ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 02/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الاتحاد الأوروبي

بين التطلع الفلسطيني والتحريض الصهيوني

أ.د. محمد اسحق الريفي

يتسم موقف الاتحاد الأوروبي من حكومة الوحدة الفلسطينية بالتردد بين التطلعات الفلسطينية في موقف منصف يحترم إرادة الفلسطينيين، ويعترف بحقوقهم المشروعة، ويرفع عنهم المعاناة القاسية الناتجة عن استمرار الاحتلال الصهيوني – المدعوم غربياً– وممارساته الإجرامية، وبين تحريض الاحتلال على مقاطعة حركة حماس ووزرائها في هذه الحكومة.

 

ازداد التحريض الصهيوني ضد حركة حماس منذ بداية الاستعدادات لإجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في ديسمبر 2005م، فقد اتهمت وزارة الخارجية الصهيونية حينذاك الاتحاد الأوروبي بممارسة نشاطات مخالفة للقانون الدولي بسبب نيّته إجراء اتصالات مع حركة حماس، الأمر الذي دفع مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد، بنيتا بيررو فلدنر، التصريح بأن الاتصال مع رجال حماس سيقتصر فقط على "المواضيع الانتخابية" لا أكثر.

 

وبعد تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية؛ تصاعد التحريض الصهيوني ضد حركة حماس والحكومة الفلسطينية، وقد عبرت وزيرة خارجية كيان الاحتلال الصهيوني، تسيبي ليفني عن هذا التحريض المتواصل من خلال تصريحات عديدة لها، منها؛ تساؤلها الموجه للاتحاد الأوروبي: "حماس تتطلع إلى أوروبا .. هم يريدون أن يروا هذا النوع من التردد، ‏وعندما يشتمون رائحة هذا التردد فما الذي سيجعلهم يتغيرون في المستقبل".

 

وقد عجز الاتحاد الأوروبي نتيجة هذا التحريض الصهيوني عن اتخاذ موقف منصف للشعب الفلسطيني ينسجم مع ما يدعيه الأوروبيون من قيم وأخلاق إنسانية، وما يظهرونه من اهتمام بحل عادل للقضية الفلسطينية، ولا يزال هذا الرضوخ الأوروبي للإملاءات الصهيونية يتجلى بشكل واضح في إصرار الاتحاد الأوروبي على مقاطعة وزراء حماس في الحكومة الفلسطينية وعزلهم ورفض السماح لرئيس الحكومة الفلسطينية بدخول الأراضي الأوروبية الغربية حتى للمشاركة في المؤتمر الخامس لفلسطينيي أوروبا.

 

بل تجاوز انحياز الاتحاد الأوروبي الصارخ للاحتلال كل حدود المنطق والقيم الإنسانية؛ بالاشتراط على رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، إعادة إحياء اللجنة الأمنية الرباعية (المكونة من كيان الاحتلال، الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، السلطة الوطنية الفلسطينية) كشرط للتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية، وذلك لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني، وضمان أمن الكيان الصهيوني، وملاحقة المقاومين، ومنع الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.

 

وقد أثبت الاتحاد الأوروبي – بمواقفه المشينة الراضخة للاحتلال الصهيوني – على أنه يشكل خطراً كبيراً على القضية الفلسطينية، وذلك من خلال دعمه لما يسميهم "المعتدلين"، والتعامل بشكل انتقائي مع الحكومة الفلسطينية، وتجاهل القوى الحقيقية والشرعية التي تمثل الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يساهم في زعزعة الاستقرار في المجتمع الفلسطيني ويدفعه باتجاه الاحتراب، هذا بالإضافة إلى استخدام المساعدات الإنسانية أداة سياسية، ووسيلة للضغط على الشعب الفلسطينية وابتزازه، وتحقيق مآرب سياسية، وهذا هو الإرهاب بعينه.

 

 

إن الاتحاد الأوروبي لم يقطع مساعداته المالية لشعبنا الفلسطيني فحسب، بل هو أيضاً يشارك في الحصار الاقتصادي التي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية ظلماً وعدواناً على شعبنا، وهو يساهم في منع وصول المساعدات الإنسانية العربية والإسلامية إلى شعبنا، كما أنه يساهم في استمرار معاناة شعبنا وتفاقمها؛ بما يقدمه من دعم اقتصادي وسياسي ودبلوماسي وعلمي وعسكري وإعلامي للاحتلال الصهيوني.

 

والأكثر من ذلك؛ أن الاتحاد الأوروبي – الذي يتجاهل إرادة الشعب الفلسطيني وخياره – قد اختزل الحكومة الفلسطينية في وزيرين اثنين فقط، وهما: وزير المالية سلام فياض، ووزير الخارجية زياد أبو عمرو، كما أنه اختزل الشعب الفلسطيني كله في السلطة التي يرأسها محمود عباس، بل الأسوأ من ذلك كله؛ أنه اختزل القضية الفلسطينية في ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قمع الاحتلال الصهيوني وما يلاقيه من معاناة بسبب الحصار الظالم.

 

إن المعايير الظالمة التي يحكم بها الاتحاد الأوروبي على شعبنا بالقهر والقمع واستمرار المعاناة والحرمان؛ ويجعلها شرطاً لفك العزلة عن الحكومة الفلسطينية والتعامل معها؛ هي إهدار لحقوق شعبنا، وانتهاك لأبسط حقوق الإنسان، ومخالفة صارخة للاتفاقيات الدولية.  إن هذه المعايير – التي تمثل الأطماع الصهيونية – لا تهدف إلا إلى تركيع شعبنا وكسر إرادته، ومنعه من حقه في مقاومة الاحتلال، وحل المشكلة الفلسطينية وفق الرؤية الصهيونية والأمريكية، وتمكين كيان الاحتلال الصهيوني من الاندماج في العالم العربي والإسلامي.

 

إن حركة حماس التي تقاطعها دول الاتحاد الأوربي قد اختارها الشعب الفلسطيني لتمثله، وهي تسعى إلى تحقيق طموحاته وأهدافه، وهذه هي فرصة حقيقية لمن يدعي الديمقراطية والبراغماتية أن يتحاور مع القوى الحقيقية التي تمثل الشعب الفلسطيني ويتفاوض ويتحاور معها؛ لا أن يقاطعها ويتجاوزها ويتجاهلها ويتآمر عليها...!!

 

ورغم تأييد الاتحاد الأوروبي للمبادرة العربية من خلال تصريحات المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، خافير سولانا، فإن موقف الاتحاد الأوروبي من التعامل مع حركة حماس يتسم بالتناقض وعدم الواقعية، وهذا التناقض ناشئ من سعي الاتحاد الأوروبي لإخضاع شعبنا وإعادة تأهيله ليتقبل الاحتلال ويتكيف معه؛ وليس لإزالة الاحتلال وإعادة حقوق شعبنا الفلسطيني.

 

وبين تطلع حركة حماس والشعب الفلسطيني لأوروبا وبين التحريض الصهيوني لها؛ يتجلى الضعف العربي الشعبي والتواطؤ العربي الرسمي في عدم القدرة على التأثر على موقف الاتحاد الأوروبي بما يؤدي إلى كسر الحصار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، وتخفيف العزلة التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية.

 

ولو أراد العرب والمسلمون – شعوباً وأنظمة حكم وهيئات ومؤسسات وأحزاب وحركات وتنظيمات وشبكات – نصرة الشعب الفلسطيني لاتخذوا من وصول حماس إلى الحكم، وما أدى إليه ذلك من تعرية الدول الغربية وفضح مواقفها الظالمة تجاه مطالب شعبنا المشروعة وقضيته العادلة، فرصة سانحة للتحرك بما يخدم القضية الفلسطينية ويرفع الظلم والمهانة عن شعبنا.

 

لكن أمتنا ضعيفة وعاجزة عن توظيف عدالة قضية الشعب الفلسطيني لكسب تأييد الرأي العام الأوروبي الضاغط على حكوماته الظالمة، بل إن أمتنا عاجزة عن توظيف جرائم الاحتلال في الحد من التأييد الغربي الأعمى والمنحاز للاحتلال، وبدلاً من ذلك تستجدي الرباعية العربية الاحتلال وترسل له من يفاوضه على حقوقنا التي لا يمكن أن نحيد عنها، وهذا ليس مستغرباً على من اتخذوا نهج الاستسلام خياراً استراتيجياً لهم، ولا هم لهم بعد اليوم إلا تسويقه وترويجه...!!

 

وبينما يتمسك العرب بتواطئهم وعجزهم، ويمارسون اندماجاً كلياً في المشاريع الأمريكية الصهيونية؛ نجد أن بعض القوى الغربية الحرة قد تحركت – استجابة لتأنيب الضمير –  لمساءلة حكوماتها على مواقفها المخزية تجاه الحكومة الفلسطينية، فقد دعت منظمة أوكسفام البريطانية الاتحاد الأوروبي إلى استئناف مساعداته الإنسانية للشعب الفلسطيني، واعتبرت المنظمة أنقطع تلك المساعدات وتجميد العائدات الضريبية مخالف للاتفاقيات الدولية وعملاً غير إنساني.

 

كما تعهدت الأحزاب الكبرى في هولندا بالضغط على الحكومة الهولندية لتوجيه دعوة رسمية لرئيس الحكومة الفلسطينية، إسماعيل هنية، وتسعى هذه الأحزاب الكبرى من خلال البرلمان الهولندي إلى توجيه مساءلة لوزير الخارجية فيما يتعلق برفض وزارته منح رئيس الحكومة الفلسطينية تأشيرة دخول ليتمكن من حضور مؤتمر فلسطينيي أوروبا الخامس استجابة لفلسطينيي أوروبا الذي سيؤكدون فيه على حقوق شعبنا الثابتة ووحدته.

 

لقد فتحت حركة حماس آفاقاً جديدة واسعة للعمل للقضية الفلسطينية، وأزالت الجمود الذي أصابها طيلة سنوات عديدة مضت، ووضعت الاتحاد الأوروبي وجهاً إلى وجه أمام حقيقة تحيزه الجائر للاحتلال، وأظهرت ما خفي من الحقائق حول ضعف الشعوب العربية والإسلامية، وتواطؤ أنظمة الحكم العربية وتخاذلها تجاه القضية الفلسطينية، ولم يبق للشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم الحرة إلا أن تتقدم وتنزل إلى ميادين العمل من أجل نصرة الحق والتصدي للظلم.

 

إن جهود عرب ومسلمي أوروبا، وتكاتفهم، وتوحيد مواقفهم، وحوارهم مع القوى الأوروبية الحرة، سيزيل هذا التردد الذي يتسم به الموقف الأوروبي، وسيبطل كيد التحريض الصهيوني، ويساعد على تحقيق التطلعات الفلسطينية لموقف أوروبي عادل ومنصف لشعبنا وقضيتنا.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ