ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


استنكار المعايير المزدوجة:

 طرفة من أخبار الأذكياء، أم من أخبار الحمقى والمغفّلين!  

عبدالله القحطاني

* لأبي الفرج بن الجَوزي، بين كتبه الكثيرة، كتابان طريفان في الأخبار، أحدهما اسمه: أخبار الأذكياء، والآخر اسمه: أخبار الحمقى والمغفّلين! وقد استعرض، في كل من الكتابين، الكثير من الطرائف، الواردة في أخبار الصنف الذي يتحدّث عنه!

 بَيد أن الطرفة المتداولة، اليوم، عن (استنكار!) تعدّد المكاييل، وتنوّعها، لدى الأمريكان وغيرهم.. لم تَرد في أيّ من الكتابين!

* تعدّد المكاييل، والمعايير، والموازين.. أصل راسخ، من أصول السلوك الإنساني، عبر العصور، وعلى مختلف المستويات الإنسانية، بمرور الأجيال المتعاقبة، في سائر أقطار الأرض، على مستوى الأفراد والجماعات، والشعوب والحكومات!

* الفرد، في المجتمع، يعامِل مَن حوله، بأنواع مختلفة من التعامل! فلا يقدّم لعمّه، من البرّ، ما يقدّمه لأبيه.. ولا يسعّر لأبيه، أو أمّه، أو ابنه، أو زوجه، أو أخيه.. بالثمن الذي يسعّر به للآخرين، الغرباء، حتى في البيع والشراء! فالغرباء، يبيعهم بالسعر العادي، الذي يحقّق له الربح، الذي قرّره لبضاعته.. بينما يخفّض السعر لأقاربه الأدنين! بل، ربّما يبيعهم برأس المال، بل ربّما يسامح بعضهم، بالربح ورأس المال معاً! وكذلك يعاملهم في خصوصيات العلاقات الاجتماعية، عامّة.. من بوح في الأسرار، ومساعدة في الأعمال، وغير ذلك!

* التعامل بين الدول، ينطبق عليه، ما ينطبق على الأفراد؛ من حيث تنوّع الدول، بين: عدوّة، وصديقة، ومحايدة.. وبين صغيرة وكبيرة.. وبين حاكم عدوّ في هذه الدولة، وآخر صديق في دولة أخرى.. وبين دولة صغيرة، تسعى الدولة الكبيرة، إلى كسب ودّها، أو الهيمنة عليها، أو إقامة حلف معها.. ودولة كبيرة منافسة، تقف موقف الندّ، أو الخصم، من الدولة الكبيرة، صاحبة المصلحة في كسب الآخرين!

* هناك، في الأعراف الدولية، ما يسمّى: الدولة الأولى بالرعاية! وهذه لها خصوصيات في المعاملة، ليست للدول الأخرى!

* الذين يتصوّرون أمريكا، قاضياً عالمياً، يجب أن يقضي بين الناس بالعدل والقسطاس.. يروّجون نكتة باردة! لكنهم يروّجونها بين أنفسهم وشعوبهم، قبل أن يروّجوها بين الآخرين!

* والذين يتصوّرون أن أمريكا، يمكن أن تعامل الصومال، أو ماليزيا، أو سوريا، أو الجزائر.. كما تعامل "إسرائيل"، أو كندا، أو بريطانيا.. إنّما هم بسطاء سذّج، يخدعون أنفسهم، بألفاظ، يعلم أكثرهم، أنها لا معنى لها! ويحسب بعضهم، أنه يقيم الحجّة ضدّ أمريكا، ويظهرها بمظهر الدولة غير المستقيمة، أو غير العادلة! وهذا، بالطبع، يثير ضحك الأمريكان، قبل ضحك غيرهم، من عقلاء البشر، في العالم!

* أمّا الذين يخلطون، بين الولايات المتّحدة، الدولة العظمى، ذات المصالح المتنوّعة.. وبين الأمم المتّحدة ومؤسّساتها، من مجلس الأمن وغيره.. أمّا الذين يخلطون هذا الخلط، فيطالبون أمريكا بالعدل، على أنها مؤسّسة عالمية محايدة، يفترَض فيها الإنصاف، بين الدول الخاضعة لأحكامها وقوانينها.. فهم إمّا جهلة بشكل غريب، وإمّا يحاولون خداع شعوبهم، بهذا العبث السمج!

* وأمّا الذين يعلنون ولاءهم لأمريكا، على أنهم أجزاء من إمبراطوريتها، ويطالبونها بالعدل، بينهم وبين سائر الدول الخاضعة للإمبراطورية.. فهم جهلة، كذلك، في فهم سنن الحياة نفسها، وفي التعامل الطبيعي بين الناس! فليس ثمّة إمبراطور، يعامل حليفاً له، كما يعامل دولة خاضعة له بالقهر والإكراه، وشعبُها يناصبه العداوة، أو يكنّ البغض والازدراء، له ولحكومة بلاده، بل للكثير من القيَم التي تعتدّ بها دولته!

* وأخيراً: إذا كان ابن الجوزي، لم يضع هذه النكتة، في أيّ من كتابيه المذكورين، لأن أمريكا لم تكن مكتشفة في عهده.. فأين يضعها، من يؤلف كتاباً حديثاً، شبيهاً بكتابيه المذكورين: هل يضعها في أخبار الأذكياء.. أم في أخبار الحمقى والمغفّلين!؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ