ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 12/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

بعض الرؤساء لم يقرؤوا قصة الراعي الكذاب

بلال داود*

في كتاب القراءة للصف الثالث الابتدائي ، كان عندنا قصة ،خلاصتها أن راعيا  وقف يوما ، فوق  تل مشرف على القرية ، ومن ورائه المراعي الخضراء ، وأخذ ينادي بأعلى صوته ، مستغيثا من ذئاب تهاجم القطيع ، فترك أهل القرية أشغالهم وحملوا فؤوسهم  ، وركضوا لنجدة الراعي ونجدة أغنامهم التي في عهدته ، ولما وصلوا ،  وجدوه مستغرقا في الضحك على ما فعله بهم ، وكرر فعلته غير مرة ، وفي يوم جاءه فعلا  قطيع من الذئاب  فجعل يصرخ ويستغيث ، ولكن أحدا من أهل القرية لم  ينجده ، فقد سبق أن سموه  الراعي الكذاب .

بعض الرؤساء لم يقرؤوا هذه القصة ، قلم تصلهم الموعظة ، منهم رؤساء دول عظمى ، ودول صغرى ، وبين العظمى والصغرى دول  متمعظمة ( إن صح التصريف) .

  الرئيس بوش مثلا ، بعد أن انفضحت بعض أكاذيبه ، لم يعد معظم  شعبه يصدقه ، فكان التحول نحو الحزب الآخر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، بالإضافة إلى ذلك سارع بعض أركانه ، إلى تكذيب  فريته الفاضحة ، باتهام إيران تقديم أسلحة للمتمردين في العراق ، ليسقطوا بها طائراته  ، ويقتلوا  جنوده ، فلا طائراته تسقط بنيران وكلاء طهران ، ولا جنوده يقتلون على أيديهم ، بل العكس هو الصحيح  ، إذ يحرم قتال الأمريكان عند وكلاء طهران ، بينما يحل ذبح غيرهم .

البعض يتصور أن  هذه الأكذوبة  خطوة في التهويل وتبرير الحشود ، لحرب قادمة مع إيران ، والبعض يقول أن السيد بوش يقدم خدمة لإيران ، بتحسين صورتها ، في عيون أبناء المنطقة ، انطلاقا من نظرية عدو عدوك صديقك  ، بعدما انكشف مشروع إيران الخاص  .

مهما تكن دوافع الكذب عند السيد بوش ـ و كلها مدانة ـ فقد يجد البعض عذرا له ، فالتراث الأمريكي يعظم رعاة البقر (الكاوبوي) ، الذين يعملون بشكل جماعي ، و أسلحتهم معهم ، ويحقر راعي الأغنام ، الذي يعمل بشكل منفرد .

الرئيس نجاد مازال يشنف الآذان ، بمناسبة و غير مناسبة ، أنه سيزيل إسرائيل من الخريطة ، مدغدغا مشاعر أبناء المنطقة ، الذين يعيشون  قمع واستبداد الأنظمة الديكتاتورية ، التي وعدتهم بالصمود والتصدي ، قرابة نصف قرن ،  فلم يجدوا منها  غير الصمود على كراسيهم ، والتصدي لكل مواطن  حر شريف ، وفي الوقت نفسه  يمضي السيد نجاد في تحقيق  المشروع الإيراني ، الذي ترقص إسرائيل طربا على أنغامه ، في العراق ولبنان وفلسطين و سوريا .

 وأثناء العزف المنفرد الصاخب ، على وتر إزالة إسرائيل من الوجود ، وبعد المسابقة العالمية التي أقامها للرسوم الكاريكاتيرية إنكارا للمحرقة اليهودية المزعومة ،  لم تعترض دولنه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة على قرار تجريم من ينكر الهولوكوست .

قد يجد البعض عذرا للسيد نجاد من كلماته ، فهو من قال عن نفسه أنه مجرد بوق ناقل لما يقرره أصحاب القرار ، وقد يقول قائل أن قصة الراعي الكذاب كتبت باللغة العربية ، وهو يقرأ الفارسية ، وإن كنت أظن وجود نظائر لقصة الراعي  الكذاب في كتاب كليلة ودمنة .

جلالة الرئيس السوري ، يوم اعتلى العرش ، وعد الشعب أن يفرش له دروب الحياة ، بورود وأزهار الحرية والديموقراطية ، ووعد بتبييض السجون من المعتقلين السياسيين والمفكرين ، ومعتقلي الرأي ، واستبشر الناس خيرا يوم أعلن عن تحويل سجن المزة  إلى متحف ، ووعد بإصدار قانون جديد للأحزاب لفتح المجال أمام  التعددية الحزبية ، وإلغاء المادة الدستورية القاضية بأن حزب البعث هو قائد المجتمع والدولة ، ووعد بأن لا تكون هناك عملية استفتاء على الرئاسة في الولاية الثانية ، بل سيكون هناك متنافسون متعددون على الرئاسة .

وعد ... ووعد ... و وعد !!!!!! ، غير أن أيا من هذه الوعود لم يتحقق إلا عكسها ، فازداد القمع ، وتعاظمت الديكتاتورية ، و زاد عدد المعتقلين السياسيين والمفكرين و معتقلي الرأي ، و ازداد طغيان الأجهزة الأمنية ليتجاوز حدود الدولة إلى جيرانها ، وازداد التهجير والحرمان من الحقوق المدنية ، وإمعانا في قهر الشعب المسكين ، تم تكريس قيادة الحزب للمجتمع والدولة ، واختزل الحزب بشخص جلالة الرئيس ، و هاهو الاستحقاق الرئاسي للولاية الثانية على الأبواب ، ولم تحمل الأرحام بعد ، قانون الأحزاب ولا التعددية الحزبية ، ولا يوجد هناك انتخاب ولا مرشحون .

لو كنت أمريكيا ، لربما استطعت أن أصدق بعض أعذار السيد بوش ، الذي وصل إلى الرئاسة بعد اعتلاء جلالة الرئيس السوري العرش بستة أشهر ، واستطاع خلال فترة رئاسية واحدة احتلال دولتين من وراء البحار.

 ولو كنت فارسيا ، لربما تغاضيت عن صوت البوق ، وفكرت بسؤال نافخ البوق ، وربما تغاضيت أمام التعاظم في بناء دولة نووية ، لصالح الإمبراطورية الفارسية  .

 ولكني مواطن سوري ، وقد بذلت جهدي فلم أجد عذرا واحدا لجلالة الرئيس المناضل  ، فنحن درسنا في بلد واحد ، والمفروض أننا درسنا نفس المناهج ، إلا إذا كان نظام الصمود و التصدي قد غير المناهج ، بعد انتهائي من المرحلة الابتدائية ، قبل ولادة جلالته  ،إمعانا في تفريغ المواطن منذ طفولته من أي قيمة أخلاقية إنسانية .

لو قدر لي أن أعيد صياغة قصة الراعي الكذاب ، لختمتها بالحزن الشديد لأهل القرية على خرافهم  التي نهشتها  الذئاب ، وبالندم الأشد لأنهم لم يغيروا راعي أغنامهم يوم عرفوه  كذابا . 

*كاتب سوري

Arcan48@yahoo.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ