ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 20/06/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الولايات المتحدة تعرقل مسيرة الديمقراطية

المهندس  غسّان النجّار*

قبل أسبوعين رنّ جرس الهاتف ،ردّت زوجتي على الفور : من الطالب ؟ قال الأمن ، أجابت مباشرة : غير موجود ؛ سرح الخيال بزوجتي إلى الحادي والثلاثين من شهر آذار لعام 1980 ، يوم أعلنت النقابات العلمية الإضراب العام احتجاجا على تردي الأوضاع وتفشي سياسة القمع التي أقدمت عليها السلطة حينئذ ، يومها حضرت مفرزة أمنية لمنزلي لتقول : إن العقيد نديم يدعوك لشرب فنجان قهوة معه ؛ ما كان لي إلا أن أردّ بالإيجاب ، فقد كانت الزيارات   والتعاون قائما مع قادة النقابات العلمية ، كنت قد قدّمت لهم قبل أيام لائحة بأسماء حوالي ثمانين مهندسا معتقلا ، قامت الفروع الأمنية المختلفة بالإفراج عن معظمهم .

كنّا أحد عشر شخصا من مسئولي نقابة المهندسين والمحامين نحتسي فنجان القهوة مع العقيد نديم في مكتبه ، قال لنا على أثرها : إن القيادة في دمشق تطلبكم ليوم واحد فقط للتشاور معكم ؛ لقد سبقت لنا مشاورات مع العديد من رموز السلطة أمثال : عبد الله الأحمر ، مصطفى طلاس ، عبد القادر قدورة ، ناصر الدين ناصر ، رشيد أختريني وغيرهم ، كنّا ندلي بآرائنا بكل صراحة مبيّنين عيوب الأسلوب العسكري القمعي في التعامل مع المدنيين في ظل حالة الطوارئ .

نقلتنا قافلة الأمن إلى دمشق وامتدّ بنا المقام يوما بعد يوم في معتقل الشيخ حسن ثمّ عدّة سجون د مشقية ، وذلك دون مساءلة أو تحقيق أو محاكمة   لمدة اثني عشر عاما ،كان جميع المسئولين الأمنيين يكررون نفس العبارة : ما من تهمة توجه لكم ، سوى أنّ الظرف السياسي غير مناسب ، وأن ّ قرار توقيفكم هو قرار سياسي

والآن بعد أكثر من خمس وعشرين عاما على المصاب الأليم للشعب السوري ، يكرر السيناريو مرة ثانية وتتوالى الدعوات والملاحقات الأمنية ، وقد بدا لنا نحن المعارضة السلمية العلنية توجّه قويّ أن لا نستجيب لدعوات الأجهزة الأمنية   ؛  لكن لماذا ؟ ؟

أولا : لأنّها لا تمثّل سلطة القانون فهي سلطة منبثقة عن قانون الطوارئ والأحكام العرفية ، وهي قوانين استثنائية ما برحت المعارضة الوطنية السلمية تطالب بإلغائها .

ثانيا : أن الأجهزة الأمنية لازالت تتغوّل في صفوف المواطنين عسفا واضطهادا وتعذيبا وقد شرحت ذلك في مقالة سابقة بعنوان : " ألا فليسقط النظام الأمني " .

ثالثا : انّ الحوار مع الأجهزة الأمنية لايقوم على التكافؤ ، فالشخص المدني المثقّف مهما أوتي من قوّة البلاغة  والجرأة والحوار والحجّة والمنطق ؛ سيكون أقلّ ( عدّة وسلاحا ) معنويا – طبعا - من مسئول أمني على رأس عمله وفي مركز جهازه الأمني  ، وخاصة إذا اعتمد أسلوب التهديد المبطّن أو الوعيد المصرّح ، كما حصل مع بعض زملائنا من صف المعارضة 0

لكنّ الدعوة تكررت معي هذه المرّة ومع إلحاح لطيف من قبل " المساعد " ، بأنّ الغاية من الزيارة هي للتعارف فقط  ، رددت بالإيجاب ووافقت على الزيارة كي أتعرّف أيضا على الشخص المسئول وأقيّم بدوري ما يجول بخاطر السلطة ؛ بعد الزيارة الّتي لم تدم أكثر من نصف ساعة خلصت إلى مايلي :

1- الشخص المزار هو ضابط مهندس معلوماتي مثقّف، وهو بطبيعة الحال إنسان لطيف مهذّب.

2- إن الورقة الّتي يتّبعها النظام هي استثمار الضغط الخارجي لصالح السلطة الأمنية في الداخل وبالتالي عدم الاصطلاح من قبل النظام مع المعارضة وعدم الاعتراف بها أو الحوار معها في السياسة الداخلية على الأقل ، لأنّ النظام  يعتقد أنّ الأولوية هي التصدي للعدو الخارجي ونحن-المعارضة-نؤمن بالاصطلاح مع الشعب أولا وذلك بترميم الجبهة الداخلية.

وبناء على ذلك أقول أنّ سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة قد أساءت لمشروع التحوّل الديمقراطي في الأقطار العربية والإسلامية ، عكس ما تدّعي ظاهرا وذلك للأسباب التالية :

1-الفشل في سياسة الولايات المتحدة الاستعمارية في العراق ومنطقها الأعوج بأنّ هدفها تحقيق الديمقراطية في العراق وقد جرّ ذلك الويلات والمآسي على الشعب العراقي الشقيق.

2- الانسحاب على ذلك أنّ مطلب الديمقراطية سيجرّ البلاد إلى الحرب الأهلية كما هو حاصل في العراق

وهو أمر مردود عليه بطبيعة الحال .

3 -إصرار الولايات المتحدة على التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل وأنّ الأمن الإسرائيلي له الأولوية وذلك على حساب حقوق وأمن الشعوب والدول العربية وبالتالي فشلت الولايات المتحدة في حل القضية الفلسطينية وفق مطالب الشعب الفلسطيني في حدوده الدنيا :( دولة ذات سيادة في حدود عام 1967 ، ضمنا القدس الشرقية + حق العودة للاجئين الفلسطينيين ) .

4 -عدم مصداقية الولايات المتحدة في دعواها بالوقوف مع الشعوب العربية والإسلامية في نضالها للتحول الديمقراطي وصولا إلى الدولة المدنية الديمقراطية ، فمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل مقدّمة على كل شيء ولو بدعم وتثبيت الأنظمة الشمولية على حساب الشعوب وحرياّتهم ومطالبهم بدولة ديمقراطية تعددية تداولية  ولنا أمثلة على ذلك مصر والباكستان وغيرها.

5- الغباء أو التغابي في تعامل الولايات المتحدة مع المعارضة السورية تحديدا ، فقد أعلنت مرة عن دعم مالي لها مبلغا قدره خمسة ملايين دولار !!  انّ المعارضة السورية الّتي تقدّم خيرة رجالاتها إلى السجون فقط لمجرد خلاف بالرأي مع النظام هم أغلى وأعزّ وأكرم من أن تمتد أيديهم إلى مال حرام سرقته الولايات المتحدة من منابع النفط العراقية أو الخليجية  ، كما أنّ استخدام الورقة المكشوفة ( السيد الغادري ) وما سمي بحزب ( الإصلاح ) السوري كل ذلك يخدم الأنظمة ، بصبغ المعارضة كلّها بطابع العمالة وحاشا أن تكون كذلك الاّ لمن رضي لنفسه الهوان والذلة .

6- الادّعاء الّذي تروّجه الدوائر الغربية والولايات المتحدة بأنّ البديل عن الأنظمة الشمولية في العالم العربي هو المد الأصولي مما يفنّد ويدحض ادّعائها في التعامل مع منطق الحل الديمقراطي لحكم الشعوب،فهي لن تقبل أي تيّار إسلامي ولو كان ديمقراطيا معتدلا مؤمنا بالتعددية وتداول السلطة ومنتخبا من الشعب كما هو حاصل مع ( حماس ) الفلسطينية على أن هذه ذريعة واهية للتهرب من استحقاقات رفع الغطاء عن الأنظمة الديكتاتورية الشمولية لأنها لم تر في المعارضة الوطنية السورية الشريفة فصيلا واحدا تراهن عليه مثل فصيل ( الجلبي  ) في العراق .

كل هذه الأمور يجعلنا على يقين بأنّ الولايات المتحدة غير صادقة في التشدّق بالحريات للشعوب المغلوبة على أمرها وأن ما تدّعيه من برنامج للتحول الديمقراطي لشعوب المنطقة وحقّها أن تحكم نفسها عبر صناديق الانتخاب انّما هي دعوى زائفة ذرّا للرماد في العيون فهي تعلم سلفا أنّ القوى الديمقراطية الّتي ستسيّر البلاد في المستقبل إنشاء الله لن تكون أداة طيّعة بيدها وهي تعادي العرب والمسلمين قاطبة .

انّ هذه السياسة الحمقاء للولايات المتحدة هي المسئولة عن بروز جماعات أصولية متطرفة تعتمد العنف سبيلا للانتقام من الولايات المتحدة بسبب سياستها الخرقاء في فلسطين والعراق .

السيد الرئيس بشّار – أيّها المسئولون في سورية الحبيبة : انّ المثل العامي يقول : ( أنا وابن عمّي على الغريب )  ؛ آن لنا أن نفهم أننا مهما اختلفنا فلن نفرّط جميعا في ذرة من تراب الوطن، نحن نمدّ أيدينا إليكم على أن تبدأوا إصلاحا سياسيا حقيقيا في البلاد وأن تشركوا معكم قوى المعارضة في تحمّل المسئولية فهي أمانة كبيرة في أعناقنا جميعا  وصدق الله العظيم ( انّا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها  وحملها الإنسان انّه كان ظلوما جهولا ) الأحزاب 72 .

لتبدأ العهد الجديد – السيد الرئيس – بسلسلة من الإصلاحات الدستورية والمصالحة الوطنية فالأولى :

إلغاء المادة الثامنة من الدستور  وتعديل طريقة انتخاب مقام الرئاسة لتصبح أكثر عدالة وديمقراطية ثمّ إصدار قانون للأحزاب وصولا للتعددية الحزبية  وأمّا الثانية فهي المصالحة الوطنية وصولا إلى السلم الأهلي وذلك بإصدار عفو عام فوري عن كافّة سجناء الرأي ثمّ إصدار مرسوم تشريعي بإلغاء القانون 49/1980 وصدور مرسوم بالسماح بعودة المغتربين والمنفيين بدون أدنى مساءلة  وهكذا تبدأ فترتك الرئاسية الجديدة بقلوب صافية  وحين يجدّ الجد مع العدو الخارجي ستجدنا أول الناس في المعركة لأننا قد أصبحنا أحرارا سنذود عن الأرض والعرض وصدق رسول الله ( ص) : من قتل دون أرضه فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد .

أيّها الرئيس : لايغرّنك جوقة من ( الطبّالة ) حولك فهؤلاء منافقون لايريدون الإصلاح لأنّه يفوّت عليهم مآربهم وجشعهم وسرقاتهم وهم يزيّنون لك أنّ الشعب كلّه معك وهذا ليس بصحيح وأنّ نتيجة الاستفتاء والمشاركة هي حقيقة والناس تعرف خلاف ذلك  وأنّ هنالك مظالم أرتكبت في عهدك و عهد من سبقك تحتاج إلى تصحيح ولقد ( سكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ). إبراهيم:45 ؛  ما أريد إلا الإصلاح - ما استطعت - وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب .

*نقابي – إسلامي مستقل

ghassan-najjar@maktoob.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ