-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  26/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حوار القاهرة ومفارقاته المؤسفة

عريب الرنتاوي

من تابع وقائع جلسات الحوار الفلسطيني التي استضافتها القاهرة، ظن أن الشعب الفلسطيني بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان الاستقلال الناجز على الأرض الفلسطينية المحررة حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وأن هذا الاستقلال لم يعد ينقصه سوى اتفاق الفصائل على مرجعية جهاز المخابرات والشرطة والأمن الوطني، والتفاهم حول ما إذا كان يتعين أن نبقي على اسم الأمن الوقائي كما هو، أم نستبدله بتسمية جديدة كالأمن الداخلي على سبيل المثال.

 

ومن تابع تفاصيل الخلاف حول قانون الانتخابات وهوية رئيس الوزراء المقبل، وما إذا كان يتعين أن غزيّاً أم "ضفاوياً"، أدرك تمام الإدراك أن "مساحة المقاومة" في الخطاب السياسي لجميع الفصائل، بمن فيها حركة حماس، آخذة في الانكماش مفسحة في المجال لـ"مساحة السلطة" بالاتساع كبقعة الزيت.

 

هذه الوقائع تتكشف عن مفارقتين مؤسفتين:

الأولى: لا يمكن اختصارها بعبارة "الصراع على جلد الدب قبل اصطياده" فحسب، ذلك أن الدب نفسه لم يعد موجودا أو هو صار كطائر العنقاء الاسطوري الذي قال فيه الشاعر العربي: "أرى العنقاء تكبر أن تصادا ..."، وكل المؤشرات تؤكد أن احتدام الحوار/الجدل الفلسطيني حول هذه العناوين، يتزامن مع تعثر عملية السلام، وتراجع فرص قيام دولة قابلة للحياة، وتعذر إنجاز الحد الأدنى المطلوب من حقوق شعب فلسطين.

 

والمفارقة الثانية: تتجلى في انفتاح شهية فصائل مقاومة، رفضت العملية السلمية ابتداء، وترفعت عن مغريات السلطة عندما كانت السلطة سلطة، بيد أنها اليوم، وبعد سنوات من الانتكاس وإعادة الاحتلال، وتحول السلطة إلى واحدة من آليات إدامة الاحتلال وتعزيز سلطته، تبدي نهما للسلطة وشغفا بالبقاء على مقاعدها. ونحن هنا نخص بالذكر حركة حماس لسببين اثنين: أحدهما أن ميل الحركة للسلطةآخذ يتفاقم في وقت بدأت فيه الحاجة تشتد للمقاومة، بهدف رفع كلفة الاحتلال ودفعه للرحيل عن الأرض الفلسطينية، وثانيهما: لأن هذا التهافت على السلطة ليس منسجما مع إرث حماس بالذات، بخلاف حركة فتح التي تربعت على رأس هرم السلطة الفلسطينية لسنوات طوال، ولم يعد بمقدورها دون أن تقامر بوجودها ومستقبلها، أن تتخلى عنها، شأنها في ذلك شأن الأحزاب الحاكمة في عدد من الدول العربية والتي بات وجودها في السلطة شرط بقائها واستمرارها.

 

مع أن التجربة الفلسطينية بخاصة، وتجارب دول ومجتمعات عديدة بعامة، لعل لبنان أقربها لنا، تؤكد استحالة الجمع بين السلطة والمقاومة، فحزب الله على سبيل المثال، لم يشارك في السلطة حتى على المستوى الرمزي إلا مؤخرا، وبعد أكثر من عشرين عاما على انطلاقته، وبعد أن أنجز بصورة شبه تامة، أهداف مقاومته الوطنية، في حين ما زال الشعب الفلسطيني في بداية مشوار الحرية والاستقلال، والدولة المستقلة تزداد صعوبة وتصبح يوما إثر آخر، أبعد منالا.

 

لقد كنا مع السلطة، حين كانت السلطة طريق الدولة ونواتها وخطوة في اتجاهها، وكنا قبل السلطة مع المقاومة من أجل أن تصبح السلطة واستتباعا الدولة، أمرا ممكنا ومتاحا، لكن حين تصبح السلطة هي الدولة أو البديل عنها، حين تصبح نهاية مطاف الحلم الفلسطيني، والوسيلة لخفض الاحتلال، تصبح السلطة عبئا على الحقوق والنضال والقضية الوطنية للشعب الفلسطيني، ويصبح حلها مطلبا وطنيا، وتشتد الحاجة لأشكال من المقاومة العاقلة والرشيدة، التي تجمع بكفاءة وجدارة بين مختلف أشكال النضال والكفاح.

 

مؤسف أننا لم نسمع في حوارات القاهرة، أي مقاربة حقيقية لسيناريوهات المستقبل واستراتيجياته، لم نرى حوارا حول كيفية إنهاء الاحتلال ورفع أكلافه، لم نر نقاشا سياسيا عميقا حول مستقبل القضية الفلسطينية، كل ما شهدناه، هو صراع فصائل على السلطة والتمثيل والنفوذ والأجهزة وأموال الإعمار، لكأن المجتمعين في واد، ومستقبل قضيتهم الوطنية في واد آخر...مؤسف أن أحدا من بين المتحاورين في القاهرة، لم يخرج علينا شاهرا سيف الحقيقة: إسرائيل لا تريد سلاما، ليس هناك شريك إسرائيلي في عملية السلام، بل وليس هناك عملية سلام من أصله، حل الدولتين بات وراء ظهورنا، وأن ما كان يصبح بعد غزة والانتخابات الإسرائيلية، لم يعد صحيحا بعدهما، وأن العقل الفلسطيني يجب أن ينصرف لإبتداع استراتيجيات جديدة في مواجهة احتلال مقيم واستيطان زاحف وتهويد ابتلع القدس وجوارها، فماذا نحن فاعلون ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ