-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  07/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تاريخ سورية "9" 

فترة الحكم الوطني

مؤمن محمد نديم كويفاتيه*

تُعتبر فترة الحكم الوطني من الجلاء حتى الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال حسني الزعيم ، امتداداً للحكم الوطني الديمقراطي الذي ابتدأ رسمياً في آب عام 1943 في ظل الاحتلال الفرنسي لمُقاومته،  إثر النضالات الصعبة  والتضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا ورجاله الوطنيين الشُرفاء للتخلص من الاستعمار الجاثم على أرضنا السورية على مدار ربع قرن من الزمان ، والتي أدت تلك النضالات والتضحيات إلى انتخابات تشريعية نزيهة لأكثر من مرّة لاختيار ممثلي الشعب الذين كانوا يُطوقون بعد كل نجاح بما يُقوض مشاريعهم للتخلص من الاحتلال عبر عمليات الدس والتحريض وتأليب القوى عليهم وبعث الفتن والضغائن ، إلى انتخابات 1943 التي جاءت بالمُناضل الكبير شكري القوتلي رئيسا للجمهورية العربية السورية ؛  الذي كان له الفضل الأكبر لما ملكه من حكمة وإخلاص لقيادة سورية  نحو التحرر وجلاء المحتل الفرنسي إلى غير رجعة ،والذي استمر على رأس الدولة إلى يوم الانقلاب العسكري الأول عليه وعلى الديمقراطية والحياة المدنية ، ليضطر حينها إلى تقديم استقالته وحكومته وهو داخل سجنه في 6\4\1949، ليعود فيما بعد فترة الانقلابات منتصف الخمسينيات وسلطة العسكر ، وعبر الانتخابات التشريعية إلى الرئاسة ثانيةً ، ليتم على عهده الثاني الوحدة مع مصر عام 1958 ، ويتنازل حينها عن الرئاسة لصالح الرئيس جمال عبد الناصر ، ليطلق عليه حينها لقب المواطن العربي الأول .

هذا المواطن العربي الأول الذي كان مع الاستعمار صلباً وفي المواجهة ، وكان في نفس الوقت مع إخوانه السوريين خادمهم ومُلبيا لحاجاتهم ، وهو الذي أنفق جُلّ ماله لدعم قضية الاستقلال والتآلف الوطني ، الذي تجلت أروع صوره في تشكيلاته  الحكومية المتتالية ،  وكذلك في أشخاص المُرشحين والفائزين للمجالس البرلمانية التي وجدنا فيها التمثيل الأفضل لكل فئات الشعب ،سواءاً كان ذلك قبل الاستقلال أو بعده  ، أي ما بعد جلاء الفرنسيين عن بلادنا ، والتي كلف القوتلي  حينها أول حكومة في 27\4\1946  برئاسة سعدا لله الجابري الذي وُصف أيضاً بالتصلب والحزم مع المحتل وصدق الوطنية وحسن الأداء والكفاءة على نفس مستوى الرئيس القوتلي في العزيمة والشكيمة ، ، وقد ضمّت هذه الحكومة  أسماءا تُعبر عن معظم شرائح المجتمع من الأحزاب الوطنية التقليدية ذات التاريخ النضالي العريق ، ولأهميتها التاريخية سأذكر أسماءها ، وهم " خالد العظم للعدل والخارجية ونبيه العظمة للدفاع وصبري العسلي للداخلية وأحمد ألشرباتي للمعارف ميخائيل آليان للأشغال العامة وأدمون حمصي للمالية وعادل أرسلان للمعارف ، والتي جعلت من أُولى مهامها إعادة هيكلة الدولة بما يضمن المساواة بين مختلف أبناء الشعب وإقامة العدل وتكافؤ الفرص وضمان الاستقرار بما يكفل إعادة الاستثمار وعودة رؤوس الأموال لتأمين فرص العمل لكل المواطنين ، وقد استطاعت بالفعل تأمين مُعظم أهدافها ، إلا أن هذه القوى الوطنية وشخصياتها لم تستطع تطوير نفسها تنظيمياً وتقنياً بما يلاءم العصر ، مُعتمدة في وصولها للسلطة على سجلها الوطني وارتباطاتها بالوجاهات والأحياء والعوائل ، دون أن يكون لها منهج ورؤية أو بنية تنظيمية ، والذي زاد من شرذمتها وضعفها فيما بعد كثرة اختلافاتها الشخصية التي عمّقت من الشرخ بين مكوناتها ، مما ساعد على ضعف تأثيرها في نفوس الناس مع الأيام ، الذين انجر الكثير ممن هم في سن الشباب وراء تلك الأفكار البراقة  التي تبنتها بعض الأحزاب التقدمية ، القائمة على الإيديولوجيات والضبط والتنظيم ومعسول الكلام ، مما أدخلها في المُنافسة الحقيقية على كسب الشارع ، لتؤثر في الحياة العامة ، وتُمهد الطريق فيما بعد للقبول بالانقلاب الأول بعد ثلاث سنوات من الاستقلال والحياة الديمقراطية ، دون أن يلقى الإنقلابيون لأي مقاومة ؛ الذين دعمتهم تلك القوى المُسمات بالتقدمية ، المتعاونة مع الضباط الفاسدين وقوى الاستعمار الذين كانوا يتلقون الدعم منها ، مما أدّى ذلك إلى  ضياع الإرث الديمقراطي الكبير الذي شهدته سورية إلى ما قبل قيام الانقلاب العسكري الأول المُشين بقيادة الجنرال حسني الزعيم ، وتآمر الغادرين ، وليتعاقب على السلطة ما بعد الاستقلال إلى يوم الانقلاب خمس حكومات .

ومنها الحكومة الثانية بعد الاستقلال ، والتي قد شُكلت بعد استقالة حكومة سعد الله الجابري بسبب تدهور وضعه الصحي ، وعدم مقدرته للقيام بمهامه ، الذي ناب عنه في تلك الفترة خالد العظم لشهري 11و12 للعام نفسه 1946 ، ليُكلف الرئيس القوتلي بعد ذلك  السيد جميل مردم مكانه برئاسة الوزارة رسميا ومعه حقيبتي الداخلية والصحة في 28\12\1946 – 6\10\1947 ، والتي كان فيها سعيد الغزّي وزيرا للمالية وأحمد ألشرباتي في الدفاع وحكمت الحكيم للاقتصاد وعادل أرسلان للمعارف وعدنان الأناسي للعدل والأشغال العامة ونعيم أنطاكي للخارجية ، وعلى عهد هذه الحكومة تمّ انتخاب المجلس النيابي الثاني في العهد الوطني في 7\7\1947 ، والذي بدوره قام على تعديل الدستور للسماح لرئيس الجمهورية شكري القوتلي بترشحه لمرة ثانية ، تقديراً له ولنضاله ، ووفاءاً لهذا الرجل الكبير الذي قاد السفينة بأمان ، وخوفاً من إحداث هزّة انتخابات رئاسية مع وجود انقسام بالرأي العام اثر أحداث فلسطين ، وما رافقها من إثارة وغليان لا يعرف المرء أين ستؤدي بالوضع لو انفتحت الأمور على مصراعيها ، ولم تُعرف أبعاد الخطوات القادمة ، لتستقيل الحكومة الثانية في 6\10\1947 بعد الانتخابات التشريعية لاختيار حكومة بديلة للعهد البرلماني الجديد .

 

 

 

الحكومة الثالثة : كانت برئاسة جميل مردم بك إضافة للخارجية بتاريخ 6\10\1947 – 22\8\1948 وسعيد الغزّي للاقتصاد وأحمد ألشرباتي للدفاع ومحسن البرازي للداخلية والصحة وأحمد الرفاعي للعدل والأشغال العامة ووهبي الحريري للمالية ومنير العجلاني للمعارف ، وفي عهد هذه الحكومة أُعيد انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيساً لولاية ثانية درءا لأبواب الفتنة والانقسامات بعد خسارة حرب فلسطين ، واعتماداً على حزم هذا الرجل ووطنيته وسمعته وتاريخه لتخطي تلك المرحلة الصعبة ، الذي ابتدأت ولايته فيها من 17\8\1948 ، وفي عهده هذه الحكومة  هُزمت الجيوش العربية في مواجهتها مع الكيان الصهيوني  الذي أعلن عن إنشاء كيانه ودولته بعد انسحاب القوات البريطانية في 15\5\1948 وتسليمهم فلسطين للصهاينة ، وكانت سورية تُعتبر من أكثر الدول العربية تأثراً بما حدث في فلسطين ، مع أنّ الجيش السوري في ذلك الوقت كان فتياً وقليل العدد وقد تمكن من إحراز انتصارات كثيرة على العدو الصهيوني والوصول إلى بحيرة طبريا ، إلا أن استهدافاً شخصياً تحت قبة البرلمان كان يستهدف حسني الزعيم قائد الجيش المُتهم بدعم ضباط التموين الذين ثبت جلبهم للأغذية المغشوشة والفاسدة ، مما دفع الأمور الى التطور لتأخذ منحى التصعيد مابين المُعارضة والسلطة التي أُنهكت بفعل تلك الاحتجاجات والمظاهرات .

 

 

 

الحكومة الرابعة : أيضاً برئاسة جميل مردم بك الذي حمل معه حقيبة الدفاع في 22\8\1948 -16\12\1948 ، وكُلف بها للمرة الثالثة بعد استقالة وزارته السابقة إثر مباشرة الرئيس شكري القوتلي لمهامه كرئيس لفترة ثانية مدتها خمس سنوات ، وضمّت هذه الوزارة لطفي الحفار نائباً لرئيس الوزراء وزيرا للدولة وسعيد الغزي للعدل والمالية ومحسن البرازي للخارجية ومحمد العايش للزراعة والدولة وصبري العسلي للداخلية وميخائيل آليان للاقتصاد وعادل أرسلان للصحة والشؤون الاجتماعية وأحمد الرفاعي للأشغال العامة ووهبي الحريري للمالية ، والتي –الوزارة – اضطرت للاستقالة بسبب تداعيات حرب فلسطين عام 1948 ، وتحميل الشعوب لحكامها نتيجة التقصير ، واصطدام الجماهير مع السلطات أدت في النهاية إلى سقوط العديد من الحكومات العربية ومنها الحكومة السورية برئاسة جميل مردم

 

 

 

الحكومة الخامسة : كُلف بها خالد العظم في أعقاب المظاهرات والاضطرابات التي أعقبت حرب فلسطين في 16\12\1948 –  6\4\1949 ، ليحمل فيها العظم أيضاً حقيبتي الدفاع والخارجية ، ومحسن البرازي للمعارف ومحمد العايش للزراعة ، وأحمد الرفاعي للعدل والصحة والشؤون الاجتماعية وحنين صحناوي للاقتصاد وحسن جبارة للمالية وعادل العظمة للداخلية ومجد الدين الجابري للأشغال العامة ، وكان من مهام هذه الوزارة أن تعالج اتفاقية التابلاين لمرور البترول داخل سورية لتقدمها للمجلس النيابي وكذلك النظر في اتفاقية النقد السوري المعقودة مع فرنسا للتصديق عليها أو رفضها، وكذلك معالجة الموقف على الجبهة الفلسطينية لعقد هدنة مع الكيان الصهيوني ، وتأمين الموارد المالية لتسديد ثمن الأسلحة المُشتراة من فرنسا ، إلا أن الاضطرابات والمظاهرات المدعومة من بعض البرلمانيين الناقمين على قائد الجيش حسني الزعيم الذي ثبت تورطه في عمليات فساد ودعم الضباط الفاسدين بعد تشكيل الحكومة الجديدة لم تهدأ ، مما دعا الحكومة إلى الإعلان عن فرض الأحكام العرفية والاستعانة بالجيش لفرض النظام ، الذي اغتنم قائده حسني الزعيم الفرصة وبدعم أمريكي فرنسي لإنجاح الانقلاب لتمرير معاهدة التابلاين مع أمريكا واتفاقية النقد مع فرنسا ، التي تنظم وضع العملة السورية وعلاقتها مع الجانب الفرنسي وكان ذلك أيضا بتعاون وثيق من أكرم الحوراني صاحب الصلاة الوثيقة بالانقلابيين ومُعد بيان الانقلاب وقارئه ليُعلن الانقلاب المشئوم في 30 آذار 1949 ، ويتم بعدها التوقيع من قبل حسني الزعيم على كل المُعاهدات المشبوهة والهدنة مع إسرائيل بكل سهولة ويسر .

 

مواضيع متعلقة :

سعدالله الجابري وجميل مردم  وحسني الزعيم عنهم : في مُلحقات تاريخ سورية 8

 

خالد العظم عنه : في ملحقات تاريخ سورية 6

 

بيان الانقلاب الأول لحسني الزعيم ... الذي أعده وقرأه أكرم الحوراني 30 آذار 1949 

ومما جاء فيه ( .... مدفوعين بغيرتنا الوطنية ومتألمين لما آل إليه وضع البلد من جرّاء افتراءات من يدعون أنفسهم حكاماً مُخلصين لجأنا مضطرين إلى تسليم زمام الحكم مؤقتاً في البلاد التي تحرص على استقلالها كل الحرص ، وسنقوم ما يترتب علينا نحو وطننا العزيز غير طامحين إلى استلام الحكم بل القصد من عملنا هو تهيئة حكم ديمقراطي صحيح محل الحكم الحالي المزيف ، وإننا لنرجو من الشعب الكريم أن يلجأ للهدوء والسكينة مقدماً لنا المعونة والمساعدة للسماح لنا بإتمام مهمتنا التحريرية وإن كل محاولة للإخلال بالأمن من بعض العناصر الهدامة تقمع فورا دون شفقة أو رحمة )

 

مكونات الجيش السوري بعد الاستقلال نيسان 1946

كان الجيش السوري بعد جلاء القوات الأجنبية مكونا من فلول الجيش المختلط والحرس السيار والهمّل وخليط من الأقليات الغير متجانسة التي اُستقدمت من مناطقها لتكون  بتصرف المندوب السامي الفرنسي كي يحفظوا ولاء الأقليات ، ولذلك فقد كانت العائلات المالكة للأراضي والإقطاعية تحتقر الجندية كمهنة لوجود هذا الخليط الهجين الكسل المتأخر دراسياً والمغمور اجتماعياً والمعروف بتهوره ومغامرته لأنه لا يملك الأبعاد لقراراته ، وأيضاً لسيطرة العاطفة الوطنية على تلك العائلات ، التي تعتبر الانتساب إلى هذا الجيش  في فترة مابين الحربين العالميتين خدمة للمحتل الفرنسي ، وقد انضمت هذه الفلول فيما بعد إلى قوة الدرك السورية التي قاوم الكثير منها  الجيش الفرنسي المحتل اثر اندلاع الثورة الشعبية للمطالبة بالاستقلال ، والتي كان لرجال الدرك الأكثر وعياً وانتظاماً حينها من المواقف المُشرفة في حلبة النضال الوطني وهي معروفة من الجميع ، ومن هذا المزيج تكونت القوات السورية الوطنية ، وصدر بعدئذ قانون الخدمة العسكرية الإلزامية على اثر حرب فلسطين

وكان أكثر ضباط وجنود الجيش من العساكر الذين تطوعوا في صفوف الجيش الفرنسي السوري المختلط ، وكان لا يُسمح لهم بالارتقاء المناصب العليا القيادية في الجيش ، وبالتالي لم يكونوا بشعورهم بمستوى الحركة الوطنية ، مما جعل الجيش السوري الناشئ مطية سهلة للمغامرين من ضباطه ، وكان سبباً من أسباب الشقاق والتمزق في صفوفه ، وإبعاده عن واجبه المُقدس في الدفاع عن حدود الوطن وتحمل مسؤوليته وزجه في خضم السياسة والنزاع الحزبي والطائفي والعشائري، وكما قال بشير فنصة عن تلك المرحلة بأنها لأسباب ظروف تاريخية دولية فُرضت على سورية بحكم الانتداب والاستعمار الفرنسي للقضاء على استقلالها المنشود ، وقال فنصة عن هذا الجيش الذي ضم فلولا من العساكر والضباط المرتزقة بأنهم احد مخلفات الانتداب الفرنسي الذي عمل جاهداً في سبيل القضاء على جميع المؤسسات ذات الطابع الوطني المستقل ، وربط جميع أجهزة الدولة بما فيها القوات المسلحة بالحكام والمستشارين الفرنسيين  

ــــــــــــ

*باحث وكاتب ..مُعارض سوري

mnq62@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ