-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  14/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

رحل الفارس .. الداعية الذي لم يترجل

الدكتور حسن هويدي

د.منير محمد الغضبان

1- لقد كنت كبيرا في عيني وعظيما في نفسي منذ أن وعيت على دنيا الدعوة والجهاد في سبيل الله . كنت في العشرينات من عمري يوم جئتُ معلما في إحدى القرى بمحافظة دير الزير. وكان حلما يداعبني أن أبني مسجدا في هذه القرية النائية. وكنت الفارس المجلي في دير الزور في خطبك النارية تجهر فيها بكلمة الحق ، ويتقاطر الناس أفواجا لسماع قذائف الحق التي كنت تلقيها هناك . ولم تكن تعرفني ولا تعرف اسمي .

وأقمت قواعد المسجد مع تلاميذي الشباب ، وعجزت عند سقف المسجد . فكتبت رسالة لك أضع أمانة هذا البيت في عنقك وعنق إخوانك . وزرتك في المسجد فتلقيتني على صغري وضآلة شأني . ورعيتني حتى بعثت معي شاحنة بأخشاب السقف ، وعمالا لتركيبه . وأقيم مسجد في تلك الفلاة أرجو أن تلقاه في صحيفة أعمالك يوم القيامة من حيث لا تدري

2- ومن دير الزور إلى العاصمة دمشق ، حيث كانت دولة مخابرات البعث حول مسجد الجامعة . وخطبت خطبتك العظيمة ، وتحدثت عن الظلم والطغيان الذي يملأ البلد . وهم يتحدثون عن الوحدة والحرية والاشتراكية . وأدخلتهم في قمقم المثل الشعبي (عنزة ولو طارت )

3- وحين وقعت المحنة داخل الصف الاخواني نأيت بنفسك عن الصراع ، واخترت جانب الحياد الإيجابي في محاولة لرأب الصدع . وحين ما عجزت عن ذلك انحزت إلى أحد الطرفين وبقيت في الموقع الثاني فيه نائبا للمراقب العام . وكنت محط احترام إخوانك من الطرفين لحصافة رأيك ، وعفة لسانك ، وحرصك الدؤوب على عودة اللحمة الإخوانية من جديد .

4- وشرفك الله أن ذقت مرارة السجن في سبيل مبدئك ، ومن أجل عقيدتك . وانتزعت إعجاب عدوك حتى حاورك في سجنك . فكنت الحكيم في العرض والصلب في الموقف . وبقيت الملاذ دائما حين تدلهم الخطوب .

5- وشرفني الله تعالى أن أكون مع من سعى لوحدة جماعة الإخوان في سورية . وكنتُ دائما أزورك لنخطو معا الخطوات اللازمة . وكنت عونا لي في المهمة ، حتى كللت بالنجاح وذللت المصاعب . ولصبرك وحلمك ووعيك لم يكن هناك من ينازع في انك رجل الجماعة الأول وتم اختيارك بالإجماع مراقبا عاما للإخوان في سوريا في بداية الثمانينات . وكنت وبقيت موضع ثقة أطراف الجماعة كلها . إذ كنت فوق الطرفية وفوق الحزبية . وكنت القائد المبصر الذي يعرف كيف يدير حلبة الصراع مع إخوانه ضد نظام الطغيان في سورية

6- ويشهد الله أنك لم يهزك حماس الشباب. وكنت أصيلا في فهمك للنص وفقهك في الدين .رغم أنك الطبيب النطاسي البارع .فقد تركت مهنتك تلك ، لتكون الطبيب لجماعتك والمداوي لجراحها ، والمذلل لخلافاتها ، وقائد مسيرتها  الواعية . لقد كان الهدف واضحا عندك منذ البداية . وفي الوقت الذي كنا جميعا مندفعين فيه للمواجهة العنيفة مع النظام . كنت تقف في منتصف الطريق تريد أن تنأى بنا عما نسير فيه.وحملت ما حملت من سهام النقد والتجريح والاتهام . إلى أن كانت مأساة حماة أبشع مجازر التاريخ في القرن الماضي .

7- ومع ذلك لم يكن لدى إخوانك بعد المأساة خيار في إعادة انتخابك للموقع الأول ، موقع ربان السفينة . فالربان أحوج ما يكون الركاب إليه حين تشرف السفينة على الغرق . ووثقت بي فاخترتني نائبا لك من بين جميع إخواني وحملت راية المفاوضات كمخرج للأزمة العنيفة بين النظام والجماعة ، وأقنعت المؤسسات بضرورة هذا الطريق، ودفعتني لأكون المباشر لهذه المفاوضات مع أخي أبي حازم. لكن تبين لنا جميعا أن النظام يريد كسب الوقت وتفريق الصف. فحزمت أمرك ، وتابعت نهجك ، بعد أن أعذرت إلى الله . وقدمت أخاك رحمه الله قربانا في سبيل الله، وعربونا على استعدادك للتضحية لإنقاذ جماعتك ووطنك.

8- كل هذا العمل السياسي الذي استهلك وقتك. لم يستهلك مناجاتك لربك وتبتلك وعبادتك . إذ لم يكن للسياسة أن تنأى بك عن الله . فما كنت تدع فرصة ولا مناسبة إلا وتقدم الوعظ الخلقي والدعوي  لإخوانك وكنت ترى أن سلامة الصف من الآفات هو طريق النصر الآتي .

9- ودخلت التنظيم العالمي للإخوان المسلمين منذ أن توحدت الجماعة تحت رايتك . فرأت قيادات العمل الإسلامي في هذا التنظيم ، رأت فيك الشخص الذي تبحث عنه دراية ودربة وعقلا ودينا ، وبعد نظر وأصالة فكر . فتشبثوا بك وأفسحوا لك موقعا فسيحا في مكتب الإرشاد . ولم يزالوا يدفعون بك حتى صرت الشخص الثاني في التنظيم العالمي . نائبا للمرشد العام لإخوان المسلمين في البلاد العربية .وبقيت الفارس الذي لم يترجل وقد ناهزت الثمانين أو أكثر ومضيت إلى ربك دون ساعة راحة واحدة .

10- فعمرك دعوة ،وحياتك جهد دؤوب ،وعمل شاق في سبيل الله. أرجو أن يتقبل الله منك ما وظفت من طاقات له . فما تركت سانحة ولا فرصة إلا وجعلتها مطية لمرضاة الله ومن حقي أن أقول : لقد اخترت أعظم مهنة ، وأشرف رسالة . مهنة الدعوة إلى الله ورسالة الأنبياء والمرسلين بشهادة الله رب العالمين :

11- ((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ))

غفر الله لك ذنبك وحط عنك خطيئتك ، وتقبل الله حسناتك ، وحشرك الله تعالى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين تحت راية سيد المرسلين .وعوض الله الأمة الإسلامية عن فقدانك وألهمنا وذويك الصبر على فراقك  والحمد لله رب العالمين.

أخوك المحب:

د.منير محمد الغضبان

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ