-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  19/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإمام حسن البنا ... شهيد فلسطين

بقلم: النائب أسامة جادو

بدأ اتصال الإمام الشهيد بقضية فلسطين مبكرًا، فمنذ أن تفجَّرت ثورة الشعب المسلم في فلسطين في وجه المغتصب الإنجليزي ومن ورائه عصابات اليهود، كان للإخوان مواقف إيجابية على النحو الذي نعرض له موجزًا.

1- في عام 1936م ثار الشعب الفلسطيني الباسل على التصرفات البريطانية الغاشمة التي تمالئ اليهود في كل شيء، وتحرم العرب من كل شيء، وكانت الهيئات السياسية والأحزاب في مصر منصرفة كل الانصراف عن مناصرة فلسطين مناصرة جدية.

ولم يكن المتحرك لفلسطين إلا الهيئات الإسلامية... ومن هنا تقدم الإخوان المسلمون إلى مناصرة فلسطين الثائرة المجاهدة بكل ما فيهم من قوة، ووقفوا على ذلك جهودهم ماديًّا وأدبيًّا من حيث الدعاية والخطابة والنشر وجمع المال.... الخ.

2 - وفي يوم السبت الخامس والعشرين من صفر 1355هـ، الموافق مايو 1937م وجه الإمام الشهيد حسن البنا دعوةً إلى جميع الإخوان بالقاهرة للاجتماع مساء ذلك اليوم ولبى دعوته عدد كبير من الإخوان وخطب فيهم الإمام وشرح للإخوان ما حل بأهل فلسطين من كوارث ومصائب، ثم بين واجب الإخوان نحو نجدة إخوانهم المسلمين أهل فلسطين.

وبعد ذلك تبادل الإخوان الرأي حول وسائل نجدة فلسطين وانتهى الأمر إلى تكوين لجنة من الإخوان تكون مهامها:

1 - نشر مشروع تكوين هذه اللجنة في الصحف. 

2- نشر نداء من اللجنة إلى الأمة المصرية والمسلمين عامة.

3- إرسال برقيات الاحتجاج إلى المندوبين الساميين في مصر وفلسطين ونشر صورتها في الصحف وإرسال برقية أخرى إلى فضيلة المفتي بصفته رئيسًّا للجنة العربية العليا.

4- إذاعة بيان من اللجنة إلى عموم الإخوان والشعب.

 

واصطلح على تسمية هذه اللجنة "اللجنة المركزية لمساندة فلسطين التابعة لجمعية الإخوان المسلمين" وقامت اللجنة المذكورة بمخاطبة الأمراء والأنبا يؤنس بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وتم إرسال برقية تأييد ومساندة إلى سماحة المفتي الأكبر السيد أمين الحسيني مفتي فلسطين (رحمه الله تعالى)، كما دعا مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين إلى القنوت في الصلوات من أجل فلسطين وأن يكون القنوت في كل صلاة، يدعون فيه بنصرة أهل فلسطين وخذلان أعدائهم ومناوئيهم، ولتكن صيغة هذا القنوت على هذا النحو "اللهم غيّاثَ المستغيثين وظهيرَ اللاجئين ونصيرَ المستضعفين انصر إخواننا أهل فلسطين، اللهم فرج كربتهم وأيد قضيتهم وأخذل أعداءهم وأشدد الوطأة على من ناوأهم وأجعلها عليهم سنين كسني يوسف وارفع مقتك وغضبك عنا يا رب العالمين.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم " (المذكرات ص 216).

ولم يكتف الإمام بذلك بل فاضت مجلات ودوريات ونشرات الجماعة ورسائلهم وخطبهم بالحديث عن فلسطين ونكبة أهلها وبيان واجب الأمة نحوهم.

ووجد مفتي فلسطين الأكبر في ساحات الإخوان وصدر الإمام البنا متسعًا ورحابةً للنزول لديهم وعرض قضية فلسطين وشرح مؤامرات الإنجليز التي تلجئ الرجل المسلم الساذج إلى بيع أرضه لليهودي تمهيدًا منهم لتمكين اليهود واستيلائهم على مقاليد الأمور بفلسطين بحكم ملكيتهم لأرضها.

ويروي الأستاذ المجاهد الكبير محمود عبد الحليم (رحمة الله عليه) أن الإمام البنا كان يجمع الإخوان ويوزعهم على مساجد القاهرة يوم الجمعة فيرسل إلى كل مسجد اثنين على الأقل، أحدهما يخطب بعد الصلاة ويشرح للناس ما يقترفه الإنجليز من مظالم في فلسطين، ويوضح للناس أن فلسطين هي البلد الذي به بيت المقدس ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين، وأن الإنجليز يريدون أن يسلموا هذا الحرم المقدس إلى اليهود، ويقوم الأخ الآخر بتلقي التبرعات في صندوق معه.

وترتب على ذلك إحاطة الناس علمًا بأن هناك بلدًا مسلمًا بجوارنا اسمه فلسطين يراد بيعه لليهود، كذالك إيقاظ الروح الإسلامية الكامنة في الشعب المصري وإشعارهم بعداوة الإنجليز للإسلام.

وترتب على حركة الإخوان لنصرة فلسطين أن أحدثوا رد فعل قوي نحو القضية وغيرها من القضايا الأخرى لا سيما قضية فهم الفكرة الإسلامية فهمًا صحيحًا وأن المسلمين أمة واحدة.

وظل الإخوان على عهدهم نحو فلسطين وأهلها، واستمر نظام الخطابة في المساجد وجمع التبرعات، كذلك انطلقت مجلة "النذير" الإخوانية بمقالات نارية أدت في كثير من الأحيان إلى مصادرة المجلة، وكان الإنجليز هدف المجلة والإخوان مما أوجد لها قبولاً لدى الشباب وانتشرت المجلة انتشارًا واسعًا وكثرت المنشورات والدعوة إلى مقاطعة المحلات اليهودية في القاهرة ردًّا على ما يجري في فلسطين ورفع الإخوان شعار "إن القرش الذي تدفعه لمحل من هذه المحلات إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحًا يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين"، وكانت هذه الخطوة مدوية لأنها مست العصب الحساس لليهود.

3- كتاب النار والدمار في فلسطين:

استطاعت اللجنة العربية العليا لفلسطين أن تطبع كتابًا سمته "النار والدمار في فلسطين "وأمدت الإخوان بعشرات الألوف منه ويقع الكتاب في نحو ثمانين صفحةً تشرح ألوان الفظائع والتعذيب التي ارتكبها الإنجليز ضد مجاهدي فلسطين، وكل نوع من هذه الفظائع معزز بصورة فوتوغرافية وبأسماء المجاهدين الذين ارتكبت معهم هذا التعذيب..........".

وقد قام الإخوان بتوزيع الآلاف من هذا الكتاب في أسرع وقت فلم تمض ثلاثة أيام حتى عمّ الكتاب القاهرة وأنحاء الأقاليم، وقامت قيامة الصحف البريطانية والبرلمان البريطاني لمواجهة هذه الكارثة المدمرة وترتب على ذلك أن قام البوليس بمداهمة المركز العام وإلقاء القبض على فضيلة الإمام الشهيد حسن البنا (رضي الله عنه) وكان ذلك عام 1938م ومن ذلك التاريخ بدأ الإنجليز يهتمون بالإمام وأعدوا له دوسيهًا جمعوا فيه تاريخ حياته وأخذوا يعدون العدة للقضاء عليه وعلى دعوته. (تفصيل ذلك في كتاب أحداث صنعت التاريخ ج1 ص176).

4- المظاهرات الغاضبة تعم مصر كلها:

بعد مضي ثلاث سنوات تقريبًا من تحرك الإخوان وتبنيهم قضية فلسطين، أثمر التحرك الإخواني إيقاظ الشعب المصري.

وضع الإخوان خطة بحيث يقوم الإخوان (في جميع شُعب القطر كله يوم ذكرى وعد بلفور المشئوم 2 نوفمبر) بمظاهرات صاخبة يهتفون بهتافات محددة.

وقد نجحت الفكرة وقامت المظاهرات دليلاً على قوة الدعوة، وهزًّا لمكانة الحكومة التي تجاهلت ما يحدث في فلسطين، ومن ثمَّ أمرت بإلقاء القبض على مدبري هذه المظاهرات.

وللمرة الثانية يشعر الإنجليز بالذعر، فالمارد المحبوس يوشك أن يكسر القيد وينطلق يثأر لنفسه ولوطنه.

5- عقد مؤتمر عربي من أجل فلسطين:

لم تعد فلسطين مجهولةً ولم تعد قضيتها بلا مدافع، فلقد خطى الإخوان خطوة أكبر وأشد.

فقد وجه الإمام الشهيد حسن البنا الدعوة لرجالات البلاد العربية وعلمائها ومفكريها لعقد مؤتمر لدراسة قضية فلسطين في مصر، واستجاب الكثير منهم وانعقد المؤتمر في دار المركز العام بالعتبة وخطب فيه الزعماء العرب ثم تكلم الإمام البنا فألهب حماس الحاضرين وشرح ما يحاك بفلسطين من مؤامرات وبيَّن ما ينبغي القيام به لنجدة أهلها.

وكان نتاج ذلك أن توافد بعد المؤتمر على المركز العام للإخوان أمراء الدول العربية وساستها وعلماؤها للتشاور مع الحكومة المصرية والإخوان حول ما يجب عمله لإنقاذ فلسطين وتمخضت هذه اللقاءات بين الزعماء العرب والإخوان عن وسيلة هامة تحقق بعض الأهداف ولا تتصادم مع الحكومات المكبلة وكان ذلك بأن توجه الدعوة إلى جميع برلمانات العالم لعقد مؤتمر في القاهرة لمعالجة قضية فلسطين. 

6- عقد المؤتمر البرلماني العالمي بالقاهرة من أجل فلسطين.

نعم تحقق للإخوان ما أرادوا وانعقد المؤتمر البرلماني العالمي بسراي آل لطف بالقاهرة (مقر المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين)، وكان هذا أول مؤتمر عالمي من أجل فلسطين- وتحدث الكثيرون من زعماء العالم وشرحت القضية من جميع جوانبها وانتهى المؤتمر بقرارات موجهة إلى جميع دول العالم وإلى حكومة إنجلترا خاصة بوجوب تسوية هذه القضية بما يحفظ حقوق أهل فلسطين.

 

ماذا جنت القضية الفلسطينية من هذه التحركات الإخوانية؟

أثمرت هذه التحركات المتلاحقة والمتصاعدة من قبل الإخوان أن إنجلترا بدأت تشعر بالذعر والهلع، فسياستها في فلسطين أصبحت مهددة، ومن ثم أوقفت حملات القتل والسجن والتعذيب والتنكيل، كما أبدت استعدادها للتفاهم، وطلبت عقد مؤتمر من أجل فلسطين في لندن يضم العرب واليهود وممثلي الحكومة البريطانية، وسمي هذا المؤتمر بمؤتمر المائدة المستديرة وشارك في هذا المؤتمر الأميران فيصل بن عبد العزيز وأحمد بن يحيي وشارك الإخوان المسلمون في هذا المؤتمر باعتبارهم سكرتيرين للأميرين ومترجمين لهما ومن الإخوان الذين شاركوا في المؤتمر الأستاذ الدكتور محمود أبو السعود وكان وقتها طالبًا بكلية التجارة ويجيد اللغة الإنجليزية كتابةً وتحدثًا.

وكان مجرد عقد المؤتمر خطوة جديدة على طريق إسماع العالم مظالم أهل فلسطين التي طالما حاول الإنجليز- ومن ورائهم يهود العالم- أن يلقوا عليها ستارًا كثيفًا يحجبها عن العالم.

وقد أصدرت الحكومة البريطانية في أعقاب هذا المؤتمر ما يسمى الكتاب الأبيض وأهم ما في هذا الكتاب أنه وضع حدًّا لهجرة اليهود إلى فلسطين وكان ذلك في عام 1939م.

إلى أنه في آخر أبريل 1946م أصدرت لجنة التحقيق البريطانية الأمريكية تقريرًا ينسف هذا الكتاب وسمحت لمائة ألف مهاجر يهودي بالهجرة إلى فلسطين واستمرار الانتداب البريطاني وتعديل قانون بيع الأراضي وإشراف الحكومة البريطانية على الأماكن المقدسة. وجدير بالذكر أن لجنة التحقيق هذه طافت البلاد العربية متظاهرة أنها تبحث عن العدالة وقد حضرت إلى القاهرة في مارس 1946م واستمعت لجمع من الزعماء المصريين ومن بينهم فضيلة الإمام البنا تقول جريدة المصري:

"وقد تكلم الجميع في حماس مخل ثم ساد الجلسة السكون عندما جاء دور الشيخ حسن البنا وقد ارتجل كلمة هادئة رزينة باللغة العربية جمعت بين قوة الحجة وسرعة البديهة وحضور النكتة. 

7- هيئة الأمم المتحدة:-

وصلت قضية فلسطين إلى قاعات الأمم المتحدة، ولم تكن الهيئة أرحم من غيرها بفلسطين وأهلها.

إذ فوجئ العالم العربي والإسلامي بصدور قرار التقسيم في29/11/1947 ويقضي القرار بتقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية.

وقبل هذا التاريخ لم يكن لليهود وجود قانوني أو سلطوي بفلسطين وكان قرار التقسيم بمثابة زلزال هز كيان الأمة العربية التي سارعت وأعلنت رفضها التام قرار التقسيم وكان للإخوان رد فعل عبروا فيه عن ضمير الأمة العربية ونبض الجماهير العربية والإسلامية.

 

وفي الخامس عشر من ديسمبر 1947 أعد الإخوان مظاهرة- حق أن يطلق عليها مظاهرة مصر الكبرى- اهتزت لها جنبات القاهرة، واشترك فيها الأزهر والجامعة وتجمعت في ميدان الأوبرا حيث خطب في الجموع المحتشدة زعماء العرب وهم:

السيد/ رياض الصلح (لبنان)، الأمير فيصل بن عبد العزيز (السعودية) والشيخ أبو العيون وصالح حرب باشا والقمص متياس الأنطوني والسيد إسماعيل الأزهري (سوداني) والأستاذ المرشد العام الإمام حسن البنا وقال الإمام البنا:

"لبيك فلسطين... دماؤنا فداء فلسطين وأرواحنا للعروبة... يا زعماء العرب.. يا قادة الأمة العربية... إنني أنادي الأمم المجاهدة الحجاز وسوريا والعراق وشرق الأردن ولبنان وأبناء وادي النيل وكل عربي يجري في عروقه دم العروبة الحر.

أيها الزعماء... أنتم القادة وهؤلاء الجنود... قد وقفوا دماءهم لدفاعكم المقدس... إن هذا الشباب ليس هازلاً ولكنهم جادون... عاهدوا الله وعاهدوا الوطن على أن يموتوا من أجله. إنه وإن كان ينقصنا اليوم السلاح فسنستخلصه من أعدائنا ونقذف بهم في عرض البحر... لقد تألبت الدنيا تريد أن تسلبنا حقنا، وقد عاهدنا الله أن نموت كرامًا أو نعيش كرامًا...

إنني أعلن من فوق هذا المنبر أن الإخوان المسلمين قد تبرعوا بدماء عشرة آلاف متطوع للاستشهاد في سبيل فلسطين وهم على استعداد لتلبية ندائكم".

وما إن سمع الإخوان بذلك حتى سارعوا من أنحاء البلاد إلى التطوع من أول يوم فتح الإمام البنا فيه باب التطوع.

واستعد الإخوان وانخرطوا في معسكرات في التدريب وهم يرتلون آيات الجهاد ويتمنون الاستشهاد على رُبى الأقصى المبارك.

8- ومضت الأيام سريعة حتى جاء موعد انتهاء الانتداب البريطاني على أرض فلسطين ومع نهاية يوم 14 مايو 1948م انتهى الانتداب وفي الخيوط الأولى ليوم 15 مايو 1948م أعلن اليهود عن قيام دولة إسرائيل واعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها بخمس دقائق اعترفت بها دولة الاتحاد السوفيتي وتوالى اعتراف الدول الغربية المستعمرة بالدولة اللقيطة المزعومة.

ودخلت الجيوش العربية من شرق وغرب وجنوب فلسطين لتعيد الأمر إلى نصابه وقبلها كان الإخوان المسلمون قد دخلوا فلسطين من شمالها وجنوبها دخلت كتائب الإخوان المصرية وبعدها كتائب الإخوان السورية.

- وجدير بالذكر أن الإمام الشهيد توجه إلى فلسطين في شهر مارس 1948م قبل نشوب الحرب بشهرين تقريبًا، حيث وصل فضيلته إلى العريش وكان في استقباله أعيان العريش، ومنها توجه إلى فلسطين وقد وصل إلى رفح ومنها إلى خان يونس واستقبل استقبالاً حارًّا، وأبى أهلها إلا أن يؤدي صلاة الجمعة في مسجدها، ثم توجه إلى مدينة غزة حيث تقابل مع قائد المنطقة ثم عاد إلى العريش. (تفصيل ذلك أورده السيد الحاج عباس السيسي رحمة الله عليه في كتابه في قافلة الإخوان ج1 ص197).

ومن الملاحظ أن الجيوش العربية دخلت فلسطين في منتصف مايو 1948 لم تكن مستعدة للحرب استعدادًا يكفل لها أداء مهمتها على الوجه المرجو.

9- وحدثت الاشتباكات وكان لكتائب الإخوان المسلمين بلاء عظيم شهد به الجميع.

ولم يسجل هذا التاريخ إلا رجل واحد عاصر الحرب من أول يوم حتى نهايتها وهو الأستاذ الجليل كامل الشريف (رحمه الله) حيث سجل بطولات الإخوان وسير المعارك والأحداث في كتابه الشهير "الإخوان المسلمون في حرب فلسطين".

وخاض الإخوان ضد اليهود معارك عديدة حققوا فيها النصر بفضل الله تعالى وكانت أول المعارك "كفار ديروم" في 14 أبريل 1948م وهي إحدى المستعمرات اليهودية المحصنة، ومعارك كثيرة وبطولات خارقة وشهادات صادقة كلها تؤكد أن الشعار الذي رفعه الإمام البنا "الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" وهتف به في الإخوان لم يكن مجرد كلمات بل كان روحًا سرت في عروق وأوصال الإخوان فعاهدوا الله على الجهاد وتمنوا الشهادة في سبيله بصدق، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

وأعلنت الهدنة الأولى والثانية وفي كل مرة يضرب اليهود بالهدنة عرض الحائط حين يتمكنوا من إدخال أسلحة جديدة.

وكان للإخوان موقف مشرف في استرداد العسلوج وانتزاعها من أنياب اليهود بعد أن استغاثت القيادة العامة للجيش المصري بقيادة كتائب الإخوان فتقدموا وحرروا العسلوج.

وتكرر الوضع في "تبة اليمن" ثم في موقع آخر جنوب دير البلح يعرف باسم " التبة 86"، والتي سميت بعد ذلك بعد تحريرها على أيدي كتائب الإخوان باسم "تبة الإخوان المسلمين".

ويذكر أن الإمام حسن البنا ألقى كلمة في الإذاعة المصرية مساء يوم الخميس 11/6/1948م نيابةً عن هيئة وادي النيل لإنقاذ فلسطين جاء في آخرها:

"يا أيها المستمعون الكرام... القصة لم تنته بعد، والرواية لم تتم فصولها، ولا ندري ما يأتي بعد غدٍ، فيا أيها الشعوب العربية: لا تدعي اليقظة... ويا أيتها الحكومات كوني على حذر ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)﴾ (محمد).

10- وبينما كتائب الإخوان تؤدي دورها الجهادي البطولي في فلسطين وتلقن عصابات اليهود دروسًا في البطولة والفداء وإذ بقوى البغي والتآمر تتحالف مع بعضها وتبرم أمرًا بل مؤامرة للتخلص من هذا الكابوس المزعج "الإخوان المسلمون" فيجتمع ممثلو دول بريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة في منطقة فايد على البحيرات المرة بالإسماعيلية وذلك في 10/11/1948م ويتفقوا على حل جماعة "الإخوان المسلمون".

الحكومة المصرية يطلبون منه ضرورة حل الإخوان المسلمون بحجة خطرها على أرواح الأجانب وإلا احتلوا القاهرة وفي يوم 8/12/1948م صدر قرار حل الجماعة وتم القبض على الآلاف من الإخوان واعتقلوا في معتقل الطور في الصحراء الشرقية، ومعتقل الهايكستب في ألماظة ومعتقل العامرية بالإسكندرية ومعتقل أبو قير بالإسكندرية.

وتم القبض على المجاهدين في فلسطين وقيدوا الأغلال وسيقوا إلى المعتقلات وكان باستطاعة المجاهدين الإخوان أن يجعلوها حربًا أهليةً حيث السلاح في أيديهم لكنهم التزموا بالخلق الإسلامي الأصيل الذي تربوا عليه في مدرسة الإخوان وكانت هذه صفحة طوت الحديث حول فلسطين بصورة مؤقتة.

نعود فنقول إن الإمام الشهيد حسن البنا عليه الرحمة والرضوان دفع ثمن الدفاع عن فلسطين من حريته وحرية الآلاف من الإخوان، دفع ثمن ذلك دمه ودماء شهداء الإخوان.

كما أن فلسطين أظهرت قوة الإخوان للعالم إلا أنها جرت على الإخوان كثيرًا من المحن ومن ثم انطلقت أجهزة الإعلام اليهودية الغربية تستدعي الغرب كله على الإخوان وشخص الإمام البنا بصفة خاصة، حتى وصل الأمر إلى الحل ثم الشهادة.

وفي مثل هذا اليوم 12 فبراير 1949م انطلقت ست رصاصات لتستقر في جسد الإمام البنا ليشهد العالم نتيجة التحالف الدنس بين الدول الغربية (أمريكا- بريطانيا- فرنسا)، وحكومة الملك فاروق التي اغتالت الإمام البنا غدرًا من أجل التخلص منه ومن دعوته وأنصاره إرضاءً للغرب وتمكينا لبني صهيون حتى تعيش دولتهم المغروسة في قلب العالم العربي والإسلامي.

في مثل هذا اليوم صعدت روح إمامنا الشهيد لبارئها وارتقت إلى الفردوس الأعلى لتزف إلى الحور العين ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾ (الأحزاب) صدق الله العظيم.

تأتى ذكرى استشهاد الإمام البنا هذا العام والأمة الإسلامية تعيش أيام نصر وعزة, وقد مكن الله تعالى رجال المقاومة الإسلامية من دحر العدوان الصهيوني على غزة الصامدة وتأكد للجميع أن المقاومة هي الحل وأن طريق التحرير الكامل لكل فلسطين يتم عبر التضحيات تحت لواء الحق.

------------

*عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ