-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  17/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


اللهم احفظ المسجد الأقصى من كل سوء

الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة*

الحمد  لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد  – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد 

 

تابعنا خلال الأيام الماضية  الاعتداءات المتكررة التي قام بها المستوطنون على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وكذلك على أملاك أشقائنا المقدسيين ، إضافة إلى  قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتركيب آلات تصوير وكاميرات مراقبة في المسجد الأقصى المبارك ، واستباحة سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك من خلال سماحها لليهود والأجانب بالدخول إلى ساحات المسجد بملابس فاضحة.  

 

إن الأعمال التي تقوم بها سلطات الاحتلال جزء من مسلسل المخططات الإسرائيلية ضد مدينة القدس و المسجد الأقصى المبارك مثل عدم السماح للأوقاف الإسلامية بالترميم، ومنع المصلين من الصلاة فيه، وكذلك الاستيلاء على العقارات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك ، والاستمرار في الحفريات أسفل المسجد الأقصى المبارك لتقويض بنيانه وزعزعة أركانه ، وكذلك بناء كنيس على الأراضي الوقفية وعلى بعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك ، وكذلك مخططاتهم لبناء أكبر كنيس لهم على أراضي حارة المغاربة ، وكذلك ارتكابهم للموبقات والفواحش المختلفة داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك.

 

إننا نحذر من  النتائج المترتبة على ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات ضد المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة ومدينة القدس بصفة عامة ، كما نحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذا العمل ،  لأن هذا العمل سيؤدي إلى عواقب وخيمة لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها، لأن المساس بالمسجد الأقصى المبارك هو مساس بعقيدة جميع المسلمين في العالم، ويتنافى والشرائع السماوية، وكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

 

إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعي لتطبيق إجراءاتها الاحتلالية الظالمة بأن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل من خلال ابتلاعها للأوقاف والمقدسات في مدينة القدس وإقامة الكنس اليهودية ، والعمل على هدم المسجد الأقصى المبارك لبناء ما يسمى بهيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك لا سمح الله .

 

إن المسجد الأقصى المبارك مسجد إسلامي بقرار رباني لا يلغيه أي قرار صادر من هنا أو هناك، و أن ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك ارتباط عقدي ، وليس ارتباطاً انفعالياً عابراً، ولا موسمياً مؤقتاً، حيث إن حادثة الإسراء من المعجزات ، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية.

 

إن ديننا الإسلامي الحنيف جاء رحمة للعالمين ، حيث عاشت البشرية حياة كريمة آمنة مطمئنة في ظل دولة الإسلام ، فعندما نتصفح كتب التاريخ فإننا نجد صفحات مشرقة عن التسامح الإسلامي ، مع أهل الديانات الأخرى ، وعن الأسلوب الطيب في احترام الآخرين 0

 

إننا نجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- يرفض أن يصلي في الكنيسة التي عرض عليه أسقف بيت المقدس أن يصلي فيها لماذا؟ حرصاً من عمر  - رضي الله عنه - على بقاء الكنيسة لأصحابها ، فقد قال للأسقف: لو صليت هنا لوثب المسلمون على المكان وقالوا : هنا صلى عمر وجعلوه مسجداً !!

 

كما نلاحظ المعاملة الطيبة من المسلمين تجاه أهل الكتاب وهذا ما دفع الكثير من أهل الكتاب للدخول في هذا الدين الجديد لأنهم وجدوا فيه ضالتهم من السماحة واليسر والمحبة والأخوة .

 

فهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقد مرت عليه جنازة يهودي فقام النبي – صلى الله عليه وسلم-لها ، فقيل له : إنها جنازة يهودي فقال : "أليست نفساً" (1) .

 

وهذا أمير المؤمنين – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه، يرى شيخاً متوكئاً على عصاه وهو يسأل الناس، فسأل عنه فقيل إنه كتابي، وفي رواية- نصراني-فقال : " خذوا هذا وضرباءه إلى بيت المال فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته وتركناه عند شيبه" (2) .

 

وروي أن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- ذبحت في بيته شاه فقال: أهديتم لجارنا اليهودي منها ، قالوا : لا ، قال أهدوا إليه، فاني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) (3) .

 

إن صيحة "  {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ }( 4) ، تظهر عظمة هذا الدين، تظهر مدى مخاطبته للعقول لتختار بين طريق الإيمان وطريق الكفر، طريق الخير وطريق الشر، طريق الحق وطريق الباطل .

 

فالإسلام لم يفرض على النصراني أن يترك نصرانيته، أو على اليهودي أن يترك يهوديته، بل طالب كليهما – ما دام يؤثر دينه القديم- أن يدع الإسلام وشأنه ، يعتنقه من يعتنقه، دون تهجم مر، أو جدل سيء .

 

إن التسامح الذي عامل به الإسلام غيره، لم يعرف له نظير في القارات الست، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة، ومنح مخالفيه في الاعتقاد كل أسباب البقاء والازدهار مثل ما صنع الإسلام، وفي مجتمع يضم أناساً مختلفي الدين، قد يثور نقاش بين هؤلاء وأولئك من الأتباع المتحمسين ، وهنا نرى تعاليم الإسلام صريحة في التزام الأدب والهدوء {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ َ} (5).

 

والعهدة العمرية التي أرسى قواعدها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- مع بطريرك الروم صفرونيوس في السنة الخامسة عشر للهجرة تمثل لوحة فنية في التسامح الإسلامي الذي لا نظير له في التاريخ  ، التسامح بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين الحبيبة ، هذه العلاقة الطيبة التي ما زالت وستبقى إن شاء الله ،وهناك من يقول : بأن الإسلام قد انتشر بالسيف ...

 

هذا قول خاطيء فالإسلام لم ينتشر بالسيف، ولا بالقوة، ولا بالعنف، لأنه لو انتشر الإسلام بالسيف لزال الإسلام يوم أن زال السيف .

 

فهذه بريطانيا كانت الشمس لا تغيب عن ملكها بفعل السيف، فلما زال السيف زالت لكن سيف الإسلام-على حد قول هؤلاء- زال ، ولكن بفضل الله ورحمته نرى وجوهاً جديدة تدخل كل يوم في دين الله أفواجا .

 

إن الإسلام قد انتشر بالأخلاق، بالقدوة الصالحة، بالحكمة والموعظة الحسنة، هذا ما تحلى به التجار المسلمون يوم طافوا البلاد بأخلاقهم الكريمة وصفاتهم الطيبة، فدخل الناس في دين الله أفواجا .

 

هذه هي أخلاق المسلمين وسماحة الإسلام ، أما اليوم فنرى المسلمين يمنعون من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك ، وتتعرض مقدساتهم للاقتحامات والاعتداءات والمؤامرات ، فما أحوج الأمة إلى جمع شملها ورص صفوفها وتوحيد كلمتها ، وبهذه المناسبة  فإننا نناشد  فصائل الشعب الفلسطيني بضرورة العمل على  إنجاح الحوار الفلسطيني الفلسطيني فوراً لأنه أهم خطوة على طريق حماية القدس والأقصى والمقدسات،كما ندعو جماهير الشعب الفلسطيني إلي رص الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة،للدفاع عن المقدسات كافة، وعن المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة،وشدّ الرحال إليه دائماً، لإعماره وحمايته من المؤامرات الخطيرة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا عليه.

 

 كما ونناشد  منظمة المؤتمر الإسلامي  ولجنة القدس ورابطة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية بضرورة التحرك السريع والجاد لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك ، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس ، وسائر الأراضي الفلسطينية، ومن حقنا أن نتساءل :  لماذا لا تعقد المؤسسات العربية والإسلامية اجتماعات لها لمناقشة هذا الوضع الخطير؟! وهل هناك أهم وأخطر من أولى القبلتين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟!

أملي أن تستجيب الأمة لاستغاثة الأقصى والقدس وفلسطين

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

ـــــــــــ

الهوامش :

1- أخرجه البخاري                           

2- كتاب الخراج لأبي يوسف           

3- أخرجه البخاري

4- سورة الكهف الآية (29)               

5- سورة العنكبوت الآية (46)

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ