ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

القوة والاستعداد الأمريكي للنزاعات المقبلة في العالم

بقلم : محمد خليفة*

قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة، إن الولايات المتحدة يجب أن تبقى مستعدة لمواجهة تهديدات أخرى غير الحاجات الفورية في العراق .  وأضاف ، نحن بحاجة إلى وسائل لنزاعات يتواجه فيها الجيش مع جيش آخر ، لأننا لا نعرف ما سيحصل في أماكن مثل روسيا والصين وكوريا وإيران وغيرها، ورد عليه نيقولاي سولوفتسوف قائد قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية بأن القوات الروسية قادرة على تدمير منظومة الصواريخ الأمريكية. ويعكس هذا التصريح من قِبَل وزير الدفاع الأمريكي شبح الخوف الذي يسكن أعماق الولايات المتحدة من المحور الصيني ـ الروسي وما يجرّه هذا المحور خلفه من دول صغيرة موالية مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا وكوبا وفنزويلا .  فسياسة هذا المحور هي محاصرة الولايات المتحدة وإسقاطها كقوة عالمية وحيدة ، وإقامة عالم جديد متعدد الأقطاب لا تكون الهيمنة فيه لدولة واحدة .  ورغم كل ما تملكه الولايات المتحدة من قوة ومن دول تابعة لها ودائرة في فلكها في العالم .  إلاّ انها لا تشعر بالرضا والطمأنينة من المستقبل ، لأن المحور الذي تقوده قد غربت شمسه .  فدول أوروبا الغربية واليابان أصبحت عجوزة ، ولا يحجب الرخاء الاقتصادي الذي تعيش فيه مبلغ الضعف في القوة العسكرية الذي باتت عليه .  فهذه الدول ولاسيما الدول الاستعمارية السابقة كبريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا ، أصبحت الآن خائرة القوى تعيش على أمجاد الماضي، وتعتقد أن تحالفها مع الولايات المتحدة سوف يجنّبها السقوط المذلّ .  لكنها تعلم أنها مخطئة ، لأن الشيخ لا سبيل أمامه سوى الموت وليس العودة إلى الشباب .  وتدرك الولايات المتحدة أنها هي القوة الوحيدة في محورها ، وأن حلفاءها مجرد أموات ، ومع ذلك فهي لا تظهر الجزع والخوف أو التراجع ، وتمعن في سياسة الاستكبار والاستعلاء اعتقاداً منها أن هذه السياسة ستردع أعداءها وتجعلهم يركعون عند رجليها ويقبلون التسليم لها بالهيمنة على العالم .  لكن الدول المعادية لها تعلم حقيقة أوضاعها وأوضاع حلفائها ، ولهذا فهي تمضي في طريقها نحو المزيد من التحدي والمزيد من الإصرار على منع تقدّم العولمة التي تقودها هي في العالم .  وإذا نحن أجرينا مقارنة وتحدثنا عن الدول المعادية للولايات المتحدة لوجدنا أن الأمر مختلف عن الدول الموالية لها .  فالصين التي تمثّل اليوم رمز التحدي ، تشكّل لوحدها عالماً عظيماً يعجّ بالقوة والنشاط .  فهي ذات مساحة هائلة تقارب عشرة ملايين كيلومتر مربع ، وذات عدد سكان هائل أيضاً يناهز مليار وثلاثمائة مليون نسمة .  وهي أصبحت الآن تتفوّق على جميع الدول الصناعية وحتى على الولايات المتحدة في الاقتصاد .  والصين بهذه العظمة باتت تمثّل رعباً حقيقياً للولايات المتحدة ، فهي دولة ثورة حوصرت من قبل الولايات المتحدة والعالم الرأسمالي بعد الانتصار الشيوعي فيها بقيادة ماوتسي تونغ عام 1949 ، وصبرت على أذى أعدائها وصنعت من الضعف قوة وأثبتت وجودها ودفعت أعداءها إلى الاعتراف بها من دون أن تقدّم أية تنازلات في سيادتها واستقلالها .  حيث اضطرت الولايات المتحدة إلى كسر جدار العزلة والتعامل مع الصين كما هي في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون إليها عام 1972 .  ولأن الصين دولة ناجزة الاستقلال ، فقد ظلت منبع خوف للولايات المتحدة .  وأما روسيا ، فهي الأخرى دولة عظيمة ، فهي ذات مساحة تبلغ 18 مليون كيلومتر مربع ، وأما عدد سكانها فيبلغ نحو 150 مليون نسمة ، ولديها بُنية صناعية وتكنولوجية متطورة .  وقد شعرت روسيا بالغبن الشديد من جراء المؤامرات الأمريكية التي أفضت في النهاية إلى سقوط الاتحاد السوفيتي الذي كانت تقوده هي .  وبعد سقوط هذا الاتحاد ، تمرّغ وجهها بالوحل بسبب الضائقة الاقتصادية التي عاشتها خلال انتقالها من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق خلال فترة التسعينات من القرن الماضي.  لكن روسيا لم تلبث أن عادت من جديد كقوة عظمى ووضعت كل قدراتها في سبيل إذلال وقهر من أذلّها وقهرها .  وتَمَثّل ذلك في توجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان وما يزال يسعى إلى إعادة صياغة العالم بطريقة جديدة .  وقد عبّر عن ذلك في الخطاب الذي ألقاه يوم 10 فبراير 2007 ، في مؤتمر الأمن في ميونخ بألمانيا والذي قال فيه ، إن الولايات المتحدة تسعى لجعل العالم تحت سيطرتها .  ويشكّل هذا الخطاب نقطة افتراق بين روسيا والولايات المتحدة والغرب .  وفي نفس الوقت ، فإنه يعكس الرغبة الجامحة لدى روسيا في تحجيم الولايات المتحدة .  وهذه الرغبة تلاقت مع رغبة الصين تلك الأخرى التي تنطلق من عذابات الماضي لبناء مستقبل أفضل لها وللعالم .  وقد نتج عن هذا التلاقي تلك السياسة المتشنجة مع الغرب والتي تسلكها الدولتان تجاه قضايا العالم المختلفة ، فهما دائماً في جبهة معارضة للغرب .  فإنهما تدعمان كوريا الشمالية وإيران كما تدعمان دولاً أخرى مثل سوريا وكوبا وفنزويلا ، وكل دولة ترغب في مناكفة الاستكبار العالمي فإنهما تقفان إلى جانبها ، وقد أفشلتا عمل مجلس الأمن ، حيث عجز هذا المجلس بسبب معارضتهما عن اتخاذ قرار عقوبات فاعل ضد إيران .  وذلك على الرغم من رغبة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين كانوا يريدون فرض عقوبات شديدة ضدها .  ولا شك أن هذا الواقع العالمي ينبىء أن حرباً باردة قد بدأت لتوّها ، وأن حرباً ساخنة لن تتأخر في الوصول .  وهذه الحرب سوف تشعلها أمريكا أملاً منها في القضاء على أعدائها .  لكنها ستكون عندئذ ، أول الخاسرين ، لأنها ستقاتل وحدها في الميدان بسبب ضعف حلفائها .  أما أعداؤها ، فإنهم سيقاتلون هم وحلفاؤهم ، وسوف يكون النصر من نصيب هؤلاء ، وبعد ذلك ستبدأ في العالم سيرة جديدة خالية من الولايات المتحدة ودول الغرب التي ستتحوّل إلى دول هامشية لتعيش الضعف بعد القوة والذلّ بعد العزّ .

*كاتب من الإمارات

medkhalifa@maktoob.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ