ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  11/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قراءة في غزوة تبوك (2)

كن أبا خيثمة

الدكتور عثمان قدري مكانسي

سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيش المسلمين نحو تبوك وتباطأ أبو خيثمة ( مالك بن

 قيس ) في المدينة فبقي فيها أياماً . ثم إنه دخل في يوم حار على أهله فوجد امرأتين له في عريشين لهما بحائطه ( بستانه ) قد رشّت كل منهما عريشها وبرّدتْ له فيه ماءً ، وهيّأت له طعاماً

فلما دخل قام على باب العريش ، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا فقال ( وقد شعر بخطئه إذ تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وعن صحبه :

رسول الله صلى الله عليه في الضحّ ( الشمس ) والريح والحر ، وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مُهيّأ وامرأتين حسناوين في ماله مقيم !! ما هذا بالنصَف ( العدل ) ..

ثم قال : والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم . فهيّئا لي زاداً . ففعلتا .

ثمّ قدّم ناضحه ( دابّته التي تحمل ماءه وزاده ) فارتحله ، ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل بتبوك .

وقد كان أدرك أبا خيثمة عميرُ بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فترافقا . حتى إذا دنَوَا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير بن وهب : إن لي ذنباً ، فلا عليك أن تتخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففعل عمير بن وهب .

حتى إذا دنا أبو خيثمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس : هذا راكب على الطريق مقبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا خيثمة . فلما دنا وعرفه الناس قالوا : هو والله أبو خيثمة يا رسول الله ، وفرحوا به .

فلما أناخ أقبل فسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولى لك يا أبا خيثمة ( كلمة تهديد معناها الويل لك ) يا أبا خيثمة وهي في كلام العرب لوم وعتاب ، وليست دعاء وتعنيفاً .

ثم أخبر أبو خيثمة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما كان ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ، ودعا له بخير .

فقال أبو خيثمة في ذلك شعراً ، منه :

لما رأيت الناس فـي الدين نافقـوا      أتيـتُ التي كانتْ أعفَّ وأكرمـا

وبـايعتُ باليمنـى يـدي لمحمـد      فلم أكتسبْ إثماً  ولم أغْشَ محرما

تركتُ خضيباً في العريش وصرمة      صفايا كراماً بُسـرُها قد تصرّمـا

وكنت إذا شـك المنافق أسـمَحَتْ      إلى الدين نفسي  شطرَه حيث يمّما

إضاءة :

1-        قد تضعف النفس المؤمنة قليلاً لكنها سرعان ما تصلح خطأها وتلتحق بركب الخير

2-        وخير للإنسان الطاهر الشريف أن يعترف بخطئه ليرتفع في عين نفسه أولاً وأعين إخوانه ثانياً وأعين الناس جميعاً ثالثاً .

3-        نعيم الدنيا لا يُقارن بنعيم الآخرة ، والمسلم الحق يبيع العاجل بالآجل والفاني بالباقي والدنيا بالآخرة ، وهذا ما فعله أبو خيثمة حين ترك الفيء والماء البارد والطعام اللذيذ وزوجتيه الحبيبتين ، ولحق بالحبيب ليكون من السعداء .وقال : " ما هذا بالنصَف " .

4-        ومن أحب قوماً لم يتميّز عنهم ، وأبو خيثمة يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فآثر الحر والقيظ معه صلى الله عليه وسلم على على الأنانية والتخلف والعيش الهانئ في حائطه مع أهله ، وهذا دأب المسلم المحب لإخوانه يضع يديه في أيديهم على السراء والضراء ، ويسعد حين يكون معهم لا يمتاز عنهم بشيء . نلحظ هذا حين أقسم : لا يدخل عريش واحدة من امرأتيه حتى يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم .

5-        الشعور بالذنب يسرع بصاحبه لتحمل المسؤولية والتكفير عنه وهذه سمة المسلم الذي يريد غسل ذنوبه والتطهر منها : " إن لي ذنباً " .ويقف بين يدي حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعتبه .

6-        القائد يفرح بانحياز الجندي إلى الحق والمربي يسعد بأوبة تلميذه إليه ويسعد بذلك ، وانظر إلى لطافة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يفرح بأبي خيثمة حين يقول عن بعد " كن أبا خيثمة " هكذا عهده به ، فما خاب ظنه بتلميذه النجيب . ويدعو له بالخير . ويستغفر له .

7-        والمجتمع المتحاب يفرح بتوبة الفرد وعودته إلى الحق ، ولا أدل على ذلك من قولهم " هذا والله أبو خيثمة ... وفرحوا به " .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ