-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  31/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عودة تركيا إلى أمتها هو الانتصار الثاني بعد حرب الفرقان

بقلم: محمد علي شاهين

لم يكتف اليهود والصليبيون بهدم الدولة العثمانيّة من الداخل، وإقحامها في الحرب العالميّة لتكون الخاسر الأكبر، والإصرار على أنّها الرجل المريض لاقتسام تركتها، واستطاعوا بدهائهم إقصاء تركيا وعزلها عن العالم العربي، وأن يجدوا في صفوف العرب والأتراك من يجيد تزوير تاريخ العلاقات العربيّة التركيّة وتسميمها.

وكان من الطبيعي أن تقوم تركيّا الحديثة بدور فاعل في المنطقة، وتشارك في صنع أحداثها بعد هذه العزلة الطويلة، وأن تنهض بواجباتها تجاه جيرانها العرب، وأن تتعزّز الوشائج من جديد بين العرب والأتراك، كما كانت معزّزة نحو أربعمائة عام من الاندماج الكلي تحت راية الخلافة.

فقد انتهى ذلك العهد البغيض الذي يجعل من تركيا دولة تابعة للغرب، مكبلة بالأحلاف، ومقراً دائماً للقواعد العسكريّة، ومعبراً للجيوش الغازية، وحاجزاً أمام الخطر الشيوعي الذي تلاشى بانهيار الاتحاد السوفييتي.

وبرزت شخصيّة تركيّا المستقلّة في المنطقة في أوّل اختبار لها عندما رفضت الانصياع للمطالب الأمريكيّة خلال الحرب على العراق، ولم تسمح بالعدوان على العراق من أراضيها.

وانتقلت من الطرف المنحاز كليّا لإسرائيل، إلى طرف محايد خلال المحادثات الغير مباشرة بين سوريّة وإسرائيل، ثم إلى طرف رافض للعدوان واستخدام القوّة المفرطة ضد المدنيين العزّل.

ولبّى الشعب التركي النداء وخرجت ملايينه المؤمنة غاضبة، منددة بالهمجيّة الصهيونيّة وحقدها في شوارع المدن التركيّة، مطالبة بفتح المعابر، وإنهاء الحصار، هاتفة لفلسطين والمقاومة، وسارت قوافل المساعدات محمّلة بالطعام والدواء، لأنّ الأتراك أمّة تتطلّع لإقامة أفضل العلاقات مع الشعوب المسلمة.

وأدرك العرب أن الانتصار الذي أحرزوه في غزّة، لا يوازيه سوى عودة تركيّا إلى أمتها، وأنّها الشريك السياسي والاقتصادي الذي يعتمد عليه، وأنّها العمق الحقيقي والسند العسكري الذي لا يستهان به في ليل المنطقة وأزماتها بعد احتلال العراق.

وجاءت تصريحات المسؤولين الأتراك ومبادراتهم في حرب الفرقان تعبيراً حقيقيّاً عن الموقف الأخوي، وتصحيحاً لمسار العلاقات بين الأشقاء، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السيد رجب طيب أردوغان عندما وصف ما يحدث في غزة بـالهمجي، والجريمة ضد الإنسانية، وإرهاب الدولة، وأنذر إسرائيل بأنها ستحصد ما زرعته.

وقال أردوغان: يقول البعض إن تصريحاتي فظّة، لكنها ليست أكثر فظاظة من القنابل الفسفوريّة التي تستخدمها إسرائيل.

وأضاف قائلا: إن المدنيين والأطفال يموتون في غزة، وسوف يؤدي كل من غض الطرف على هذه الهجمات لأي سبب من الأسباب - الثمن أمام التاريخ.

وقال السيّد أردوغان: إن كنت سأتعاطف مع طرف فإنني سأتعاطف مع أهالي غزة ..

وأخاطب باراك وليفني: أتركوا عنكم حسابات الدعايات الانتخابية ..

وخاطب اليهود: عندما تعرض آباؤكم للضرب والطرد نحن من آويناهم وساعدناهم ..

وقال: أنا أتحدث هنا بصفتي زعيما لأحفاد تلك الدولة العثمانية ..

وقال: لا يمكن مسامحة إسرائيل على ما تقوم به في غزة ..

وقال بجرأة: إن قضية غزة هي قضية تركيا الإنسانية ولا يمكن أن نقف مكتوفي اليدين.

فهل يجرؤ حاكم عربي على التصريح بهذه القوّة من المعتدلين والممانعين؟

إنّ شعوبنا اليوم تتطلّع إلى الأمّة التركيّة التي جاءت بحزب العدالة والتنمية الذي يبني سياساته على التسامح والحوار، ويحترم الحريات الدينية والفكرية، ويرفض التعصب لزعيم واحد حتى النهاية، ويعد بديمقراطية واسعة النطاق داخل الحزب، لأنّ الإنجازات التي حققها لشعبه جعلته قدوة تحتذى في البلاد العربيّة، بعد سلسلة طويلة من الانقلابات العسكريّة والحكم الجبري الذي أذلّها وأفقرها.

ومما يملأ القلوب بالبهجة، والنفوس بالاطمئنان ذلك النهج التركي السديد الذي أعاد الأمل إلى أهل السنّة باستعادة دورهم الذي سلب منهم في المنطقة، وبدّد أحلام القوى الطامعة بالوصول إلى المتوسط، وهزم مقولة أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة امتداد للنفوذ الإيراني، وحرم أمريكا من استغلال هذه القضيّة لصالح إسرائيل.

فلتتضافر الجهود المخلصة، ولتتشابك الأيدي المتوضئة، ولتتوحّد القوى المحبّة للعدل، في معركة الفرقان، فقد آذنت شمس الإسلام أن تسطع في سماء الشرق من جديد.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ