-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  12/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أيها المثقفون العرب ,, من يصلح الملح إذا الملح فسد ؟

أ / محمد بن سعيد الفطيسي*

AZZAMMOHD@HOTMAIL.COM

      ان المثقفين الشرفاء الأحرار بجميع شرائحهم وفئاتهم عبر العصور , كانوا وقود الأمم وقادتها وملهميها , إنهم الشموع التي احترقت عبر النضال والكفاح لتضئ للآخرين دروبهم , أنهم الصوت الحر في زمن الصمت والخيانة والعمالة والمداهنة والنفاق , والكلمة الجريئة الصادقة بين صراخ السعادين , الكلمة ( التي تبلغ الى قلوب الآخرين فتحركها , وتجمعها , وتدفعها , إنها الكلمات التي تقطر دماء لأنها تقتات قلب إنسان حي , فكل كلمة عاشت قد اقتات قلب إنسان , أما الكلمات التي ولدت في الأفواه , وقذفت بها الألسنة , ولم تتصل بذلك النبع الإلهي الحي , فقد ولدت ميتة , ولم تدفع بالبشرية شبرا واحدا الى الأمام , ان أحدا لن يتبناها , لأنها ولدت ميتة , والناس لا يتبنون الأموات )0

       نعم 000 ان المثقفين الشرفاء , والكتاب الأحرار هم ضمائر الشعوب والأمم المثقلة بالجراح والهموم والألم , وصناع الحياة والحضارة ومصلحيها , والكبريت الذي احرق عشش القش والفساد التي حجبت الحقيقة عن الناس عبر التاريخ , إنهم الأجساد الطاهرة التي عبرت على جماجمها الأمم الى سلم المجد والتقدم , والرئة التي طالما تنفست عبر منافذها الأرواح الهواء النقي الصافي , إنهم الملح الذي لا يصلح الطعام الحضاري ولا يستساغ إلا به 0

       ولو رجعنا الى التاريخ قليلا لوجدنا ان تلك الشريحة من المثقفين الأحرار الشرفاء , قد اختاروا الموت على الحياة لأنهم وجدوا في موتهم حياة لغيرهم , واحرقوا بالنار فاحترقوا فأناروا للعالم طريق الحقيقة والحق والحرية , ضيقت عليهم الدنيا بما رحبت , فلم ييأسوا ولم تكل أقلامهم ولم تبح أصواتهم ولم تخمد أنفاسهم , ظلموا في أوطانهم ونكل بهم ولكنهم في نهاية المطاف انتصروا لأنهم امنوا بحقيقة واحدة , حقيقة ان الكلمة و الكتابة التي لا يدفعها الكفاح والنضال والموت لأجلها , لا تزيد عن كونها أدب مستهلك رديء , وان الحق لابد ان يحق ويتحقق , وانه مهما طال ليل الظلم وانتشر الفساد , فلابد ان تشرق شمس الحقيقة على رؤوس الخونة والعملاء لقضايا أمتهم ولو بعد حين 0

       ولكن ماذا سيحدث للطعام إذا فسد الملح الذي يصلحه ؟ ماذا سيحل بالأمم والشعوب التي يفسد ويخون زعماءها وعلماءها ومثقفوها ودعاتها ومصلحيها وكتابها وشعراءها 000الخ , ومن تعول عليهم أمر رفعتها وتقدمها ورقي حضارتها ومدنيتها ؟ ماذا سيحل بها إذا ساد وتسيد الأمر دعاة الانحلال والفساد وكتاب المداهنة والخونة لقضايا أمتهم وثوابتها وقيمها , وعلماء الطغاة والشهوات والمجاملات ؟ وشعراء الفتنة والمجون ؟ ( فالديدان والحشرات التي عاشت طويلا في المستنقع كفيلة بتدنيس كل مقدس , إذا نحن سمحنا لها بالحياة مرة أخرى في الأرض الطيبة , التي يجب ان تخلوا من الديدان والحشرات ) والطفيليات 0

       فلقد ابتليت هذه الأمة العظيمة بمثل هؤلاء الخونة العملاء عبر سنوات عمرها " أطاله الله " , فمنهم من نشاهده يسير خلف مواكب الانحلال والفساد والمجون , بهدف الترويج لأفكار الضياع والتغريب والتحررية من الفضيلة والأخلاق والأديان , وآخرون من يتباكى على قضايا يهود والصهاينة المجرمون , ويتبرك بهم لدى أعداءها , بل ويدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن أحلامهم وقضاياهم وأمانيهم تحت دعوات المساواة والعدالة والرأي الآخر في المحافل والندوات والصحف والمجلات والمنتديات , والبعض منهم يسعى جاهدا لتمييع النصوص وتحريف الكلم عن مواضعه , وإزهاق الحق بهدف الحصول على الهبات والأموال او التقرب من ذوي السلطة 0

      نعم – وللأسف الشديد -  لقد تسبب القسم الأول من هؤلاء العصبة من الخونة لهذه الأمة وقضاياها المصيرية  بكثير من الخسائر في الموارد والأرواح , بل وكانوا السبب المباشر والرئيسي لتراجع دورنا الحضاري والمدني أمام بقية الأمم والشعوب اليوم , فخسرنا قضايانا العربية الكبرى في فلسطين والعراق وبقية الأقطار الإسلامية والعربية المستعمرة او المحتلة عسكريا وثقافيا بسبب أقلامهم وأفكارهم المسمومة والمأجورة , أما القسم الآخر من حملة الدكتوراه والماجستير وبقية المسميات فلم يزيدوا عن كونهم قد ساهموا في زيادة العبء على كاهل دولهم بسبب مصاريف تدريسهم وتدريبهم الطويلة , فالوطن العربي يحوي المئات من مخرجات التعليم من الجامعات والكليات التي تفقس كل عام ملايين الخريجين ( الذين يساهمون في أزمة الغذاء العالمي , وأزمة المسكن وزيادة نسبة البطالة , وزيادة نسبة الحروب الخاسرة مع إسرائيل , وزيادة نسبة الحروب العربية – العربية ) 0

       وبالطبع فإننا هنا لا يمكن ان نعمم ذلك مطلقا , فالتعميم هنا مدعاة لليأس والقنوط  والمغالطة للحق والحقيقة , فكما وجد أولئك العملاء والخونة عبر العصور, وفي كل أمم العالم القديم والحديث , فقد قيض الله لهذه الأمة من الشرفاء الأوفياء المخلصين لها الكثير , فساهموا في بناء نهضتها وحضارتها , وقامت على أكتافهم ولحومهم عزتها ومجدها , وارتوت بدمائهم الطاهرة الزكية شرايين رفعتها وقوة أساساتها وقواعدها وأركانها الحضارية , فمن الشعراء من حول أبيات قصيدته الى حديقة غناء بأروع وأنفس الكلمات , ساعيا من خلالها للترويج الى السلام لا الاستسلام , والحب والتراحم وغيرها من صفات الخير والصلاح , ومن الكتاب والأدباء العرب من كانت كتاباته رصاص حي في وجه الطغيان والظلم والفساد والانحلال , وغيرهم من الأقلام الحرة الشريفة المناضلة في مختلف ميادين الفكر والثقافة والأدب في وطننا العربي الغالي 0

      فيا كتاب الأمة ومثقفيها , يا أصحاب الأقلام من الأدباء والشعراء والعلماء وغيرهم ممن يحسبون على مجتمع الفكر الإسلامي والعربي , إنكم ملح طعامها , فمن يصلح الطعام إذا الملح فسد , فاتقوا الله في هذه الأمة الكريمة , اتقوا الله في قضاياها وجراحها وهموم أبناءها وآلامهم , تريثوا قبل ان تبثوا سمومكم الفكرية وكتاباتكم الثقافية والأدبية المنحلة الماجنة , او تنخروا في أساساتها بأميع كلماتكم وأفسقها , وتذكروا – انه ما من كاتب إلا سيفنى , ويبقي الدهر ما كتبت يداه , فلا تكتب بكفك غير شي , يسرك في القيامة ان تراه 0

       وجهوا أقلامكم لخدمة قضاياها وجراحها في فلسطين العربية المحتلة والعراق العربي الجريح والسودان والصومال وغيرها من بلاد العرب والمسلمين , وجهوا كتاباتكم للتصدي لأعدائها من الصهاينة المجرمين ويهود  الإرهابيين المحتلين لأجزاء غالية من تراب هذه الأمة والوطن العربي الغالي , وجهوا أقلامكم للوقوف في وجه مواكب الانحلال والسفور والفساد الأخلاقي , حاربوا باطل الظلم والكراهية بحق العدل والمساواة والحب والسلام, ونحن على يقين من العاقبة والعاقبة للصابرين 0

ـــــــــــــــــ

  باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

  صحفي مستقل – سلطنة عمان   

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ