ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/08/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تأملات تربوية في سورة الحجر

المقال الثاني

الدكتور عثمان قدري مكانسي

1- قد يكون التكريم  هبة وتفضّلاً  وقد يكون ثواباً وجزاءً وقد يكون للأمرين كليهما . وقد الله تعالى أراد للإنسان المسلم  المؤمن بشخص آدم عليه السلام  أن يكرمه ابتداء ، فخلقه بيديه سبحانه . وهذا أعظم تكريم للمخلوق أن يصنعه خالقه بيديه  ، ولذا وبّخ الله سبحانه إبليس حين امتنع عن السجود لآدم "  ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ  ؟ أستكبرت أم كنت من العالين ؟ " 75 " ص" فاللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمَ الملائكة قَبْل خَلْق آدَم عَلَيْهِ الصلاة والسلام بِأَنَّهُ سَيَخْلُقُ بَشَرًا مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون ، وتقدّم إليهم بالأمر : مَتَى فَرَغَ مِنْ خَلْقه وَتَسْوِيَته ، فَلْيَسْجُدُوا لَهُ إِكْرَامًا وَإِعْظَامًا وَاحْتِرَامًا وامتثالاً لأمر الله عَزَّ وَجَلَّ . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سِوَى إِبْلِيس الذي كَانَ مِنْ الْجِنّ فَخَانَهُ طَبْعُهُ وَجِبِلَّته فَاسْتَنكَفَ عَنْ السُّجُود لآدم وَخَاصَمَ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَادَّعَى أَنَّهُ خَيْر مِنْ آدَم فَإِنَّهُ مَخلُوق مِنْ نَار وَآدَم خُلِقَ مِنْ طِين ، وَالنَّار – بزعمه - خَيْر مِنْ الطِّين  "  قال: أنا خير منه ، خلقتني من نار ، وخلقتَه من طين  " 76 " ص " وَقَد أَخطَأَ فِي ذَلِكَ ، وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّه تَعَالَى وَكَفَرَ بِذَلِكَ فأبعده الله عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَرْغَمَ أنفه وطرده عَن بَاب رَحْمَته وَمَحَلّ أُنْسِهِ وَحَضْرَة قُدُسه وَسَمَّاهُ إِبْلِيس إعلاماً له  بِأَنَّهُ قَدْ أُبْلِسَ مِنْ الرَّحْمَة ، وَأَنْزَلَهُ مِنْ السَّمَاء مَذْمُومًا مَدْحُورًا إِلَى الأرض . فليست الكرامة للمادة والجنس أو القوة والغنى ، إنما الكرامة للتقوى والصلاح وفي هذه السورة يستنكر إبليس أن يكون الطين خيراً من النار " قال : امْ أكنْ لأسجد لبشر خلقتَه من صلصال من حمإ مسنون " فلعنه الله إلى يوم الدين وأخرجه من رحمته . والعجيب أن بعض البشر يحقِرون أباهم آدم ، ويُقِرّون لعدوهم إبليس بالتقدّم والصدارة ، فهذا بشار بن برد " علمانيّ الأمس" يقول بصلافة ووقاحة :

إبليس خيـر من أبيكـم آدمٍ        فتنبهوا يامعشـر الفجـّارِ 
النـار معدِنـُه وآدم طينـةٌ      والطين لا يسمو سُمُوَّ النار 

      والفجور – كما ذكر الشاعرنفسه  – خروج على الحق ، ووقاحة في التصرّف ، وإصرار على السفاهة والتفاهة ومخالفةٌ للحق وأهله . فهنيئاً له انتسابه لإبليس وصحبته إياه .

2- يُبرز الحوار الفكرة ممزوجة بالصوت ، فتسمع الكلام ، ويُصوّر الحوار ، فترى شخوص المتكلمين ، أما سماعك لله تعالى ورؤيتك له سبحانه فذلك بقلبك البصير  المتعبد له ، وشغاف فؤادك المتعلق به ، المحب له ، جل في علاه  . وأما رؤيتك لإبليس وسماعك إياه فسماع القالي النافر من االكافر المتغطرس الذي دعاه استعلاؤه أن يكون وقود النار وإمام الفجار إليها  والعياذ بالله .

      فالحوار صوت تسمعه ،وصورة تلازم الصوت ، ونقاش دائر بين طرفين أوّلهما الحق كله ، وثانيهما الباطل كله  ، لكنّ الأمر الإلهي كان للملائكة الأبرار الأطهار ، وكان إبليس الجنيّ معهم فشمله الأمر ، وكان عليه الطاعة فأبى الأمر الذي أورده الخلود في النار والعذاب الشديد .

 إن الحوار يثبت المعلومة ، ويوضح الفكرة ، ويستعمل أكثر من حاسة في التعامل مع الفكرة وهضمها .    

" - وإذ قال ربك للملائكة : إني خالق بشراً من صلصال من حمإ مسنون ، فإذا سوّيتُه ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين .

- فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين .

- قال : يا إبليس ؛ ما لك ألاّ تكون مع الساجدين ؟

- قال " لم أكن لأسجد لبشر خلقتَه من صلصال من حمإ مسنون .

- قال : فاخرج منها ، فإنك رجيم  ، وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين .

- قال: ربِّ ؛ فأنظرني إلى يوم يُبعثون .

- قال: فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم .

- قال : ربِّ بما أغويتني لأزيّنَنّ لهم في الأرض ، ولأُغويَنّهم أجمعين ، إلا عبادك منهم المخلـَصين .

- قال : هذا صراطٌ عليّ مستقيم ، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتّبعك من الغاوين . وإن جهنّم لَموعدُهم أجمعين . لها سبعة أبواب ، لكل باب منهم جزء مقسوم . "

وإني لأتعجب من إبليس الذي عرف أنه أخطأ حين عصى ربه وهو يعلم أنه مخلوق ضعيف عقابه الخلود في جهنم ، كيف لم يتدارك الأمر ، فيستغفر ربه حال خطئه ويتمرّغ في أعتاب سيده يرجوه الصفح والعفو . كيف - وهو الخاسر نفسه في أتون النيران اللاهبة إلى أبد الآبدين يستمرعلى خطئه  ويُصر عليه ، ويتحدّى ربه سبحانه في إضلال البشر ودفعِهم معه إلى النار ؟ ما أغناه عن هذا المصيرالرهيب الذي ينتظره ولو أخذ معه البشر كلهم إلى جهنم ! كيف استمر متحدياً ، وطلب أن يبقى إلى اليوم المعلوم ؟ ألم يعلم – وقد كان طاووس الملائكة - أنه لن ينفعه الخلود في الدنيا من المصير الكئيب الذي ينتظره في ذلك اليوم الطويل وما بعده من هوان وذل وعذاب وقهر ؟! أم إن التكبر والتعاظم - مع الغضب - يأخذان باللب ، ويعصفان بالعقل حتى يسقط  صاحبهما خزيان مرذولاً ؟! فيطلب ما لافائدة منه  ولا طائل من ورائه .

 ألم يشعر وهو يعيش آلاف السنين بلظى النيران التي اطّلع عليها تحرق جسدهبمجرّد أن يتذكر ذلك ؟  وتأكل قلبه وكأنه واقع فيها قبل أن يصلاها ؟! ألم يخطر بباله طيلة هذا الزمن الممتد أن يستغفر ربه ؟ أم إن القدر وقع ، ولم يبق أمامه إلا أن يستمر في المهمة التي احتملها؟ !

خواطر قد تتراءى لغيري كما تراءت لي ، ولكنّ مشيئة الله سبحانه نافذة لا مفر منها ، نسأل الله السداد والرضا وحسن الختام .

  

3- أما التشويق  فأسلوب يدخل الصدور مع النسيم ، والقلوب مع ذرات الأوكسجين ، والعيون مع أول شعاع ضوء ، والأبدان مع أول رعشة من رعشاتها . وهو أسلوب محبب إلى النفوس يحرك الرغائب ، فيمسي الصعب سهلاً ، والعزيز يسيراً .

يشوّقنا الله تعالى إلى الجنة مأوى المتقين بعد محاورة صوّرت مصير الفسقة المجرمين في جهنم ذات الأبواب السبعة الموصدة .. فإذا بالجنة  ذات عيون متفجرة هنا وهناك ،" إن المتقين في جنات وعيون "  والمسلمون يدخلونها معززين مكرّمين " ادخلوها بسلام آمنين " امتلأت قلوبهم بالحب ، وغاب عنها الحسد والغيرة والنميمة والكذب والشحناء والبغضاء .

قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَوَّل مَا يَدْخُل أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة تَعْرِض لَهُمْ عَيْنَانِ , فيشربون مِنْ إِحدَى الْعَيْنَيْنِ فَيُذْهِب اللَّه مَا فِي قلوبهم مِنْ غِلّ , ثم يدخلون العين الأخرى فَيَغْتَسِلُونَ فِيهَا فَتُشْرِق أَلْوَانهم ، وتصفو وجوههم , وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَة النَّعِيم ;..

في الجنة الحب والطهارة والأمن والأمان " ونزعنا ما في صدورهم من غل ، إخواناً على سرر متقابلين " قَالَ اِبن عَبَّاس : ( عَلَى سُرَر مُكللة بالياقوت وَالزَّبَرجَد وَالدُّرّ ) ، ينظر بعضهم غلى وجوه بعض تواصلاً وتحبـُّباً  ; وتدور الأسِرّة كيفما شاءوا ، فلا يَرَى أَحَد قَفَا أَحَد ، قَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِم الأزواج وأقبلوا عليهنّ بالود . " لا يمسهم فيها نصب "  فلا مشقة في الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً أمنا خديجة رضي الله عنها كما في الصحيحين " إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أُبَشِّر خَدِيجَة بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّة مِنْ قَصَب لا صَخَب فِيهِ ولا نَصَبَ "  " وما هم منها بمخرجين "  وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى "  يُقَال يَا أَهْل الْجَنَّة إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلا تَمْرَضُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَعِيشُوا فلا تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا فلا تَظْعَنُوا أَبَدًا " .

4- الترغيب والترهيب  من أعطم اساليب التربية  كما ذكرنا سابقاً ، ولا بد من الإعذار والإنذار الذي نجده في قوله تعالى " نَبـِّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابي هو العذاب الأليم  " والتبليغ واجب الرسل والأنبياء والدعاة كلهم .

ولا يُذكر النبأ دون الخبر إلا للأمر العظيم . وهل أعظم من رحمة الله ومغفرته في مرضاته والعمل بأمره ، والانتهاء عن نواهيه؟ وهل أشد من عقابه حين يغضب فيأمر ملائكته بعقاب المجرمين ؟ نسأل الله رضاه والجنة " قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون " وهو نبأ اليوم الآخر والحساب والعقاب ، وكذلك قوله في سورة عمّ " عمّ يتساءلون ؟ عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون "  كما أن نزول الملائكة الكبار على إبراهيم عليه السلام كان نبأ عظيماً ،نـُفـِّذ فيه دمار قوم لوط  فقتلوا عن بَكرة أبيهم ، لفحشهم ، وازدياد فسادهم ، والتبجح في ذلك والإعلان به جهاراً نهاراً . فقد جاءه قومه حين رأوا الملائكة صباح الوجوه ، يريدون اللواط بهم . ، فلما حاول منعهم ، وطلب أن لا يفضحوه في ضيفه ، وأن يتقوا الله في أفعالهم كان جوابهم غاية في الوقاحة والفجور : ألم نمنعك أَنْ تُكَلِّمنَا فِي أَحَد مِن النَّاس إِذَا قَصَدْنَاهُ بِالْفَاحِشَةِ  ؟!" أولم ننهك عن العالمين"  فلما نبههم إلى نِسَائِهِمْ وأنهنّ الطهر والعفاف ، وَأرشدهم إلى مَا خَلَقَ لَهُمْ رَبّهمْ  مِنْ النكاح الْمُبَاحَ -  وَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يُرَاد بِهِمْ وَمَا قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ مِنْ البلاء وَمَا يُصْبِحُونَ مِنْ الْعَذَاب الْمُنْتَظَر سخروا منه ، ولم يرعَووا ، فكان الانتقام منهم رهيباً . ومن يسِرْ على نهجهم ، ويرتكبْ جنايتهم عوقب عقاباً شديداً ، ودمّره الله دمارً كبيراً .

5- دعوة إلى التفكر  قد يرى الإنسان آثار السلف  من أحجار وعُمُد ومسارح وملاعب ، فيدخلها متمتعاً بما يرى من حضارة سلـَفت ، يراها بعيني رأسه دون أن يفكر معتبراً بما آلوا إليه من هلاك ودمار . ويمضي مبتهجاً أنه عاش سويعة بين قوم سبقوه بآلاف السنين ، ويرى ذو البصيرة هذه الآثار بعيني قلبه وإيمانه الشفاف ، فيعلم أن القوم كفروا بالله ورسله فأرسل عليهم رسل الهلاك من رياح وأمطار وزلزلة ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، فتفكر الزائرُ وتدبّر واتعظ مما رأى

ذاك مرّ بجسمه ، فكأنه لم يمرّ ، وهذا مر بإحساسه ويقينه فحمد الله أنه ذاق فعرف . هذا هو المتوسّم الذي يتأمل ويتفرّس فيستفيد ويتعظ ، ويتفكر ويعتبر . ذاك لم يستفد من زيارته هذه ، وهذا رأى بعين عقله وبصر فؤاده  " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " و " إن في ذلك لآية للمؤمنين "  . وقد كان قوم لوط وأصحاب الأيكة من بعدهم – وقد ظلموا أنفسهم ولم يتعظوا بمصائر قوم لوط - قريبين في الزمان والمكان ، وكان العرب من أهل مكة وغيرها يمرون عليهم  - على آثارهم - ، فدعاهم القرآن للاعتبار بمصائرهم  " وإنها لبسبيل مقيم " و" إنهما لبإمام مبين "  وطريق واضح يراه كل مسافر إلى بلاد الشام  وعائد منها .

وهؤلاء قوم عاد – أصحاب الحجر – كذّبوا رسولهم هوداً عليه السلام ، ومن كذّب رسولاً واحداً فقد كذّب المرسلين جميعاً " كذّب أصحاب الحجر المرسلين " وقد كانوا أقوياء ، فقالوا لنبيهم " من أشد منا قوة " ونسوا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة . وكفروا ، وعتَوا عن أمر ربهم ، فدمّرهم تدميراً " إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر ، تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر "  واتخذوا من الجبال بيوتاً " فنحتوها " كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين " فهل أغنت عنهم قوتهم التي اعتدّوا بها ؟ " فأخذتهم الصيحة مصبحين ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون "

العاقل من اتعظ بغيره ، والسفيه من اتعظ بنفسه ، والغبي من يعيش عيشة البهائم لا يدري من الأمور شيئاً .

6- بعض صفات الداعية " في كل سورة نجد صفات للدعاة إلى الله تعالى ، وفي هذه السورة المباركة نجد روائع منها ، هي :

أ‌-  أن يعفو ويصفح. فهو – الداعية - ذو القلب الكبير الذي يتحمل الغِلاظ قـُساة القلوب ، أما الحساب ففي اليوم الآخر حيث لا يضيع عند الله مثقال ذرة ." فاسفح الصفحَ الجميل "

ب‌-وأن يكون القرآن على لسانه وفي قلبه يغترف منه كل آن وحين " ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم " ومن رزقه الله حفظ القرآن وفهمه ، فقد أوتي خيراً كثيراً . روى القرطبي رحمه الله : أنه وَافَى سَبْع قَوَافِل مِن بُصْرَى وَأَذرِعَات لِيَهُودِ قُرَيْظَة وَالنَّضِير فِي يَوْم وَاحِد , فِيهَا الْبُرّ وَالطِّيب وَالْجَوْهَر وَأَمْتِعَة الْبَحْر , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الأموال لَنَا لَتَقَوَّيْنَا بِهَا وأنفقناها فِي سَبِيل اللَّه , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي "  فَهِيَ خَيْر لَكُمْ مِنْ الْقَوَافِل السَّبْع , فلا تَمُدَّنَّ أَعْيُنكُمْ إِلَيْهَا.

ت‌-أن يكون واقعياً وأن تكون الآخرة همه  ، إن الدنيا ذاهبة ، والأخرى باقية " لا تمُدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم " .وقد نُهي الرجل أن يتمنّى ما لصاحبه  حسداً لا غبطة . وأن عليه أن يطلب ما عند الله . ولا شك أن الإنسان يحب في الدنيا ما دام فيها أموراً وأشياء على أن لا تكون همّه الذي يحزن إن فاته ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ( حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دنياكم النِّسَاء وَالطِّيب وَجُعِلَتْ قُرَّة عَيْنِي فِي الصلاة ) ، وَإِنَّمَا شَرَعَ اللَّه سُبْحَانه حَنِيفِيَّة سَمْحَة خَالِصَة عَنْ الْحَرَج ، خَفِيفَة عَلَى الآدميّ , يأخذ من الآدمية بِشَهَوَاتِهَا وَيَرْجِع إِلَى اللَّه بقلب سليم.

ث‌- أن يلين جانبه لمن آمن به ويتواضع لهم ، فهم إخوانه وعَيبتُه " واخفض جناحك للمؤمنين " ومن الخطأ أن يتكبر المسلم على الناس جميعاً ،  وإخوانه أجدر ببره وتحببه إليهم .

ج‌- أن يكون صريحاً وجريئاَ في الدعوة إلى الله تعالى ، يعلن ذلك على الملإ ويلتزم بما يدعو إليه " وقل إني أنا النذير المبين "  والصادق في دعوته من قرن القول بالعمل . وكان مثالاً يُحتذى . ويؤكد هذا الآية الكريمة " فاصدع بما تُؤمر " .

ح‌- إن ضيق الصدر ينتج عن إعراض المدعوّ عن الداعي والدعوة ، فيتكاسل الداعية ، ويقصر عن القيام بها ، فإذا أحس بذلك لجأ إلى تسبيح الله واللجوء إليه والجتهاد في الطاعة ، فيفرّج الله عنه ضيقه ، ويمدّه بشحنة قوية تعينه على الاستمرار في مهمته الدعوية " ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون ، فسبح بحمد ربك ، ومن من الساجدين ، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ."

7- يعتقد بعض المنحرفين أنهم إذ عبدوا الله وتلذذوا بعبادته ووصلوا إلى اليقين والإيمان سقط عنهم التكليف . ويستشهدون بقوله تعالى " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "  هؤلاء استحوذ عليهم الشيطان ووثـّقهم بحبائله ، فأنساهم ذكر الله . واليقين هنا الموت . والدليل عليه قول الله تعالى في سورة المّثّر : " قالوا ما سلككم في سقر ؟ قالوا : لم نَكُ من المصلين ، ولم نَكُ نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذّب بيوم الدين حتى أتانا اليقين ، فما تنفعهم شفاعة الشافعين ، فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حُمُر مستنفرة ، فرّتْ من قسورة ؟ "  ولو أن اليقين الذي قصدوه هو الذي أتاهم لنفعتهم شفاعة الشافعين !! ثم إن قدوتنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  يقول " وجُعلَتْ قرةُ عيني في الصلاة " .

وهل يرضى المؤمن أن يترك الصلاة وهي دليل صلته بالله تعالى ، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام ، والفيصل بين المسلم وغيره .

نسأل الله تعالى الإيمان الخالص والثبات عليه ، وصحبة الأبرار ، ورضاه والجنة .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ