ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 14/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

سورية لا تتغير 

بقلم: محمد نجاتي طيارة

    يتوقع المراقبون من أية انتخابات تجري في بلد ما، احتمال تغير في الأكثرية السياسية الحاكمة، أوعلى الأقل توطيد مكانة الفريق الحاكم وتعزيز شرعيته. هذا ما أشارت إليه بوضوح النتائج الراهنة للدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وما ستفرزه نتائج الدورة الثانية لها ، الأمر الذي يفسر حجم الاهتمام والمتابعة اللذين تحظى بهما تلك الانتخابات، وهذا ما حصل أيضاً بالنسبة للانتخابات الرئاسية النيجيريه، وكان شديد الدلالة في الانتخابات الموريتانية القريبة العهد. لكن هذا التوقع أو هذين الاحتمالين لم يكونا واردين إطلاقاً وبكل بساطة في الانتخابات التشريعية السورية التي جرت البارحة، إذ كان أمرا مفروغا منه مسبقا أن قوائم الجبهة الوطنية التقدمية ستفوز، فلم يسبق طوال تاريخ هذا المجلس العتيد منذ الدورة الأولى له عام 1975 وحتى تاريخه أن اخترقت تلك القوائم في كافة المحافظات أو فشل أحد أعضائها .

هكذا، ستمثل الجبهة الحاكمة بـ  176 عضوا في  الدورة التشريعية التاسعة القادمة ، هم مجموع أعضاء قوائم مرشحي الجبهة في مجموع المحافظات السورية، وهذا العدد يساوي أكثرية الثلثين في مجموع أعضاء مجلس الشعب البالغ 250 عضوا، الأمر الذي يكفل لحزب البعث الحاكم والأحزاب المنضوية في جبهته سيطرة مطلقة على جميع قرارات المجلس المذكور، بما ينسجم مع الدستور السوري الذي ينص على احتكار حزب البعث وجبهته قيادة الدولة والمجتمع  وفق مادته الثامنة وتشرط باقي مواده أي تعديل فيها بضمان أكثرية الثلثين المشار إليها، وبما يتيحه قانون انتخاب لا ينص على لوائح شطب، ويكتفي بالمحافظات كدوائر يمتد معظمها على مساحة تفوق مساحة بلد كلبنان بحيث لا يسمح ذلك الامتداد بتعرف الناخبين على مرشحيهم، فضلا عن كون الإشراف على هذه الانتخابات محتكرا وفق القانون المذكور بلجان حزبية وأمنية بدلا من إشراف قضائي ومراقبين حياديين، كما يستمر التوزيع  الشكلي لفئات المرشحين بين عمال وفلاحين وفئات أخرى على الرغم من تجاوزه الواقع والتاريخ،  ولم تعرف نصوص قانون الانتخاب ذاك أي تعديل أساسي منذ أكثر من ثلاثين عاما.

من جهة أخرى، جرت هذه الانتخابات في ظل انعدام مطلق للحياة السياسية وإلغاء للحريات الأساسية بدأ مع إعلان حالة الطوارئ الاستثنائية منذ عام 1963 وتحول إلى حالة مستقرة ودائمة لأكثرمن 44 عاماً، بما منع ويمنع باستمرارأي حوار ونشاط انتخابي تنافسي حول برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تتطلبها أية انتخابات مفترضة!

تلك هي النتيجة الوحيدة لهذه الانتخابات : تجديد  السيطرة المطلقة لحزب البعث الحاكم وجبهته على مجلس الشعب، حتى لو افترضنا بين الـ 83 عضوا الباقين خارج قائمة الجبهة مستقلون إلى هذه الدرجة أو تلك، أو لو كانوا جميعا من المعارضين، وهو أمر مستحيل بطبيعة الحال، فمثال ما حدث قريب العهد مع النائبين السابقين المنشقين رياض سيف ومأمون الحمصي، أو ما حدث مع (نصف اللا ) التي حاولها منذر الموصلي وسرعان ما صمت وتكيّف في جلسة  تعديل الدستور الشهيرة، التي لم تكلف أكثر من نصف ساعة.

فلماذا إذن جرت وتجري مثل هذه الانتخابات وما سوف يليها، ولماذا تهدر الطاقات الاقتصادية والإعلامية لها في بلد ترتفع فيه البطالة إلى نسبة 11 % من عدد السكان ، ويقبع ثلثهم         ( خصوصا في منطقة الجزيرة المهمشة) تحت خط الفقر حسب الإحصاءات الرسمية المخففة؟ ولماذا توقفت كل مشاريع الإصلاح السياسي والقانوني الموعودة التي أطلقها المؤتمر الأخير للحزب الحاكم نفسه، من إصدار قانون أحزاب يعيد السياسة إلى المجتمع بعد طول غياب، وتعديل لقانون المطبوعات  والإعلام يطلق حريات التعبير المقيدة، إلى عشرات القضايا الملحة والإصلاحات المطروحة وعلى رأسها، إلغاء الاعتقال السياسي الذي مازال يجري على أسس تعسفية، كان آخرها اعتقال مجموعة من المثقفين الديمقراطيين الذين وقعوا على بيان بيروت / دمشق المطالب بإصلاح العلاقات السورية اللبنانية وأبرزهم الكاتب ميشيل كيلو؟

لا جواب على كل ذلك سوى التأجيل، ووضع تلك الإصلاحات الملحة على الرف مقابل هدف وحيد هو مواجهة الأخطار والضغوط الخارجية،  ومن أجل ذلك بررت رموز السلطة  سياستها علناً ، ولجأت مجدداً إلى إعادة إنتاج سيطرتها على مؤسسة مجلس الشعب التي يفترض فيها تمثيل الوحدة الوطنية.

"لكن سورية تستحق أكثر من ذلك الاختيار البائس" ذلك ما قاله قبل يوم من الاقتراع ساطع نور الدين المعلق السياسي في جريدة السفير التي لا يشك أحد في تضامنها مع سورية، وأكمل "سيكون المشهد محزنا غدا الأحد في سوريا عندما تفتح مراكز الاقتراع في انتخابات عامة تستوفي الشكل والمظهر، وتفتقر الى أي مضمون سوى البرهان على أن البلد الشقيق غير مطمئن في الداخل، وليس لديه سوى طموح واحد هو أن يتصالح مع الخارج، وينسجم مع قراره الاخير بإقفال ملف الإصلاح السياسي".

وهذا ما حصل فعلا ، كان مشهد الانتخابات السورية محزنا، وكان ذلك الاختيار بائسا، لأن سورية لم تنتخب كما يعلم القاصي والداني من ملاحظة نسب المشاركة الانتخابية الضعيفة، لكن سورية تلقت بكل ما تعنيه من وطن ومواطنة إهانة جديدة، ففي ظل انعدام التنافس السياسي وفقدان البرامج الانتخابية، شهد الشارع السوري عودة مختلف العصبيات مع نشاط  محموم  لحيتان المال والفساد، و بذلك خسرت  سورية فرصة جديدة في المراجعة والإصلاح والتغيير السلمي الديمقراطي قبل فوات الأوان.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ