ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  04/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ملاحظات على المغالطات المترتبة عن هجمات مومباي!

نوال السباعي / مدريد

لم تكن هذه الهجمات التي تعرضت إليها مدينة "مومباي أو بومباي" الهندية ، الأولى ولن تكون قطعا الأخيرة ، خاصة بما تعلق بها من اهتمام عالمي بسبب الأبعاد الجديدة التي اتخذتها والاستراتيجة الهجومية غير المسبوقة المتبعة فيها ، وبما فُهم من البيان الذي ألقاه منفذوا الهجوم ، والذي ذكروا فيه بغباء وصفاقة منقطعتي النظير: "أن حرب الحضارات بين المسلمين والكفار قد بدأت بها من أرض الهند"!! ، ماالذي فجّر هذه المعركة غير واضحة الأهداف الآن في هذه المنطقة من العالم ؟! ، ومن هي الجهات الحقيقية التي تقف وراءها ؟ .

 إنه من المعروف لدى المختصين – كما يقول البروفسور "فرناندو ريينارس" أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك خوان كارلوس المدريدية ، ومدير برنامج "الارهاب العولمي" في الأكاديمية الملكية "ألكانو"-  بأن "الإرهاب" ليس شيئا جديدا في الهند ، وأن الأمور احتاجت إلى عملية بهذه الضخامة غير المسبوقة لتظهر على سطح الاهتمام العالمي ، وليست ببعيدة الانفجارات العشرة التي هزت مقاطعة آسام الهندية يوم الخميس 30/10 وأودت بحياة مائة شخص- أخبار الجزيرة نت- ،  فلقد شهدت الهند وخلال هذا العام أكثر من مائة عملية مسلحة "إرهابية" في الشهر الواحد – صحيفة الباييس 28/11/2008 -  ، وتتوزع مسؤولية هذه العمليات جهات مختلفة منها الحركات الشيوعية ، والحركات الانفصالية المختلفة ، وعلى رأسها حركات الانفصال الكشميرية ، وبعض الحركات التي تسمي نفسها بالاسلامية ، وأخرى توصف بالجهادية ، بعضها هندي المنشأ والهوية ، وآخر تتضح فيه بصمات "الارهاب " الخارجي ، وخاصة ماارتبط منه بكل من باكستان وأفغانسان ، أو "القاعدة" ، وذلك على الرغم من التباين الكبير جدا بين الاستراتيجية التي تتبعها القاعدة بشكل عام في عملياتها ، وبين هذه العملية الهائلة الجريئة والتي ستفتح أبواب جهنم على العالم كله ، لأنها وبكل المقاييس عملية نوعية بالغة الخطورة من حيث القدرة الكبيرة جدا على التنظيم الدقيق وسرعة التنفيذ وجرأة المنفذين واتساع نطاق الهجوم ، الذي تصبح معه كل القوى الرسمية الأمنية والعسكرية مشلولة بالكامل ، في مواجهة أفراد يتحركون في الخفاء ، ويضربون بسرعة خارقة ، وهي طرق استحدثتها الحركات المسلحة اليوم في مواجهة جيوش جرارة وأسلحة فتاكة وبوارج عملاقة وطائرات ذكية وعلوٍ في الأرض غبيّ ، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار حيوية  الإنسان للتأقلم مع كل الأوضاع التي قد تطرأ على حياته ، وقدرته الخارقة على التغلب عليها وتذليلها.

*الجديد في الموضوع هو إقحام "اليهود" في هذه الهجمات ، لماذا تم الهجوم على المركز اليهودي في مدينة هندية علاقاتها مع "إسرائيل" علاقات طبيعية متبادلة معروفة ؟! ، وهل اعتبر هؤلاء القوم مثل هذا الهجوم "جهادا " ؟! ، وماعلاقة "غزة" وحصار غزة بالهند ؟!، حتى يقوم البعض في صحافتنا العربية المكتوبة والمسموعة والالكترونية ، بالتطبيل والتزمير لمثل هذه العملية "الجهادية" التي ترمي –كما قالوا ، وياليتهم لم يقولوا – إلى نصرة الفلسطينيين في غزة!! ، لقد أصبح البعض منا كالببغاوات التي تم تحفيظها عبارة بعينها ، لاتستقيم حياتهم دون ترديدها بكرة وعشيا!، كم نحن مساكين إذ نظن أن الهجوم على أبرياء في مراكز ترفع شعارات سلمية –ولو ظاهريا – هو جهاد في سبيل الله لنصرة إخواننا ؟!! ، وكم نحن أغبياء إذ نظن أنه يمكننا لفت نظر العالم إلى قضايانا النازفة بمزيد من نزيف دماء لايمكن تمريرها نحو الرأي العام العالمي إلا من خلال مصفاة إعلامية خاصة قادرة حتى على تمييز الكريات الحمراء من الكريات البيضاء ووقف من تريد منها عن المرور! ، بل وتغيير كل خصائص الدم المعروفة في عيون المشاهدين!.

لم يهتم العالم بشيء من الأهداف التي أعلنها هؤلاء المسلحين من قريب أو بعيد ، لكنهما أمران لاثالث لهما لفتا نظر العالم بأسره فيم يتعلق بهذه التفجيرات واحتلا عناوين الإعلام  : أولهما الاعتداء على الأبرياء وعلى رأس هؤلاء "اليهود" الذين تمت مهاجمة مركز ديني سلمي لهم في هذه المدينة – ولاندري إن كان هذا المركز دار عبادة ، مما قد يجعل الأمر أشد وأنكى!!- ، وثانيهما "الإسلام" الذي تُبرز اسمه كل المحافل الإعلامية باعتباره الدين الارهابي الوالغ في دماء المساكين العزل والنساء الضعيفات والأطفال الأبرياء ، الدين الذي لايعرف أتباعه إلا لغة القتل والارهاب وسفك الدماء ، و...دون سبب مفهوم –هكذا- !!.

 

لايختلف اثنان على الظلم التاريخي الذي تعيشه فئات مختلفة من الشعب الهندي الذي يبلغ تعداد سكانه المليار والمائة وعشرون مليون إنسان –وفق موسوعة ويكبيديا- ، وكلنا نعرف حجم المأساة الدموية الوحشية المحزنة التي يعانيها المسلمون في الهند التي تجاورها الصين وأنونيسيا وباكستان وأفغانستان وبنغلادش !!، ولكن هجمات هنا وهناك لن تحل المشكلة خاصة إن كانت هجمات تستهدف الأبرياء ، وتمتلك معها وسائل الإعلام القدرة السحرية الخارقة على تزييف الحقائق المحيطة بها ، إننا نجد أنفسنا من جديد وجها لوجه أمام هذه الهاوية المفتوحة تحت أقدام الشباب المسلم في مختلف أصقاع الأرض ، والمتمثلة في هذا الخلط الرهيب بين "الجهاد" وبين "الارهاب" ، خلط يتكرر وبشكل خطير أمام حجم الاستكبار العالمي للظلم المستفحل سرطانات تتمدد في أنحاء متفرقة تستأصل الرغبة في الحياة من قلوب شباب لايبالي أصلا بالموت .

إن مسألة حصار غزة لاتُحل بالاعتداء على مجموعة من "اليهود" ضمن مجموعات أخرى من السياح الأجانب في الهند أو في الصين أو الواق الواق ، ولكن مفتاح حلّ أزمة "غزة" موجود بيد الزعامات العربية التي لاتتجرأ على قطع علاقاتها "الشكلية" مع الكيان الغاصب الرابض على قلوب الفلسطينيين ، حلّ مأساة "غزة" قائم بيد المسؤولين من أبناء فلسطين ممن أعمتهم المناصب والمحسوبيات والجاهات والزعامات عن رؤية الجريمة التاريخية التي يرتكبونها بحق شعبهم وأرضهم المقدسة وأمتهم ، بانقسامهم وتشرذمهم وتمسكهم بالكراسي تمسك أرواح العاصين بأبدانهم تأبى الخروج إلى الجحيم!!، كذلك فإن محنة أهل كشمير تسير في السياق نفسه ، وفي الإطار ذاته ، لايمكن حلّ مشكلة شعب بالاعتداء على الأبرياء في أي مكان على سطح الأرض ، ولا بالقيام بعمليات استعراضية تحيلها وسائل الإعلام العالمية وقبل أن ترتد أطراف المشاهدين إليهم إلى هجوم مسموم على الإسلام وأهله ، ولن تعود هذه العمليات على أهلها إلا بأسوأ النتائج المتمثلة بمزيد من القمع والسحل والقتل والتضييق ، وعمليات الانتقام الفردية والجماعية والتي سيدفع أثمانها بالمقابل أبرياء آخرون يطبق عليهم ظلم مضاعف ، ناهيك عما يلحق "الاسلام" في العالم كله ويوميا من أذى وكراهية ورفض وأحقاد سوف ينميها التاريخ بطريقة مَرَضية قاسية مؤلمة.

إن الفرق بين الجهاد والارهاب هو الفرق بين السماء والأرض ، وبين النور والظلمات ، وبين الحق والباطل ، وإن الجهاد مشروط بآداب إنسانية دينية راقية لاتعرفها من الأمم إلا الأمة المحمدية وحدها ، فمهما اجتهد المظلومون للخروج من نفق الظلم الذي يعيشونه بغير هذه الآداب فلن يعود ذلك عليهم إلا بالوبال ، لأن الغايات الشريفة لاتنفع إليها إلا الطرق الشريفة ، ولأن معارك الحق مع الباطل لاينبغي أن تدخل متاهات الثأر والانتقام وسفك الدماء ، رحم الله "عمر المختار" الذي فهم هذه المعادلة فقضى شهيدا شامخا بالحق والجهاد المبارك ، ورحم الله "مصطفى العقاد " الذي فهم هذه المعادلة عن "عمر المختار" وأبرزها للعالمين ، فنال الشهادة الحقيقية ، شهادة المناضلين المكافحين المجاهدين الواقفين على ثغور الحق يذودون عنها بالحق ، ولايمكن الذود عن الحق إلا بالحق الواضح الجلي والجهاد الشريف النبيل الأبي.

 

لايعلم إلا الله ماقد يترتب على هذه الهجمات من أهوال قد يستخدم فيها السلاح النووي الذي تختزنه كل من الهند وباكستان في ترساناتهما الحربية ، وربما أدت هذه الهجمات إلى فتح كل ملفات الظلم المدفونة منذ عقود طويلة جدا في هذه المنطقة من العالم ، ونرجو أن لاتتسبب في فتح ملفات خليجية هاجعة حتى حين بسبب التركيبة الإنسانية للأعداد الهائلة من المهاجرين المقيمين في الخليج والذين ينتمون إلى كل الأطياف الدينية والقومية والعرقية الآتية من هذه المنطقة ، إلا أن المتضرر الرئيسي المباشر "إعلامياً" –على الأقل – من هذه الهجمات كانت صورة الاسلام من جديد في عالم لايفقه ولايريد أن يفهم أن في الدنيا حقائق أخرى غير تلك التي تقدمها له وسائل الإعلام، وتلك معادلة بالغة الصعوبة لم يتعلم الذين يشنون الهجمات باسم الاسلام اليوم شيئا من أبجدياتها.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ