-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  09/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من أجل حملة وطنية سورية لالغاء حالة الطوارئ

- الواقع و المتطلبات -

المحامي محمد أحمد بكور

قد يتعرض الافراد و المجتمعات الى حالات و ظروف استثنائية غير عادية اما مفاجئة كالبراكين و الزلازل و الاعاصير او متوقعة كالحروب و الاضطرابات و المجاعة أوالإستعداد للتغيرات المناخية و حوادث السدود و معالجتها تتطلب إجراءات خاصة و غير مألوفة أو محرّمة و تطبيق قوانين لا تطبق في الأحوال العادية لمواجهتها تمليها الضرورة للسيطرة عليها و الحماية من آثارها السلبية أو إحتوائها و عبورها بأقل الخسائر و الأضرار, و تجميد أخرى.

 

و من هذا المنطلق و رفعاً للحرج أباح الإسلام بعض المحرّمات وقت الضرورة كما في الآيات الآتية: ((إنمّا حرّم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ به لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه إنّ الله غفور رحيم)) البقرة 173, و كذلك الأنعام 145 و النحل 115.

 

إن ما أحلته الآيات السابقة من محرّمات كان على سبيل المثال لا الحصر, و منها اشتق الفقهاء القاعدة الفقهية الشهيرة, الضرورات تبيح المحظورات, و وضعوا لها في كتب الفقه شروطاً و حدوداً و قيودا,ً و هي الضوابط التي حددتها الآيات المذكورة في متنها أولاً وجود ضرورة و ثانياً عدم التجاوز و تقدّر بقدرها و ثالثاً إن حالة الإباحة ظرفية و مؤقتة و ليست مطلقة أي لحالة معينة و زمن محدد, و قد طبقها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام الرمادة – المجاعة – عندما أوقف حد السرقة لمن اقدم عليها لتأمين معيشته و حفاظاً على حياته كقيمة عليا للانسان الذي كرمه الله ليتمكن من اداء واجباته الانسانية فضلاً عن اتخاذه اجراءات اخرى تتعلق بالزكاة .

 

ان حصيلة التطور المركب و التفاعل بين الحضارة العربية الاسلامية و الغربية و التطورات للمسيرة القانونية أصبحت حالة الطوارئ نظرية في العصر الحديث لها مبرراتها و قواعدها و قيودها و حدودها زماناً و مكاناً, و أكثر من اهتم بها الفقهاء الفرنسيون, و لا زالت تتطور لتواكب حركة الواقع و تلبي حاجات المجتمعات .

 

اذن حالة الطوارئ هي استثناء من القاعدة, تبيح للدولة فرضها اذا دعت الضرورة لظروف غير عادية أو تحسباً لها و لمواجهتها و تخولها إتخاذ إجراءات إستثنائية للحماية منها و تفادياً لإخطارها الواقعة أو المحتملة و تجنيب المجتمع الفوضى, كما أنها تشكل عاملاً مهماً من عوامل إسترتيجية الأمن الوطني للدول.

 

و ضماناً للسرعة تعطى دستورياً الى رئيس السلطة التنفيذية للدولةً صلاحية إعلانها إذا اقتضتها الضرورة لإتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية لحماية الشعب و الوطن و السيادة, و هذه صلاحيات خاصة قد تتضمن تجميد بعض القوانين حتى يتم تجاوز الحالة التي أوجبتها لأن واجب الدولة وضع خطط لكافة الإحتمالات, حتى لا تكون عرضة للمفاجأت و توفير القدرات للتعامل مع أي طارئ و بسرعة قصوى لكي لا تكون عاجزة و تقف متفرجة على ما يحدث, فالولايات المتحدة فرضت حالة الطوارئ مؤقتاً عند تعرضها لكارثة طبيعية سببها إعصار كاترينا المفاجئ.

 

ان استمرارحالة الطوارئ في بعض الدول و تعطيلها للقوانين العادية يؤدي الى الإستبداد و الطغيان و إمتهان كرامة الإنسان لإستخدامها القوة و أساليب العنف و الإكراه إعتماداً على المؤسسات العسكرية و الأمنية للإستمرار بالسلطة و الحفاظ عليها و إلغاء سلطة الشعب نتيجة ثقافة متخلفة أو منحرفة تقود الى الديكتاتورية و تقديس الحاكم و تتحول مع الزمن الى عقيدة تستقطب الإنتهازيين و الموتورين و الحاقدين.

 

و تجنباً لهذه المحاذير فإن الدول الديمقراطية تضع ضوابطاً و ضمانات تحمي حقوق المواطن من الإنتهاك, و تضمن حقه في اللجوء الى القضاء عند مخالفتها أو التجاوز عليها, حتى لا تتخذ ذريعة تحرمه من حقوقه, كما إنها تتضمن المساءلة القضائية لمنتهكها مهما كان موقعه و صفته الوظيفية و للحماية من الجنوح الى الإستبداد و الظلم و تحقيقاً للعدل.

 

بعد هذه التوطئة نستعرض حالة الطوارئ في الجمهورية العربية السورية:

 

صبيحة إنقلاب 8 آذار 1963 أعلن الانقلابيون باسم المجلس الوطني لقيادة الثورة حالة الطوارئ بالبلاغ رقم 2, ليكون غطاء لتعطيل الدستور و تمهيداً لإقامة حكم عسكري و توطيد سلطته بإتخاذ إجراءات رادعة ضد الرافضين و المعارضين و إشاعة جو من التخويف و الترهيب بإحالتهم الى المحاكم العسكرية أو الخاصة بأوامر من الحاكم العرفي .

 

و مع عدم قانونية و شرعية الجهة التي أصدرتها, يفترض أن تكون مؤقتة و لكن الإستثناء تحول الى قاعدة فهي مستمرة منذ 46 عاماً و حتى الآن و الشعب يئن تحت وطأتها لمصادرة حقوقه و حرياته و قد ارتكب باسمها أبشع المجازر والإبادات الجماعية و انتهكت حرمات و هدمت مساجد و كنائس و اقيمت المحاكم الميدانية و يومياً تنتهك الحقوق بالاعتقالات و الاعتداءات من قبل أزلام السلطة.

 

لقد تحولت الحالة المؤقتة الى دائمة ما شكل سابقة شاذة لا مثيل لها في العالم المتمدن دون مبرر لإستمرارها, و لزوال الأسباب التي أدت لإعلانها فإنقلاب 8 آذار 1963 و ما انتجه ذاتياً من إنقلابي 23 شباط 1966 و 16 تشرين الثاني 1970 قد استقر و المعارضة حجمت و دجنت و تشكلت معارضات شكلية ولاءها للسلطة الحاكمة.

 

أما التذرع بحالة الحرب مع الكيان الصهيوني فقد أصبحت نكتة لأن الحرب عدت منتهية عملياً و رسمياً من اللحظة التي تمّ فيها الموافقة على الحلول السياسية وتبني مايسمونه خيار السلام الإستراتيجي و الأرض مقابل السلام.

 

لقد حدد المرسوم رقم 109 الصادر في 7 آب 1968 في فقرته" أ " زمن الحرب كما حددت الفقرة "ب" منه ماهية العمليات العسكرية و هذا غير موجود عملياً.

 

كما ان تذرع السلطة بالأوضاع الأقليمية و التعرض للضغوط بعد إحتلال العراق و إغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري و إنصياعها صاغرة لسحب قواتها من لبنان حفاظاً على وجودها فالإدعاء بهذه الضغوط زال معظمها نتيجة صفقات أنجز بعضها و الآخر في سوق المساومات وقد أسفرت عن إنفتاح فرنسي و أوربي تتوالى فيه زيارات مسؤوليه و رضا أمريكي فمنذ ولاية بوش وعلى لسان كوندوليزا رايس وزيرة خارجيته أعلنت أنها لا تريد تغيير النظام بل تغير سلوكه و بعد فوز أوباما بالإنتخابات بدأ فوراً بتنفيذ وعوده بالحوار معه, و زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري و أعضاء من الكونجرس تدخل في هذا الإطار. فالنظام خفّ قلقه على مصيره و يعيش حالة مريحة لأنه قد خرج من عنق الزجاجة كما يعتقد.

 

وعلى الصعيد الداخلي يدّعي أنه يمتلك تنظيماً يضم الملايين و أن الشعب ملتف حوله و يؤيد سياساته و يحاول البرهنة عليها بالتدليس عن طريق مُسّيراته في المحافظات و التي تُفرض و تسيّر بأوامر الأجهزة الأمنية تحت طائلة المسؤولية و العقاب لمن يتخلف أو يتهرب منها عبر الرقابة الصارمة.

 

و بما إن دستور 1973 قد نصّ في ما إذا اقتضت الضرورة و استدعت ظروف طارئة تتطلب التحرك السريع و المعالجة الفورية يمنح الرئيس حق إعلان حالة الطوارئ في المادة 101 و كذلك المادة 113 اعطته إتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر.

 

فهل ثمّة مبرر إذاً لإستمرارها و تحويلها الى القانون الوحيد الذي تحكم سورية بموجبه بل أصبحت أقوى من الدستور بمدلول المادة 153 التي نصت على بقاء التشريعات الصادرة قبل إعلانه سارية المفعول و بما أنّ حالة الطوارئ هي قبل إعلانه فعطلته و بقيت القانون النافذ فما قيمة الدستور و نصوصه مهما كانت مثالية و قيمه عليا إذا كان معلقاً و معطلاً؟

 

و هكذا تحولت الى حالة شاذة لا مثيل لها في العالم و خارج إطار العصر و أنكشفت أساليب الخداع و التضليل و الإدعاءات الباطلة و اللعب على عامل الزمن للحفاظ على السلطة و التهرب من الإستحقاقات الوطنية.

 

إن الإبقاء على هذه الحالة الشاذة لها آثارها السلبية على كافة الأصعدة و نواحي الحياة. فعلى الصعيد السياسي إن إلغاءها يعد المدخل و الشرط الذي لابدّ منه للإصلاح و التغيير لأنه يتطلب إطلاق الحريات و رفع القيود عنها و العودة للحياة الإعتيادية و سيادة القانون و إستقلال و تفعيل السلطة القضائية ولاسيما و أن البلاد تمر بمفصل تاريخي مهم يوجب تعبئة طاقات و قدرات المجتمع و إعادة اللحمة للوحدة التي مزقتها السياسات العمياء, و لكن جمود النظام و تحجره و تمسكه بنهجه و بأساليب العنف و القهر و الإعتقالات اليومية و القتل كما حدث مؤخراً في سجن صيدنايا الذي أعاد للذاكرة المآسي و الفواجع و الإبادة البشرية ولا سيما مذبحة سجن تدمر مما يزيد في الإحتقان و التعصب و إحتمالات ردود أفعال عنيفة لا يمكن التنبأ بها نتيجة الإحباط و اليأس و يزيد من أزماته عمقاً و إتساعاً.

 

و الإصلاح الإداري و القضاء على الفساد لا يتوافر إلا في جو من الحرية و الديمقراطية والرقابة الشعبية والسياسية والإعلامية.

 

و على الصعيد الإقتصادي فإن القضاء على البطالة و توفير فرص عمل لجيش العاطلين عن العمل و تردي الحالة الإقتصادية و تدني دخل الغالبية العظمى و إحتمالات إزدياد معاناتهم بسبب الأزمة الإقتصادية و المالية العالمية و التي لا يمكن تلافيها و تقليل آثارها إلا بالتنمية و الإستثمار الواسع, و حالة الطوارئ تشكل خوفاً لكثير من الشركات و الأفراد و ممولين في الداخل و الأجانب لعدم وجود ضمانات قانونية حقيقية تقف عائقاً دون إقدامهم على نقل رؤوس أموالهم و توظيفها.

 

لقد أنتج إحتلال العراق في 9 نيسان 2003 حراكاً سياسياً واسعاً للمعارضة السورية في الداخل و الخارج, و وفرّ لها فرصة ذهبية للمراجعة و إعاد النظر لمنهجها و مسارها نحو التغيير, فيما لو تمكنت من تحديد الأولويات و التي في مقدمتها النضال لإلغاء حالة الطوارئ و إطلاق الحريات ليقوم الشعب بدوره في التغيير المنشود, و لكن تطلع البعض الى السلطة و ضعف الأداء ولّد عجزاً لإسباب موضوعية و ذاتية للوصول الى صيغة فعّالة لإدارة عملية التغيير, و الإتفاق على برنامج يتضمن حلولاً للمشاكل التي يعاني منها المجتمع, و تجاوز ممارسات النظام و يلبي تطلعاته و حاجاته و عندما نتكلم بصراحة لا نقصد النيل من فرد أو تنظيم فكلنا يتحمل مسؤولية حسب موقعه و أمكانياته, و لكن واجبنا الوطني و الإخلاص للحقيقة يدفعنا أن نذكر الحقائق كما هي و ان لا نجامل فيها او نتجاهلها و نخاف منها .

 

ان المعارضة السورية الحالية ازدادت شرذمة بفعل المستجدات في الساحة المحلية و العربية و الدولية, و اصبحت تجري وراء الاحداث و على مسافة بعيدة منها, وسوف تزداد تمزقاً و ضعفاً اذا لم تغير واقعها مع ادراكنا للعقبات التي تعترضها في توحيد جهودها و رؤاها المتعددة و المختلفة سياسياً و اجتماعياً و للصعوبات التي تقف عثرة في طريقها, و زادها بلبلة خلط الاوراق نتيجة تصرفات بعض افرادها بشكل غير مسؤول وولوجهم في دهاليز مظلمة و متاهات و اطلاق تصريحات شوهت سمعتها و استهلكت جزءاً كبيراً من رصيدها و مكانتها لدى الرأي العام السوري .

 

و على الرغم من كل ماذكر نعتقد اننا جميعاً لا نختلف حول خطورة استمرار حالة الطوارئ, و نتفق على ضرورة الغائها و العودة الى الحياة الدستورية و سيادة القانون, لهذا فاننا ندعو الجميع و لا سيما من تساعده ظروفه و يملك حرية الحركة للقيام بعمل تحت شعار الحملة الوطنية السورية لالغاء حالة الطوارئ ووضع آلية للتحرك داخلياً و خارجياً و تحويلها الى مطلب و برنامج عمل شعبي حتى يتم الغائها و ليس الاكتفاء بمقالات موسمية على مواقع الانترنت فقط .

 

ترافقها حملة سياسية تدعو المؤسسات ذات الاختصاص و مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة و كافة المنظمات الدولية و العربية فضلاً عن توجيه رسائل الى البرلمانات الديمقراطية للضغط على النظام لانهاء هذه الحالة الشاذة المهينة للانسان .

 

و لا نبالغ اذا استطعنا الاداء بكفاءة و توصلنا لالغائها فاننا نكون قد قطعنا على طرق التغيير اكثر من نصف مسافته, لما يوفره من حرية في التعبير و الرأي و كفالة حق الاجتماع و التظاهر السلمي, و يتيح للشعب و منظماته المدنية الاسهام في الحياة السياسية و الثقافية و زوال حالة الخوف, و منع الاعتقال الا وفقاً للقانون و براءة المتهم حتى يدان و في هذه الحالة فان كل شخص يعتقل يجب ان يبلغ بالاسباب و المادة القانونية التي تم توقيفه بموجبها خلال 24 ساعة و وجوب احالته الى القضاء خلال 48 ساعة أو 72 ساعة على الاكثر حسبما يحددها القانون و على القاضي النظر بامر التوقيف حالاً فاذا كان غير شرعي اخلي سبيله و هذا ما ينطبق على الاف المعتقلين و الملاحقين او يحاكم وفقاً لاحكام القانون و قد يخلى بكفالة و هذا يشجع الشعب على الحركة و الاحتجاج .

 

اذن مفتاح الحل هو في انهاء حالة الطوارئ ليتمكن المواطن من ممارسة حرياته العامة و هي طريق الاصلاح و انهاء الديكتاتورية و الانتقال الى الديمقراطية .

 

و انطلاقا ً من المسؤولية الوطنية و إدراكنا و وعينا لخطورتها, اكدنا بمقالات عدة و بكل البيانات الصادرة عن اللجنة السورية للعمل الديمقراطي لالغائها, و نجدد الدعوة للاتفاق على كلمة سواء بالبدء بالحملة الوطنية لانهائها و وضع آلية للعمل في الداخل و الخارج لتخليص شعبنا من كابوسها ((و ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى)) .

 

و نتوجه الى النظام الحاكم و المعارضة ان لا يتوهموا بقوة السلطة فهي هشة واهية كبيت العنكبوت لانها تعتمد على الانتماء و الولاء بعيداً عن المواطنة و الكفاءة فما يراه البعض مصدر القوة فهو نقطة الضعف و الفايروس الخطر القاتل الذي سيقضي عليه و يجب ان يستفيد من دروس التاريخ للحركات و انظمة الحكم التي قامت في المغرب العربي و انتقلت الى مصر و منها الى بعض المناطق العربية ماذا كان مصيرها؟ و هل يوجد نظام خالد في التاريخ ؟ وعلى المتسلطين على الشعب السوري ان يتخلوا عن انانيتهم و يفكروا بمستقبل الابناء و الاحفاد و الوطن و يجنبوا البلاد و العباد الهزات و الويلات .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ