ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  29/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في ظل فشل السياسة السورية وتخبطها ..

 هل يتنحى الرئيس بشار أسد؟

الطاهر إبراهيم*

مضى علي زمن، كنت أحاول فيه كتابة هذه الرسالة إلى الرئيس السوري "بشار أسد". غير أن مثبطات كثيرة كانت تحبط مسعاي في كل مرة. ربما كان من أهم هذه المثبطات أني سأخاطب رأس الدولة، لا تهيبا منه، –وهو أمر حاصل على كل حال- بل لأن من يتوجه بالحديث إلى الرئيس سيجد أن ألفَ قلم وقلماً ستتوجه إليه بالنقد والتجريح. قد يحتمل التجريح والنقد فيما لو جاء ممن احترفوا النفاق للحاكم، فهم في النهاية قد لا يحرص المرء على رضاهم ولا يسوءه سخطهم. لكن الذي لا يحتمل أن يعثر النقاد الحقيقيون على ثغرات منطقية في الخطاب الموجه إلى الرئيس. عندها سيقال –عن حق- "لقد ارتقيت مرتقى صعبا" أيها الناقد. ولأن المقال كثيرا ما يقرأ من عنوانه وهو هنا ينبئ عن محتوى خطير يفصح عن نقد موجه لرئيس الدولة، فكان لا بد من أن نقدم بين يدي الخطاب حيثيات مقنعة، حتى نبتعد عن التقول في غير موجب.

ابتداء، نحن نعتقد أن الطريق الذي وصل به الدكتور بشار أسد –بمعزل عن صفاته التي كانت غير معروفة من الشعب السوري- إلى الرئاسة لا يستقيم مع الأعراف الناظمة لاختيار رأس الدولة فيما هو متعارف عليه دوليا، وحتى في سورية التي تحكم بقانون الطوارئ:

فالدستور السوري تمت صياغته من القيادة السياسية التي استولت على السلطة في 16 تشرين ثاني "نوفمبر" عام1970 بانقلاب سمي يومها حركة تصحيحية. كما أن هذا الدستور لم يعرض على جمعية تأسيسية تم انتخاب أعضائها بشكل ديمقراطي، بل اعتمد بناءً على استفتاءٍ شعبي لم يبلغ عدد المشاركين فيه إلا أقل من 5% من مجموع الشعب السوري.

حتى هذا الدستور الذي فُصّل في عام 1972 على مقاس الرئيس "حافظ أسد"، اضطرت معه مجموعة السلطة ( آل أسد وآل مخلوف) للإيعاز إلى رئيس مجلس الشعب "عبد القادر قدورة"، غداة وفاة الرئيس الراحل كي يعيد تفصيله من جديد –مع عدم وجود موجب حقيقي لتعديله كما ينص على ذلك الدستور نفسه- ليتناسب في حلته الجديدة مع مقاس الدكتور "بشار أسد".

وقد رأى السوريون الذين كانوا يتابعون وقائع "المناحة" التي أقامها النواب المحترمون –نوابُ المرسيدس- حزنا على الرئيس الميت "حافظ أسد" في مبنى مجلس النواب غداة وفاة "الراحل"، كيف أن ضابطاً برتبة عالية، دخل قاعة المجلس وسلم ورقة إلى الرئيس العتيد "قدورة". فقطع هذا "المناحة"، وبدأ جلسة لتعديل الدستور ليتناسب مع عمر الدكتور "بشار أسد". تم التعديل في خمس دقائق، ورشح مجلس "المرسيدس" الدكتور بشار أسد للرئاسة بإجماع وسرعة "فلكيين".

مع كل ما تقدم من مخالفات تتنافى مع الديمقراطية عند اختيار الدكتور بشار رئيسا للجمهورية ،فقد تطلع السوريون أمامهم لعل وعسى أن يسير الرئيس "بشار أسد" على طريق الديمقراطية، وإن لم يكن تم اختياره ديمقراطيا. وإذا كان اختياره قد افتقد الشرعية الدستورية، فقد سلموا به  بشرعية الأمر الواقع. انتظر السوريون أن يلتزم الرئيس الأسلوب الديمقراطي وقد صار رئيسا .فيتجاوز النواقص التي شابت اختياره، ويسلك مسلكا ديمقراطيا في الحكم، كما فعل  "فلاديمير بوتين"الذي دعمته أمريكا في الوصول إلى السلطة. فانقلب عليها وسلك في حكمه طريقا وطنيا أغضب واشنطن. فهل حقق الرئيس "بشار أسد" ما أمل به المواطن السوري؟

صحيح أن الاقتصاد السوري كان متعثرا في عهد الراحل "حافظ أسد"، لأن عائدات النفط كانت تحول إلى حسابات سرية في بنوك سويسرا، فأصبحت في عهد الرئيس بشار تشكل 50% من خزينة الدولة ما مكن وزارة المالية من زيادة رواتب الموظفين عدة مرات. لكن الصحيح أيضا أن الرئيس بشار ترك مؤسسات الدولة المنتجة التي تدر أرباحا هائلة، مثل شركة الهاتف النقال وغيرها، مشرعة الأبواب أمام نافذين من المقربين. وسمح لهم، دون غيرهم، باحتكار استيراد سلع معينة. كما استولوا على أحياء دمشق القديمة، وغيرها من المدن السورية، التي لها صفة "تراثية" ليحولوها إلى مخططات عمرانية لبناء فنادق خمس نجوم وأسواق استثمارية.

وفي المقابل كان الشعب السوري يزداد فقرا وبطالة. وزحفت أفواج الخريجين الجامعيين على أبواب القنصليات العربية والأجنبية سعيا وراء الحصول على فرص عمل في الخارج، بعد أن أوصد الفساد والمحسوبية أمامهم أبواب العمل في سورية. ومن فشل في الحصول على تأشيرة خروج، احترف التسكع على المقاهي ليقتل الوقت. كما تراكمت في نفوس هؤلاء الشباب غيوم المستقبل المظلم، وكانوا يمنون النفوسَ بمستقبل مشرق بعد التخرج.

في المسيرة الديمقراطية، فشلت سنوات عهد الرئيس "بشار" في تحقيق التقدم على طريق الحكم الديمقراطي وفتح نوافذ للحرية. بل لقد تقهقر الوضع وانزلق أكثر فأكثر نحو التسلط والاستبداد .وتمّ كبح أي تطلع نحو مشاركة الآخر في السلطة الذي وعد به الرئيس بشار في خطاب القسم .كما شهدنا عدة أفواج من المثقفين يلقى بهم في السجون، وكأن لسان حال العهد الجديد يقول: "هذه هي سياستنا ، ومن لم يتأقلم معها فليشرب من ماء البحر".

كما كرست سنوات حكم الرئيس بشار الأسلوب الإستئصالي الذي اتبعه الرئيس الراحل بعد أن رفض الرئيس بشار أن يلغي القانون 49 لعام 1980، الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين. ومع التأكيد على انعدام أي شعور طائفي لدى كل مكونات الشعب السوري قبل حكم حافظ أسد، فقد جاء القانون 49 ليفتح جرحا عميقا في لحمة السوريين، بعد أن كرس النظرة الطائفية التي نهجها الرئيس الراحل ورفض الرئيس بشار إلغاءها. إن الحكم بإعدام الإخوان المسلمين إنماينبع من نظرة إقصائية طائفية تجاه أهل السنة. بل إن خفض حكم الإعدام إلى12 سنة بعد صدور الحكم، لهو إصرار على الطائفية التي يتضمنها القانون 49.

على صعيد العمل الوطني، ورغم الشعارات الفارغة في الصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل الجولان منذ أربعة عقود، ورغم رفع راية الممانعة في وجه أمريكا، فقد استمر عهد الرئيس "بشار" على نفس منوال الرئيس الراحل في موادعة إسرائيل والسعي إلى طلب رضا واشنطن، وتجميد القضية كلها في مقابل مساعدة إسرائيل وأمريكا في تثبيت النظام في وجه مناوئيه الداخليين والخارجيين، وإطلاق واشنطن ليده في لبنان.

على الصعيد الإقليمي، فقد أدت السياسة الخرقاء التي انتهجها النظام إلى وضع المنطقة على كف عفريت بعد التدخل السوري السافر في الشئون اللبنانية والانحياز الفاضح نحو فئة لبنانية، ومعاداة فئات أخرى، ما أدى إلى اغتيال الرئيس الشهيد "رفيق الحريري. ونتيجة لذلك انزلق النظام السوري أكثر في عرض خدماته –على حساب الثوابت الوطنية- على واشنطن، رغبة في إنقاذ رقاب رموز في النظام من مقصلة المحكمة الدولية التي ستحاكم قتلة الحريري.

كما أدى انحياز النظام السوري إلى إيران إلى تهديد الأمن العربي بما تحمله طهران من نظرة توسعية على حساب جيرانها العرب في المنطقة. تمثل ذلك في احتلال إيران الجزر الإماراتية الثلاث .كما أدى الانحياز إلى إيران ومساندة حزب الله في تهديد أمن لبنان، إلى عرقلة مساع إصلاحية نهجتها حكومات عربية على رأسها حكومة المملكة العربية السعودية. بل إن إطلاق تصريحات لا مسئولة أدلى بها رموز سوريون في حق زعماء عرب محترمين، أدى لخسارة سورية التعاطف والدعم اللذين كانت تحظى بهما لعدة عقود مضت.

بعد هذه السياسات الخاطئة! هل نتوقع أن يعيد الرئيس السوري حساباته السياسية؟ وهل يخطر في ذهنه ترك الحكم؟ أغلب الظن أن الرئيس غير معني بنصائحَ من هذا النوع. بل قد يعتبرها خيانة عظمى يحاكم من يعرضها. ولعله يأتي وقت يجد الرئيس أنه لا مندوحة من التنحي، فلا يجد ذلك ممكنا. عندها قد يقال: "يداك أوكتا وفوك نفخ" .. وعندها لات ساعة مندم.

ـــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ