ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 22/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

سجون وشجون السيادة الوطنية

درويش محمى*

الامال والتوقعات التي صاحبت رحيل الاسد الاب وقدوم الاسد الابن ، بامكانية حدوث انفراج وانفتاح في الحياة السياسية السورية ، تبين انها كانت مجرد أوهام وأضغاث احلام ، ذهبت ادراج الرياح بعد مرور سبعة اعوام من حكم هذا الاخير، الاسد الصغير ، ولم يعد وارداً اليوم ، الرهان على النظام في القيام باصلاحات جزئية او حتى ترقيعية ، أو حصول اي تغيير أو تحسن في سياساته الاستبدادية القمعية ، والواقع بحقائقه قطع الشك باليقين لدى الغالبية العظمى من أطراف المعارضة السورية ، ليؤكد ان لا تغيير ولا تطوير الا بتغيير النظام ، لكن ازاحة البعث عن السلطة في سوريا ، امر صعب المنال وشبه محال ، نظراً لضعف المعارضة وتخبطها ، وضبابية مواقفها وتأثرها بالمفاهيم والقيم المشوهة والمشوشة المقلوبة ، التي افرزتها عقود الزمان من حكم الطغيان .

نشرت الزمان اللندنية في عددها الصادر يوم الخميس 8 اذار مارس الحالي ، خبر صحفي تحت عنوان "ناشطون سوريون يدينون لقاء معارضين مع جنبلاط في واشنطن"، وجاء في حيثيات الخبر ان هؤلاء "الناشطون" قد اصدروا بياناً مشتركاً ، ينددون فيه اللقاء الذي جمع ممثل جبهة الخلاص مع السيد وليد جنبلاط ، ويعتبرون ذلك اللقاء تدخلاً في الشأن السوري وخرقاً" للمبادئ الاخلاقية الاساسية في الخطاب السياسي الرزين الذي يفترض ان يبتعد عن اللهجة التحريضية الملتهبة" ، واعلن هؤلاء "الناشطون" ان جنبلاط يتدخل في الشأن السوري للتوسط لدى الولايات المتحدة والترويج لجبهة الخلاص المعارضة ، وان الاصلاح شأن داخلي سوري بحت ، والتدخل فيه يعتبر بمثابة خرق للسيادة الوطنية" للشعب السوري العظيم ولسوريا الحبيبة".

في الحقيقة لا اجد غرابة في موقف هؤلاء النشطاء اصحاب البيان ، فالفهم الخاطئ للسيادة الوطنية هو الغالب لدى معظم الساسة والمثقفين العرب ، لكن الغريب في الامر ، ادعاء البعض انهم "ناشطون ليبراليون"، في الوقت الذي يتباكون فيه بحرقة على السيادة الوطنية ، بعقلية القرون الوسطى وحقبة ماقبل الليبرالية وقبل ولادة جان جاك روسو ، ويضفون هالة من القدسية على السيادة الوطنية على الطريقة البعثية ، حالهم في ذلك حال النظام السوري ، ولا استغرب ان يخرج هؤلاء غداً ببيان اخر ، يبررون فيه ، قيام النظام السوري بالقاء القبض على مجموعة من النشطاء السياسيين السوريين "الحقيقيين" ، بذريعة التعدي على السيادة الوطنية اثر توقيعهم على "اعلان بيروت ـ دمشق " ايار 2006 ، وما زال العديد منهم رهن الاعتقال وقابعون في غياهب سجون اصحاب السيادة .

الحقيقة الثابتة والامر الذي لا خلاف عليه ، ان السيادة الوطنية تعني السلطة العليا للدولة في ادارة شؤونها ، لكن الامر الاهم والذي لا يتذكره ويتناساه البعض ، ربما عن قصد او جهل ، غياب المصدرالحقيقي للسيادة بأنواعها وهو"الشعب" والعقد الاجتماعي الذي يربط المواطن بالدولة ، ولان السلطة في سوريا لا تستمد شرعيتها من الشعب كونها سلطة غير منتخبة بل مغتصبة للدولة والسيادة الوطنية ، فالحديث عن السيادة الوطنية في سوريا مجرد هراء وكذبة كبرى ، وجعجعة صوتية يخاطب اصحابها اصحاب السيادة والسلطان ، لنيل الرضى وما يعنيه من جاه ومال ومقام ، وبالتالي المعارضة السورية امام مسؤولية تاريخية بالعمل على اعادة السيادة الوطنية المفقودة ، بكل الوسائل والسبل المتاحة .

السيادة الوطنية كلمة حق يراد بها باطل ، فالنظام السوري يستخدم مبدأ السيادة الوطنية كأداة رخيصة لابتزاز الشعب السوري ، وقمع خصومها من المعارضين ، والمؤسف حقاً ان العديد من القوى المعارضة للاستبداد ، تأثرت بالمفهوم الخاطئ لمبدأ السيادة الوطنية ، والمعارضة السورية تشكل نموذجاً فظاً لهذه الحالة ، ولا تدرك حتى اليوم انه لا وجود للسيادة الوطنية في سوريا لان الدولة في سوريا منتهكة ، من قبل مجموعة من الاشخاص غير الشرعيين ، تحت مسمى قيادة الدولة والمجتمع ، وللاسف ماتزال المعارضة السورية تعتمد المفهوم الخاطئ للسيادة ، وهذا الامر بحد ذاته يؤثر على خيارات المعارضة في صراعها مع النظام السوري ، كما تؤثر سلباً على تحالفاتها من اجل احداث التغيير المنشود .

لاشرعية النظام السوري وتمسكه بالاستبداد كخيار وحيد في حكم البلاد ، يعطي الحق للمعارضة السورية باتباع كل انواع المقاومة من اجل عملية التغيير ، السلمي وغير السلمي ، وأقامة كل انواع العلاقات مع اطراف وقوى خارجية تساعدها في مسعاها ، فلا مكان لخطوط حمراء محددة في وجدان المعارضة السورية تقيدها وتحدد نطاق تحركها ، بل على العكس تماماً ، لا بد من الفصل بين سيادة النظام والسيادة الوطنية وعدم الخلط بينهما ، وفي الحالة السورية لا اندماج بين السيادتين والتناقض والتنافر هي العلامة الفارقة التي تحكم تلك العلاقة .

فعلى سبيل المثال لا الحصر ، السيد وليد بيك جنبلاط خصم للنظام السوري وصديق للشعب السوري ، والفارق كبير بين الحالتين ، فاعداء النظام هم اصدقاء للشعب السوري ، واصدقائه هم خصوم للشعب السوري ، وبالتالي التعامل مع السيد وليد جنبلاط والمعروف بعدائه للنظام السوري ، يعتبر من ضرورات عملية التغيير ، ويصب بشكل مباشر في مصلحة الشعب السوري ، وبدون ادنى شك ، التعامل مع الجميع وطرق كل الابواب ، حق مشروع وواجب مفروض على المعارضة السورية ، اذا كانت صادقة ووفية لشعبها .

المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية في طريقه الى الزوال ، شئنا ام ابينا ، وفي حالة تراجع دائم امام المفهوم الجديد للسيادة الوطنية في الفكر السياسي الحديث ، الذي يعتمد على مدى احترام السلطات لحقوق الانسان والالتزام بالنهج الديمقراطي ، كما ان العالم المتحضر وخاصة الدول والمجتمعات الغربية ، دخلت فعلا في طور التنازل عن السيادة الوطنية للدولة لتحقيق مصالح شعوبها ، في الوقت نفسه نجد في منطقة الشرق الاوسط ، ثقافة الاستبداد لاتزال هي السائدة وتسيطر على الجميع تقريباً ، المعارض والمهادن، الاسلامي والليبرالي، اليساري واليميني، والجميع الى حد ما ، يطالب المعارض المظلوم ان يكون بطيبة غاندي مهما كانت بشاعة وبطش الحاكم الظالم ، بحجة الحفاظ على السيادة الوطنية والتي لا تعني لدى البعض سوى سيادة الحاكم فقط لا غير .

*كاتب كردي سوري

d.mehma@hotmail.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ