ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  03/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قبل أن لا ينفع الندم .. أيها الرئيس!

الطاهر إبراهيم*

الإعصار المدمر الذي اجتاح أهالي قطاع "غزة" ظهر يوم السبت 27 ديسمبر 2008وما يزال ،لم يترك عذرا لأي حاكم عربي ليقول: اسألوا عمن تسبب بالقصف الإسرائيلي؟ "شوفو"غيري لتلقوا عليه بتبعة هذه الجريمة. هذا العدوان لم يفرق بين مبنى حكومي أو بيت من بيوت أهالي غزة. كما لم يميز هذا القصف الغاشم بين أفراد حكومة حماس المقالة أو بين باقي أهالي غزة.  حتى الحيوانات لم تسلم من القصف، فقتل حمارا يجر عربة تحمل طفلتين في عمر الزهور، -هيا وأختها- مزق القصف أشلاءهما الغضة. فالخطب الذي جثم على صدور أهالي غزة أكبر من أن نلقي بتبعته على غيرنا لنكون بمأمن من تهمة التقصير المتعمد أو غير المبالي.

لذلك لم يكن مقبولا من الرئيس المصري حسني مبارك أن يجشم نفسه عناء البحث عن البادئ في نقض التهدئة أهي حكومة حماس أم المحتل الإسرائيلي؟ فكلنا يعلم أن إسرائيل لم تلتزم ولو لشهر واحد كامل بأهم بند في التهدئة، وهو استمرار إمدادات الأغذية والمحروقات. كما أنها لم تتوقف عن استهداف المواطنين الفلسطينيين ما جعل فصائل المقاومة ترد على القصف بقصف مثله. لذلك ليس عدلا أن نتهم المعتدَى عليه، ونتغاضى عن عدوان إسرائيل.

لماذا نتوارى وراء أعذارٍواهية نحيل فيها تقصيرنا وعدم جرأتنا بأخذ زمام المبادرة، بأن اتفاقا دوليا –وماهو باتفاق ولا دولي- تلتزم فيه مصر بعدم فتح معبر رفح إلا أن يوجد مراقبون من أوروبا ومندوب عن السلطة الفلسطينية حتى يتم فتح المعبر؟

ولقد أجرت قناة الجزيرة مقابلة مع خبير القانون الدولي الدبلوماسي المصري السابق "عبد الله الأشعل"، فأكد على ناحيتين:

أولا: أن الاتفاق الذي تختبئ وراءه الدبلوماسية المصرية ويحكم فتح معبر رفح، تم توقيعه بين منظمة التعاون الأوروبي ومصر، وقضى بوجوب وجود مندوبين عن أوروبا وعن السلطة في فلسطين. هذا الاتفاق نص على أن مدته ستة أشهر، يحق فيه للموقعين عليه عدم تجديد التوقيع عليه. ولأن المراقبين الأوروبيين انسحبوا من تلقاء أنفسهم فقد أسقطوا حقهم بالوجود. ويبقى الحق لمصر وللسلطة الفلسطينية، التي يمكن أن تنوب عنها حكومة حماس مؤقتا.

ثانيا: يؤكد الدكتور "الأشعل": أن اتفاقية جنيف الرابعة، بمادتيها رقم 78 ورقم 123 المختصة بشؤون الشعوب التي تخضع للاحتلال، تلزم مصر، أو تعطيها الحق بتقديم ما يلزم من خدمات لإبعاد شبح الكارثة عن مليون ونصف المليون من سكان غزة معرضين للتجويع.

ودون الدخول في "فذلكات" قانونية، فإن حكومة حماس، (وهي بالأصل حكومة شرعية جاءت إلى السلطة بانتخاب) أقالها "محمود عباس". وإذا كان من حقه أن يقيلها، فقد كان عليه تكليف رئيس حكومة من حماس باعتبارها تملك الأغلبية بالمجلس التشريعي. إلا أنه قفز فوق القانون الأساسي، وكلف "سلام فياض" لتشكيل حكومة طوارئ. وعندما انتهت مدة الطوارئ الممنوحة حسب القانون الأساسي، فقد ترك "فياض" يرأس حكومة تصريف أعمال. أما حكومة حماس التي يرأسها "إسماعيل هنية" فقد انقلب عليها "محمود عباس". وكان يمكن تركها تمارس أعمال حكومة غزة، إن لم يكن كحكومة شرعية فعلى الأقل بقوة الأمر الواقع.

في خطابه يوم 30 ديسمبر 2008، أكد الرئيس مبارك أنه يرفض فتح معبر رفح: ((في غياب ممثلي السلطة الفلسطينية ومراقبي الاتحاد الأوروبي وبما يخالف اتفاق العام 2005، كي لا نشارك في تكريس الفصل بين الضفة والقطاع)). فهو أولا: تعسف في استعمال الحق الممنوح لمصر كونها تتحكم في بوابة قطاع غزة على العالم الخارجي.ثم أي أهمية لوجود مندوبين عن  الاتحاد الأوروبي بحيث يعطل غيابهم "إطعام شعب غزة من جوع وأمنهم من خوف"؟

وإذا كان الرئيس "مبارك" اتهم إسرائيل: ((إنكم تتحملون مسؤولية عدوانكم الوحشي أيا كان ما تتذرعون به من مبررات. وأيديكم الملطخة بالدماء تؤجج مشاعر غضب عارم وتبدد الأمل في السلام. والدم الفلسطيني ليس رخيصاً أو مستباحاً)). إلا أنه لم يخطُ خطوة إيجابية واحدة تؤكد سخطه: كأن يطرد سفير إسرائيل من القاهرة ويستدعي السفير المصري من تل أبيب كما فعل "رجب طيب أردوغان": عندما قال: "إن قصف إسرائيل لغزة هو إهانة لجهود السلام التركية". ما دعا أعضاء لجنة الصداقة مع إسرائيل في المجلس النيابي التركي للاستقالة من اللجنة.

استطرادا، لنفرض جدلا أن حركة حماس استولت على الحكم بانقلاب، واستطاعت أن تسيطر على غزة، مع أنها تملك شرعية تساوي أكثر من نصف عدد نواب المجلس التشريعي. فلماذا لا يقبل الرؤساء في الوطن العربي بشرعية حماس، وشرعياتهم كلهم مطعون فيها ومنقوصة، إذ معظم نواب المجالس في الأنظمة العربية جاؤوا "بالتعيين ،أو بما يشبهه").

كان بإمكان الرئيس المصري أن يقطع الطريق على المواقف التي قال عنها: ((تريد المزايدة على الموقف المصري)) بأن يفتح معبر رفح أمام عبور الإغاثة الضرورية ومستلزمات الحياة إلى قطاع غزة. لأن فتح معبر رفح ليس حقا لمصر فحسب بل واجبا عليها –كما قال الأشعل- تجاه شعب غزة المحصورين، الذين ليس لهم متنفس إلا باتجاه مصر من خلال معبر رفح.

إذا كان مفهوما –مصريا- تضييق "مبارك" على الإخوان المسلمين المصريين، لأنهم ينافسون نظامه، فليس مفهوما هذا التضييق الذي يطبقه النظام على حماس في غزة. والشهامة العربية ترفض ما ذهب إليه "مبارك": ((إن مصر لن تفتح معبر رفح سوى أمام الحالات الإنسانية، في غياب ممثلي السلطة الفلسطينية ومراقبي الاتحاد الأوروبي)).لأن هذا يعني تجويع شعب غزة.

وهنا لا بد من المقارنة. فمع اختلافنا مع كثير مما تطرحه "أجندة" إيران في المنطقة، فقد كان موقفها مشرفا أكثرعندما وقفت إلى جانب حزب الله في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان صيف عام 2006. ولا أريد أن أزعم أن الشقيقة مصر تفرض التجويع ونقص في الدواء على شعب غزة، لأنها تصر على إبقاء معبر رفح مغلقا بفرضها حلولاً تعجيزية أمام فتحه. لكن بِمَ نفسر، إذن، موقفها هذا للناس؟

يستبعد كثير من المراقبين أن تشن إسرائيل حربا برية. لكن هذه الحرب لن تكون محدودة إذا ما شنت كما يزعم البعض. لأنها ستجعل الدبابات الإسرائيلية تقع في مصيدة قاذفات (آر. ب. ج)، التي أصبح من المؤكد أن حماس والجهاد تملك الآلاف منها. ويبقى السؤال: ماذا لو شنت إسرائيل حربا برية شاملة واستطاعت أن تحطم تحصينات المقاومين الفلسطينيين، لا سمح الله؟

الرئيس "مبارك" لم يضع في ذهنه هذا الاحتمال؟ لو فعل لأدرك أن جنون العظمة -وما يدخل في الحسابات الانتخابية- عند "يهود باراك" ربما يجعله يدفع الجيش الصهيوني لاجتياح قطاع غزة، ما يعرض المنطقة، وليس غزة فحسب، لإعصار عنيف يضرب المنطقة كلها، ومصر قبل غيرها. نترك للرئيس المصري ليتصور كيف سيكون هذا الإعصار؟ فربما يعيد الرئيس حساباته، إذا استيقظ قبل فوات الأوان، وقبل أن لا ينفع حساب ولا ندم.

ــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ