ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  15/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أرانبَ فتح الإسلام تخرج من تحت عباءة النظام السوري

الطاهر إبراهيم

لا يحتاج أي مواطن سوري أن يشاهد ما تعرضه الفضائيات العربية ويقرأ الصحف الصادرة خارج سورية، ليعرف حقيقة ما يذيعه التلفزيون السوري وما تكتبه الصحف الحكومية الثلاث التي تنطق باسم النظام عن الأحداث الأمنية والسيارات المتفجرة، فهو قد حكم –سلفا- بكذب رواية المخابرات عن تلك الأحداث، حتى وإن صدقت في النذر اليسير منها.

فقد كان المواطن السوري يأخذ رواية أجهزة الأمن السورية، فيحذف منها ما لا يستسيغه حسه الوطني، ويضيف إليها ما يعتقد أن تلك الرواية حذفته، ويطعمها بالأخبار الفردية التي يتناقلها شهود العيان للحدث، ليخرج علينا بسيناريو مختلف كلياعما "دبلجته" فضائية "الدنيا" التي تزاود على التلفزيون الرسمي والفضائية السورية. وغالبا ما تكون رواية المواطن أقرب إلى الحقيقة من "فبركات" أجهزة الأمن التي هي –في عرف المواطن- كاذبة حتى يثبت العكس. 

استطرادا، ولمن وعى أحداث الثمانينات المؤلمة في حلب وحماه ومدن الشمال السوري وحتى في العاصمة دمشق، فقد كانت المقابلات التي يجريها التلفزيون السوري مع المعتقلين، وتبثها نشرات الأخبار، تحظى بتعليقات المشاهدين السوريين من مثل: انظر إلى هذا المعتقل المسكين وقد ألبسوه الثياب الجديدة لكي يخفوا الكسور في عظامه من قسوة التعذيب.

يبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: لماذا استعجل النظام السوري في نشر الاعترافات المتلفزة حول التفجير الأخير الذي جرى في طريق مطار دمشق في 27 ايلول/ سبتمبر الماضي وراح ضحيته 18 قتيلا عدا الجرحى؟ مع أن كل الأحداث الأمنية التي سبقته –خصوصا حادث مقتل عماد مغنية- قد تم تناسيها والتعمية عليها من قبل النظام، واعتبرت نسيا منسيا!.

ولماذا اختار النظام السوري كشف حادثة تفجير طريق المطار دون غيرها من الحوادث، وهن كثر؟ وهل لهذا الاختيار دلالاته من داخل النظام وصراعات أجنحته؟ يتساءل من يعرف حقيقة العلاقة: هل وقع "طلاق بائن" بين النظام وفتح الإسلام؟ أم أنه تغيير تكتيكي في الأدوار؟

يمكن أن نستوحي الإجابة عن السؤال أعلاه من خلال ما فبركه النظام السوري حول علاقة مزعومة بين تيار المستقبل اللبناني وبين المنفذين المزعومين الذين ظهروا على شاشة فضائية الدنيا وشاشة التلفزيون السوري، مع أن السياسات المعروفة لهذا التيار لا تتواءم مع اعترافات الذين زعموا أنهم قاموا بتفجير طريق المطار لحساب تيار المستقبل. كما أن هناك عدم تجانس بين التيار وبين ما نسب إليهم من التفجير على طريق المطار.

كان واضحا أن النظام في دمشق واقع تحت تأثير محصلة عوامل جعلته يفقد صوابه، ويفقد بوصلة التحرك السليم، تماما كما يفعل الذي صدمته سيارة أو ضرب على أم رأسه، فأصاب العطب دماغه أو الجزء المسئول عن اتخاذ القرارات السليمة.

لنتذكر أن من بين ما نعتقد أنه كان له دور كبير في مسارعة النظام لفبركة الاعترافات هو ما عبّر عنه وزير خارجيته المعلّم قائلاً: (إنه فَهِم من قول وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إن علاقتنا بسورية لا تحتاج إلى وساطة)، حيث فهم المعلم أن المملكة لا تريد تحسين العلاقة بين البلدين. ما أراده النظام من اتهام المجموعة بعلاقة لها مع تيار المستقبل، فذلك لربط الاتهام بشكل أو بآخر بالمملكة العربية السعودية.

المشاهد السوري الذي تابع الاعترافات على شاشة التلفزيون السوري أحس أن هناك رابطا ما بين الذين ظهروا وبين آخرين اتهموا سابقا بأحداث وقعت في سورية في عدة عمليات (سماها النظام السوري يومها إرهابا أصوليا). كما يعتقد البعض أن هؤلاء ليسوا مجموعة واحدة، بل مجموعات أوأفرادا متفرقين لا يكاد يربطهم رابط. هؤلاء أكثرهم مثل "الجوكر" يوظفهم النظام حيث يشاء ليحقق أهدافه. وقد اتهمهم النظام في أكثر من عملية إرهابية، من "معرة النعمان" إلى "خان شيخون" في محافظة إدلب. ومن "جبرين" (5 كيلو متر شمال حماة) إلى عمليات في حي المزة في دمشق، وغيرها.. وغيرها. ولنتذكر أن تلك العمليات قد اتهم النظام السوري بها إرهابيين، لم يسمهم في حينها ولم يقدمهم للمحاكمة. بعض هؤلاء كانوا قد دينوا في عمليات سطو في الأردن تحت اسم عصابة "الطاحونة" جاؤوا منها إلى دمشق، فقاموا بأعمال نهب في حي المزة واختبأوا في عرطوز، قتل بعضهم واعتقل آخرون لكنهم لم يقدموا للمحاكمة.

ما يهمني هنا أن ألفت النظر إلى السبب الرئيس الذي جعل النظام يخرج هؤلاء من المعتقلات ويلقنهم الاعترافات التي أدلوا بها، وفي هذا الوقت بالذات. ولسنا في حاجة إلى التذكير ببشاعة التعذيب الذي يتعرض له المعتقل في أقبية المخابرات السورية، فقد سارت به الركبان وعرفه القاصي والداني. ففي عام 1979اعتقل أستاذ جامعي ليدل على مكان وجود ابنه المتواري عن الأنظار. ومن شدة التعذيب قال لهم إن زوجته تعرف مكان ابنها. فجيء بها وهددت بأمور لا تستطيع أن تتحملها فاعترفت بمكان اختفاء ولدها. وتعليقا على القصة آنفة الذكر، فإنه لا يلام هؤلاء الذين عرضوا في الفيلم المتلفز على أي شيء قالوه أمام الشاشة. لذلك فإن اعتراف المجموعة بعلاقة ما، لتيار المستقبل مع جماعة "فتح الإسلام" لا ينبني عليها شيء.

إخراج هؤلاء المساكين من أقبية المعتقلات ليظهروا أمام كاميرات التلفزيون، حيث كل واحد منهم له قصة مع المخابرات السورية، يشبه إلى حد بعيد ما يقوم به "الحاوي" عندما يخرج من جرابه ،الذي له عدة جيوب، أو من تحت قبعته، الأرانب والطيور ليعرضها على الملأ. 

أغلب الظن أن فبركة هذه الاعترافات له علاقة بصراعات خفية داخل أجنحة النظام المتنافسة، حيث يريد كل جناح أن يثبت لنفسه أنه الأقوى والأقدر. وربما ليقطع الطريق على فريق آخر منافس، يريد أن يثبت لنفسه إنجازا في مكان آخر. لن ننتظر طويلا لنرى تهافت هذه الرواية التي يصح فيها القول أنها إحدى إرجافات النظام التي شهدنا مثلها الكثير من قبل، في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين. وقد قيل: "عش رجبا تشهد عجبا".

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ