-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  09/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


السياسة في دولة الاستبداد، بين الثرثرة والعسكرة!

عبدالله القحطاني

للسياسة في دولة الاستبداد، وجهان كبيران، بارزان، في حياة الدولة، وحياة مواطنيها: هما العسكرة والثرثرة! وكل وجه آخر، في الدولة والمجتمع، هو تفصيل من تفصيلاتهما، أو من تفصيلات أحدهما!

* العسكرة: تحكم الناس، وتتحكّم بهم، وبحياتهم، وبمصيرهم، وبكل حركة وسكنة، من حركاتهم وسكناتهم.. بصرف النظر عن الوجوه التي تظهر بها العسكرة، والأزياء التي تتزيّى بها، والأوصاف التي تطلقها على نفسها!

* الثرثرة: هي السلوك اللغوي، السياسي والاجتماعي والثقافي، الذي تمارسه العناصر البشرية، داخل الدولة، على اختلاف مواقعها ومشاربها، ومستوياتها الفكرية والاجتماعية!

* العسكرة تتحكّم بأنواع الثرثرة: بتلك التي ينبغي أن يمارسها بعض المواطنين، وتلك التي يسمح لبعض المواطنين بأن يمارسوها، وتلك التي يمنع من ممارستها أيّ مواطن، مهما كان مستواه!

نماذج:

1) بعض المحسوبين على نظام الحكم، من رجال السياسة وغيرهم، يسمح لهم بأن يثرثروا، في مسائل معيّنة، في وسائل الإعلام، وبين الناس.. ليظهِروا أهمّية أنفسهم، في المواقع التي هم فيها! وهذا، بالطبع، غير المهمّات التي يناط بهم الحديث عنها، بحكم وظائفهم، لتلميع صورة الحكم، حيناً.. ولتهديد خصومه، حيناً آخر، ولتسويغ سياساته، حيناً ثالثاً..!  وقد يكون هؤلاء المثرثرون، من عناصر العسكر، أنفسهم.. إلاّ أنهم ليسوا من العناصر التي تحكم! ومن أبرز هذه النماذج: بعض وزراء الدفاع، الذين يوضعون في مواقعهم، لأداء مهمّات ديكورية، أو لأسباب يقدّرها المتحكّمون الفعليون، بالبلاد والعباد، عن طريق العسكر، وأدواتهم التنفيذية اليومية؛ أجهزة المخابرات! وكلما كان الوزير أقلّ سلطة وصلاحية، كان هامش الثرثرة المتاح له، أكبر وأوسع.. وذلك لإظهار أهمّيته الشخصية، أمام الناس.. إرضاء لغروره، من ناحية، ومخادعة للناس، من ناحية ثانية؛ ليحسبوا أن هذا الوزير، إنما هو من العناصر الهامّة، الفاعلة في الدولة، فيحمّلوه المسؤولية، عن الأفعال التي يؤمَر بها، من قبل الفئة المتحكّمة الحقيقية!

 ومن الطرائف التاريخية، المثبتة في صفحات بعض هؤلاء، أن أحدهم كان يصرّح، بنوع من التبجّح: بأن السلطة في بلاده، هي (لمن يملك الدبابة.. ونحن نملكها.. ولن نسمح لأحد أن ينتزعها منّا!) كما نقل عن هذا الوزير، تصريحات إعلامية، مدوّنة في مقابلات مع بعض المجلاّت، يعلن فيها أنه: كان يوقّع، كل يوم، مئة وخمسين حكماً بالإعدام، على عناصر، من مواطني دولته! فقد أسنِدت إليه مهمّة التوقيع، على أحكام الإعدام، التي يصدرها غيره، ليحمل وزرها، أمام الناس، ويرضي غروره؛ بأنه ذو أهمية شديدة، يهلك المئات من مواطنيه، بجرّة قلم منه، كل ليلة، مع أنه، كثيراً ما ينقَل عنه، أنه لا يملك سلطة تعيين حاجبه، في مكتبه.. أو نقله، أو تبديله! وهذا النموذج، الصارخ في تعبيره عن حالة الثرثرة، كاف في ضرب المثل! وهو معبّر عن واقع المئات من أمثاله، في أنحاء شتّى، من دول الاستبداد، في العالم!

2) المواطنون، بشتّى مواقعهم، في دولة الاستبداد: لهم هوامش، يثرثرون في إطارها، في مجالسهم، وفي وسائل الإعلام.. لمن كانت لديه القدرة، على الاتصال بهذه الوسائل، والثرثرة فيها! وكل تجاوز لهذه الهوامش، أو خروج عن إطارها.. يكلّف صاحبه ثمناً باهظاً، حتّى لو كان المتكلّم موظفاً إعلامياً، في موقع مخصّص لهذه الثرثرة؛ كأن يكون رئيس مكتب إعلامي، فُتح في إحدى الدول المتقدّمة، لتلميع صورة نظام الحكم، في بلاده، وقال كلاماً يجامل به بعض خصوم حكمه، يقصد به إظهار حكمه بمظهر الحكم المنفتح، المتمدّن، الموضوعي، الذي يجيد الحوار مع الآخرين، ويتقبل آراءهم، برحابة صدر!

3) من خلال النموذجين المذكورين؛ نموذج العسكري الوزير، الذي يثرثر لإظهار أهمّيته في موقعه، ونموذج الإعلامي المتخصّص، المكلّف بتلميع صورة حكمه.. يتبيّن واقع النظام الاستبدادي، أيّ نظام استبدادي، في العالم.. مع اختلافات في التفاصيل، هنا وهناك، تفرضها الفروق القائمة، بين كل نظام وغيره، في كل دولة محكومة بالاستبداد!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ