-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  26/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بلاغ إلى المُفتش " أوكامبو"

نشأت عنتر أمين*

الأمر جد ما هو بالهزل، فهذا بلاغ رسمي أقدمه للمدعي العام للمحكمة الجنائة الدولية القاضي" لويس أوكامبو" ، عن عدة جرائم من أبشع  الجرائم التي شهدها العالم في العصر الحديث، على مرأى ومسمع من العالم كله، هذه الجرائم تمثل انتهاكاً صارخاً للقواعد والمواثيق والأعراف الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف، وتمثّل، كذلك، تطبيقاً نموذجياً لنطاق عمل المحكمة واختصاصاتها، ومن ثم فهذه الدعوى دعوى قضائية مكتملة الأركان.

 

أولاً: سيدي القاضي، لأن حق التقاضي مكفول للجميع في عموم النظم القضائية الوطنية منها والدولية، فإن الدعوى أقدمها بصفتي واحداً من جلمة بني البشر الذين تألموا وانتفضوا إزاء هذه الجرائم البشعة التي أفزعت ضمائر الإنسانية بقوة، واحداً من ضمن ما يزيد على سبعة مليارات من بني الإنسان الذين رأوا وسمعوا وشاهدوا هذه الجرائم المرعبة على الهواء مباشرة، وتحرك منهم كل من يمتلك قلباً ينبض أو يضم بين جنبيه ضميراً حياً، إنها الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل المحتلة ضد أهالي غزة من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز وكل هذه الفئات من المستضعفين الذين تحرم كافة الشرائع السماوية إيذائهم أو التعرض لهم بسوء، وتحظر القوانين والاتفاقات والمواثيق الدولية - وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة – استهدافهم أو استخدام القوة ضدهم، أتقدم للمحكمة بصفتي واحداً من هؤلاء الناس وأخاً لهم في الإنسانية ومن ثم يتحقق ركن (المصلحة في إقامة الدعوى).

 

 ثانياً: سيدي القاضي، إن المحكمة التي أرفع الدعوى أمامها هي " المحكمة الجنائية الدولية" بوصفها محكمة دولية لها ولاية على الأشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره ( حسب نص نظامها الأساسي، المادة 1) ولكونها " عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم، وبوصفها قد سلّمت في ديباجة ميثاقها أن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاه في العالم، ومن ثم يجب على مجلس الأمن – بوصفه يعمل نائباً عن المجتمع الدولي في حماية السلم والأمن الدوليين – أن يتخذ كافة الإجراءات بما فيها الإجراءات القمعية باستخدام القوة العسكرية، لقمع العدوان أو أي عمل يهدد السلم والأمن الدوليين، وإعادتهما إلى نصابهما. ومن ثم يتحقق شرط ( اختصاص المحكمة).

 

ثالثاً : سيدي القاضي، إن الجرائم التي وقعت تنطبق عليها حرفياً الجرائم التي تمثل اختصاص المحكمة وتمارس عليها ولايتها، وهي الجرائم المنصوص عليها في المادة (5) من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة، وهي(جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجريمة العدوان)، والتي ارتكبتها إسرائيل جميعاً وعلى نحوٍ أفزع ضمائر الإنسانية جمعاء بحق الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز والمرضى، واستهداف المدنيين والمدارس والمستشفيات ودور العبادة، وقصف مقار الإغاثة الإنسانية(الأنروا) وممارسة سياسات التجويع وقطع الكهرباء والمياه وتدمير البنية الأساسية بقصد الإبادة الجماعية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام أسلحة محرمة دولياً ( الفسفور الأبيض)، وإلحاق ضرر بالصحة والأجساد عن طريق استخدامهم تجارب بيولوجية.

 

رابعاً: سيدي القاضي، إن المجرم معروف للعيان وهم قادة إسرائيل، بل ومنهم من اعترف باستخدام أسلحة محرمة دولياً ضد الفلسطينين، والضحايا معروفون ، كذلك، وبالآلاف ويصرخون ليل نهار، ويطلبون الإغاثة من الجميع.

 

خامساً : سيدي القاضي، إن الأدلة متوافرة وعلى كثرتها، وأبرزها الاعتراف، والشهادة لأكثر من سبعة مليارات من البشر شاهدوا الوقائع، وأدوات الجريمة معروفة للجميع وشاهدها قضاة المحكمة بأنفسهم، فضلاً عن آثار هذه الجرائم، والدمار والقتل والتشريد والموت والخراب الذي شهدته غزة ويعيشه أهلها.

 

سادساً: سيدي القاضي، " لويس أوكامبو" المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قد قمت بالشروع في التحقيق في جرائم أقل من هذه في إقليم دارفور السوداني، وقمت بتوجيه لائحة اتهام بحق الرئيس السوداني " عمر البشير " وعدد آخر من المسؤولين السودانيين، وقد رددتم على دفع السودان بعدم اختصاص المحكمة بحالة دارفور، بأن هذه الحالة مفزعة ومقلقة للمجتمع الدولي وتفرضها مقتضيات العدالة وحقوق الإنسان، فهل يتحرك القاضي نفسه لتوجيه لائحة اتهام بحق قادة إسرائيل الذين ارتكبوا أبشع الجرائم وأفظعها بحق المدنيين من أبناء غزة.

 

سابعاً: سيدي القاضي، إن النظام الأساسي للمحكمة قد أعطى المدعي العام الحق بأن يباشر التحقيق من تلقاء نفسه في عدة حالات بينتها المادة (15) من نظام روما الأساسي ومنها:

 

1.    أن يباشر المدعي العام التحقيق من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في نطاق اختصاص المحكمة.

 

2.    يقوم المدعي العام بتحليل جدية هذه المعلومات، ويجوز له لهذا الغرض، أن يلتمس معلومات إضافية من الدول، أومنظمات الأمم المتحدة، أوالمنظمات الدولية الحكومية أوغير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة. ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة، فهل تفعلها سيدي من تلقاء نفسك أو من خلال المعلومات التي وصلتك سواء من وسائل الإعلام، أو منظمات الأمم المتحدة، أو المنظمات الدولية غير الحكومية (مثل منظمة العفو الدولية – أمنستي - التي طالبت بذلك رسمياً) أوأي مصادر أخرى تثق بها. وهل تحتاج سيدي القاضي، لأكثر من هذه الشهادات التي – مؤكد – رأيتها بنفسك، إذا لم تكن كافية فلك أن تستدعي لمقر المحكمة من تشاء من بين ما يزيد على سبعة مليارات إنسان شاهدوا وتألموا وانتفضوا  من بشاعة هذه الجرائم، على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ودياناتهم وألسنتهم لا فرق بين مسلم ومسيحي ويهودي، ولا أبيض أو أسود ، لا فرق بين شرقي وغربي، ولا عربي أو إنجليزي او فرنسي أو أمريكي أو غيره، إنما تجمعهم الأخوة في الإنسانية.

 

3.    إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق، ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى دائرة ما قبل المحاكمة وفقاً للقواعد الأجرائية وقواعد الإثبات. فهل سيدي بعد هذه الأدلة كلها والصور والمواد التسجيلية الموجودة في بيت كل إنسان – ولا استبعد أن تكون منها في مكتبتك الخاصة – وهل بعد كل هذه الشهادات وهذا القصف و القتل والدمار والتخريب واستهداف مقار الإغاثة التابعة للأمم المتحدة ، هل بعد كل هذا لا يزال ليس هناك أساس معقول لكي تشرع في إجراء تحقيق. وهل تستجيب سيدي القاضي للمجني عليهم إذا تقدموا بإجراء مرافعات أمام محكمتكم الموقرة للاقتصاص من المجرمين – وفقاً للقانون- ؟

 

سيدي القاضي، لعل هذه الحالة الفجة، وهذه الجرائم المفزعة، التي ارتُكبت فيها جرائم خطيرة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، والتي أفزعت ضمائر الإنسانية جمعاء، لم تكن في حاجة إلى بلاغ أو إبلاغ، بل كان من المفترض أن تتصدى لها من تلقاء نفسك خاصةً وأن القانون يعطيك الحق في ذلك، وأن من واجبات ومهام منصبك أن تُحِقَّ الحقَ، وتنصفَ المظلومَ، وتتحرى العدالة، لكنها تذكرة في بلاغ رسمي.

 

فهل تفعلها سيدي، وتأمر بالتحقيق في هذه الجرائم لكي لا يفلت مرتكبوها من العدالة ؟ وهل تفعلها نصرة لهؤلاء الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز ؟ وهل تفعلها تحقيقاً لسيادة القانون واحترامه الذي انتهك ؟ وهل تفعلها، سيدي، لتدفع شبهة التسييس عن المحكمة وأنها تستخدم لخدمة أغراض سياسية أو تصفية حسابات، وتثبت لها أنها محكمة قانونية وليست سياسية، وتبرهن على استقلاليتها وحياديتها وموضوعيتها ؟

ــــــــ

*باحث مصري في العلوم السياسية والقانون الدولي العام

Nashat.antar@gmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ