ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  04/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


زيارة عون إلى دمشق – زوبعة في فنجان

أيمن شحادة   

إعادة نسج علاقة سليمة بين لبنان وسوريا هو مطلب كلّ اللبنانيّين، وإطلاق وتفعيل التّعاون المتكافئ والنّدّي بين مختلف المؤسّسات في كلّ من البلدين هو الدّرب الصّحيح للوصول إلى هذا الهدف، والتّقارب والتّنسيق السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني بين القيادات والفاعليّات في البلدين سيضفي صفة "المميّزة" على العلاقة بينهما خاصّة إذا تمّ ضمن إطار الإحترام المتبادل والمطلق للسيادة والإستقلال والإستقرار والأمن.

 

كلّنا نعي وندرك أنّ هناك حاجة لبنانيّة لسوريا وحاجة سوريّة للبنان، فسياسة الهيمنة العسكريّة السوريّة والتي دامت 29 عاماً كان لها آثاراً كارثيّة على لبنان سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وأمنيّاً، ولاحقاً حالة العداء والجفاء بين البلدين، والتي أعقبت اغتيال الرئيس الشّهيد رفيق الحريري ومن ثمّ انسحاب الجيش السّوري من لبنان، كان لها أيضاً الأثر السّلبي الكبير والذي انعكست نتائجه على كلا البلدين الشّقيقين إنّما على لبنان بنسبة أعلى،  إذن من هذا المنطلق فإنّ أيّ مجهود يمكن أن يساهم ويساعد في طيّ صفحة الماضي وبلسمة الجراح وفي فتح صفحة جديدة (لا تشبه الماضي) سيصبّ تلقائيّاً في خانة المصالح المشتركة ويسرّع في عمليّة نسج العلاقة السليمة بين البلدين.

 

زيارة ميشال عون إلى دمشق هي إنهاء لعلاقة سلبيّة بينه وبين سوريا وفتح صفحة جديدة معها مبنيّة على القبول والإحترام المتبادل، لا أكثر ولا أقلّ، وهي بكلّ تأكيد خطوة جيّدة جدّاً وستسهم إيجاباً في دفع العلاقة اللبنانيّة السّوريّة نحو الأمام وتعزيزها أكثر فأكثر، ولكن تعقيباً على ما رافق هذا الحدث، .... فالنّائب عون ومن خلفه فريق 8 آذار، بالغ جدّاً في المغالاة والتّقييم والتّعظيم من شأن هذه الخطوة ليصل به الحدّ إلى تشبيهها بعودة الجنرال ديغول إلى باريس عام 1945 بعد هزيمة ألمانيا، وفي المقابل شنّ فريق 14 آذار هجوماً ساذجاً غير مفهوم على هذه الزّيارة وساهموا بتضخيم مفاعيلها السّلبيّة إلى حدود مبالغ بها كثيراً لدرجة تشبيهها بزيارة السّادات للقدس عام 1977، .... وسوريا أيضاً ارتكبت خطأً جسيماً بتحضير إستقبال سياسي وشعبي كبير جدّاً لزيارة عون "الطويلة" مع إضفاء الصّبغة الدّينيّة القويّة على برنامج الزّيارة وكأنّها تتعمّد إختزال التّمثيل المسيحي السياسي والدّيني في لبنان بشخص ميشال عون، وهذه الخطوة هي جزئيّاً غير موفّقة لسوريا في مساعيها لتطوير وتحسين العلاقة مع لبنان لأنّها بمثابة إنحياز رسمي من طرفها لجهة لبنانيّة معيّنة، وهذا أمر ترفضه سوريا نفسها جملةً وتفصيلاً لو حصل من طرف الدّولة اللبنانيّة تجاه تيّار سياسي سوري محدّد.

 

كان من الأفضل لو التزم عون ومعه تجمّع 8 آذار معاني الأدبيّات والأخلاقيّات السياسيّة وابتعدوا عن التكبّر والغرور المغشوش، وكان من الأفضل لو اعتمد تجمّع 14 آذار الموضوعيّة والحجّة والمنطق في إطلاق المواقف السياسيّة، وبالتّالي كان من الأفضل للطّرفين إلتزام معاني ما نصّ عليه اتّفاق الدّوحة والإبتعاد عن الفرعنة السياسيّة والتي توحي وكأنّ الهدف منها هو العمل على تعقيد وتأزيم الأمور وإعادة تييئس النّاس وكأنّهم نادمون على إبرامهم هذا الإتّفاق ويسعون لنسفه، ..............  وكان من الأفضل لسوريا أيضاً لو أعطت استقبال ميشال عون حجماً يليق به كرئيس لتيّار سياسي لبناني أساسي وليس كشخصيّة لبنانيّة سياسيّة مسيحيّة تفوق رئاسة الجمهوريّة أهميّة .... وتتجاوز البطريركيّة المارونيّة مكانةً.  

 

وطننا يفتقر حاليّاً وبشدّة إلى أداء سياسي حضاري، هادئ، أخلاقي، منطقي وموضوعي، وهذا لا يبشّر أبداً بالخير في المرحلة التي تسبق الإنتخابات النّيابيّة حيث أنّ مفردات التّهديد والتّخوين والتّحذير وحتّى الإسفاف قد عادت إلى الظّهور وبقوّة، فتجمّع 8 آذار يؤكّد بأنّ نجاح تجمّع 14 آذار في الإنتخابات هو انتصار لأمريكا ولإسرائيل وبناءً عليه سيتّخذ الإجراءات والخطوات الضروريّة التي يراها مناسبة لمواجهة ذلك، .... وتجمّع 14 آذار بدوره يبشّر من أنّ نجاح 8 آذار هو نصر لإيران ولسوريا وبمثابة ضمانة لعودة حكم الإستخبارات السّوريّة إلى لبنان، ويحذّر من أنّه لن يسمح بحصول ذلك أبداً مهما بلغت التّكاليف !!!!! أي أنّ الطّرفين غير مستعدّان للخسارة وتقبّل فوز الطّرف الآخر بأيّ شكل من الأشكال .... وكلّ منهما يحاول إظهار ثقة كاذبة لجمهوره فيدّعي أنّ المعركة محسومة سلفاً لمصلحته وأنّه هو الذي يمثّل أكثريّة هذا الشّعب، ... وهذا مثير للشّفقة، مع العلم بأنّ أحداً منهما لن يحصد أيّ أكثريّة نيابيّة، وعلى الأرجح، سيكون هناك دخول لنوّاب جدد مستقلّين يمثّلون شرائح مستاءة جدّاً من ... الطرفين.

 

للأسف ليس لدينا حاليّا سوى، وبشكل طاغي، حالة من التّشرذم والضّياع وعدم الإتّزان السياسي وجزئيّاً الأخلاقي مع فقدان شبه كلّي لمعاني الديمقراطيّة والحريّة واحترام الآخرين ومصلحة الشّعب.

 

ولكن ..... إذا استدرك القادة السياسيّون خطورة هذا المنحى الكارثي الذي يتنهجونه هم وأتباعهم، ومن ثمّ عمدوا إلى تصحيحه وتقويمه، عندها ... قد يكون هناك أمل بخوض معركة انتخابات نزيهة حضاريّة ديمقراطيّة تفضي إلى ولادة جديدة للبنان كوطن واحد للجميع.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ