-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  15/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كالنقش في الحجر...

الدكتور عثمان قدري مكانسي

أخذت الأولاد الصغار أمس إلى المسجد ،كعادتي كل يوم ، بل إن أطفال الجيران يدقون عليّ الباب كلما أذن للعشاء لآخذهم معي إلى صلاتها ، إنهم بين السادسة والاثنتي عشرة ، أضعهم في السيارة وأنطلق ..

أتدرون لماذا يسرعون في الذهاب معي إلى صلاة العشاء؟ عوّدتهم أن أشتري لهم " شيبس " أو " بفك " أو " ساندويشة فلافل "

قالت زوجتي : لِمَ هذا المصروف الزائد؟ ولسنا أغنياء ، وبعضهم ليسوا أبناءك ، فكيف تصرف عليهم ؟

قلت ضاحكاً : سعادتي وهم معي ينتظرون مكافأة الذهاب إلى الصلاة تعدل أضعاف ما أصرفه عليهم . .. لا تنسي أنهم رجال المستقبل ، فإذا تعودوا الصلاة منذ الصغر فقد تأصّلت فيهم ، وما عادوا يتركونها ، وسيكون لي مثل أجرهم - كما أخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، هذا بالإضافة أنهم سيكونون مسلمين مؤمنين يربون أبناءهم مثلما أفعل معهم الآن ، وسيرون ثمرة ما فعلته معهم ، وسيدعون لي وأنا في قبري ، فيزداد رصيدي من الحسنات ، وأنا بحاجة إلى هذا الصنف من المال الذي يزيد ولا ينقص .

قلت : إنني أخذتهم كعادتي إلى المسجد ، ووقف حولي بين المصلين ستة منهم . أما السابع - وهو ابن جاري ، في الصف الأول - فقد رأى صديقه في المدرسة ، ولعبا ، وأصدرا أصواتاً أزعجت بعض المصلين ، فما إن انتهت الصلاة حتى طردوهما خارج المسجد ، فلما عرفت الأمر ، وخرجت بعد صلاة السنة البعدية تعمّدت العبوس ، وقطّبت حاجبيّ . وقلت لهذا الولد الصغير الذي كان أول من يدق جرس البيت عليّ : لن آخذك مرة أخرى إلى الصلاة معي ، فقد أثبتّ أنك طفل صغير ، لا تستحق أن تماشي الرجال .!

ابتسم أصحابه ، وتغامزوا ، وسكت هو، فلم ينبس ببنت شفة ، فقد علم أنه أخطأ حين لعب وأصدر في المسجد الضجة التي آذت المصلين ، فلما أخذ كل منا مكانه في السيارة ، نظرت إليه ، من مرآتها ، فخفض رأسه ،

قلت بعد قليل - وقد تركته يضرب أخماسه بأسداسه - لا شك أن " حمزة " رجل ، فأنا أعرفه كذلك ، وأعلم أنه ليس من شيمته اللعب في المسجد ، إنما يسرع فيقف إلى جانبي ويصلي بخشوع ، إلا أنه أخطأ اليوم عن غير قصد . ألست كذلك يا ولدي ؟!

أجاب مسرعاً بلى يا عماه ، فصديقي سالم جرّني ، فلم أنتبه ، ولعبنا معاً ، إنه ولد مشاغب ، ولن أكون مثله إن أخذتني إلى المسجد مرة أخرى ..

تظاهرت أنني سأحرمه من المكافأة هذه الليلة ، فلما اشتريت أكياس " الشبس كان ينظر إليّ بطرف عينه ،

فلما قدّمت له نصيبه على أنه أخطأ ، والمسلم خطّاء ابتسم وأمسك بيدي وقال : سأكون رجلاً يصلي ولا يلعب . فقلت له : هكذا أنت دائماً ، وأنا أثق بك يا ولدي ..

وفي هذا المساء كان أول من يدق عليّ باب البيت ، ويجلس في السيارة إلى جانبي ، ويصلي معي بكل " خشوع وأدب " فساندويشة الفلافل تستحق ذلك الخشوع وتلك الطمأنينة ..

وكنت بهم سعيداً فأنا أعده وإخوته من الأولاد ليكونوا رجال الأمة ومجاهديها . ولا بد من الصبر والحكمة في التعامل مع هؤلاء الرجال الصغار ..

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ