-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  12/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من فاجأ من؟

د.إبراهيم حمّامي

DrHamami@Hotmail.com

كذب الجبناء كذبتهم وصدقوها، هم ومن تآمر معهم، حالة من الانتشاء الزائف واعلان النصر المبكر سادت أوساط الاحتلال، اشادات بالأداء الدقيق والمميز للضربات الجوية، ولا نعرف اين تكمن البطولة في القصف الجوي ضد قطاع محاصر لا يملك أية امكانيات، وأين الشجاعة والبطولة التي يتحدثون عنها وهم يقصفون المدارس والجامعات والمساجد والمنازل الآهلة بالسكان؟، المهم أنهم كذبوا وأسهبوا في وصف الخطة المحكمة التي أُعدت على مدار ستة اشهر، وأساليب التمويه والخداع التي استخدمت، طبعاً عبر شركائهم في رام الله والقاهرة الذين تحدثت التقارير عن علمهم المسبق بالعدوان، ومن خلال تطمينات مصرية ليلة العدوان بأنه لا عدوان.

المفلسون تعلقوا بأخبارهم، وظن شركاؤهم أنهم حققوا هدفهم من خلال مفاجأة ومباغتة غزة  والمدافعين عنها، وبدأوا بغباء منقطع النظير اعلان وكشف نيتهم عن العودة المظفرة على ظهر الدبابات الاسرائيلية، وتجندت الأدوات الاعلامية المصرية والأوسلوية لتوجيه اللوم للضحية، وما زال أبو الغيط حتى مساء هذا اليوم يكرر ذات الجمل محملاً الطرف الفلسطيني مسؤولية ما يجري من خلال "استفزاز اسرائيل".

لكن هل حقيقة نجحت خطة "اسرائيل" وشركائها؟ هل حققوا المطلوب من خلال المفاجأة "المذهلة والرائعة" في الضربة الأولى يوم السبت الماضي؟ اسمحوا لنا وفي نقاط سريعة توضيح حجم المفاجأة وأثرها، ومقارنتها بمفاجآت أخرى شبيهة:

       الجبناء كعادتهم اختاروا ساعة الذروة للبدء بعدوانهم لايقاع أكبر عدد من الاصابات، الحادية عشرة والنصف بتوقيت غزة، ساعة خروج المدارس.

       قبلها بليلة القيادة المصرية تؤكد للجانب الفلسطيني أنه لا هجوم على غزة، تماماً كما حدث معهم عام 1967 ليلة الخامس من حزيران/يونيو

       بحسب بيانات النصر الاعداد للضربة الأولى بدأ قبل ستو اشهر، أي ابان التهدئة، أي أنهم كان يعدون العدة للغدر، طبعاً مع شركائهم الذين تباكوا على التهدئة

       عشرات الطائرات قصفت مئات الأهداف خلال ثلاثة دقائق، اتقويض سيطرة الحكومة الفلسطينية على الشارع وشل قدراتها تماماً

       مصر تشدد اغلاق معبر رفح وتطلق النار تجاه العائلات الهاربة من جحيم القصف

           في ذات الوقت وبحسب ما نشر من تقارير كانت التعليمات الجاهزة تصدر للعملاء والمرتزقة من اتباع رام الله بالاستعداد للانقضاض على غزة

       رام الله تعلن استعدادها لملأ الفراغ وتؤكد جهوزية مرتزقتها

       حملات اعلامية مركزة لنشر الأكاذيب ربما اشهرها كذبة أحمد عبد الرحمن "الثقيلة" باعلانه استشهاد "العشرات" من ابناء فتح "المعتقلين" في سجن السرايا، لنكتشف أنه لم يسقط سجين واحد من المجرمين المعتقلين، بل أنهم اطلق سراحهم قبل الضربة الجوية، وهو ما أثبته الشريط المصور للسجناء وهم يغادرون دون ذرة غبار عليهم وبملابسهم وحقائبهم

       حملات اعلامية مصرية استخرجت الأموات سياسياُ لتستضيفهم من أمثال دحلان ونبيل عمرو، وهجوم غير مسبوق على كل ما هو فلسطيني، عبر سلسلة من الأكاذيب المقصودة والتشويه المتعمد

       حدثت المفاجأة وانتهت الحكومة الفلسطينية – هكذا قالوا، الاحتلال يعلن النصر ويؤكد أن الاسوأ قادم، وعملاؤه يبدأون بالنياح على غزة التي ضاعت بسبب الحكومة وغبائها وطيشها

        48 ساعة أكد فيها الاحتلال وأعوانه أنهم حققوا أهدافهم التي لم يعلنوا عنها بعد!

       دايتون يعلن أن القوات التي تتدرب تحت امرته جاهزة للتوجه لغزة، ويطلب أن لا يُسأل كيف ستصل

هذه هي مفاجأتهم، وهذا هو انتصارهم "المبهدل"، ضربات جبانة من الجو استهدفت حماراً يجر عربة بالأمس ومزرعة دواجن اليوم كأهداف تتبع "حماس".

لكن

ما أن اعلنوا هذا الانتصار المبكر حتى كانت المفاجأة الحقيقية، مفاجأة من العيار الثقيل، خرج شعب غزة من تحت الركام والدمار، خرج ليرد ويرد ويرد، ولتصل يد المقاومة إلى أماكن جديدة وبعيدة، هي المرحلة الأولى التي ربما تصل لاحقاً إلى تل أبيب، رغم تغطية سماء غزة بعشرات طائرات المراقبة ليل نهار، مفاجأة تلتها مفاجأة أخرى: غزة لم تنهار، وحكومتها لم تسقط، والسيطرة على الأوضاع مطلقة، ومفاجأة ثالثة أشد وأقسى: العالم من شرقه لغربه ومن شماله وجنوبه يثور دون أضلاع مثلث العدوان الاحتلال ومصر الرسمية وزمرة عبّاس، وتهب الضفة رغم القمع الرسمي المزدوج من الاحتلال وأذنابه .

اقنعوا أنفسهم بأنهم أعدوا لمفاجأة، فتجرعوا مرارة مفاجآت شعبنا البطل في غزة، صدقوا أكاذيبهم، وكذبها صدق أهلنا وأبطالنا في غزة، انكشفت ووضحت الأمور، العالم بات قرية صغيرة، والجرائم تنقل فوراً وعلى الهواء، ودون أن تضحك على عقول العالم الخطب الجوفاء، وتبريرات العملاء.

لكن

لنقارن بين ما حدث ويحدث في غزة مع أحداث تاريخية أخرى – مع الأخذ بعين الاعتبار أن غزة محاصرة منذ سنوات، وبأنها أكثر مناطق الأرض اكتظاظاً بالسكان، وبأنها مغلقة من القريب قبل البعيد:

       الضربة الجوية الوحيدة المماثلة ليوم السبت الماضي كانت صبيحة يوم 05 حزيران/يونيو1967، عشرات الطائرات على مئات الأهداف مع فارق الرقعة الجغرافية التي تبلغ عشرات أضعاف قطاع غزة

       سبقتها أيضاً خديعة سوفيتية بأنه لا عدوان على مصر

       خلال ساعتين انهارت كل وسائل الدفاع والاتصال في العواصم المستهدفة

      مع نهاية اليوم الخامس من عدوان 1967 (مثل يومنا هذا بعد 41 عام) كانت "اسرائيل قد احتلت أراض من خمس دول عربية هي مصر (شبه جزيرة سيناء وغزة)، وسوريا (هضبة الجولان والحمة)، ولبنان (مزارع شبعا)، والأردن (الضفة الغربية والغور)، والسعودية (جزيرتي تيران وصنافير على مدخل خليج العقبة)

       في اليوم السادس انتهت حرب عام 1967 بهزيمة مدوية للنظام الرسمي العربي

       لا زالت هذه الأراضي محتلة حتى يومنا هذا (بالنسبة لسيناء فهي محتلة بحسب الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي الذي عرف غزة بأنها محتلة لأن السلطة لا تستطيع أن تفعل فيها ما تشاء – بيانه بتاريخ 19/12/2008، وهو التعريف الذي ينطبق حرفياً على شبه جزيرة سيناء حيث لا تستطيع السلطات المصرية ادخال جندي واحد دون اذن الاحتلال)

       في صيف عام 1982 ومع بدء اجتياح لبنان، وخلال ساعات انهارت قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان، ووصلت قوات الاحتلال لمشارف بيروت

       في جنوب لبنان كانت هناك أسلحة وذخائر هي اضعاف أضعاف ما يملكه حزب الله وحماس مجتمعين

       لم يكن الاحتلال بقوته اليوم من الناحية التقنية والاستخباراتية

       كانت لبنان تحت سيطرة ياسر عرفات وخطوط الامداد مفتوحة والعالم يومها كان بقطبين

       صمدت بيروت صمودها البطولي، لكن وللأسف النتيجة كانت هزيمة رغم محاولات عرفات تجميلها في ذلك الوقت: هزيمة لأن شارون حقق الهدف من عدوانه بإخراج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، وهزيمة لأن ذات المنظمة قبلت ما كانت ترفضه قبل الحرب – راجعوا القبول الخطي لوثيقة فيليب حبيب

          سقط في عدوان عام 1982 مئات الآلاف من الضحايا والجرحى

يظن بعض البلهاء أن نتائج المعارك تحسب بحجم الخسائر، فيجتهد بعضهم ويٌسهب في سرد خسائر الجانب الفلسطيني بسبب العدوان، ويظن بعضُ آخر من البلهاء أنه لابد من توازن عسكري حتى تقاوم الشعوب، فإن لم يكن هناك توازن عسكري فالأفضل هو التسليم والبيع على طريقة أوسلو ورموزها، رغم أن التاريخ وبالمطلق لم يشهد يوماً لشعب يقاوم أنه كان أقوى أو حتى في مستوى المحتل، لكن المقاومة تعني أن يصبح الاحتلال باهظ التكلفة ومن جميع النواحي فيندحر وينتهي.

ليست البلاهة وحدها التي تفرض عليهم مواقفهم، بل انعدام الأخلاق والضمير والاحساس، صور وأحداث تحرك الحجر لكنها لا تؤثر عليهم، مواقف فيها شماتة وتشفي، بل مزاودات رخيصة كالتي أطلقها أبو الغيط ورئيسه مبارك، وكذلك عبّاس، وباتوا يكررونها دون حياء بأنهم كانوا يعرفون بالضربة وحذروا منها، وليت "حماس" سمعت تحذيراتهم! أين المفاجأة العظيمة التي يتحدثون عنها؟ لكن الرد على مزواداتهم يكون – وتأملوا وتفكروا معي - بقوله تعالى:

الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا  قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( آل عمران الآية 168)

هذه هي مفاجآت شعبنا العظيم، المفاجآت التي غيرت خطاب عمرو موسى ومحمود عبّاس اليوم، ليتغنوا بالمقاومة وبالصمود، مفاجآت أجبرت الاحتلال ومن معه لإعادة حساباتهم، وعليهم أن ينتظروا مفاجآت أخرى من العيار الأثقل، لأن شعبنا لم ولن يقبل أن يستسلم أو يتنازل، حتى لو باع وخان بعض منحرف مهزوم يحتمي بالاحتلال وينتظر أن يعود على ظهر دبابة، وليعلم القاصي والداني أنهم حتى لو ابادوا شعبنا بأكمله، فإننا سننهض من تحت الدمار والركام مرات ومرات، وستبقى الراية مرفوعة إلى أن نحقق النصر بإذنه تعالى.

لا نامت أعين الجبناء

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ