-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  29/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فشل أهداف الحرب على غزة، ومتطلبات البناء على انتصار المقاومة

ومواجهة الضغوط والتهديدات الأمريكية الأوربية لمصر

اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية

أوقف العدو الصهيوني حرب الإبادة الجماعية التي شنها على قطاع غزة منذ 27 ديسمبر الماضي نتيجة لتحطم أهدافه على صخرة صمود وبسالة المقاومة الفلسطينية وبعد أن بات استمرار مجزرته ضد الشعب الأعزل نذيراً بتكبيده المزيد من الخسائر العسكرية والسياسية.

لم يحقق جيش الكيان الصهيوني أياً من أهدافه المعلنة وغير المعلنة سوي قتل وإصابة الأطفال والنساء والسكان العزل وتدمير منازلهم فوق رؤوسهم، فلا توقفت الصواريخ على "المستوطنات وقطعان المستوطنين" الصهاينة، ولا انهارت معنويات الشعب أو تم دفعه للتمرد على منظمات المقاومة، ولا قبلت حماس أو غيرها من القوى المقاتلة للاحتلال شرطاً واحداً من شروطه لوقف مذبحته للأبرياء.

عسكرياً: خسر العدو وانتصرت المقاومة بتصليبها إرادة القتال والتحرير وباحتفاظها بالقوام الرئيسي لبنيتها وقوتها القتالية وبحفاظها على جاهزيتها لخوض حرب الشوارع مما أجبر جيش العدو على التوقف عند حصار أطراف المدن وعدم تجرؤه على اقتحام قلبها خشية مواجهة المقاومة واصطيادها لجنوده وآلياته.

سياسياً: كسبت المقاومة على ساحات متعددة:

* كشف هذه الحرب وفضحت على نحو لم يسبق له مثيل حقيقة الكيان الصهيوني الاحتلالي الإجلائي العنصري الإرهابي وفقدانه لأي معايير أخلاقية وإنسانية.

* كشفت وفضحت الأنظمة العربية التابعة لأمريكا أو السائرة في ركابها والمنتهجة لطريق التسوية السلمية وخيار السلام مع الكيان الصهيوني والاعتراف به كنظم تقف من الناحية الأساسية في معسكر الاستعمار والصهاينة رغم ما يحدث أحياناً من خلافات ثانوية بينها وبينهما. إذ قدمت هذه النظم - مثلما فعلت سابقاً في بداية الحرب على لبنان سنة 2006 – تبريراً وغطاءً للعدو بتحميلها للمقاومة مسئولية قيام هذه الحرب لرفضها ترك طريق المقاومة المسلحة للاحتلال والقبول بتهدئة دائمة معه، كما امتنعت عن اتخاذ أي خطوة لإسناد المقاومة أو للضغط علي العدو أو أسياده الأمريكيين والأوربيين لوقف مذبحته لسكان غزة العزل إلى حد الامتناع عن عقد قمة طارئة للجامعة العربية لإدانة العدوان والمطالبة بإيقاف المجزرة والتهديد باتخاذ مواقف سياسية أو اقتصادية ضد الكيان الصهيوني وحاميه الأمريكي ولو بالحد الأدنى.

* وكشفت الحرب أيضاً حقيقة ما يسمي بالتسوية السلمية والاعتراف أو خيار السلام مع الكيان الصهيوني كتسليم بالاغتصاب الصهيوني لفلسطين وإبادة شعبها وإجلاء من يتبقى منه لخارج وطنه من جهة، وكتبعية وخضوع للاستعمار الأمريكي والعالمي من جهة ثانية، وأكدت الحرب مجدداً أن السير في طريق التسوية بكل صيغها وأدواتها سيفضي بأصحابها للاستسلام للعدو الصهيوني والأمريكي - مهما كانت نواياهم أو ممانعاتهم أو تحفظاتهم على بعض التفاصيل- ما لم يصححوا مواقفهم من حيث المبدأ قبل فوات الأوان، فلا اعتراف أو صلح أو قبول أو تعايش سلمي مع استعمار استيطاني وقاعدة للإمبريالية الأمريكية والعالمية ضد استقلال وأمن وحرية البلاد العربية بأسرها.

* كما أكدت هذه الحرب مثلما أكدت الحرب على لبنان من قبل ومثلما أكدت كل حروب التحرر الوطني الظافرة أن هزيمة المستعمرين الاستيطانيين أو غير الاستيطانيين ممكنة بل وحتمية في إطار إستراتيجية حرب شعبية بداية بحركات المقاومة الشعبية وصولاً لحرب تحرير وطنية شاملة تخوضها الشعوب المسلحة والجيوش الوطنية المنبثقة منها أو المرتبطة بها ارتباطاً لا تنفصم عراه.

* وقد أكسبت هذه الحرب القضية الفلسطينية، وبما ارتكبه العدو الصهيوني المدعوم والمدفوع من الاستعماريين الأمريكيين والأوروبيين وبالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، نصراً سياسياً هائلاً بانتفاضة الشعوب العربية والكثير من شعوب العالم لنصرة الشعب الفلسطيني وإدانة الكيان الصهيوني ووحشيته وعنصريته وإرهابه الذي فاق كل إرهاب.

الآن أعلنت المقاومة وقف إطلاق النار مؤقتاً وانسحب العدو من داخل قطاع غزة وبقي أصل القضية وهي احتلال فلسطين وتفريعاتها كسلاح الحصار المشهر على غزة وغلق معابرها والانقسام الفلسطيني بين أغلبية مقاومة للاحتلال متمسكة بمشروع التحرير وأقلية مساومة واستسلامية ومن ورائها تيار الاستسلام العربي بأنظمته الحاكمة وبقوى أخرى معارضة لهذه النظم من منطلق مصالح أو آفاق سياسية وفكرية خاصة انعزالية وضيقة لكنها تقبل باستسلامها.

ومثلما كان الصراع محتدماً من قبل الحرب وأثنائها فسيستمر بل سيتصاعد وسيمتد لقضايا وأبعاد أكثر شمولاً وجذرية وذلك بالدروس التي أعطتها للشعوب العربية أو أكدتها هذه الملحمة الجديدة للمقاومة الفلسطينية من جهة، وبمقدار الذعر الذي أصاب قوى التبعية والاستسلام جراء فشل رهاناتها ودعاويها المضللة عن عجز الشعب الفلسطيني والشعوب العربية أمام بطش قوة الجيش الصهيوني من جهة أخرى.

وها هي القوى الانهزامية تبادر للعمل على إجهاض انجازات المقاومة وفي مقدمتها التأييد السياسي لخط المقاومة ونبذ طريق المفاوضات العبثية والمطالب الشعبية المتصاعدة بتطوير الصراع وتصحيح مساره والاتجاه للوسائل الفعالة لحسمه ضد الإمبريالية وصنيعتها الصهيونية:

* إذ بدأت هذه القوى عملها التخريبي ضد إنجازات المقاومة منذ اللحظة التي عرفت فيها أن العدو مضطر لوقف إطلاق النار من جانب واحد وقبل حدوثه.

* النظام المصري الحاكم عرّاب الاعتراف والصلح والاستسلام للكيان الصهيوني والداعية والممارس النشط لخط تصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة سارع لاستضافة قمة تشاورية أوروبية شرق أوسطية قبل ساعات من توقف القتال لتؤكد على مطالب الكيان الصهيوني التي عجزت مجزرته عن إجبار الشعب الفلسطيني على قبولها كوقف إطلاق الصواريخ ومنع السلاح عن الفلسطينيين وما يسمى حق الاحتلال الصهيوني في الدفاع عن احتلاله واغتصابه لأرض وحقوق الفلسطينيين، وتأييد المبادرة المصرية المعلنة منذ بدأت الحرب والداعية لنفس المطالب في جوهرها. وقد حاولت هذه القمة تخفيف الوقع السيئ المشين لدعواتها الوقحة على مستمعيها بالحديث المعسول عن إعمار غزة ومؤتمر المانحين للمساعدات وشروطهم الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.

* وهو ذات الموقف والسلوك الذي اتبعته القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت في اليوم التالي لوقف النار عندما ناقشت على هامش جدول أعمالها العدوان على غزة، ورفض النظامين المصري والسعودي وغيرهما مما يسمي دول "الاعتدال" الموافقة على مقررات وسطية وغير كافية لكنها تغضب الأمريكان والصهاينة اتخذتها قمة الدوحة كتجميد المبادرة العربية ووقف التطبيع مع الكيان الصهيوني، ونتيجة لذلك صدور بيان لا يغني ولا يسمن من جوع يتسم بلغة بلاغية جوفاء ونبرة تصالحية معسولة من قبيل امتصاص الغضب الشعبي على الدول التي مالأت العدو وفي مقدمتها النظامان السعودي والمصري، وكذلك على محمود عباس وجماعته في فلسطين الذي لم يخجل من مهاجمة المقاومة وهي في ذروة المحرقة الصهيونية على مواطنيه في غزة.

وفي إطار نفس الهدف استبقت أمريكا والكيان الصهيوني وقف العدوان بيوم واحد وعقدتا اتفاقية تفاهم التزمت فيها أمريكا بالعمل معه من خلال القيادة العسكرية الأمريكية المركزية (والتي تقع مصر والمشرق العربي في نطاق منطقة عملها) والقيادة العسكرية الأمريكية المختصة بأوروبا والقيادة العسكرية الأمريكية الإفريقية وبالتعاون مع قوات دول حلف الناتو وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول إقليمية (عربية)، لفرض مراقبة وحصار بحري وجوي وبري في المنطقة الممتدة من المغرب ومضيق جبل طارق إلى مضيق هرمز مدخل الخليج على توريد أو تهريب أية أسلحة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة العربية حتى يبقى الشعب الفلسطيني أعزلَ أمام الاحتلال الصهيوني المدجج بأحدث وأكثف الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً.

هذه الاتفاقية عدوان أمريكي صارخ وفج واشتراك أمريكي فعلي ومباشر في العدوان الصهيوني الدائم على الشعب الفلسطيني وحقه في التسلح ومقاومة الاحتلال والعدوان الصهيوني، كما أنها عدوان على مصر وانتهاك لسيادتها حيث تنص على قيام وحدات بحرية أمريكية ومن حلف الناتو بالتحرك شمال سيناء ومراقبين أجانب على أراضي سيناء لمتع التهريب إلى قطاع غزة. وقد سارعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإرسال مذكرة للحكومة المصرية تخطرها بأنها سترسل سفناً حربية لشرق المتوسط لمراقبة حدود مصر مع قطاع غزة واستعدادها للاشتراك في قوة المراقبين الدوليين على أرض سيناء. وتعد مشاركة الدول الأوربية في هذا الاتفاق انضماماً سافراً للحلف الأمريكي الصهيوني المعادي للشعوب العربية، ويجب ألا تمر هذه الاتفاقية الاستعمارية السافرة دون الرد المناسب من قبل الشعوب العربية على أمريكا وهذه الدول. أما مشاركة أي دولة عربية فيها فليس اشتراكاً في العدوان على الشعب الفلسطيني وتحالف مباشر مع الاحتلال الصهيوني فقط وإنما أيضاً تفريط في السيادة الوطنية والاستقلال لهذه الدولة التي ستصبح أجوائها ومياهها الإقليمية وأرضها ساحة مستباحة للقوات الأمريكية والأطلسية.

إن مصر هي وعلى ما أوضحنا أول الدول العربية التي تهدف الاتفاقية إشراكها في هذه الجريمة وذلك بحكم جوارها وامتلاكها للمنفذ العربي الوحيد مع قطاع غزة علاوة على ارتباطها باتفاقيات كامب ديفيد التي ألزمتها بالعمل على التعاون مع الكيان الصهيوني وأمريكا لتحقيق تسوية استسلامية للقضية الفلسطينية على أنقاض المقاومة الفلسطينية ومشروع التحرر الوطني الفلسطيني. ولقد سارع وزير الخارجية المصري فور إعلان توقيع الاتفاقية إلى القول إننا غير ملزمين بها وأن على أمريكا و(إسرائيل) أن يفعلا ما يريدان لكن بعيداً عن أرضنا كما أعلن الرئيس مبارك أن وجود قوات أجنبية على أرضنا خط أحمر (يقصد قوات جديدة بخلاف ما نصت عليه اتفاقية كامب ديفيد). لكن من يضمن ألا تكون هذه التصريحات موجهة للاستهلاك الجماهيري في وقت تصاعد فيه السخط على موقف النظام مما جرى في غزة وتأكد فيه فشل العدو وبقاء المقاومة إرادة وبنية وسلاحاً، وحتى على فرض أن الرئيس ووزير خارجيته يعنيان ما يقولان فعلاً، فمن يضمن ألا تستجيب الحكومة للضغط الكثيف الذي ستتعرض له بالضرورة للمشاركة في هذه الترتيبات ولو بصورة غير معلنة أو غير معترف بها علناً شأنها في ذلك شأن التعاون الأمني مع أمريكا فيما يسمي الحرب على الإرهاب (أي المقاومة) أو التسهيلات والقواعد العسكرية الأمريكية في مصر التي شاركت في عملية غزو العراق واحتلاله التي نشرت عددها ونوعها ومواقعها مجلة نيوزويك الأمريكية الطبعة العربية في أول أبريل سنة 2003؟ أو عدم موافقتها على قوات المراقبة والحصار على الأرض مع السماح بها من الجو وسواحل سيناء؟ وماذا ستفعل الحكومة لو تدخلت القوات الأمريكية والأطلسية في سيناء دون إذن أو موافقة مصرية؟ وماذا ستفعل القوى الوطنية لو وافقت الحكومة المصرية - تحت الضغط الأمريكي- على الاتفاقية؟

إن القوى الانهزامية ستواصل وتصعد حملة التباكي على ضحايا المحرقة الصهيونية في غزة وستذرف الغزير من دموع التماسيح كمحاولة للنيل من معنويات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بإخافتها من تكرار المحرقة في إطار الضغط على قوى المقاومة للقبول بالوقف التام والدائم لمقاومة الاحتلال والقبول بمفاوضات تحدد لها مسبقاً السقف الذي تدور تحته بنتف من الحق الفلسطيني وجرد المفاوض الفلسطيني فيها من أي سلاح أو ورقة يعزز بها مطلبه على تهافته وتفريطه.

أما قوى المقاومة التحرير فإن نجاحها – برغم الدماء الذكية الغزيرة التي سالت وبفضلها- في إفشال أهداف العدو في أول حرب شاملة يخوضها الشعب الفلسطيني من داخل أرضه - وتحت قيادة منظمات مقاومة منغرسة في هذه الأرض- بعد الاحتلال الكامل لأرض فلسطين التاريخية وضد كل ثقل الجيش الصهيوني ومن قطاع غزة المحدود المساحة والعمق المحاصر من جميع الجهات براً وبحراً وجواً، هذا النجاح يمثل حدثاً فريداً وواقعاً جديداً في تاريخ حركة التحرر الوطني الفلسطيني والعالمي:

* وقد أسقط هذا الواقع الفريد الجديد، وأكثر مما فعلته المقاومة اللبنانية البطلة، كل مبرر أو حجة وبأي درجة كانت للقبول بكيان ذاتي فلسطيني في الضفة والقطاع منزوع السلاح محاصر براً وبحراً وجواً فاقداً لأي شرط للسيادة أو الاستقلال أو أمن الوطن والمواطن ومأخوذاً منه القدس الشرقية أو جزءاً كبيراً منها في أفضل الافتراضات (وهي احتمالات باتت شبة منعدمة في ظل التهويد الواسع المتسارع للمدينة) وكتل "المستوطنات" الصهيونية في الضفة التي تمزقه هي والطرق الالتفافية والجدار العازل إلى أشلاء، هذا الجدار الذي يضم – علاوة على ذلك– جزءاً من أراضي الضفة إلى الأرض المحتلة سنة 1948، ويسمون هذا الكيان المسخ تزويراً وبهتاناً دولة فلسطينية لتضليل الشعوب العربية وشعوب العالم الأخرى، هذا بالإضافة إلى ارتباط إقامة هذا المسخ الخاضع للكيان الصهيوني ارتباطاً لا ينفصم في سياسة هذا الكيان الأخير بتخلي الفلسطينيين عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي طردوا منها.

* كما أسقطت نتيجة هذه الحرب كل حجة يتذرع بها البعض للتخلي عن تحرير فلسطين طالما أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية مستعدة لدفع ثمن تحررها وليست الحرية في أي مكان أو زمان بلا ثمن.

* لقد خلق الواقع الجديد الناجم عن الحرب أساساً طال انتظاره لخروج المقاومة الفلسطينية من منعطف تطورها الذي راوحت مكانها فيه منذ سنة 2005 (انسحاب العدو من داخل قطاع غزة) وعام 2006 ( فقد جماعة أوسلو الأغلبية في المجلس التشريعي) ولدخولها مرحلة جديدة تستعيد فيها المشروع الوطني الفلسطيني كاملاً كما كان عليه عندما انطلقت المقاومة في ستينيات القرن الماضي، بداية بمنظمة فتح ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي سرعان ما لحقت بها، وكما صيغ في الميثاق الوطني الفلسطيني سنة 1968 وتعيد بناء وحدة الشعب الفلسطيني حوله بناءً شاملاً. ويتطلب تثبيت الدخول الحاسم للمرحلة الجديدة إلى جوار الواقع الجديد بعض الشروط السياسية الهامة الأخرى على الساحة الفلسطينية في مقدمتها قبول حماس – باعتبارها منظمة المقاومة الرئيسية حالياً– أوسع وأمتن وحدة وطنية فلسطينية والتحالف بين جميع القوى الوطنية لمقاومة الاحتلال وتحرير الوطن دون استبعاد أو إقصاء لأي قوة أو فصيل مقاوم بدوافع أيديولوجية دينية انعزالية ومتعصبة ضارة بالصراع الفلسطيني العربي ضد الكيان الصهيوني الحريص على والمستفيد الأول من تديين الصراع ضده والذي هو بالأساس صراع وطني وقومي.

وترى اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية أن المهام المباشرة والعاجلة التي يتطلبها البناء على الانجاز التاريخي للمقاومة الفلسطينية يتعين أن تنطلق من واجب رئيسي للقوى الوطنية والعربية مجتمعة وهو التركيز، فوراً وفي المرحلة القادمة بعد ملحمة غزة، على عزل خط التسوية السلمية والاعتراف والصلح مع الكيان الصهيوني عزلاً واسعاً وعميقاً بين جماهير الشعب، وكشف حقيقة دعاته وأنصاره كانهزاميين ومستسلمين إما نتيجة لإحباطهم وفقدانهم الثقة بقدرة الشعوب على تحدي أعدائها الأقوياء وإنزال الهزيمة بهم من جانب، وإما لكون بعضهم تابعاً لهؤلاء الأعداء ومرتبطاً بهم برباط المصلحة الخاصة المتعارضة مع مصلحة الوطن والشعب من جانب آخر. وكشف الحقيقة كاملة أمام شعوبنا عن حقيقة المفاوضات العبثية مع الكيان الصهيوني برعاية راعيه الأمريكي والتي تدور في أطر وعلى أسس لا تكفل تحريراً أو استقلالاً لأي بقعة من أرض فلسطين وتتعارض تعارضاً تاماً مع أمن الفلسطينيين وطناً ومواطناً ومع الهوية الفلسطينية العربية لفلسطين وشعبها. ويشمل هذا الواجب وبالضرورة تقديم وإيضاح البديل الضروري وهو خط وإستراتيجية المقاومة والتحرير من الاحتلال الصهيوني لفلسطين لا بوصفها الطريق الوحيد للخلاص من الكيان الصهيوني وتحرير الشعب الفلسطيني فقط وإنما باعتبارها شرطاً أساسياً ومدخلاً ضرورياً في هذه المرحلة من تاريخنا العربي لأمن واستقلال جميع البلاد العربية خاصة دول الجوار الفلسطيني ولتقدمها الاقتصادي والسياسي ولإقرار وتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لطبقاتها الشعبية توفيراً حقيقياً. وعلاوة على ذلك فإن المقاومة والتحرير هي الإطار العام لإستراتيجية جميع البلاد العربية والمدخل الرئيسي لتقدمها لا بسبب التهديد الذي يمثله الكيان الصهيوني كقاعدة للاستعمار الأمريكي والعالمي فقط وإنما أيضاً لوقوعها جميعاً إما تحت حكم الاستعمار المباشر أو التبعية له أو التهديد به. فلا حرية ولا تقدم ولا ديمقراطية تحت حكم الاستعمار أو التبعية له.

في إطار هذا التقدير والتوجه المبني عليه ترى اللجنة أن مهمات القوى الوطنية المصرية والعربية التالية لملحمة غزة والمتعلقة والمرتبطة بالقضية الفلسطينية وبمواجهة الضغوط والتهديدات الأمريكية الأطلسية لمصر وكل الدول العربية في الفترة الحالية هي التالية:

1– مواصلة وتصعيد تعبئة وحشد الجماهير الفلسطينية والعربية حول التأييد السياسي غير المشروط للمقاومة الفلسطينية بكل أشكالها وعلى رأسها الكفاح المسلح ما بقي الاحتلال وإلى أن يزول.

2– رفض الموافقة على هدنة أو تهدئة دائمة أو طويلة مع العدو الصهيوني.

3– تطوير تسليح المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها قدراتها الصاروخية والمضادة للدروع والدفاع الحازم عن حق الشعب الفلسطيني في التسلح حماية لأمن أبنائه وتحريراً لأرضه.

4– إنهاء الحصار وفتح المعابر وخاصة معبر رفح أمام الفلسطينيين واحتياجاتهم من الخارج بصفة دائمة.

5– رفض وإدانة الاتفاقية الأمريكية الإسرائيلية لفرض حصار على توريد السلاح للشعب الفلسطيني والمذكرة البريطانية الفرنسية الألمانية، واللتان تنتهكان سيادة واستقلال مصر، وتعتديان على حق الشعب الفلسطيني في الأمن والتحرير من الاحتلال، وإدانة ومناهضة أية دولة عربية تشترك في تنفيذها أو توافق عليها أو تتعاون معها بأي صورة كانت. وندعو جميع القوى الوطنية المصرية والنواب الوطنيين في مجلس الشعب المصري لمساءلة ومطالبة الحكومة المصرية لتأكيد رفضها التام لهذه الاتفاقية والمذكرة الأوروبية المبنية عليها والتعهد أمام الشعب بعدم الخضوع لأي ضغوط أمريكية أو أطلسية أو صهيونية في هذا الشأن.

6– العمل الدؤوب وعلى وجه السرعة لإثارة اهتمام ورفع يقظة جماهير الشعب المصري بالضرورة الأساسية والعاجلة لإعداد بلادنا شعباً ودولة وجيشاً للدفاع عن استقلال وسيادة بلادنا ضد أي عدوان أو تدخل أو ضغط سياسي أو عسكري أجنبي إسرائيلي أو أمريكي أو أوروبي، وأيضاً لإمكان إنهاء القيود والترتيبات العسكرية المفروضة بموجب اتفاقيات كامب ديفيد والتي تركت وسط سيناء وشرقها خالية من القوات المصرية اللازمة للدفاع عنها ضد أي غزو أو عدوان، إضافة إلى القيود المفروضة على وجود الجيش المصري في غربها. وندعو جميع القوى الوطنية لمواجهة الحكومة المصرية بهذه الضرورة ومطالبتها باتخاذ الإجراءات واتباع السياسات المطلوبة لإعداد الدولة ومؤسساتها وسياساتها لهذه المهام وتحميلها أمام الشعب المسئولية عن رفضها أو التقاعس أو التأخير في تنفيذها. فخطر انتهاك السيادة والعدوان الجديد على الاستقلال ماثل وعاجل كما توضحه الاتفاقية الأمريكية الإسرائيلية والمذكرة الأوربية علاوة على الانتهاك والعدوان القائمين في شروط اتفاقية كامب ديفيد.

7– إنهاء الاعتماد في توفير الاحتياجات الاقتصادية والمالية للشعب الفلسطيني على المعونات الأمريكية والأوربية والتي تستهدف تخريب الكفاح الوطني الفلسطيني وكسر إرادة المقاومة والتحرير والاعتماد بدلاً من ذلك على معونات الدول والشعوب العربية والدول الصديقة وحدها.

8– استخدام الأموال التي خصصتها الدول العربية النفطية أو غيرها من أجل إعمار غزة وإعانة الشعب الفلسطيني دون ابتزاز سياسي للقوى الفلسطينية التي لا تتفق مع توجهاتها السياسية، ونرى مثلما رأت حماس أن قيام الدول العربية المانحة لهذه الأموال بعملية الإعمار التي ستمولها بنفسها قد يكون حلاً مناسباً في ظل الانقسام الحالي بين حكومة رام الله وحكومة حماس في غزة وإلى أن يزول.

9– تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس إستراتيجية المقاومة ووقف التعاون الأمني من جانب سلطة رام الله مع الكيان الصهيوني وهو ليس إلا تعاوناً مع العدو ضد أبطال الشعب وخيانة للقضية الوطنية الفلسطينية.

10– العمل على وجه السرعة لإقامة قيادة سياسية وطنية موحدة على أسس جبهوية لاستعادة المشروع الوطني الفلسطيني كاملاً من خلال إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، أو بتجاوزها - إذا تعذر شفاؤها- إلى إطار جديد يمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ويطور ويصعد كل أشكال النضال من أجل التحرير والعودة وفي مقدمتها المقاومة المسلحة، وتخفيض اختصاص الحكومة أو الإدارة الفلسطينية في الضفة والقطاع إلى مستوى المسئولية فقط عن إدارة ورعاية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للشعب لتجنيب أبناء الشعب النتائج السلبية للخلافات السياسية بين الأطراف الفلسطينية على حياتهم العادية، وللحد من تدخلات العدو للانتقام من السكان كمحاولة لدفعهم لعصيان حكومتهم أو إدارتهم الذاتية طالما ظلت مسئولة سياسياً عن المشروع الوطني الفلسطيني وقرارات المقاومة والحرب والتهدئة ومدها أو عدم مدها، وعلى أن تعيش القيادة السياسية العليا وأبرز رموزها أو أغلبهم خارج الأراضي الفلسطينية حالياً حماية لهم.

11– تصعيد النضال للضغط على الأنظمة العربية لسحب المبادرة السعودية التي صارت عربية في مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002 لقيامها على مرجعيات وأسس استسلامية مفرطة في الحقوق التاريخية والسياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة ومناهضتها للمقاومة.

12- مواصلة وتصعيد حركة مقاومة التطبيع والمقاطعة للكيان الصهيوني.

وعاشت المقاومة الفلسطينية حتى النصر

اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية

[22 يناير 2009]  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ