ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


زيارتي الأولى لجيبوتي

بقلم : مصطفى محمد الطحان

soutahhan@hotmail.com

لأول مرة أزور جيبوتي أحدى دول القرن الأفريقي..

وبزيارتي هذه حققت عدة أهداف:

  أولها التعرف على منطقة من الفضاء الإسلامي الواسع, فلم تتسن لي الفرصة لزيارتها من قبل.. وأنا رجل رحالة أطمح إلى زيارة كل البلدان خاصة الإسلامية منها.

  والهدف الثاني هو التعرف على حقيقة الأوضاع السياسية التي جعلت من هذه المنطقة هدفاً لصراع لا يكاد ينتهي.. بدأ بالصومال ثم استمر وما زال في السودان.. واليوم في جيبوتي..

  أما الهدف الثالث فلقاء ثلة عزيزة من إخواننا, استوطنوا هذا البلد بعد تطواف في الأقطار الأفريقية الأخرى.. فضلوه عن غيره.. وأحدثوا في البلد كثيراً من الأعمال والإنجازات المهمة.

مع الأخ عبد الغني القرشي

قامت طائرتنا من أديس ابابا إلى جيبوتي.. وكنت بصحبة الأخ الحبيب د. طارق الطوخي.. وما هي إلا فترة قصيرة حتى نزلنا في مطار جيبوتي, واستقبلنا الأخ عبد الغني القرشي.. وأنهى معاملات قدومنا وذهبنا معاً إلى الفندق.

فندقنا على ساحل البحر.. يطل على منظر بديع.. إذا توفرت لنا بعض الأوقات جلسنا نستمتع بمنظر البحر البديع وأسراب الطيور التي تضم لحنها إلى لحن الأمواج المتكسرة على الشاطئ في لحن عذب يفوق ما أنتجته أنامل العازفين.

كان الأخ عبد الغني لا يتركنا.. من مكان إلى مكان يريد أن يعرفنا على جيبوتي في مدة إقامتنا القصيرة.. زرنا المجمع الإسلامي الذي أقامته هيئة الرحمة التابعة لجمعية الإصلاح في الكويت, والمركز مشروع واعد.. فيه أقسام لتدريب العاملين والعاملات على مهن مختلفة.. وفيه المستشفى الذي يعالج المرضى بأسعار رمزية.. والهدف من المجمع أن يكون منارة لكل أهل جيبوتي.

تقوم في جيبوتي مجموعة من المشاريع ستنقلها من بلدة أفريقية متواضعة إلى مدينة تتلألأ أنوارها من بعيد.. أهم هذه المشاريع هي مدينة النور الجيبوتية والتي سيبدأ تنفيذها خلال هذا العام والتي تقدر تكلفتها بنحو 50 مليار دولار, تقوم على مساحة 600 كم2 وموقعها سيكون في نهاية جسر باب المندب المعلق الذي سيربط مدينة النور الجيبوتية ومدينة النور اليمنية وسيكون أطول جسر في العالم (28.5 كم).

ولقد التقينا في زيارتنا القصيرة بمختلف الشرائح العاملة للإسلام في هذا البلد, مع العاملين في المجمع الإسلامي, ومع مسؤولي العمل الطلابي, ومع الأخوات المهتمات بعمل الطالبات, ومع الإخوة الصوماليين.. كما قمنا بزيارة المدارس الإسلامية المختلفة وجمعية البر الخيرية.. كما قام الأخ الدكتور طارق الطوخي ببعض الدورات التدريبية.

1- الإسلام والحركة الإسلامية في أفريقيا

حل الإسلام في أفريقيا منذ الأيام الأولى للرسالة الإسلامية, حينما ازداد ضغط قريش وتعذيبها للثلة التي آمنت بالله وبرسوله.. فأمرهم رسول الله أن يهاجروا إلى الحبشة فإن فيها ملكاً عادلاً لا يظلم عنده أحد.. ومع إقامة المسلمين في الحبشة دخل كثير من شعبها في الإسلام.

ثم كان فتح مصر على يد القائد عمرو بن العاص, وتمدد الوجود الإسلامي نحو الجنوب والشمال.. ففتحت شمال أفريقيا.. وتمكن الإسلام من شعبها..

ثم تمدد الإسلام إلى مناطق جنوب الصحراء الكبرى, وقامت في أنحاء أفريقيا دول إسلامية مثل دولة غانا ثم دولة مالي.. ثم دولة إسلامية في شرق أفريقيا في زنجبار وما جاورها حتى موزامبيق.

وابتداء من الغزو الصليبي البرتغالي والإسباني وتمدده في المناطق الإسلامية وخاصة في أفريقيا.. وانتهاء بالغزو الصليبي الاستعماري الذي قادته فرنسا وإنكلترا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا.. كان هدف الاستعمار في جميع أشكاله:

  محاربة الإسلام واللغة العربية ونشر النصرانية واللغات الأوروبية.

  تغريب المدرسة والمستشفى وجميع المرافق الاجتماعية وغرس مبادئ العلمانية الغربية.

  قمع الوجود الإسلامي والحركات الإسلامية وخاصة الجهادية منها مثل الحركة السنوسية, والحركة التي قادها عبد القادر الجزائري, والحركة التي قادها عبد الكريم الخطابي والحركة التي قادها الدعاة في شمال نيجيريا.. وهكذا.

نتيجة ذلك قسموا أفريقيا.. ونهبوا ثرواتها, وساقوا أهلها عبيداُ يبيعونهم في أسواق النخاسة في دول العالم الجديد وخاصة في أمريكا.

وبعد انقضاء عصر الاستعمار.. تحررت الدول الأفريقية من ربقته.. وقامت فيها أنظمة علمانية تطبق سياسات الاستعمار الغربي.. وقامت في أفريقيا حركات وطنية يقودها رجال وطنيون يعادون الاستعمار.. وقامت إلى جانبها حركات إسلامية.. تحاول إعادة مجد الإسلام.. وتنفض الغبار عن تاريخه.. وتحاول إحياء اللغة العربية قدر الإمكان.

ومازالت الحركات الصوفية متجذرة في أفريقيا.. وكذلك حركة الإخوان المسلمين فقد انتشرت في بلدان عموم أفريقيا, وكذلك الجماعة الإسلامية.

وكما يزعم الفاتيكان أن أفريقيا ستكون نصرانية في مدة حددها.. فإن الحقيقة أن أفريقيا تعود لأصلها الإسلامي العريق.. وتسجل سبقاً كل يوم.

2- سر الاهتمام الأمريكي بأفريقيا

لقد آن الأوان لكي يضع الأمريكيون أفريقيا الجديدة علي قائمة أولوياتهم.. هذه هي الصيحة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بعد زيارته التاريخية التي قام بها لعدة دول أفريقية خلال شهري مارس وابريل من العام 1998 وكشفت عن المخطط الاستراتيجي الجديد للولايات المتحدة تجاه أفريقيا وكان لها ما بعدها، فقد قامت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت في أعقابها بزيارة لعدد من الدول الأفريقية في شهر أكتوبر من العام 1999، ثم قام الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن بزيارة أخري لعدة دول أفريقية في شهر يوليو من العام 2003 ليتابع ما كان قد قام به كلينتون، وقد انعكس الاهتمام الأمريكي بأفريقيا خلال تلك الفترة على سياستها تجاه القارة بشكل عام وتجاه دول القرن الأفريقي والساحل بشكل خاص وطرح تساؤلات عديدة حول سر ذلك الاهتمام.

  تمزيق السودان

فالولايات المتحدة التي لم تتحرك مطلقا من أجل القضايا الإنسانية تتحرك اليوم بقوة, وتحشد العالم من أجل مشكلة دارفور، بعدما تحركت لسنوات طويلة من أجل مشكلة جنوب السودان، ومنحت الجنوبيين بمشاركة دولية حق تقريرالمصير، واتضح أن سر ذلك التحرك هو أن معظم احتياطيات النفط في السودان تقع في مناطق الجنوب ومن ثم فإن عزل جنوب السودان عن شماله سوف يسهل لها الحصول علي النفط دون الدخول في مشكلات مع السودان الذي لا يحتفظ بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة. لاسيما أن 65 % من نفط السودان تحصل عليه الصين الآن التي تعتبر المناوئ الرئيسي للولايات المتحدة، كما أن الشركات الصينية هي التي تلعب الدور الرئيسي في استخراج نفط السودان، ولم تدخل الصين علي السودان فقط وإنما اكتشفت الصين أن قارة أفريقيا مازالت هي المعين الذي لا ينضب لخيرات الدنيا من النفط والغاز والمعادن النفيسة بكل أنواعها وعلي رأسها الماس، فوجهت كما ضخما من استثماراتها إلي هناك، ولعل هذا ما دفع الولايات المتحدة أن ترمي بثقلها في المنطقة وأن تحول كما يقول سياسيوها دون أن تقع أفريقيا تحت أيدي الأنظمة الإرهابية.

  إثيوبيا والصومال

ولعل هذا ما دفعها إلي أن تحرك أثيوبيا ضد نظام المحاكم الإسلامية الذي استطاع أن يبسط يده علي معظم أرجاء الصومال خلال فترة وجيزة ، ولأول مرة منذ تدخل الولايات المتحدة في الصومال عام 1992 يشعر الصوماليون بالأمن، والآن نجد الصومال علي شفا حرب جديدة حيث تتهم المحاكم الإسلامية الولايات المتحدة بأنها هي التي تدفع أثيوبيا لحربها.

  القرن الأفريقي

والصورة في القرن الأفريقي لا تختلف كثيرا عن الصورة في أماكن كثيرة من قلب القارة، لاسيما دول ساحل الصحراء التي تمتد من السودان شرقا وحتى ساحل غينيا غرب القارة، حيث يكمن أحد أكبر مخزونات النفط في العالم، فأفريقيا تنتج حاليا أربعة ملايين برميل من النفط يوميا وهو ما يوازي إنتاج إيران وفنزويلا والمكسيك مجتمعة، كما أن خليج غينيا يحتوي علي احتياطي يبلغ مقداره 24 مليار برميل من النفط، ولأن أمريكا تكون حيث يكون النفط ، وحيث تكون المصالح الصهيونية ، فقد وضعت عينها علي أفريقيا ووضعتها كما قال كلينتون علي خريطتها.

ومميزات نفط خليج غينيا أنه غير مكلف في نقله للولايات المتحدة التي تقع سواحلها علي الشاطئ الآخر للمحيط الأطلسي، علي خلاف نفط بحر قزوين الذي مازالت الولايات المتحدة تحاول البحث عن طرق آمنة لنقله، علاوة علي التكاليف الباهظة لاستخراجه، كما أن نفط الخليج والعراق تخوض الولايات المتحدة حروبا من أجل استمرار تأمين حصولها عليه وفي حالة صعوبة الحصول عليه تحت أي ظروف فإن نفط أفريقيا يكون هو البديل.

هذه المعطيات تفسر سر التواجد العسكري الأمريكي البارز في القارة الأفريقية والذي بدأ في احتلال الصومال عام 1992 ثم هروبهم منه تحت المقاومة وانتقالهم إلي جيبوتي حيث أقاموا قاعدة عسكرية هناك باتفاق مع الفرنسيين، وفي نفس الوقت تتواجد سفنهم في البحر الأحمر تفتش السفن الرائحة والغادية، كما أنهم يسعون للتواجد في قلب القارة من خلال اتفاقات مع دول عديدة، منها المغرب التي تشير تقارير عديدة إلي أنهم يسعون لإقامة واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية علي أراضيها، وستكون حماية إمدادات النفط للولايات المتحدة ومحاصرة المد الإسلامي من أولي مهامها.

هذا الاهتمام الأمريكي بأفريقيا يقابله نفوذ صهيوني واسع وتراجع عربي كبير، فأفريقيا هي العمق الاستراتيجي الطبيعي للعالم العربي وسيخسر العرب كثيرا إذا بقي الحال علي ما هو عليه.

3- القرن الأفريقي

  يضم القرن الأفريقي كلاً من الصومال, وجيبوتي, وارتيريا, وإثيوبيا. ورغم المشكلات المختلفة التي تعاني منها المنطقة، إلا أنها حظيت باهتمام كبير من جانب القوى الفاعلة في النظام الدولي، سواء خلال فترة الحرب الباردة أو ما بعدها، ولعلّ ذلك يرجع إلى عدة اعتبارات من بينها الموقع الإستراتيجي الهام للمنطقة، والذي جعلها تتحكّم في عدة منافذ بحرية هامة هي البحر الأحمر، وخليج عدن، والمحيط الهندي، وبالتالي أصبحت المنطقة تتحكّم في طرق التجارة الدولية وطرق نقل البترول من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة، كما تشتمل المنطقة على غالبية دول حوض نهر النيل، ومن ثم فهي تتحكّم في منابع نهر النيل.

  وأدى اكتشاف البترول داخل المنطقة إلى زيادة الاهتمام الدولي بها، حيث تمّ اكتشاف أول حقل بترول في السودان في عام 1979، ونتيجة للصّراع الداخلي في السودان انسحبت الشركات العاملة في مجال استخراج البترول من البلاد. ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي، عادت بعض شركات البترول إلى السودان، ولم يعد التنقيب على البترول قاصرًا على الجنوب السوداني، ولكن بدأ أيضا في الشمال والشمال الغربي وحوض النيل الأزرق.

وتتوقع أمريكا أن تزيد نسبة وارداتها من بترول أفريقيا, لتصل إلى 25% من إجمالي وارداتها من النفط على مستوى العالم بحلول عام 2010.

كما تحصل الصين على 25% من إجمال وارداتها النفطية من القارة الأفريقية.

  معظم دول القرن الأفريقي ذات أغلبية مسلمة. ولقد ربطت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية دائما بين الإرهاب والمسلمين بصفة عامة، وداخل منطقة القرن الإفريقي بصفة خاصة، ومن ثم تحيزت دائما ضد كافة النظم والحركات التي تبنت توجهًا إسلاميًّا، أو رفعت شعارات إسلامية، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد منها: الموقف الأمريكي من النظام الحاكم في السودان، ومن اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال، وقد استطاعت الولايات المتحدة من خلال دعمها للتدخل الإثيوبي في الصومال طرد المحاكم الإسلامية من العاصمة الصومالية مقديشو بعد أن حققت استقرارًا داخليا لأول مرة في الصومال منذ سقوط نظام سياد بري.

جيبوتي 25/5/2008م

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ