ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  01/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المرونة، أم الحزم.. في مواجهة الحريق، أو الطوفان،

أو الذئاب المفترسة!؟

ماجد زاهد الشيباني

* الحكمة هي وضع الأمور في مواضعها..

* الشاعر يقول:

ووضع الندى في مَوضع السيفِ بالعلا   مضرّ، كوضع السيفِ في مَوضع الندى

* المرونة مطلوبة، في السياسة عامّة.. وشعرة معاوية مطلوبة، كذلك، بقدر المستطاع! وعدم فتح جبهات إضافية، مع أعداء جدد، أو قدماء.. مطلوب، بقدر المستطاع! وجعل المحايدين أصدقاء، جيّد ومطلوب! وتحويل الأعداء إلى أصدقاء، جيّد جداً، ومرغوب! وكل ذلك، في حدود الطاقة، والحكمة، والمصلحة، والظروف المواتية!

* لكن.. حين يكون العدوّ مقبلاً عليك، كالسيل الجارف، أو كالحريق الهائل المدمّر، ولا يقبل منك عدلاً ولا صرفاً.. وليس يرضيه إلاّ أن يدمّرك، سياسياً، أو أمنياً، أو ثقافياً، أو خلقياً، أو عسكرياً، أو عقَدياً، أو إنسانياً.. وأنت قادر على شَكمه، بالكلمة الحازمة، أو بالتحذير الصارم، أو بالتهديد القويّ الواضح.. ثم لا تفعل شيئاً من ذلك، بل تسايره وتجامله، باسم المرونة، أو السياسة، أو الحكمة، أو الذكاء، أو الدهاء، أو الليونة.. وهو لا يزداد إلاّ ضراوة وشراسة، ظاناً مرونتك عجزاً، وحلمك ضعفاً، وحكمتك خنوعاً وجبناً.. حين يكون ذلك كذلك، فأنت مفرّط تفريطاً يبلغ حدّ الجريمة، بحقّ نفسك، وحقّ مَن وراءك، من أهل وعشيرة، وشعب ووطن!

* وحين يكون عدوّك ذئباً مسعوراً، يعدو باتّجاهك، ولا يراك أمامه إلاّ حمَلاً وديعاً، وأنت قادر على أن تكون ليثاً كاسراً، في معركتك معه.. أو أن تكون شجاعاً، قادراً على دفعه عن نفسك، ودرء شرّه عنك، ثم لا تفعل.. فأنت مفرّط، أيضاً، بحقّ نفسك، وحقّ مَن وراءك، ممّن ندبوك للدفاع عنهم، أو نَدبتَ نفسك لحمايتهم!

* ثلاثة نماذج، في التعامل مع الذئاب:

1) الشاعر الفرزدق والذئب:

  قال الفرزدق، يصف ليلة له، مع الذئب:

 وأطلسَ عسّـالٍ، وما كان صاحباً    دَعوتُ، بناري، مَوهِناً، فأتـاني

 فلمّـا دنا، قلت: ادنُ، دونكَ، إنّني    وإيّـاك، في زادي، لمشتَـرِكانِ

 فـبتّ أقدّ الزادَ، بـيني وبـيـنَه    على ضوءِ نـارٍ، مَـرّة ودخان

وقلتُ له، لَـمّا تَكـشّـر ضاحكاً     وقائمُ سَيـفيْ مِن يَديْ بـمكان:

تَعشّ، فإنْ واثَقـتَني لا تَخـونُني    نَكنْ مِثلَ مَن، ياذئب، يَصطَحبان

ولوْ غَيرَنا نَبّهتَ، تَلتمِـسُ القِرى    أتـاكَ بسَـهْمٍ، أو شَـباةِ سِـنان

 ويتّضح في هذه الأبيات، الكرم، مع الحذر والحزم!

2) الشاعر البحتري والذئب:

قال البحتري، يصف ليلة له، مع الذئب:

عَوى ، ثم أقعى ، فارتَجزتُ، فهِجتُه     فأقـبلَ مِثلَ البَرقِ، يَتبعه الرعـد

يقضقضُ عصْـلاً في أسِرَتها الردى   كقَضقضَـةِ المَـقرور أرعَده البَرد

فأوجَرتـُه خَرقاءَ، تَحسَب ريشَـها     على كوكبٍ ، يَنقَضّ، والليلُ مسوَدّ

فَـمـا ازدادَ إلاّ جـرأةً، وصَرامَةً      فأيـقَنتُ أنّ الأمرَ مِنه ، هوَ الجِدّ

فأتْـبعتُها أخرى، فأضلَـلتُ نَصلَها     بحيثُ يكون اللبّ والرعبُ والحِقد

ويتّضح في هذه الأبيات، الحزم والصرامة، والمبادرة إلى قمع الشرّ قبل وصوله!

* إن الناظر، المتأمّـل في النموذجين المذكورين، يدرك، ببساطة، أن التعامل مع الذئاب البشرية، لا يبتعد، كثيراً، في أساليبه، عن التعامل مع الذئاب العجماء المتوحّشة! فالأساليب تختلف، هنا وهناك، بين شخص وآخر، وبين ظرف وآخر.. لكنها تبقى أساليب تعامل مع الذئاب! ومن زعم أن ذئاب البشر، أقلّ وحشية، من  الذئاب العجماء.. فلينظر فيما يجرى في العالم، ليرى أيّ الصنفين أشدّ شراسة وضراوة.. وسـُعاراً!

3) العجوز والذئب:

 أمّا مَن صرف النظر، عن النموذجين المذكورين، كليهما، وآثر التعامل مع الذئب على طريقة العجوز، التي ربّت جَرو الذئب، وسقتْه من حليب شاتها.. ثم حين غابت عن البيت ساعة من الزمن، وعادت إليه.. وجدتْه قد بقَر بطن الشاة، وطفق يأكل من لحمها باستمتاع ونشوة، ناسياً أنها أمّه التي أرضعته..  فأحسّت بالكارثة، وقالت:

بَقرتَ شُويهَتي، وفَجعتَ نـفسيْ     فَمَـنْ أنْبـاكَ أنّ أبـاكَ ذيـبُ

إذا كان الطِبـاع طِبـاعَ سـُوء      فلا أدبٌ يُفـيـد.. ولا أديـب

نقول: أمّا مَن آثَر أن يكرّر تجربة تلك العجوز، فعليه أن يتحمّـل مسؤوليته، كاملة.. لا عمّا يجري له، بل عمّا يجري لِمن وراءه!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ