-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  08/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ملاحقة "البشير" ..

هل هي حلقة في مسلسل قد يطال قادةً عرباً آخرين؟

الطاهر إبراهيم*

عندما يقف "موريس أوكامبو" صاحب الماضي المشهور في التحرش بالنساء مدعيا أمام قضاة،  لا أحد يعرف كيف تم اختيارهم لعضوية المحكمة الجنائية في لاهاي، فيصدر هؤلاء "النكرات" حكما بإلقاء القبض على الرئيس السوداني "عمر البشير"، علينا أن نعلم أن القضية ليست جرائم إبادة في السودان، وإنما فصل جديد من فصول الحرب على العرب والمسلمين. وقد يكون وقع أخطاء غير مقصودة في المواجهة بين الجيش السوداني ومتمردي دار فور، لكنها أخطاء قد لا تعدو الأخطاء التي تقع دائما في مناوشات الحروب الأهلية.

بعض الأنظمة العربية شطبت من قاموسها أن تشير للعدوان باسمه الصريح إذا أوقعه الغرب ضدنا، ولا تسميه عدوانا حتى لايتكدر مزاج الأوروبي والأمريكي. أما هؤلاء فلا يخجلون من التصريح بالعداء تجاهنا. وإلا فهل وقف رئيس عربي واحد وتوجه إلى محكمة الجنايات بطلب القبض على الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بجريمة تقويض دولة عربية مستقلة هي العراق، مزقت حدودها، وقتل مئات الآلاف من العراقيين، وشرد الملايين. ثم لا يخجل أن يخرج علينا بعدها هذا "البوش" وقد دمر ذلك البلد ليقول: "آسفين لقد كنتُ ضحية معلومات مغلوطة لوكالة الاستخبارات الأمريكية، فليس هناك أسلحة دمار شامل في العراق".

وعندما قامت إسرائيل بعدوانها الغاشم المجرم على قطاع غزة، وفرضت على فلسطينيي قطاع غزة أن يحتفلوا بوداع عام 2008بدفن شهدائهم تحت قصف طائرات الإبادة الجماعية العمياء، حيث كان قرابة نصف عدد الشهداء من النساء والأطفال. وأن يستقبلوا عام 2009 تحت حمم الدمار الشامل، حيث قامت إسرائيل بعمليات التدمير المنهجي للأبنية ذات النفع العام كالمدارس التي لجأ إليها من دمرت بيوتهم، والمستشفيات التي كان آلاف الجرحى يتكدسون في ممراتها، ومستودعات "الأونروا" حيث أحرقت ما تبقى فيها من أغذية قليلة.

ورغم هذا الإجرام المبصر الذي تم عن عمد وسابق تصميم، تسابقت حكومات أوروبا الحديثة لطمأنة رموز القتل العنصري في إسرائيل، بأن برلماناتها سوف "تنظف" قوانينها من المواد التي تقضي باعتقال من يثبت أنه مارس الإبادة الجماعية أو انتهك حقوق الإنسان.

وحدها حكومة "النروج" أرسلت ناشطي حقوق الإنسان فيها "لتوثيق" الانتهاكات التي استهدفت المواطن الفلسطيني. لكن الناشطين علقوا على الجانب المصري، فلم يسمح لهم بالعبور إلى الجانب الفلسطيني. أما الناشطون العرب الذين تنادوا إلى تقديم الدعاوى إلى المحكمة الجنائية باعتقال من تثبت إدانته من الإسرائيليين، فقد فشل هؤلاء الناشطون في أن يجدواحكومة عربية -ممن وقّعت على "بروتوكول" تشكيل تلك المحكمة- تقبل أن تتبنى رفع تلك الدعاوى.

وفي تفاصيل المؤامرة التي يتعرض لها السودان العربي المسلم: فإن عواصم النفاق الأوروبي ساءها أن يرفض السودان مصادرة قراره لصالح قوى الضغط الدولية ،واتجه ليستثمر ثرواته بنفسه، بمساعدة الصين. فكان أن زرعت دول الضغط الغربية قنابل موقوتة في طريق حكومة الرئيس البشير. واشنطن دعمت "جون جارانج" في الجنوب السوداني، الذي قاد تمردا –بتسليح وتمويل من واشنطن وبخبرات إسرائيلية- ضد الحكومات السودانية المتعاقبة. وقد فشلت كلها في إنهاء التمرد، لأنها كانت ترجع في قرارها إلى العواصم التي تدعم التمرد.

وعندما قامت حكومة الإنقاذ أدار الرئيس "البشير" ظهره للعواصم الغربية، خصوصا واشنطن. واتبع سياسة الاعتماد على الموارد السودانية وتنميتها بأيد سودانية. فأدرك جارانج أنه سيخسر الحرب، وربما طرد من الجنوب كله، فقبل الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية ،وكان ذلك بنصيحة من واشنطن. وقد سقطت طائرته في أوغندا عام 2005 وقتله الله.

أما وقد يئست واشنطن من أن يكون الجنوب هو الخاصرة الضعيفة للسودان، فقد أوعزت إلى حكومة "تشاد" الموالية للغرب بأن تسلح أطرافا بإقليم دار فور. فدخل السودان في صراع أشد وأنكى من صراع الجنوب، لأنه صراع بين قبائل عربية وأخرى أفريقية، وكلها قبائل سودانية ومسلمة. ومن نظر "خليل إبراهيم" زعيم حركة العدل والمساواة في "دار فور" أثناء مفاوضات المصالحة في "الدوحة" التي رعتها الحكومة القطرية في شهر شباط 2009 فقد رأى وجها (لا يضحك لرغيف الخبز الساخن) (مثل يضرب للرجل المقطب الوجه دائما)، فكيف سيصالح؟

مشكلة السودان مع واشنطن خصوصا ومع الغرب عموما، تتلخص بأن الغرب يريد أن يقضي على التوجه الإسلامي لحكومة "البشير"، وأن يستولي على النفط السوداني الذي يبشر بكميات واعدة. لذلك فقد تركت واشنطن وأوروبا المحكمة الجنائية كي تزعزع أمن الرئيس السوداني، فيخضع للابتزاز الأمريكي الأوروبي. فإن قبل فقد تم احتواؤه فيسهل التخلص منه، وإن رفض فقد وضع نفسه في دائرة الاستهداف الاستعمارية، نهبا للقلق والخوف من الاعتقال.     

القريبون من الرئيس "البشير" يؤكدون أنه مصمم، ليس على رفض الامتثال "للمؤامرة" فحسب، بل سيصعّد المواجهة مع الاستهداف والتهديد، ولن يكون صيدا سهلا كما كان الرئيس القذافي. وهو يدرك أن الخضوع للابتزاز سيجعل موقفه مهزوزا، وأي تنازل سوف يجر تنازلات. أما المواجهة فلن تكون بأسوأ من الوقوف أمام محكمة الجنايات التي لا يشرّف أي عربي أن يَمْثل أمام مدعيها العام "أوكامبو" الذي يتحرش بالنساء. والموت قتلا أهون من ذلك.

أسوأ ما في الأمر أن القادة العرب غير مدركين لخطورة اعتقال الرئيس السوداني، وقد ركنوا

إلى سراب من الأمل بأن مجلس الأمن سوف يصدر قرارا بتأجيل الاعتقال سنة. وحتى لو تم ذلك، فسيبقى السودان عرضة التهديد باعتقال "البشير" في أي لحظة، لأن الذين يتربصون به لا عهد لهم ولا ذمة، ولا أمان من غدرهم. وقد عرف العالم كيف قدّم الرئيس "البشير" لفرنسا خدمةً عظمى عندما اعتقل عام 1994 المجرم الدولي "كارلوس" المطلوب بجرائم في فرنسا وغيرها وسلمه لها. وها هو "ساركوزي" يعض يد "البشير" التي أحسنت إلى فرنسا.

ومن منا لا يذكر اختطاف سفينة "أخيل لورو" عام 1988، من قبل أمين عام "جبهة التحرير الفلسطينية "أبو العباس"؟ فقد مات على متنها رجل أمريكي ثمانيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، "موت ربه"، أي من دون فعل جنائي. وقد تدخلت مصر لإطلاق سراح "أخيل لورو"، على أن يسمح لأبي العباس أن يغادر إلى تونس. وقد أقلته طائرة مصرية فاعترضتها طائرات أمريكية وأرغمتها على الهبوط في قاعدة أمريكية في إيطاليا واعتقل البوليس الإيطالي "أبو العباس". رئيس وزراء إيطاليا في حينه رفض أن يسلّم "أبو العباس" إلى واشنطن وأطلق سراحه. لكن لا أحد يضمن أن لا يصيب البشير ما أصاب "أبو العباس"، حتى ولو قيل إن المحكمة الجنائية ليس لها ولاية إلا على الدول التي وقعت عليها. فأوروبا وأمريكا تتصرفان من دون أن تقيما أي وزن للقرارات الدولية إلا أن تخدم مآربهما الشريرة.

ويوم ذهب وفد من الجامعة العربية لمطالبة مجلس الأمن باستصدار قرار لوقف التدمير والقتل الإسرائيليَيْن ضد غزة في شهر كانون ثاني 2009، شعر الوفد العربي أن واشنطن تماطل في إصدار هكذا قرار حتى تنجز إسرائيل أكبر قدر من القتل والتدمير. يومها قال "سعود الفيصل" وزير خارجية السعودية جملة، وقد يكون قالها في ساعة يأس مما آل إليه حال الوفد: "ما لم يَصدر قرارٌ بوقف الحرب، فسندير ظهورنا للسلام مع إسرائيل". وقد كان لمقولته هذه وقعُ أفزع عواصم القرار الغربي، فكان أن صدر قرار بوقف الحرب في اليوم التالي. فهل يتنبه القادة العرب للخطر الذي يتهددهم جميعا، قبل أن يقول قائلهم: "إذا حلق جارك بلّ أنت، ما ورا جارك إلا أنت"؟ 

ــــــ

*كاتب سوري    

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ