ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

ومضات محرضة (16) :

أوبئة العصور كلها ، أقـلّ بشاعةً

من حاكم مستبدّ واحد!

( وما تفعله أسرة آل أسد في سورية ، نموذج صارخ ، في الدلالة على ذلك !).

عبدالله القحطاني

 1- الاستبداد مستنقع بشع ، ويل لشعب يبتلى به ، ثم يغفل عنه ، أو يتمهّـل في تطهيره..!

إنه أشدّ بشاعةً من أوبئة العصور كلها ، وأشدّ خطراً من حشرات الأرض السامّة جميعاً ، وأقسى ضراوة وافتراساً ، من وحوش الغابات قاطبة..!

كل أوبئة الأرض الفتاكة ، التي مرّت على البشر، في عصورهم المختلفة ، أقـلّ سوءاً من الاستبداد ! السلّ ، والطاعون ، والجدري ، والكوليرا ، والتهاب السحايا، والتهاب الكبد الفيروسي ، والملاريا ، والأيدز ، والسرطان .. وكل ما يمكن أن يخطر في بال الإنس والجنّ ، من أوبئة مدمّرة جائحة ، أقـلّ ضرراً على الشعوب، وفتكا بها ، وسَحقاً ، ومَحقاً ، وتشويهاً لكيانها ، وتدميراً لبلادها ، وتضييعاً لمستقبلها، وتحطيماً لحضارتها ، ومَسخاً لتاريخها ... من حاكم  مستبدّ واحد ، يَجعل نفسَه إلهاً لا رادّ لكلماته (لا يـُسأل عمّا يفعل !) وهو ( فعّال لِما يريد !) .

وكل حشرات الأرض السامّة ، من أفاع ، وعقارب ، وعرابيد .. وكل وحوش الغابات المفترسة ، من ذئاب ، وأسود ، ونمور، وفهود ، وضباع ، وثعالب ، وخنازير.. ومعها كلاب الكون المسعورة جميعاً .. لا تفعل بأمّة ، أو بشعب ، ما يفعله الحاكم المستبدّ المتجبّر..!

2- لماذا !؟

  - لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، واضحة الضرر للجميع ، يخشاها الجميع ، على أنفسهم وأولادهم وأقاربهم ، فيهبّون كلهم ، لمقاومتها !

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، لا تفرّق بين الناس ، فتقرّب مَن ينافق لها ، وتقدّم له الإغراءات ، ليظلّ عبداً ذليلاً ، خانعاً لها ، تستخدمه ضدّ الآخرين ، من أبناء وطنه، الذين لا ينافقون ، ولا يتزلفون ، ولا يبيعون أنفسهم ومصائر أوطانهم ، بأيّ ثمن غال أو زهيد !

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، لا تملك ألسنة تكذب بها على الناس ، وتزعم لهم أنها تريد لهم الخير ، وأنها ماجَثمَت على صدورهم ، إلاّ من أجل مصالحهم ، ومصالح أجيالهم وأوطانهم ، ومن أجل تحرير أراضيهم ، التي اغتصبها أعداؤهم ..!

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، ليس لديها وسائل إعلام ، تسبّح بحمدها ، صباحَ مساءَ ، وتهتف لها ، وتصفق ، وتزيّن فسادها ، وظلمها ، وتسلّطها ، واستبدادها ، وتحكّمها بأعناق الناس وأرزاقهم ، وتجعل هذه البلايا كلها ، نعماً ربّانية ، مَنّ الله بها على عباده ، أبناء الوطن الذي يتحكّم بمصيره حاكمهم التقيّ البرّ العادل !

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، تتسلط على أجسام البشر وحدَها ، ولا تَسعى إلى تدمير عقولهم وقلوبهم ، وتزييف وعيهم وإرادتهم ، وخنق حريّاتهم ، وهدر كراماتهم، وتحطيم شخصياتهم بالرعب الحادّ والمزمن ، الذي يمسخ الكيان الإنساني ، ويجعله أقـلّ قيمة وقدراً وتماسكاً ، من أيّ حيوان متوحّش أو أليف !

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، لا تسرق أموال الناس الخاصّة والعامّة ، وتنهب ثروات البلاد ، وتكدّسها لحسابها في المصارف الأجنبية ، وتنشئ بها شركات ومؤسّسات خاصّة ، وتترك أهل البلاد يتضورون جوعاً ، ثمّ يدفعهم الجوع ، إلى التخلّي عن الأخلاق الفاضلة ، بمدّ الأيدي إلى الأموال الحرام ، من رشوة ، وسرقة للمال العام ..! أو يدفعهم إلى هجر الأوطان ، بحثاً عن لقمة العيش الكريمة الحلال !

- لأن الأوبئة والحشرات والوحوش ، لا تتعمّد إفساد الأخلاق والمروءات لدى الناس، ولا تتعمّد إثارة الأحقاد والعداوات بينهم ، ولا تسخّر بعضهم ليتجسّس على بعضهم الآخر، ويقدّم فيه تقارير ، تؤدّي إلى حبسه ، وتدميره في السجن بالتعذيب والأمراض ، وبتحطيم العقل والإرادة والكرامة ..!

- لأن البلايا المذكورة آنفاً ، لا تبيع الأوطان للأعداء ، لقاء مال أو منصب ، ثم تدّعي أنها تشكّل جبهة مضادّة لهؤلاء الأعداء ، وأنها ستحرّر منهم ثرى الأوطان ، وتحرّرمن هيمنتهم إرادة الإنسان !

3- والغريب الشاذ (اليوم) :

   أن الناس يهبّون جميعاً ، للتصدّي للبلايا المذكورة آنفاً ، وهي لا تعدل شيئاً ، بالقياس إلى ما يفعله الاستبداد ، بالشعوب والأوطان ، وما يتسبّب به ، من عاهات نفسية وفكرية مزمنة ، للبشر،  تستمرّ إلى ما بعدَ رحيله ، سنواتٍ طوالاً.. وربما تنتقل إلى أحفادهم ، وأحفاد أحفادهم ..! أمّا أخطر وباء ، فيمكن أن يفتك بجيل واحد ، لا يتعداه . وغالباً ما ينحصر ضرره في منطقة واحدة ، أو اثنتين ، من مناطق الدولة التي يمّر بها.. ولا يوغِل رعبه ، وفساده ، وتشويهه للكيان البشري ..في نفس كل صغير وكبير، من أبناء البلاد !

 ونقول : إن مسلك الناس هذا ـ في التصدّي للبلايا الأقـلّ ضرراً ، وتركِ الطغيان الأخبثِ والأشدّ فتكاً ـ غريب اليوم (اليوم .. تحديداً !) لأن الناس عرفوا اليوم ، من جرّاء منجزات العلم ، وانتشار المعلومات ، وزيادة الوعي .. ما لم يكن يعرفه آباؤهم وأجدادهم ، من الكوارث والمصائب التي يسبّبها الطغيان والاستبداد !

4- فما السرّ !؟

  ربّما زعم بعض المنظّرين ، أن السرّ يكمن في قوّة التحالف الجديد ، بين شياطين الإنس ، من سادة العالم الجدد ، ووكلائهم المحلّيين في بلادنا ، وإحكامِ التعاون على توظيف وسائل التوعية الحديثة ، في تشويه الوعي الجديد ، الذي اكتسبه الناس من وسائل التوعية الحديثة نفسِها ! إذ لم تبقَ مـُوبِقة خلقية ، أو فكرية ، أو نفسية .. إلاّ دخلت كل بيت ! فصار الكذّابون ، من ساسة وإعلاميين ، ومهرّجين ، وفقهاء مزيّفين .. هم قادة الفكر والتوعية ! وصار كتّاب السيناريوهات ، ومخرجوها ، وممثلوها.. هم قادة التربية النفسية والخلقية ! وصار المثقفون والكتّاب والأدباء ، المتزلفون المنافقون .. هم قادة الثقافة والأدب والإبداع ، وهم الذي يعلّمون الناس ، كيف يصل المنافق المتزلف، الوصولي الرخيص .. إلى المناصب العليا ، وينال الجوائز السخيّة ، وكيف يـُحرَم الحرّ الشريف ، صاحب المبدأ والكرامة ، حتى من حقوقه الإنسانية ، العادية البسيطة .. بل يحاصَر في كلمته ، ورزقه ، وقوت عياله .. بل يتعرض للسجن ، والإهانة ، والنفي، والقتل .. بسبب تمسّـكه بالمبادئ والقيم النبيلة !

5- فمَن يتحرك لتطهير المستنقع الآسن البشع !؟

  الإجابة على هذا السؤال ، متروكة لقادة الشعوب ، الذين نَدبوا أنفسهم ، لإنقاذ أنفسهم وشعوبهم وأوطانهم ، مِن بلاء الاستبداد ! وكل منهم يتحمّـل مسؤوليته ، أمام ربّه ، وأمام نفسه ، وأمام شعبه ..! كلّ في موقعه الذي هو فيه ، قائداً سياسياً كان ، أم زعيماً شعبياً ، أم ناشطاً نقابياً ، أم وجيهاً اجتماعياً ، أم زعيماً قبلياً ، أم كاتباً ، أم مفكّراً ، أم منظّراً ، أم تاجراً ، أم ضابطاً يحترم شرفه الشخصي والعائلي ، وشرفه العسكري ، أكثر من احترامه للنجم النحاسية المتلامعة على كتفيه ، والتي يَصنع الرجال قيمتَها ، ولا تصنع هي قيمة للرجال !

 ولكل أجل كتاب .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ