-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  10/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


رياح التغيير في السياسة الخارجية الأمريكية

هل تهب لتبعث الأمل لدينا هنا بشكل خاص؟

تحسين يقين

Ytahseen2001@yahoo.com

يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة عازمة على فعل شيء جديد هنا في الشرق الأوسط؛ فتتبع بضعة عقود لسياسة الولايات المتحدة يجعلها تعيد النظر بجدية في علاقاتها ومواقفها، على الأقل لتعود إلى الحد الأدنى المقبول والتقليدي، والذي يقيم نوعا من شبه التوازن في نظرتها وسلوكها تجاه قطبي النزاع العربي- الإسرائيلي، ذلك أن السير بذات الوتيرة صار مرفوضا أمريكيا، كون الاستمرار به صار يضرّ المصالح القومية لها، ويمعن في تخريب صورتها، كدولة كبرى، يفترض بأن يكون صوتها مسموعا، بما تملكه، ليس من القوة المادية فحسب، بل بما تملكه من قوة ثقافية حضارية تستند فيها للعقلانية والعدل والمبادئ والمثل، حيث ما انفكت تبشر بالمفاهيم الإنسانية في الحكم والحقوق، وفقا للصورة التي رسمتها لنفسها من تأسيسها، داخل البلاد وخارجها.

وبذا، فإن التغيير المرتقب سيكون فرصة ثمينة لها، وللدول والشعوب التي ترتبط بها، سلما كان ذاك الارتباط أم حربا، وعلى هذا الأمل تبني دوما الشعوب أحلامها وأمنياتها، في رؤية عالم أكثر اقترابا من الحكمة والحق.

لنا كفلسطينيين ألا نمل من الأمل، فلا يمكن أن يظل الانحياز الأمريكي إلى أكبر مدى، فقد حان الأوان لترفع الولايات المتحدة صوتها قائلة لحليفتها إسرائيل كفى! إلا إذا زهدت الإدارة الجديدة بمواقف الشعوب والحكومات هنا، ولربما يكون الحدث الدامي في حرب حليفتها المدللة على غزة دافعا قويا لها لتضغط عليها لتعيدها إلى ما يقرب من الصواب، إذا أرادت إسرائيل أن تنتسب إلى هذا العالم، وإذا أرادت أن تظل مدللة الحليفة الكبرى!

فحتى يكون للسياسة الأمريكية مصداقية هنا، وحتى تحتفظ بما تبقى من القوى العربية المعتدلة، وحتى تجد آذانا صاغية، وترحيبا بالتعاون، وتجديد الصداقة ومنحها آفاقا أوسع، صار لا بدّ من التغيير، الذي إذا لم يكن اقتناعا بالمثل والمبادئ التي تربي الولايات شعبها عليها، يكون انطلاقا من الحفاظ على المصالح العليا للولايات المتحدة.

ويبدو أن هذه القناعة هي في الطريق إلى أن تتجلى في السياسة الخارجية الأمريكية، بشكل عام، في أكثر من مكان، حتى ولو تم البدء بها رمزيا، في اتخاذ قرار إغلاق معتقل غوانتمانو، ونية الانسحاب من العراق، والإعلان عن موفدها للشرق الأوسط وإيفاده بالفعل إلى هنا، وحتى ولو كانت المنطلقات وراء تلك القرارات لا تنبع من الاقتناع التام القادم من المبادئ، كما نرى نحن هنا، حيث أن لنا وجهة نظر تفسيرية تختلف عما هو معلن أمريكيا، لكن ولأننا نحب الأمل ونتعلق بقش، فلنا أن ننتظر أفعال الرئيس باراك أوباما وإدارته الجديدة، فهو الذي خاطب الجماهير طالبا منها أن تنظر إلى أفعاله لا أقواله.

وليس يعيب الولايات المتحدة أن تعدّل من سياستها الخارجية سعيا وراء الحفاظ على مصالحها العليا، ولعل في تأكيد المسؤولين الأمريكيين على هذا الأمر، ما يمكن أن يكون رسائل لطرفي النزاع، تقوم من جانب على بث الأمل في نفوس العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، وألا يستسلموا لعوامل الإحباط، وألا يدخلوا مداخل متطرفة بدوافع اليأس، خصوصا بعد مجزرة غزة، في حين تقوم في جانبها الآخر على تنبيه إسرائيل إلى أنه لن يكون من السهل أن تستمر في سياستها الإقصائية للشعب الفلسطيني، وأنه آن الأوان أن تفكر مليا في البحث عن أفضل الوسائل والطرق الإسرائيلية لدفع استحقاقات السلام القادم إن أرادت ذلك السلام أن يصير حقيقة واقعة على الأرض.

في هذا السياق، يمكن قراءة تصريح شخصية سياسية أمريكية رفيعة في الشرق الأوسط لي ولمجموعة من الكتاب الفلسطينيين، قراءة متفائلة، فقد ذكرت تلك الشخصية الدبلوماسية، بأن " الولايات المتحدة تولي القضية الفلسطينية في صلب اهتماماتها، وهي مدركة بأنه لا بد من الإسراع في حلها، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية، وأن ذلك يشكل مصلحة قومية للولايات المتحدة"، متبعة اهتمام الولايات المتحدة بالأجيال الجديدة التي تنشأ هنا على هذه الأرض، بما يمكن الأطفال أن يعيشوا في دولة مستقلة، وهي لأجل ذلك مستمرة في دعم الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية، وأن كون إسرائيل حليفة مهمة للولايات المتحدة، فإن ذلك لا يمنع من الاستماع إلى آراء أطراف النزاع...

بالنسبة لي، كمواطن فلسطيني، وعربي، فإنني أجد في هذه القناعة الأمريكية، والتي رغم أنها قادمة من منطق المصالح، مبعث أمل، تدفعنا نحو العزف على هذا اللحن عربيا ودوليا؛ فحين يصير إنهاء الاحتلال للأرض المحتلة مصلحة لدولة كبرى كالولايات المتحدة، فإن ذلك يؤكد على الحق الفلسطيني، ويمنحه ليس الشرعية التي يحتاجها فقط، بل يمنحها ما هو أقوى، ويتمثل في رؤية الإدارة الأمريكية لكل ما يطيل الاحتلال، ويؤخر حل القضية الفلسطينية، يشكل خطرا على مصالحها؛ فيصير لزاما على إسرائيل الدولة الحليفة والصديقة والمدللة أن لا تضطر الإدارة الأمريكية لنوع آخر من التعامل، وهنا، يتحتم على إسرائيل أن تبادر جبرا عنها لإرضاء الولايات المتحدة، وألا تطيل حرجها مع الدول العربية، وهذا لا يعني إلا شيئا رئيسا واحدا، وهو دفع إسرائيل استحقاقات العملية السياسية فعليا لا مجرد البعد الشكلي، وتكرار المبررات غير المقنعة لأحد.

انظروا إلى أفعالي لا أقوالي، هي عبارة وشعار للرئيس الجديد، وكأنه بها يرسل رسالة إلى جميع الأطراف، في داخل الولايات المتحدة وخارجها، تتلخص الرسالة بأنه هو أيضا سينظر إلى ما يفعله القادة لا ما يقولونه، وبذا فليس أمام القادة إلا أن يفعلوا، وليس أي فعل!

الدبلوماسيون الأمريكيون خارج الولايات المتحدة يؤكدون على أن هذه المرحلة مرحلة تغيير، ربما ليحتفظوا بأصدقائهم وحلفائهم، وشعوب الدول الصديقة التي تنعت بالمعتدلة، وأملا في زيادة الاعتدال في العالم العربي، بما يقرّب من الولايات المتحدة. لكنّ بيت القصيد في التغيير على الأرض هنا، وفي نفوس الناس، ونفوسنا، هو في رؤية الأفعال الأمريكية الجديدة الجدية، التي تراعي معايير القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وإنهاء الاحتلال.

كلا الطرفين: العرب والولايات المتحدة، ينتظران الفعل الجدي، ويتوقعانه، ولذلك فإن الفرصة اليوم أمام الولايات المتحدة أن تبادر إلى الفعل كونها تملكه، وتملك مقومات الضغط على الحليفة إسرائيل لتختار جادة الصواب.

الكرة الآن في الملعب الأمريكي، وفي الملعب الإسرائيلي أيضا، وهما، أي الولايات المتحدة وإسرائيل، يدركان أنه لا بد من التغيير، وإن لم يحدث تغييرا ما يمنح الأمل للشعب الفلسطيني للخلاص من الاحتلال، فمعنى ذلك، أن تصدع جبهة الاعتدال العربي متجهة إلى انهيار، ولا يمكن التنبؤ بما سيجد من أفعال هنا، وهذا ما لا ترضاه الولايات المتحدة كدولة عظمى، يزعجها ويسيء لها ويقلقها ويعرض مصالحها للخطر ألا تكون مسيطرة على الأفعال هنا وردودها، فهي لا تحتمل المفاجأة، ولا الارتجال، وهي تقاتل بأن لا يحدث هنا أي فعل يخرج عن نطاق سيطرتها!

بين المصالح والمبادئ يكمن الفعل الدبلوماسي، فلا ينقص من المبادئ شيئا، إن قلت بأن ما اتخذه الرئيس أوباما أفعال ونوايا تجاه معتقل غوانتمانو، في ساعاته الأولى في البيت الأبيض، هو أمر شكلي، فإذا صدّق الفعل للقول، ورأينا أن التغيير يتحقق، فلن يكون هناك كبير فرق بين السببين؛ المصالح أو المبادئ، إذا كانت النتيجة واحدة!

أقول هذا الكلام، بشكل خاص، لأن الدبلوماسي الأمريكي اعتبر نية إغلاق المعتقل عائدا إلى إيمان الولايات المتحدة بمبادئ معينة، وليس لأسباب لها علاقة بمؤسسات حقوق الإنسان في الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة!

ما نتمناه أن تعيد الولايات المتحدة الاعتبار لتلك المبادئ، ولمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي ولسن من زمن صار طويلا!

ومن نتمناه فعلا أن تولي الولايات المتحدة مصالحها رعاية خاصة، فلا تقبل أن تستمر حليفتها إسرائيل بتخريب علاقة الولايات المتحدة بالعرب، وتخريب صورتها لدى الشعوب، وأن تضغط بقوة على الحليفة بأن تغير، ليس أمام إسرائيل إلا أن تفعل ذلك: دفع استحقاقات السلام!

أما نحن العرب، والفلسطينيون، فعلينا أن نلتقط الخيط، وأن نكون إيجابيين، مثبتين للولايات المتحدة بصدق توجهنا إلى السلام، وأن صداقتنا مهمة وإستراتيجية، وأنه ليس صحيحا أن مصالح الولايات المتحدة تتركز في إرضاء إسرائيل، بل أن الإيغال في هذا، سيعرض تلك المصالح للخطر..يمكننا إعطاء بعضنا بعضا فرص أخرى؛ فالعلاقات الدولية لا تقف عند حدّ أو وقت أو حادث أو حديث.

لقد كان هنا الرئيس باراك أوباما قبل أن يقيم في البيت الأبيض، ورآنا على الأرض، كان هنا وهو سناتور، ورأى بعينه، ولا أظنه بعد أن رأى ويرى، أن يخدع نفسه بأن ما يراه ويسمع عنه ما هو إلا مبالغات عربية، كونهم أهل لغة وبلاغة، ولا أظنه، كما أعلن عن نفسه، سيكتفي بأن يرى الناس أقواله، وحتى نرى تلك الأفعال، فإننا هاهنا ننتظر، لعل وعسى..!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ