ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 07/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الاستقواء بالأجنبي ضد الطواغيت ...

كالمستجير من الرمضاء بالنار

الطاهر إبراهيم*

كثيرا ما تضيق صدور فصائل المعارضة الوطنية في أكثر من قطر عربي من بطء مسيرة التغيير، ومن ضغوط الأنظمة الحاكمة وأجهزتها الأمنية على كل من هب ودب ممن لا يسبح بحمد هذه الأنظمة داخل الوطن. وقد تيأس فصائل أخرى بسبب انسداد الأفق لأنها لا تكاد ترى ضوءا في آخر النفق وقد أمضها المسير، خصوصا من كان منها من معارضة الخارج. وفي غمرة يأس هذه وإحباط تلك تتلفتان حولهما لعلهما تجدان من يشد أزرهما في مواجهة أنظمة مستبدة لا تقبل بأقل من الحكم المطلق والهيمنة الكاملة، ومن لا يعجبه ذلك من هذه الشعوب المغلوبة فليشرب من ماء المحيط.

ما خبرته شعوب المنطقة أن الأنظمة ترفض من يشاركها في الحكم ولو كان ذلك في أدنى الصلاحيات التي تتمتع بها. بل إن هذه الأنظمة تعتبر أن السلطة حق مكتسب لها، والتنازل عن شيء منه خط أحمر. بينماهي تدفع أثمانا باهظة من ثوابت الأمة للقوى الدولية المؤثرة لقاء حمايتها من غضب الشعوب، ولا يحمر لها وجه خجلا مما تفعل.

أمام هذا الواقع المتردي، بدأت بعض فصائل المعارضة تتلفت يمينا وشمالا –وقد يئست أن تجد عونا فعالا من منظمات حقوق الإنسان بسبب ضعف تأثير هذه- علها تجد قوى كبرى تساعد في إزاحة الأنظمة عن سدة الحكم، وهي تؤكد أن قمع الأنظمة المستبدة قد يؤدي إلى تجذر الإرهاب في صفوف الشباب المتطلع أبدا إلى التغيير، وأن هناك مصلحة راجحة في رحيل هكذا أنظمة.

ما لم تفطن له المعارضة أنها بذلك تسلك نفس سبيل الأنظمة القمعية التي سوغت لنفسها طلب العون من القوى الدولية، التي لا تعمل لوجه الله وليست "هيئة إغاثة" خيرية. ويوم أن تستجيب فإن على المعارضة أن تدفع الثمن الذي تدفعه الأنظمة القمعية لها. وإلا فإن عليها أن تصبر على القمع سنين طوالا، وإنها أمام أمرين أحلاهما مر . أمام هذا الواقع، هل ينبغي أن تيأس الشعوب من حصول التغيير؟ أم أن هناك حلا سحريا لا يمر –بالضرورة- في واشنطن أو باريس أو لندن؟

وبصراحة، فما فعلته المعارضة العراقية وما يجري في العراق الآن، لا يشجع على تكرار هذه التجربة، ولا نجد معه عذرا لمعارضة عربية أن تستعين على جور الأنظمة القمعية ب "سونامي" القوى العظمى التي ما دخلت بلدا إلا أفسدته وجعلت أعزة أهله أذلة، وكذلك تفعل مع من يركن إليها. ولن يكون مقبولا أن تستعين بظالم على ظالم آخر إلا أن يكون لديها من القوة ما تردع به الظالم الجديد إذا انقلب عليك. وإذا كنت تملك القوة فادفع بها النظام القمعي ولا تستعن بالآخرين.

يجب أن لا نظن أن واشنطن أوغيرها من عواصم القرار إنما تضغط على الأنظمة القمعية  لأن هذه تسيء معاملة شعوبها، بل لأنها تريد ابتزاز تلك الأنظمة لتخضع لها أكثر، لا أن تحسّن علاقتها مع شعوبها، فإن آخر ما تفكر به واشنطن هو مصالح الشعوب.

فإذا كانت الأنظمة المستبدة قد أعماها حب السلطة ففرطت بكرامة بلادها في سبيل أن تبقى في السلطة، فماينبغي لمعارضي الأنظمة أن يقتدوا بها فيفرطوا بحقوق الوطن للخلاص من الأنظمة المستبدة، فهم أولا وأخيرا طلاب تحرير لا طلاب توزير.

نحن لا ننكر أن الأوضاع المأساوية التي تعيشها الشعوب التي ابتليت بأنظمة قمعية شطبت من قاموسها شيئا اسمه الحرية وشيئا آخر اسمه الديمقراطية، وتعامل المواطن على أنه آلةٌ تعمل وجملٌ يحمل. وأن الحياة داخل الوطن أصبحت لا تطاق، حيث لا يعرف الواحد متى يأتي عليه الدور ليساق إلى معتقلات أجهزة الأمن، حيث الداخل إليها مفقود، والخارج منها ليس كالمولود، بل بقايا إنسان حطمته آلة التعذيب داخل المعتقل حتى أضحى كأنه دود على عود. ولكن لو "حسبناها صح" كما يقول المثل الشامي، فإن أي قوة عظمى سوف لن تخرج من بلد دخلت إليه إلابعد أن تترك وراءها "برايمر" آخر يخلف وراءه –هو الآخر- ألفاً من أمثال "أحمد الجلبي". أما الذين اكتووا بنار الأنظمة القمعية التي أطيح بها، فسيصدر بحقهم قوانين "اجتثاث" وإن زعم أن تلك القوانين صدرت بحق أنصار النظام السابق. فأولئك ما عادوا "في العير ولا في النفير". وعندها سيصدق في المعارضين قول الشاعر، مع بعض التصرف، ليناسب القافية والوزن:

         "المستجير "بواشنطن" لكربته     كالمستجير من الرمضاء بالنار".

ويبقى أن نؤكد أن القوى العظمى، وليس أمريكا وحدها، ترفض أن تمد يدها إلى المعارضة التي لاتقبل بأجندة غير الأجندة الوطنية التي تعمل وفقها. ولقد حاولت حماس، بعدأن فازت في الانتخابات الأخيرة وشكلت حكومتها في فلسطين، أن تتخلى عن بعض طروحاتها التي كانت ترفض مجرد التفكير بالتخلي عنها من قبل الانتخابات. ومع ذلك فما تزال الرباعية، -وليس واشنطن وحدها- ترفض التعامل معها حتى بعدما تشكلت حكومة الوحدة الوطنية.

لا أجد أي أمل في أن تقف دولة عظمى إلى جانب شعب مستضعف. وليس أمامه إلا أن يتدبر أمره بنفسه:

"ما حك جلدَكَ مثلُ ظفرِك       فتولَّ أنت جميعَ أمرِك".

*كاتب سوري   

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ