية ، فيغنيك عن إسقاطها ،
                        التزامك بقواعد المكر الحسن..!
                        فإذا سقطتَ خلقياً ، وأنت في
                        المعارضة ، ظللت في نظر الناس
                        ساقطاً، سواء أحقّـقتَ هدفك في
                        إسقاط الحاكم المستبدّ ، أم لا!
                        واعلم أنه ليس في الدنيا كلها،
                        ثمن يعدل سقوط الأخلاق ، حتى لو
                        كان هذا الثمن هو المدينة الفاضلة ، التي
                        حلم بها بعض فلاسفة العصور!
                        
                         17-
                        إذا كانت سلبيات موظفي الدولة ، تُحسب على
                        الحاكم ، وتسجّل في سجلّه،
                        وتؤدّي إلى تشويه صورته ، في نظر
                        الناس ! فاعلمْ أن سلبيّات
                        الأفراد ، في المعارضة ، تُحسب
                        على المعارضة جميعاً ، سواء
                        أصدرت السلبيات من قائد ، أم من
                        فرد عادي ! وسلبيات القائد أشدّ
                        فتكاً وتأثيراً ، في سمعة
                        المعارضة ، من سلبيات أيّ فرد
                        آخر، من الخاضعين لقيادته !
                        
                         18-
                        معركتك السلمية ، في المعارضة ، مع حاكمك
                        المستبدّ ، معركة فكر، وذكاء،
                        وإبداع ، وابتكار مستمر متجدّد
                        ، للبدائل الممكنة والمجدية ،
                        ضمن ظروف متغيّرة ، وعلاقات
                        متشابكة ، في القوى والمصالح ،
                        الداخلية والخارجية.. فاحرصْ
                        على معرفة القوى الداخلة في
                        معركتك ، داخلياً وخارجياً ،
                        ومعرفة أحجامها وتأثيراتها ،
                        والمصالح التي تريد تحقيقها ..
                        لتتمكّن من تحديد ساحة معركتك ،
                        ولتعرف كيف تحسب معادلاتك
                        السياسية ، ضمن هذه الشبكة من
                        العلاقات ، ولتستطيع توظيف 
                        بعض القوى ، أو تحييدها ، عن
                        طريق تحقيق مصالحها ، التي لا
                        تتناقض مع مصالح بلادك ،
                        القريبة والبعيدة ! فصراع اليوم
                        ، لم يعد صراع مدن مغلقة ، أو دول
                        تحيط بها أسوار حديدية ! بل هو
                        مفتوح على العالم كله..! وربّما
                        كانت دولة بعيدة ، لها مصالح
                        وتأثيرات ، في ساحة صراعك مع
                        حاكمك ، أقوى من أيّة قوة داخل
                        دولتك ، أوفي الإقليم الذي
                        تنتمي إليه دولتك ..! وبناء على
                        ماتقدّم كله ، أنت ملزم ، بحكم
                        الهدف الذي ندبتَ نفسك لتحقيقه
                        ، بأن تقوّي نفسك ، بأقوى
                        الخبرات والمعارف ، السياسية
                        والقانونية والأمنية ..!
                        
                         19-
                        أنت وخصمك الحاكم ، الذي تسعى إلى إسقاطه ،
                        طرفان في معادلة قوى واحدة : كل
                        نقطة قوّة لديك ، تجعله أضعف ،
                        وكل نقطة ضعف لديك ، تجعله أقوى!
                        والعكس بالعكس .. فإن نقاط قوّته
                        وضعفه ، تنعكس عليك قوّة وضعفاً
                        ! فاحرص على الإكثار من نقاط
                        قوّتك ، والتقليل من نقاط ضعفك .
                        واحرص على أن تجرّ خصمك ، إلى
                        مواقف تكثر فيها أخطاؤه ، التي
                        لاينعكس أذاها على الآخرين !
                        وعلى أن يفقد أكبر قدر من نقاط
                        قوّته ، لتتمكّن من التغلّب
                        عليه ، في النقاط ، وفي تراكم
                        القوّة لديك ، وتراكم الضعف
                        لديه ، إذا لم تتمكّن من التغلّب
                        عليه بالضربة القاضية.
                        
                         20-
                        الاعتذار عن الخطأ ، ليس مجرّد فضيلة ، فحسب
                        ! إنه مظهر حقيقي ، من مظاهر
                        الشجاعة الأدبية ، والثقة
                        بالنفس! وهو مطهِّر من الخطأ ،
                        الذي يقع فيه المرء، في داخل نفس
                        صاحبه ، إذا كان صادقاً بينه
                        وبين نفسه ، ومطهِّر أمام
                        الآخرين ، الذين رأوا الخطأ ،
                        ونظروا إلى صاحبه نظرة سلبية .
                        أمّا المكابرة ، وإنكار الخطأ،
                        ومحاولة التخلص منه ، أو من
                        تبعاته ، بحذلقات كلامية ..
                        واتّهامُ الآخرين ، بأن لديهم
                        أخطاء مثل خطئه ، وأكبر منه ..
                        أمّا هذا كله ، فلا يزيد صاحبه ،
                        في نظر الناس ، إلاّ سقوطاً ،
                        وما يزيدهم إلاّ نفوراً منه ،
                        وضعف ثقة ..! فاحرصْ على
                        الاعتذار، كلّما بدر منك خطأ
                        يعلم به الناس ..! وإذا كان الخطأ
                        المنشور مبالغاً به، أو فيه
                        مغالطات .. فاحرص على تبيان
                        مافيه ، للناس ، بشجاعة وصدق !
                        فهذا ممّا يرفعك عندهم . وإذا
                        كنت قائداً ، فادفع مرؤوسك
                        المخطئ ، إلى الاعتذار العلني ،
                        إذا كان خطؤه سيؤثر سلباً ، على
                        عملك السياسي ، في كسب ثقة شعبك !
                        أو اعتذرْ أنت عنه ..! فالناس
                        يحبّون أن يروا الإنسان الصادق
                        معهم ، لاسيّما إذا كان يطلب
                        منهم التعاون معه ، لتحريرهم من
                        الاستبداد! 
                        
                         المشاركات
                        المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
                        
                        
                           
  
                         |